بسم الله الرحمن الرحيم

  المقدمة

    لا شك أن الهدف الأسمى من الاستثمار يتجلى في الحفاظ على أصل المال وتنميته وزيادته والحفاظ على ديمومة تداوله بما يحقق الرفاهية للجميع ويحرك الأموال بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع. والاستثمار بوصفه نشاطاً تجارياً يكون بالمال بمختلف أنواعه و دون أن ينحصر بنوع معين من الأموال، إلا أن هناك أموالاً ذات طبيعة خاصة لا يتوقف استثمارها على ما جاء به القانون الوضعي من تنظيم فحسب بل إن للشريعة الإسلامية القول الفصل في بيان إمكانية استثمار هذه الأموال من عدمه، ولعل أموال العتبات المقدسة من الأمثلة الواضحة لهذه الأموال سيما وان الخدمات اليومية المختلفة التي تقدمها هذه العتبات والإنفاق اليومي الكبير عليها يتطلب إيجاد سبل لتنمية موارد العتبة المالية بمختلف أنواعها وبما يتناسب مع أحكام الشرع الحنيف والقانون الوضعي. ولعل الاستثمار هو الطريق الأفضل لتحقيق المصلحة الراجحة التي يتحتم على إدارة العتبة القيام بها ذلك لان تزايد الحاجات والخدمات اليومية التي تحتاجها العتبة وزوارها يتطلب أن يواكبه تزايد مماثل على الأقل في تنمية موارد العتبة. إلا أن استثمار هذه الأموال يجب أن يكون وفق معايير شرعية وقانونية وبما يحقق الضمانات الكافية للحفاظ على أصل المال من جهة ويعود بالنفع على العتبة من جهة أخرى وهذا يتطلب أن يكون الاستثمار محصورا في مجالات معينة لتجنب مخاطر الاستثمار وتفادي ضياع أصل المال.

أولا : أهمية الموضوع

    تتجلى أهمية الموضوع من خلال تسليط الضوء على النظام القانوني الذي يحكم عمليات الاستثمار التي تقوم بها العتبات المقدسة والصيغ الاستثمارية القديمة والمعاصرة والمقترحة سيما وان الموضوع في غاية الحساسية لتنوع جهات الإيراد في العتبات المقدسة واختلاف الحكم الشرعي لكل مورد منها ومن ثم عدم إمكانية الاستثمار في كل الموارد.الأمر الذي يتطلب بيان الموارد المالية التي يجوز الاستثمار فيها مع ذكر أوجه الاستثمار التي تتفق مع أحكام الشرع والقانون. وحتى تتمكن العتبات المقدسة من أداء دورها في الحفاظ على إيراداتها من جانب وتنميتها من جانب أخر فلابد من بيان الأساس الشرعي والقانوني الذي يتم بموجبه استثمار تلك الأموال. وللطبيعة الخاصة التي تتمتع بها العتبات المقدسة فان التصرف بأموالها بكافة الأوجه ومنها الاستثمار يتطلب وجود الضرورات التي تحض على استثمار تلك الأموال وان يكون هذا الاستثمار منضبطاً بضوابط قانونية وشرعية حتى يتمكن القائمون على إدارة العتبات المقدسة الولوج إلى هذا النشاط التجاري بأمان ودون خشية أو ريبة لما يدخل في هذا النشاط من شبهات قد تحصل هنا وهناك. وهذا الاستثمار بطبيعة الحال لا يتم إلا بوجود كوادر متخصصة في مختلف المجالات ونظام رقابي فاعل يضمن المحافظة على ألأموال. من هنا فإن أهمية هذه الدراسة تنبع من كونها تركز على الجوانب الاستثمارية والرقابية كأدوات مساندة لتنمية موارد العتبات المقدسة وفق الأساليب والصيغ التمويلية التقليدية والحديثة للأموال، ولندرة الأبحاث ــ إن لم نقل انعدامها ــ في هذا المجال، فإن هذا البحث يمكن أن يعدّ إسهاماً متواضعاً على طريق تكوين تنظيم قانوني للاستثمار في أموال العتبات المقدسة وما يلازم هذا الاستثمار من آليات رقابية.

ثانيا : سبب اختيار الموضوع

    إن الهدف من اختياري لهذا الموضوع هو بيان الأساس الشرعي والقانوني لاستثمار أموال العتبات المقدسة على مختلف أنواعها ومصادرها سيما وان استثمار هذه الأموال قد أشير إليه في التشريعات العراقية في أكثر من موضع إلا أن تعدد جهات الإشراف على العتبات المقدسة منذ تولي المشرع تقنين أحكامها ولحد الآن جعل هذه النصوص التشريعية معطلة ودونما أي تطبيق لعدة أسباب يأتي قي مقدمتها الفهم الخاطئ لطبيعة هذه الأموال وتكييفها على أنها جميعاً أموال موقوفة دون بيان السند القانوني والشرعي لهذا التكييف وكذلك عدم وجود الخطط السليمة والعناصر الكفوءة للقيام بالاستثمار لهذه الأموال سيما وان هذا الاستثمار لا يمكن أن يكون إلا وفقا للأسس الشرعية. كذلك فان قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشريفة رقم 19 لسنة 2005 قد جاء بأحكام جديدة تمثل تغييراً نوعياً ملحوظاً في إدارة العتبات المقدسة، إذ أشار لموضوع استثمار أموال العتبات المقدسة بعده من صميم اختصاص مجلس الإدارة في كل عتبة إلا انه لم يضع نظاما قانونيا يمكن الركون إليه عند الشروع بالاستثمار لأموال العتبة وإنما اكتفى بنصوص مقتضبة لا تمثل إطارا قانونيا سليما للاستثمار. ومن الجدير بالذكر إن تشجيع القائمين على إدارة العتبات المقدسة ممثلة بالسادة الأمناء العامين وكذلك مباركة هذا الموضوع من قبل المختصين في الشريعة والقانون كل هذا كان دافعا لي في اختيار هذا الموضوع لعلي أوفق في تقديم بحث مفصل يؤطر عمليات الاستثمار في أموال العتبات المقدسة بإطار قانوني يمكن الرجوع إليه بعد أن وجدت إن هذا الموضوع لم تدرسه أقلام الباحثين سابقا.

ثالثاً: فرضية البحث

    إن النظرة الضيقة إلى العتبات المقدسة على أنَها أماكن دينية يرتادها الناس للعبادة أو السياحة الدينية والتبرك بمقامات الأئمة الأطهار من آل البيت ( عليهم السلام ) أدى إلى تركيز الدراسات على البعد الديني، وانحسارها في النواحي الدينية وحسب، دون النظر إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والمالية لهذه العتبات والإيرادات المالية التي تؤول إليها وتنوع هذه الإيرادات، وعدم الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الإيرادات تتطلب الحفاظ على أصولها لتعلق موارد صرفها بالحكم الشرعي وكذلك ضرورة تنميتها لضمان تداولها وعدم تركها معطلة وهي يمكن أن توظف بما يخفف العبء عن موازنة الدولة في تقديم بعض الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية وحتى خدمات البنية التحتية. ونظراً لاختلاف العتبات المقدسة عن باقي مؤسسات الدولة أو دوائرها الحكومية من جهة وكونها ليست من مؤسسات المجتمع المدني بكونها مؤسسة اقتصادية، اجتماعية تنظمها قواعد الشريعة الإسلامية من جهة أخرى، مما يتطلب مبادئ وأسس قانونية ورقابية تتلاءم مع خصوصيتها، الأمر الذي يولد تساؤلاً حول كيفية تنظيم استثمار هذه الأموال بشكل قانوني يتفق  مع القواعد الشرعية، ودور العتبات في تحقيق أهدافها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومن هنا جاءت هذه الدراسة للتعرف على التنظيم القانوني للاستثمار في أموال العتبات المقدسة ووسائل الرقابة المناسبة لها. ولغرض الإحاطة بموضوع استثمار أموال العتبات المقدسة سيتركز موضوع هذا البحث على الإجابة على التساؤل الرئيسي التالي : ما هو النظام القانوني لاستثمار أموال العتبات المقدسة ؟ ويندرج تحت هذا التساؤل أسئلة فرعية كثيرة أهمها التكييف القانوني للعتبة المقدسة ومدى أهليتها لتملك الأموال والأساس الشرعي والقانوني لذلك. كذلك فإن الاتجاه الذي سلكه المشرع العراقي في تشريعه لقانون إدارة العتبات المقدسة رقم 19 لسنة 2005 والذي أعطى فيه الأولوية للشرع الحنيف على القانون الوضعي مع أن التشريع يحتل المرتبة الأولى على مصادر القانون بحسب القانون المدني والشريعة الإسلامية في المرتبة الثالثة وهذا يقودنا إلى تساؤل مفاده مدى سريان النص القانوني وقوته أمام الحكم الشرعي. وأخيرا فان إشكالية مهمة في هذا البحث تتعلق بالجهة التي تتولى الرقابة على استثمار أموال العتبات المقدسة وهل هي الجهة الحكومية بالنظر لارتباطها بديوان الوقف الشيعي أم أنها المرجعية الدينية أم إن الرقابة ستكون مزدوجة.

رابعا: منهج البحث

    إن منهج البحث سيعتمد على أسلوب المقارنة بين القانون بما تضمنه من نصوص تشريعية والشريعة الإسلامية بما بينته من أحكام شرعية تخص العتبات المقدسة ومواردها المالية وكيفية التصرف بها واستثمارها. ولكي تكون الدراسة شاملة وثرية بالتطبيقات العملية فقد قمنا بإجراء الزيارات الميدانية المتكررة للأمانة العامة في كل عتبة مقدسة لغرض الإطلاع على آليات الاستثمار المعمول بها حاليا لكي نتمكن من إيراد تطبيقات ضمن هذه الدراسة للاستثمارات التي تقوم بها العتبات في الوقت الحاضر.

خامسا: خطة البحث

    تتكون خطة البحث من ثلاثة فصول وخاتمة تتضمن النتائج والمقترحات، إذ سندرس في الفصل الأول مفهوم الاستثمار في أموال العتبات المقدسة من خلال مبحثين نعرض في المبحث الأول التعريف بالعتبات المقدسة ومعرفة خصائصها والتكييف القانوني لها وبيان مصادر تمويلها ونبحث في المبحث الثاني مفهوم الاستثمار والتعريف به وبخصائصه وصوره ومن ثم نبين ضرورات استثمار أموال العتبات المقدسة والمعوقات التي تعترض الاستثمار في تلك الأموال. وندرس في الفصل الثاني معطيات استثمار أموال العتبات المقدسة في ثلاثة مباحث نخصص الأول منها لبيان الأساس القانوني والشرعي لاستثمار تلك الأموال ونبحث في الثاني ضوابط استثمار أموال العتبات المقدسة ونعرض في المبحث الثالث لموضوع الرقابة على استثمار تلك الأموال مبينين فيه أسس وأساليب هذه الرقابة وأنواعها.

    أما الفصل الثالث فقد خصصته لبيان صيغ استثمار أموال العتبات المقدسة ونقسمه إلى مبحثين نتناول في الأول منهما الصيغ القديمة والمعاصرة لاستثمار تلك الأموال ونعرض في المبحث الثاني منه للصيغ المقترحة التي يمكن أن تحقق عائد استثماري جيد إذا ما تم العمل بمقتضاها. أما خاتمة الرسالة فقد ضمنتها نتائج البحث والمقترحات التي وجدت من الضرورة بمكان طرحها والتي يمكن أن تقود إلى استكمال جوانب الموضوع المختلفة وسد النقص فيه

    ولا ازعم الإحاطة بالموضوع إلا أنني بذلت جهدي من خلال الاستعانة بمصادر البحث والزيارات الميدانية وتوجيهات المختصين وكلي أمل أن أكون قد وفقت في هذا البحث الذي آمل أن يكون اسهامة متواضعة في اغناء المكتبة القانونية وتوخيا لخدمة أئمتنا الأطهار عليهم السلام والعتبات المقدسة التي ضمت أجسادهم الطاهرة والله من وراء القصد.

              

                                                   الفصل الأول

مفهوم الاستثمار في أموال العتبات المقدسة

    لا شك أن الحديث عن الاستثمار يتضمن طلب استغلال المال في نشاط تجاري بقصد زيادة هذا النشاط وتنميته اقتصاديا لتحقيق المردود الايجابي، وان كان المفروض أن كل زيادة لرأس المال الإنتاجي(1) تعود في غالب الأحوال بزيادة في العائد الربحي للمشروع التجاري. والغاية من الاستثمار هي تحقيق نوع من توظيف الأموال، فالاستثمار أصلا ليس هو الربح وإنما هو وسيلة الحصول على الربح وان جرى الكلام على إطلاق اللفظ على الأمرين معا.

     ومن المعلوم إن الاستثمار كنشاط تجاري من طبيعته الربح والخسارة وان معظم الاستثمارات التي تقوم بها الدولة أو المؤسسات الحكومية ليست على المستوى المطلوب ولا على مستوى الاستثمارات الخاصة من حيث التنظيم والمردودات. وبما أن أموال العتبات المقدسة لها خصوصية وطبيعة تختلف عن باقي الأموال الأمر الذي يستلزم فهم كل ما يتعلق بهذه الجهة بكونها المالك للأموال المستثمرة وهي الآن تلعب دورا في الاستثمار بعدة مجالات بما يحقق لها الموارد المالية التي تسهم في تغطية النفقات المتعلقة بها. إذ أن استثمار هذه الأموال يؤدي بالضرورة إلى الحفاظ عليها حتى لا تأتي عليها النفقات والمصاريف ويسهم في تحقيق أهدافها في مختلف المجالات والحفاظ على تداول المال وتحقيق الرفاهية للجميع وتحريك الأموال بما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع على حد سواء. كل ذلك يتطلب منا فهم معنى العتبات المقدسة بكونها الجهة التي تستثمر أموالها والتعرض لمفهوم الاستثمار باعتباره عمل تجاري يتم وفق ضوابط معينة وشروط محددة في موضوع بحثنا هذا المفهوم.

    ولغرض بيان ذلك سوف يقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول مفهوم العتبة المقدسة ومصادر تمويلها وندرس في المبحث الثاني مفهوم الاستثمار.

المبحث الأول

مفهوم العتبات المقدسة ومصادر تمويلها

    لقد حظيت العتبات المقدسة بدور ومكانة كبيرة في تاريخ الحضارة الإسلامية وكان لها دورا بارزا في إدامة عمل الكثير من المؤسسات العامة في المجتمعات الإسلامية لما تجسده من ارتباط روحي بين الموالين وإتباع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) وبين هذه العتبات التي تضم مراقدهم وتخلد ذكراهم وبطولاتهم وتضحياتهم من اجل الدين الإسلامي. وسوف ندرس مفهوم العتبة المقدسة ومصادر تمويلها في هذا المبحث بعد أن نقسمه على مطلبين، حيث سنعرض في المطلب الأول للتعريف بالعتبة المقدسة، ونتناول في المطلب الثاني مصادر تمويل العتبات المقدسة.

المطلب الأول

مفهوم العتبات المقدسة

سنقسم هذا المطلب على ثلاثة فروع نعرض في الأول منها إلى تعريف العتبات المقدسة وندرس في الثاني خصائص العتبات المقدسة ثم نخصص الفرع الثالث لبيان التكييف القانوني للعتبات المقدسة.

الفرع الأول

تعريف العتبات المقدسة

أولا: التعريف اللغوي

    العتبة هي أسكفة الباب، والأسكفة هي خشبة الباب التي يوطأ عليها بالقدم السفلى أو العليا، وسميت كذلك لارتفاعها عن المكان السهل المطمئن، وتطلق أيضا على مراقي الدرجة، وما يكون في الجبل من مراقي يصعد عليها.(1) وقد تحكم العرف بإطلاق لفظة العتبة فصار يطلق على أبواب قصور الملوك أو زعماء العشائر لما لهم من المكانة الرفيعة حيث تقضى بها حوائج الناس على أيديهم من عطاء أو عفو مما جعل البعض من ذوي الحاجة أو الفاقة يعمدوا بحوائجهم إلى باب دار الملك أو الزعيم فيشد نفسه إليه ويقبل عتبة داره من اجل قضائها.(1) ولا شك أن مراقد الأنبياء والأئمة الأطهار (عليهم السلام) والأولياء الصالحين أولى بهذه المكانة من أبواب الملوك وزعماء القبائل، إذ يكفيهم فخرا أن القران الكريم قد أبان فضلهم، وامتدح خصالهم وجعل بيوتهم محلا لذكر اسمه وتسبيحه والثناء عليه، قال تعالى (فِيبُيُوتٍ أَذِنَٱللَّهُأَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَاٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُفِيهَابِالْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ ).(2)

    أما كلمة المقدسة فهي من التقديس والقدس والقدوس والمقدس وكلها من حيث اللغة تفيد معنى واحد هو التنزيه والتطهير عن العيوب والنواقص ولكن أهل اللغة اختلفوا من حيث إطلاقها على الأرض أو المكان، فذهب الفراء إلى أنها تعني الأرض المطهرة وهي التي يتطهر بها الإنسان من الذنوب، وذهب قتادة إلى أنها تعني الأرض المباركة، أو الأرض الموجبة للاحترام وذلك لشرف المدفون فيها والمنزه من مساوئ الأقوال والسلوكيات، ويمكن حمل عبارة مقدسة على جميع هذه المعاني.(3)

ثانيا: التعريف الاصطلاحي

    يستعمل الكثير من فقهاء الامامية في رسائلهم العملية ومؤلفاتهم الفقهية عبارة العتبات المقدسة، تارة من خلال استبيانهم للحكم الشرعي المتعلق بالطهارة، أو النذر، أو الوقف، أو الدفن، وتارة أخرى من حيث بيان حرمة هذه الأماكن، وما يوجب لها من الاحترام، والإجلال والتقديس. ولم تستقر استعمالات الفقهاء للتعبير عن العتبات المقدسة على هذه العبارة بصيغتها الحالية المعروفة فحسب، بل أنهم اعتادوا على ذكر عدة عبارات للإشارة للعتبات المقدسة، حيث ورد بتعبيرهم المشاهد، أو المراقد، أو الحضرة، أو الحرم، أو الضريح، أو الروضة، إضافة إلى التعبير بلفظ العتبة أو العتبات. وأول من استعمل لفظ العتبات من الفقهاء هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء عند بيانه لأحكام الحائض من حيث حرمة دخولها ذلك المكان المقدس أو عدمه(4)

     ولغرض معرفة ما إذا كانت هذه الألفاظ تدل على معنى واحد أو إن لكل لفظ منها معنى يختلف عن الآخر لا بد لنا من بيان معنى كل منها على وجه الدقة وكما يلي:ــ

أ‌-   المشهَد: بالفتح المجمع من الناس أو محضر الناس، يقال مشاهد مكة، إشارة للمواطن التي يجتمع الناس بها.(1)

ب‌-  المرقد بالفتح: المضجع، وهو موضع القبر.(2)

 ج ـ الحضرة: مأخوذة من الحضور وهو نقيض الغياب وهو يماثل ما يشير إليه المشهد من معنى، فنقول بمحضر منه.(3)

د- الحرم : بفتح الحاء والراء وضم الميم مأخوذة من الحرام الذي هو ضد الحلال، ومن الحرمة التي بمعنى ما لا يحل انتهاكه أو بمعنى المهابة فإذا أطلق هذا اللفظ فالمراد به مكة وكما جاء في اللغة، الحرم : حرم مكة وما أحاط إلى قريب من الحرم.(4) وقد حدد الفقهاء حرم مكة بحدود معينة وجعلوا لمن ينتهكها بصيد أو قتل أو دخول من دون إحرام كفارة معينة لما فيه من الأمن (5) وذلك مصداقا لقوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْاأَنَّاجَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُمِنْحَوْلِهِمْ)(6)

هـ – الضريح : مأخوذ من الضرح بمعنى التنحية، نقول ضرحه إي نحاه ودفعه، والضريح هو الشق الذي في وسط القبر وقيل بل هو القبر كله وقيل أيضا هو قبر بلا لحد.(7)

و – الروضة : مفرد روضات ورياض، وهي الأرض ذات الخضرة، أو البستان الحسن.(8)

  

    وللدلالة على ذلك ليس هناك ابلغ مما قاله قال رسول الله الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة )(1) إشارة إلى إن المقيم في هذا المكان كأنه أقام في روضة من رياض الجنة .  وقد يتدخل الشرع في تحديد هذا المفهوم من الناحية الشرعية وتحديد مصاديقه أو طريقة نطقه في بعض الأحيان بحيث ينطبق المفهوم على المصداق بمادته أو هيأته تطبيقا يعتد به كما هو الحال في إيقاع لفظ الطلاق مثلا والذي لا يصح إلا بلفظ معين. وفي أحيان أخرى لا يتدخل الشرع في ذلك بل يتركه إلى العرف كما في قضايا احترام الشعائر ولوازمها ومن ذلك مفهوم العتبة.

    يتضح مما تقدم إن مفهوم العتبة فيه شمول من حيث الإطلاق على كل مرتفع عن مستواه السهل وهو مفهوم لم يتدخل الشرع في تحديد ضابطة المكان له، فكان إطلاق اللفظ على معناه موكول إلى العرف، وقد توسع أهل العرف في هذا المعنى ليشمل ما كان حوله أو الرواق والصحن باعتبار إن الباب الداعية إلى أن تكون بداية حريم المكان من هذه النقطة المكانية وهي عتبة المكان المدخول إليه.(2) وقد ذكر جعفر الخليلي في موسوعته ( ولما كانت أضرحة الأئمة ( عليهم السلام ) مقدسة فقد اقبل عليها الموالون والعارفون بقدسيتها وأولوها عناية اكبر وقدسية انبعثت من أعماق نفوسهم وإيمانهم ثم توسعوا في معرفتهم فسموا الأضرحة كلها باسم العتبات وأصبح اسم العتبة أكثر شمولا واعم بمقتضى ما جرى عليه الاصطلاح والعرف ).(3)

    ومن خلال ما تقدم يمكن التمسك بإطلاق لفظ العتبة للأسباب الآتية:

  1. عدم وجود اختلاف في المصطلح، فلو كان للفظ ( مرقد، أو ضريح، أو مشهد ) معنى حقيقي آخر عند الفقهاء لوقفوا عليه وأشاروا إلى اختلافه عن غيره من الألفاظ أسوة بما يذكرونه من تعريفات عند بحثهم للقواعد والأحكام، فالتعريف ينطوي على جهة لفظية أكثر مما ينطوي على جهة حكمية.
  2. إن الألفاظ المتقدمة لا تحمل تحديداً معيناً بمكان ثابت بل هي للإجمال أقرب منها إلى التحديد.
  3. إن التحديد بلفظ ضريح أو روضة أو مرقد اخص من المدعى ولا يكون مانعا من دخول غيرهما مما يتناوله الحكم.عليه فان إطلاق لفظ العتبة فيه نوع من الشمول تطلق على عتبة باب الصحن وباب الرواق وباب الروضة وكل ما له باب، عكس لفظ المشهد، فالأعم الأغلب وكما نفهمه من العرف إطلاقه على مكان الضريح وما حوله يراد به ما يراد من معنى العتبة .
  4. إن التعريف المذكور لم يبين ماهية العتبات المقدسة بكونها أماكن مقدسة تضم مراقد الأئمة الأطهار من آل البيت (عليهم السلام ) فرغم إن التعبير يتضمن كلمة مقدسة إلا انه لم يشِر إلى معنى القداسة أو سبب وجودها.
  5. اقتصر التعريف على ذكر التحديد المكاني للعتبات من جهة وجودها في العراق من خلال بيان المدن التي توجد فيها العتبات من جهة، وتحديد الحيز المكاني الذي تشغله هذه العتبات بتحديدها ضمن أسوار الصحن لكل عتبة من جهة أخرى.
  6. لم يقتصر التعريف بالعتبات المقدسة على أضرحة الأئمة المحددة في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء بل الحق بها مراقد أخرى عبر عنها بأنها للائمة من آل البيت ( عليهم السلام ) وإنها تابعة لتلك الرياض. وقد مر بنا عند ذكرنا للتعريف اللغوي للعتبة إشارة للمرقد عند اللغويين بأنه موضع القبر وهذا يعني إن هذه المراقد التابعة للرياض المشار إليها في التعريف تضم أيضا قبور للائمة من آل البيت (عليهم السلام ). وهذا الوصف خلاف الحقيقة، إذ لا يخفى على احد إن قبور الأئمة من آل البيت عليهم السلام في العراق معلومة من حيث المكان ومن حيث شخص الإمام المعصوم المدفون فيها وهي محددة بالعدد بستة قبور يلحق بها قبر أبي الفضل العباس عليه السلام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نقول انه لا توجد واقعا رياض تابعة لأضرحة الأئمة من آل البيت عليهم السلام وإنما هي مزارات شريفة ترمز لمواقف أو مواقع تاريخية ترتبط بالأئمة عليهم السلام أو تخلد ذكراهم ومواقفهم، وابرز الأمثلة على ذلك المقامات الموجودة في كربلاء التي تخلد واقعة الطف كالتل الزينبي، ومكان استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وأماكن قطع كفي أخيه أبي الفضل العباس عليه السلام والمخيم الحسيني وغيرها من الأماكن الأخرى.
  7. إن التعريف المذكور حدد أضرحة الأئمة عليهم السلام بحدود لا تتجاوز أسوار الصحن لكل روضة مقدسة ،في حين الحق بها في نهاية التعريف مراقد تقع في مواقع خارج سور الروضة.
  8. ورد في التعريف المذكور لفظان اشرنا إليهما عند ذكرنا للتعريف اللغوي للعتبة وهما (الضريح والروضة ) وقد بينا فيما سبق أن الضريح هو الشق الذي في وسط القبر أو هو القبر كله، أما الروضة فهي الأرض ذات الخضرة. ويفهم من ذلك إن المشرع أراد القول إن العتبات المقدسة هي الرياض التي تضم قبور الأئمة من آل البيت ( عليهم السلام ) والكائنة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء. ولو كان التعريف كذلك لكان اقرب إلى المعنى المطلوب وابلغ في التعبير إلا أن الخلط في التعريف بين ما هو داخل أسوار الصحن وما هو خارجه وإلحاق مراقد غير موجودة واقعا أو أنها لغير الأئمة الأطهار من آل البيت عليهم السلام جعل التعريف غير دقيق في تحديد مفهوم العتبات المقدسة.
  9.  إن الفائدة من ذكر معاني التعابير أو المصطلحات التي ترد في التشريعات هي من اجل بيان معنى المصطلح ولغرض الاختصار وعدم تكرار الإيضاح لمصطلح معين وهي سياسة اعتمدها المشرع العراقي حيث دأب على الاكتفاء بذكر معنى المصطلحات التي يوردها في التشريع في المواد المتقدمة منه للحيلولة دون تكرارها، وفي هذا النظام وجدنا إن المشرع ورغم تعريفه للعتبات المقدسة في المادة الأولى إلا انه أشار في عدة مواضع إلى معاني أخرى وأراد بها العتبة كالإشارة إليها بلفظ الضريح والروضة وهو أيضا لم يتقيد بهذا التعريف حيث نجده يذكر ألفاظا أخرى من قبيل (المرقد) و(الضريح المقدس) و(الصحن والأروقة والحرم).
  10. ورد في المادة السابعة والعشرين من النظام المذكور، ذكر عدد من المراقد ومجموعها ستة عشر مرقداً اعتبرت بموجب المادة المذكورة من ملحقات العتبات المقدسة مع إن التعريف يشير إلى مراقد تابعة و لم يتضمن الإشارة إلى مراقد ملحقة ولو افترضنا إن المراقد المذكورة هي المراقد التابعة التي أشير إليها في التعريف فسنلاحظ أنها تضم أولياء صالحين ليسوا من أئمة آل البيت عليهم السلام، كالحر الرياحي، والصحابي ميثم التمار، والصحابي كميل بن زياد، فإذا كانت هذه المراقد الملحقة – حسب ما عبر عنها – تختلف عن المراقد الواردة في التعريف فالملاحظ عليها أنها شملت مجموعة من الأئمة من آل البيت عليهم السلام كمرقد الإمام السيد محمد بن الإمام علي الهادي والقاسم ابن الإمام موسى بن جعفر وزيد بن علي عليهم السلام.

    من ذلك يتبين إن إطلاق لفظ العتبة على كل أجزاء ما دار عليه سور الصحن الشريف يمكن إطلاقه مسامحة على المشهد أيضا وذلك لما تقدم من عدم المشاحة في الاصطلاح، ولأن الفقهاء لم يقفوا موقف المتشدد، إذ انه يمكن بإطلاقهم المشهد أن يراد به العتبة وإطلاق العتبة وإرادة المشهد بهما وهذا ما أشار إليه أيضا علماء البيان من إطلاق الجزء وإرادة الكل وبالعكس، ويتضح أن الاقربية إلى العتبة أكثر من المشهد موافقة للعرف.(1) هذا ويبدو لنا إن فقهاء القانون لم يتعرضوا لتعريف العتبات المقدسة، كما أن الدراسات القانونية في هذا الموضوع تكاد تكون منعدمة لعزوف أصحاب الاختصاص عن الخوض في موضوع العتبات وهو موضوع حساس في وقت اغلب الحكومات التي حكمت العراق والتي دأبت على جعل العتبات مؤسسات تابعة للحكومة وفرضت قيودا عليها أبعدت الكثير من المختصين في مجال القانون عن البحث في موضوعها ويعزز قولنا هذا عدم وجود شروحات لقوانين وأنظمة العتبات المقدسة بل إن قوانين الأوقاف بصورة عامة لم تجد من يقدم على شرحها الأمر الذي يوسع من دقة وصعوبة البحث في هذا المضمار. وقد تعرضت الكثير من التشريعات العراقية على مختلف مراتبها ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في 1921 إلى ذكر العتبات المقدسة، إلا أنها في الغالب لم تأتِ بتعريف جامع مانع للعتبة المقدسة، يبين ما يتضمنه هذا المفهوم، حتى أن نظام العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1948(2) جاء خاليا من ذكر تعريف العتبة المقدسة وظل المشرع على هذا النهج كذلك في نظام العتبات المقدسة رقم 42 لسنة 1950(3) وقانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966.(4) ويمكن القول إن أول تعريف أورده المشرع العراقي للعتبات المقدسة هو ما نصت عليه المادة الأولى من نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 المعدل.(1) وقد جاء في التعريف المذكور إن:( العتبات المقدسة هي التي تضم أضرحة الأئمة عليهم السلام بما تدور عليه أسوار الصحن في الروضة الحيدرية في النجف الأشراف والروضتين الحسينية والعباسية في كربلاء والروضة الكاظمية والروضة العسكرية في سامراء ومراقد الأئمة من آل البيت التابعة لتلك الرياض سواء كانت داخل سور الروضة أو خارجه ). ويلاحظ على هذا التعريف عدة أمور منها :

    ورغم أن النظام قد طرأت عليه تعديلات كثيرة إلا أنها لم تأتِ بجديد لتعريف العتبات المقدسة أو تضيف ما يبين مفهومها بشكل أفضل إلا أن انتهى عهد النظام الدكتاتوري في العراق عام 2003 وصدرت في عهد النظام الجديد عدة تشريعات كان من بينها قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005، إذ تم تعريف العتبات المقدسة بموجب المادة ( 2 ) منه بأنها:( العمارات التي تضم مراقد أهل البيت عليهم السلام والبنايات التابعة لها في النجف الأشراف وكربلاء والكاظمية وسامراء ويلحق بها مرقد العباس عليه السلام في كربلاء )(1)  ومن خلال الاطلاع على هذا التعريف يمكن بيان عدة ملاحظات منها :

  1. إن التعريف المذكور لم يأتِ بشيءٍ جديد يضاف على التعريف السابق الذي ورد في النظام رقم 21 لسنة 1969 سوى إضافة كلمتين هما ( العمارات ) في إشارة لمراقد الأئمة عليهم السلام  و( البنايات ) إشارة لما يلحق بالمراقد من مرافق أخرى، وحتى هذه الإضافات لا تحمل إي معنى يشير لقدسية هذه الأماكن وإنما هي تتضمن ما يشير إلى وصفها من حيث العمران والإنشاء لا من حيث بيان مفهومها وسبب قداستها أو معيار القداسة.
  2. استبدلت كلمة ضريح في التعريف السابق التي بيناها فيما سبق بأنها تعني بحسب أهل اللغة الشق الذي في وسط القبر أو هي القبر كله بكلمة المرقد وهي كلمة تعني موضع القبر وهذه الأخيرة بتقديرنا أكثر دلالة وأدق في التعبير .
  3. كان التعريف السابق يخلط بين مراقد الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) والمزارات الشيعية الشريفة بحيث ادمج مزارات لا تعود لقبور أولاد الأئمة ضمن تعبير العتبات المقدسة، في حين نلحظ إن هذا التعريف الجديد بين إن الأصل في العتبات المقدسة هي المراقد الموجودة في العراق لستة من الأئمة من أهل البيت عليهم السلام من ذرية أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) والمتصل نسبهم برسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) عن طريق ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) بالنظر إلى العصمة والحق بهم مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام، وهذا التعداد كان تعداداً حصرياً إذ يمتنع الاجتهاد أو إدخال إي مسمى آخر ضمن مفهوم العتبات المقدسة.  وما يعزز قولنا هو ذكر القانون للمزارات الشيعية الشريفة وإيراد تعريف مستقل لها يبين ماهيتها ويذكر فيه أمثلة لهذه المراقد مع الإشارة إلى أنها تضم أولاد الأئمة وأصحابهم من الأولياء الكرام المنتسبين إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام مع بيان التحديد المكاني لهذه المراقد بانها توجد في العراق.(
  4. رغم أن كلمة مقدسة وردت مقترنة مع كلمة العتبات في كل موضع ذكره القانون إلا أن التعريف الذي اشرنا إليه يخلو من إي إشارة للقداسة أو تحديد معنى لها أو ضابط معين بين ما هو مقدس وبين ما هو غير مقدس . وقد وصف دستور جمهورية العراق لسنة 2005 العتبات المقدسة والمقامات الدينية بأنها كيانات دينية وحضارية وألزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها.(

    من خلال من ما تقدم نلحظ عدم وجود تعريف جامع مانع للعتبات المقدسة يمكن الركون إليه في بيان ماهية هذه العتبات ويتضمن معنى القدسية أو يصف هذه العتبات بما تمثله من رموز وما تحتله من أهمية في العالم الإسلامي بكونها ترتبط بعقيدة الإنسان المسلم بوجه عام والشيعي بوجه خاص وان هناك رابطة روحية بين الإنسان وبين هذه العتبات. ويمكن القول إن العتبات المقدسة هي أماكن دينية وحضارية مقدسة تضم مراقد الأئمة الأطهار من آل البيت عليهم السلام في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء ويلحق بها ضريح العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتحتل مكانة في نفوس المسلمين لما لها من ارتباط روحي بعقيدتهم .

الفرع الثاني

خصائص العتبات المقدسة

    تعد العتبات المقدسة ثروة إنسانية تعتز بها الأمم والشعوب فهي من المعالم البارزة في التراث العراقي والإسلامي والإنساني لما تجسده من ارتباط روحي بين الإنسان المسلم وبين الأئمة وتراث روحي كل ذلك يجعلها مركزا يفد إليها الناس من كل حدب وصوب. وقد أصبحت هذه العتبات بحكم هذا الارتباط الروحي نواة لنشوء مدن ولازدهار أخرى بسبب الوفود المستمر عليها من قبل المريدين في مختلف بقاع العالم الإسلامي. كذلك فان المرجعية الدينية اتخذتها مكاناً يحتضن الحوزات في عهود سابقة مما أدى إلى إقبال طلبة العلم عليها فازدهرت بالعلم والمعرفة وتأسيس المكتبات وخرجت منها أمهات الكتب والمصنفات الفقهية والعلمية وغيرها. كما انطلقت منها فتاوى الاستقلال ومحاربة الاستعمار والحكومات الظالمة من اجل إرساء الحق والعدل في ارض الرافدين، وبقيت مدن العتبات المقدسة على مر العصور محجة للزائرين على طول أيام السنة فضلا عن المناسبات الدينية الخاصة وما يلحقها من شعائر إسلامية. وقد مرت العتبات المقدسة بمراحل تاريخية عديدة من حيث البناء والتطور والصيانة والتوسعة إذ أولاها المسلمون بالرعاية والاهتمام وبذلوا الغالي والنفيس في تذهيب منائرها وقبابها وأروقتها وأبوابها كرامة للائمة الأطهار ( عليهم السلام ) وما قدموه من تضحيات في سبيل إعلاء كلمة الدين. والروايات الصحيحة الواردة عن الرسول المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم ) والأئمة الأطهار(عليهم السلام ) إنما تؤكد على عمارة المراقد والاهتمام بها والحفاظ عليها فقد روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في حديث طويل يقول: يا علي (من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود ( عليه السلام ) على بناء بيت المقدس ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجه بعد حجة الإسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه فابشر وبشر أوليائك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت و لا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر(1) وهذه المكانة المتميزة للعتبات المقدسة في قلوب المسلمين لم تأتِ من فراغ وإنما جاءت بلحاظ الأدوار التي مثلتها على مختلف العصور وفي شتى المجالات ومن هذه الأدوار ما يمكن بحثها على المستويات التالية :-

أولا:- الدور الديني

    إن ظاهرة التدين في المدن الإسلامية التي توجد فيها المراقد المقدسة للائمة الأطهار عليهم السلام تطغى على غيرها من الظواهر بشكل واضح فالعلاقات الإنسانية ذات طابع ديني وقدسية المكان تساعد على إقامة جو روحي بين الناس متأثر بالقداسة يسهم بتحسين علاقاتهم الاجتماعية ويمنع من إي تغيير  اجتماعي خطير والتردد لزيارة العتبات المقدسة ينمي السلوكيات الجيدة لدى إفراد المجتمع ويبعده عن الانحراف ويكرس في نفس الزائر المعاني الأخلاقية ويحثه على السير في درب الهداية والتقوى.

ثانيا:- الدور العمراني

   يمثل وجود العتبات المقدسة في المدن الركيزة الأولى للبناء فالتطور الذي تشهده المدن المقدسة في كربلاء والنجف الكاظمية وسامراء وان كان متفاوتا من مدينة إلى أخرى ما كان ليكون لولا وجود العتبات في هذه المدن فهي سبب تطورها ووفود الناس إليها الأمر الذي يتطلب  ضرورة إظهارها بالمظهر اللائق من حيث فن العمارة الإسلامية والبناء على الطراز التراثي لتخليد ألائمة الأطهار (عليهم السلام).

ثالثا:-الدور الاجتماعي

     تحتل العتبات المقدسة في نفوس الناس دوراً مهماً لكونها من أكثر المؤسسات تأثيرا على النفوس فهي مصدر المعرفة الدينية وغرس القيم المدنية إذ فيها يتم اللقاء المباشر بالموجه الديني بخلاف طرق الاتصال الأخرى وبذلك تكون محور ارتقاء الأمة وتوحيدها وسببا في توثيق المحبة بين الشعوب الإسلامية لمختلف جنسياتها. إذ نلحظ وفود الملايين من الزائرين سنويا لزيارة العتبات المقدسة فضلا عن هجره البعض منهم للاستقرار بجوارها وهذا يعد سببا في توثيق العلاقة بين الشعوب الإسلامية.

رابعا:- دورها في امن المجتمع.

    للعتبات المقدسة دور مهم في نشر الأمن والطمأنينة فهي أماكن مقدسة فيها يأمن الناس على أرواحهم وأموالهم ولها من الحرمة ما لبيت الله الحرام. قال تعالى (وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىيُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْفَاقْتُلُوهُمْكَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ )(1) وهكذا يمضي القرآن الكريم في وصف مكة المكرمة في قوله تعالى (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)(1) هذا وقد استدل جانب من الفقهاء بالحديث المروي في كامل الزيارات من أن حرمة كربلاء أعظم من حرمة الكعبة(2) والى ذلك أشار السيد بحر العلوم (قدس) (3)

                ومن حديث كربلاء والكعبة                           لكربلاء بان علو الرتبة

    فميزة العتبات المقدسة انها توفر لمن دخلها الأمن والطمأنينة ، فالحصانة فيها هي حصانة في غاية الشدة فهي تجمع أبناء المجتمع الواحد تحت سقف واحد كالعائلة وبذلك تسود الناس روح التواصل والتعارف والعلاقات الطيبة فيما بين أبناء المجتمع وبهذا تكون العتبات محورا للوحدة بين المسلمين لذا فهي لكل المسلمين لا لأتباع مذهب معين ولا يصح أن يستأثر بها شخص أو جهة معينة فهي صمام الأمان للمجتمع الإسلامي لما تقوم به من تحصين المجتمع المتمدن من عوامل الانحراف من خلال محاربتها للأفكار التي تدعو إلى الفساد والإباحية.

خامسا:- الدور الاقتصادي

    فالسياحة الدينية التي وجدت بفضل وجود العتبات المقدسة تعد من الموارد الاقتصادية الهامة في التمدن البشري عموما والتمدن الإسلامي خصوصا وذلك عبر تعزيزها لموارد الدخل القومي ومساهمتها في إيجاد فرص العمل ورفع المستوى المعاشي للمواطنين فهي تلبي حاجات إنسانية وروحية وتستند على أسس دين الإسلام في تشريعها وهي إقامة شعائر الله التي وصفها الباري عز وجل لأنها من تقوى القلوب. قال تعالى(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَامِنْتَقْوَى الْقُلُوبِ)(1)

سادسا:- الدور الثقافي

    إن للمراقد المقدسة دوراً فاعلاً في الحركة العلمية فنلحظ ابتداءاَ إن من أهم مراسيم الزيارة قراءة نصوص أكدت الروايات الواردة عن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) على استحباب قراءتها وهذا يمثل حافزا للزائر لتعلم القراءة كحد أدنى ليتمكن من قراءة هذه النصوص وفهم معانيها واستيعاب المقصود منها. وفي أوقات يتوافد الزائرون تتبلور ثقافات متعددة وتلتقي حضارات مختلفة فتنمو في ظلها حركة فكرية كتعبير تطبيقي لهذه الحالة فيزدحم العلماء والرواد وأصحاب الأقلام وحملة الفكر حتى نجد المرقد الشريف يعج بالدارسين والأساتذة من أصحاب العلم والفكر هذا كله أسهم في نشر المدارس الدينية والحوزات العلمية في المدن المقدسة وظهور الدور الإعلامي للعتبات المقدسة بكونها مركزا لتلاقي العلماء والمفكرين ونقطة انطلاق لنشر الفكر الإسلامي.

    من كل ما تقدم يتضح إن للعتبات المقدسة مكانة مهمة في مختلف الميادين وهذه المكانة أهلتها لأن تكون بحق محطاً لركاب الزائرين ومكانا لوفودهم ومحلاً لاستقرار الناس وازدهار المدن التي تضم تلك العتبات وتطورها بما بجعلها في عداد المدن الأولى في العالم من حيث الأهمية.

الفرع الثالث

التكييف القانوني للعتبات المقدسة

    لقد صرح غير واحد من فقهاء الامامية على أن العتبات المقدسة من الأوقاف العامة مستندين على مناشيء عقلائية يحصل بها العلم والاطمئنان سميت بمثبتات الوقف إضافة إلى فتاوى الفقهاء في هذا الموضوع.(1) ولكي يتم الانتفاع من ذلك الوقف لا بد من جهاز إداري ينظم عملية الانتفاع من خلال جهة دينية أو حكومية أو مؤسساتية أو أشخاص تضطلع بالقيام بهذه الإدارة. والوقف بحكم القانون ينشأ بالإرادة المنفردة للواقف(2) ويتمتع بشخصية معنوية إي له ذمة مالية مستقلة وأهلية قانونية(3) ويفهم من ذلك إن عمل الأمة في صدر الإسلام قد درج على تخصيص منافع الوقف وتوجيهها نحو أهداف الخير العام ومنع الواقف من التصرف بها. ويترتب على تمتع الوقف بالشخصية المعنوية انه يقضى له وعليه ويكون أهلا لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات كون الوقف له كيانه الخاص المنفصل عن أملاك الواقف المطلقة إلا انه يتسم بحالة خاصة جعلته يخضع للإرادة المنفردة لمؤسسه. ورغم أن فقهاء المسلمين لم يعرفوا تعبير الشخصية المعنوية إلا أنهم عرفوا معناها حين بحثوا في الذمة المالية وبينوا هذا المعنى وجعلوها في الإنسان الحي ولكنهم اضطروا لان يقولوا بوجود ذمة للوقف والمسجد وغيرها حين وجدوا أن كثيراً من المعاملات لا تستقيم إلا إذا كانت لهما ذمة مستقلة.(4)  وقد استقر الفقهاء على أن للوقف شخصية معنوية(5) كما للمؤسسات والجمعيات والشركات والمساجد واعترفوا بوجود شخصية تشبه شخصية الأفراد الطبيعيين في أهلية التملك وثبوت الحقوق والالتزام بالواجبات وافتراض وجود ذمة مالية للجهة المعينة بقطع النظر عن ذمم الأفراد التابعين لها والمكونين لها.(1) ولا شك أن الاعتراف للوقف بالشخصية المعنوية يحقق أهدافا عديدة من شأنها أن تأخذ به ليسلك طريقه المرسوم بدون عقبات أو إجراءات شكلية متعلقة بتحديد ملكية أعيان الوقف وان من أهم النتائج ما يلي :

1-  الوقف أصبح أهلا للتقاضي أمام المحاكم وإضفاء هذه الشخصية المعنوية يمهد لتوكيل النظار القائمين بالنشاط عنه إذ لا يمكن أن يقوم الوقف بالنشاط دونهم لأنه ليس له كيان ذاتي كالشخص الطبيعي ولا يمكن أن يطلق العنان للنظار للتصرف بأموال الوقف كتصرفهم بأموالهم الشخصية بل هي بمثابة الوكالة عن الشخصية المعنوية للوقف .

2-  إضفاء الشخصية المعنوية للوقف يمهد لمحاسبة المتولين للوقف من النظار ونحوهم لمعرفة إيراداته ومصروفاته وتنوع عمليات حفظ الأموال من إيداعات واستثمارات وما يتبع ذلك من وسائل الإيداع والصرف كالصكوك ونحوها ومن له أحقية الصرف من تلك الأموال وهكذا يتم إضفاء الشخصية المعنوية للوقف وتحديد الشخص الطبيعي القائم بالنشاط عنه وهو الناظر .

3-  إن إضفاء الشخصية المعنوية للوقف تمنحه أهلية التملك للعقار والمنقول وكافة التصرفات القانونية لتنوع الأعمال التي صارت تقوم بها المؤسسات الوقفية والقيام بالمشاريع الخيرية وهذه أعمال لا يمكن القيام بها ما لم تكن للوقف ذمة مالية وأهلية مما يحكم بضرورة إضفاء الشخصية الحكمية عليه.

4-  لا شك أن الوقف بصورته المعاصرة يحتاج إلى وضع خطط بعيدة المدى يراعى فيها وضع أولويات وتحديد المهمات في المجالين (مجال الإيرادات ومجال المصروفات).

5-  كما تتضمن وضع برامج لتنفيذ الأعمال الاستثمارية والمشاريع الخيرية التي تنفق فيها أموال الوقف وغلته وكل تلك المهام لا يمكن أن تقوم بها جهة في ظل تشابك الأعمال وتعقدها في العصر الحديث إلا من خلال تحديد مركز الوقف من المجتمع بإضفاء الشخصية الحكمية عليه.

    وقد أشار جانب من فقهاء المسلمين بحق إن مال الوقف يكون على حكم ملك الله سبحانه وتعالى وهم يقصدون بذلك أن يكون المال الموقوف خارجا عن التعامل ،ويظهر من بعض الفتاوى إن التولية على الوقف واجبة لغرض حفظ العين الموقوفة والنهي عن إضاعة المال، قال السيد البجنوردي ( قدس ) (ومعلوم انه لا بد في الوقف من متولي يلي أمره ويدبر شؤونه )(1)

    وقد أعطى الدستور العراقي الصادر عام 2005 أهمية خاصة للعتبات المقدسة، حيث نصت المادة (10 ) منه على أن ( العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية وتلتزم الدولة بتأكيد و حماية حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها ) وعدها المشرع العراقي في قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966 المعدل من ضمن الأوقاف فجعل تعيين المتولي على وقف العتبات المقدسة بقرار من محكمة الأحوال الشخصية وفق الشروط المحددة في الوصية(2) وأناط مسؤولية إدارة العتبات المقدسة المؤسسة بموجبه والمرتبطة بديوان الأوقاف.(3) وقد جاء في الأسباب الموجبة لصدور هذا القانون انه ( لما للعتبات المقدسة من قدسية لدى المسلمين كافة وللضرورة الملحة لتعميرها وصيانتها وإحلالها المحل المناسب لها فقد اتجهت النية إلى تأسيس مديرية ترتبط بديوان الأوقاف تكون مهمتها العناية بإدارة العتبات المقدسة والمراقد المشيدة بجوارها والأوقاف الجعفرية الملحقة بها وتكون هذه المديرية من الدوائر الدائمة لتقوم بالصرف على الجهات المذكورة مما يخصص لها من واردات تعين في ميزانية الدولة ومن الموارد الأخرى في هذا القانون وضمن خطة مدروسة ومنهاج تخطيطي شامل يوضع لهذا الغرض ). ولم يبتعد نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 عن هذا التكييف القانوني للعتبات اذ تشير معظم نصوصه إلى أن العتبات المقدسة هي من الجهات المرتبطة بالدولة ولعل ابرز ما يؤكد ذلك منح الوزير صلاحية تعيين الخدم الموظفين والفخريين وتسميتهم وان يكون التعيين وفقا لأحكام قانون الخدمة المدنية.(4) وان الوزير هو من يعين ملاحظ إدارة العتبة الذي يكون مسؤولا عن مراقبة الدوام الرسمي لمنتسبي العتبة وقيامهم بواجباتهم المقررة وان تطبق أحكام قانون الخدمة المدنية وقانون انضباط موظفي الدولة على موظفي العتبات المقدسة والمؤسسات الدينية في كل الأمور التي لم يرد بها نص في هذا النظام ولا يتعارض مع أحكامه.(5) وان تسري أحكام قانون التقاعد المدني رقم 33 لسنة 1966 المعدل على الموظف الخاضع لأحكام هذا النظام.(6) وان يتم تعيين الموظفين الخاضعين لأحكام هذا النظام وفقا قانون الخدمة في المؤسسات الدينية والخيرية رقم 67 لسنة 1971 المعدل.(1) ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 لم يتضمن القانون الأساسي والدساتير اللاحقة له نصا ينظم أحكام العتبات المقدسة أو يشير إليها ولحين سقوط النظام الدكتاتوري في 2003. وقد احتلت العتبات المقدسة مكانة مهمة بعد سقوط النظام البائد والذي استعمل الكثير من السبل والأساليب للحد من تطورها ومحاربة مريديها، حيث شكلت في العتبات المقدسة ابتداءً إدارات مستقلة بأمر من المرجعية الدينية تتمثل بلجان مهمتها إدارة تلك العتبات ومن ثم تأسيس ديوان الوقف الشيعي الذي حل محل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إذ تولى هذا الديوان الإشراف على العتبات المقدسة والمزارات الشيعية. واستمرت تلك اللجان بمهمتها لحين صدور قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 والذي اعتمد التكييف القانوني نفسه للعتبات الذي اعتمدته التشريعات السابقة وعدها من مؤسسات الدولة حيث ورد في المادة ( 1 ) منه :

( يؤسس في ديوان الوقف الشيعي بموجب هذا القانون دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة ) وأناط بهذه الدائرة القيام بجملة من الأهداف مثل إدارة وتسيير شؤون العتبات والمزارات والعناية بها ورعايتها بما يتناسب مع قدسيتها وتطورها وتوسيعها وتشييد عمارات ملحقة بها وبشكل يميز مكانتها وأثرها الديني والتاريخي وصرف واردات العتبات والمزارات في مواردها وفق الضوابط الشرعية والقانونية واستثمار الأموال العائدة للعتبات والمزارات بمختلف الأوجه المتاحة والموافقة لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة إلى غير ذلك من المهام(2) وهو موضوع بحثنا كما سنرى لاحقا. ولرئيس ديوان الوقف الشيعي تعيين الأمين العام لكل عتبة (3) وتكون مدة التعيين ثلاث سنوات قابلة للتجديد ثلاث سنوات أخرى فقط (4) وتدار كل عتبة من خلال مجلس إدارة يتكون من رئيس ونائب وخمسة أعضاء حيث يتولى الرئاسة الأمين العام للعتبة المعين من قبل رئيس ديوان الوقف الشيعي.(5)      ونستخلص من ذلك إن العتبات المقدسة لها شخصية معنوية وذمة مالية مستقلة وأموالها من الأموال الخاصة ولا تدخل ضمن الأموال العامة ولا يغير من ذلك إن العتبات المقدسة ترتبط بديوان الوقف الشيعي لان هذا الارتباط لا يغير من أحوال هذه العتبات فتجعلها مالا عاما أو مالا خاصا مملوكا فأموال العتبات المقدسة هي أموال خاصة مخصصة لتحقيق نفع عام.

المطلب الثاني

مصادر تمويل العتبات المقدسة

    لقد حظيت العتبات المقدسة باهتمام ملايين المسلمين الذين تعلقوا بها لأسباب دينية وتاريخية، فتسابق الموالون في رفد تلك الأماكن المقدسة بالعطاء وقفاً ونذراً وهبةً لكي يزدهر ذلك الإشعاع وتبقى العتبات شامخة وخالدة أبد الدهر. ومن هنا فان الموارد المالية للعتبات المقدسة تختلف باختلاف سبب تقديمها لهذه العتبات من قبل الموالين لائمة أهل البيت عليهم السلام وزائري هذه العتبات، مما يتطلب منا بيان هذه المصادر وهو ما سنبحثه في ثلاثة فروع ندرس في الفرع الأول منها لأموال شباك الضريح المقدس والهدايا والنذور وفي الفرع الثاني لأموال الوقف ثم نبحث في الفرع الثالث التمويل الحكومي.

الفرع الأول

أموال شباك الضريح المقدس والهدايا والنذور

    تجتمع في خزانة العتبات المقدسة أموال كثيرة بعناوين مختلفة وهذه العناوين تكون بحسب قصد مقدم المال وسنبحث كل منها في ما يلي :

أولا – أموال شباك الضريح المقدس

يوجد في كل عتبة مقدسة شباك يحيط بالقبر الشريف ليكون دلالة على القبر ولكي لا تطأ أقدام الزائرين قداسة القبر، وهذا الشباك محكم من أربع جهات ومغلق من الأعلى ويتوسطه صندوق مغطى بالديباج يكون فوق القبر الشريف مباشرة. ومنذ أن شيدت العتبات المقدسة والموالون من شيعة أهل البيت(عليهم السلام) يتسابقون على زيارتها والإغداق عليها بالأموال النقدية والعينية من المجوهرات والتحف الثمينة كالسيوف الذهبية والقناديل والفرش الفاخرة ،كل ذلك تقربا لله تعالى ولصاحب المرقد الشريف. وهذه الأموال من الهدايا والنذور تختلف طريقة تقديمها للعتبات المقدسة من قبل الزائرين، فمنهم من يضعها في شباك الضريح المقدس من خلال الفتحات الموجودة في الشباك سيما الأموال النقدية والمسكوكات وبعض الهدايا الصغيرة التي يمكن إلقاءها في داخل الشباك من خلال تلك الفتحات، ومنهم من يسلم الهدايا والنذور إلى القسم المختص في كل عتبة ويسمى قسم الهدايا والنذور وهو إحدى التشكيلات الإدارية في كل عتبة مقدسة.

ثانيا: الهدايا والنذور   

الهدية في اللغة من الهدي والهدية ما أتحف به يقال أهديت له واليه، والجمع هدايا وهداوى، وهداوي.(1) ويقال : أهدى الهدية إلى فلان، وأهدى له هدية، أي : بعث بها إكراماً له(2) أما في الاصطلاح فوردت لها عدة تعاريف. فقد عرفها ابن حجر بأنها ما يكرم به الموهوب له. وعرفها الجرجاني بأنها ما يؤخذ بلا شرط الإعادة.(3) وللوقوف على تعريف الهدية بشكل دقيق لابد من عقد المقارنات التالية بينها وبين ما يشابهها بالاصطلاح وكما يلي:

  1. فالفرق بين الهدية والصدقة إن الأولى يراد من إعطائها التقرب إلى الإنسان المهدي إليه لينال محبته، أما الصدقة فيراد من تقديمها التقرب إلى الله. وفرق الهدية عن الهبة هو أن الأولى تحمل إلى المهدي إليه إعظاما وإجلالا وتوددا أما الهبة فإنها لا تحمل.
  2. أما الفرق بين الهدية والوقف هو أن الوقف من التبرعات الداخلة في باب الصدقة كونه يأتي بنية التقرب لله تعالى وهو من أعمال البر، فهو تمليك المنفعة للغير مع بقاء عين الموقوف لله تعالى ، أما الهدية فهي تمليك لذات العين، فيجوز للمهدي إليه أن يتصرف بالهدية كيف يشاء.(4)

    أما النذر فهو في اللغة ما ينذره الإنسان فيجعله نحباً كإرش الجرح(5) أما في الاصطلاح فهو إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئاً غير لازم عليه بأصل الشرع.(6) ويتحدد هذا المعنى بما يلتزمه الإنسان على نفسه من مالٍ أو عملٍ بصيغةٍ معيّنة، وقد يتوسّع البعض في معناه ليشمل كلّ التزامات الإنسان الإيمانية سواء كانت في دائرة الالتزامات الذاتية لأنّ النّذر الخاصّ بالمعنى العرفي لا يحمل أيّة خصوصيّة تفرض التّركيز عليه بل كلّ ما هناك هو ما يعبّر عنه من التزامٍ مرتبط بالله في ما يستتبعه من الوفاء الدالّ على صدقه في التزاماته.(7)  

    وقد استدل الفقهاء على مشروعية الهدية والنذر للعتبات المقدسة إلحاقا لها بالنصوص الواردة بالنذر أو الهدية للكعبة المشرفة وعليه يصح الإلحاق بها فتوى وإجماعا لكون أن المناط واحد وهو تعظيم شعائر الله، ثم إن النذر والعطية من التصرفات الإرادية بغض النظر عن لزوميتها من عدمه، فالنذر للعتبات المقدسة صحيح للعمومات الواردة كقوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) وقوله تعالى ( تجارة عن تراض) وقول الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) (المؤمنون عند شروطهم) و(وجوب الإيفاء بالنذر)(1) ومن المعلوم إن تلك الهدايا تختلف باختلاف المتعلق من أموال نقدية أو عينية وتشترك مالية الجميع في مصرف واحد بعد تحويل المواد العينية إلى أموال نقدية عند عدم وجود الحاجة إليها، ويكون تحويلها عن طريق البيع.  وقد جاء في الروايات الحث على بيع ذلك الهدي وتوزيعه على أهل الحاجة، ففي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام ) قال : سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة كيف يصنع قال ( إن أبي أتاه رجل جعل جاريته هديا للكعبة. فقال له : قوِّم الجارية أو بعها ثم مر منادياَ يقوم على الحجر فينادي إلا من قصرت نفقته أو قطع به أو نفذ طعامه فليأتي فلان ابن فلان وأمره أن يعطي أولا فأولا حتى ينفذ ثمن الجارية.(2)    وفي رواية محمد بن عبد الله بن مهران عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ( عليهما السلام) قال سألته عن الرجل يقول: هو يهدي إلى الكعبة كذا وكذا ما عليه إذا كان لا يقدر على هديه ؟ قال: ( إن كان جعله نذرا ولا يملك فلا شيء عليه وان كان مما يملك غلاما أو جارية أو شبههما باع واشترى طيبا فطيب به الكعبة )(3)  ونتيجة لعدم وجود ضوابط للسيطرة على أموال شباك الضريح المقدس، فضلا عن إن ما يقوم به السدنة من استحواذ على ما يلقى بداخل الأضرحة الشريفة أمرا يتنافى وأحكام القانون كونه يعد إثراءً على حساب الغير، فقد بدء ديوان الأوقاف يمهد للسيطرة على هذه الأموال إذ أصدر أول تعليمات بهذا الخصوص عام 1973والخاصة بالتصرف بالنذور والتبرعات الخاصة  بالروضة العباسية في كربلاء حيث كان أول ضريح يفتح بهذه الطريقة هو ضريح مولانا ابي الفضل العباس بن علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) 1973(4) ويتم الفتح من قبل لجنه العتبة المنصوص عليها في نظام العتبات المقدسة رقم (21) لسنة 1969 المعدل.(1)وبموجب هذه التعليمات تقسم المبالغ المستخرجة من الضريح الشريف إلى خمسة أخماس متساوية فالخمس الأول يوزع للخدم العاملين والخمس الثاني للفقراء مرة واحدة كل ثلاثة أشهر حسب الموعد الذي تحدده لجنة العتبة ويصرف الخمسان الثالث والرابع للتعميرات أما الخمس الخامس فيصرف للشؤون العامة التي تقررها لجنة العتبة. وهذه العملية تتم بشكل أصولي وتوثق الواردات بسجلات خاصة تمسك من قبل لجنة العتبة وسجلات أخرى تكون لدى مديرية العتبات المقدسة ومديرية أوقاف المنطقة ويتم فتح وإغلاق الضريح بحضور وإشراف اللجنة بإتباع المعاملات الخاصة بالقبض والصرف التي تتبعها دوائر الدولة الرسمية. ومن واجبات هذه اللجنة أيضا جمع المبالغ النقدية وعدها وفرز العملات الأجنبية وتحديد نوعيتها وعددها وقيمتها وحصر الأموال العينية كالحلي وغيرها وتكون هذه المحاضر بعدة نسخ مذيلة بتوقيع رئيس وأعضاء اللجنة وتودع النقود في مصرف لحساب صندوق العتبة. أما فيما يخص المواد العينية والحلي فيتم فرزها إلى أقسام متعددة متماثلة في الحجم والقيمة والعدد بمعرفة خبير تختاره اللجنة وتدعو اللجنة الصاغة ومتعاطي بيع وشراء أمثال هذه المواد دعوة مباشرة ثم تجرى المزايدة على تلك المواد وتباع لمن يعطي ثمناً أكثر، ويستوفى منه الثمن نقداً وحالاً ويقيد في الحساب ويعطى للمشتري وصل بذلك ويضبط محضر بعملية البيع بعدة نسخ مع ملاحظة إن إجراءات البيع يجب أن تتم خلال يومين من تاريخ فتح الضريح.(2) وإذ أن هذه التعليمات كانت خاصة بضريح العتبة العباسية فقد ألغيت وحلت محلها تعليمات رقم (1) لسنة 1978 والتي صدرت لتنظيم إلية التصرف بالنذور والتبرعات الخاصة للعتبات المقدسة كافة الموجودة في العراق(3) وبعد صدور قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 227 لسنة 1978 المعدل.(4) ألغيت التعليمات المذكورة وحلت محلها تعليمات رقم 1 لسنة 1991 المعدلة.(1) وقد عالج المشرع العراقي كيفية التعامل مع الهدايا والنذور في عدة نصوص تشريعية، فقد بينت المادة العشرون من نظام العتبات المقدسة رقم 21 لعام 1969 المعدل كيفية التصرف بالهدايا من خلال تسجيلها في سجلات خاصة يعدها المرجع المختص(2) ومنعت من التصرف في خزائن العتبات المقدسة ونقل شيء منها خارجها أو بيع شيء من محتوياتها وجعلت حفظها من الضرورات بوسائط الحفظ الكافية، وان يتضمن التسجيل في السجل الإشارة إلى نوع الهدية وحجمها وأبعادها ووزنها وأوصافها الأخرى ومطابقة السجل مع سجل السادن كل ثلاثة أشهر مرة مع ما هو موجود في خزائن العتبات المقدسة مع إعداد تقارير مفصلة حول هذه الهدايا ويتم التعامل مع الهدايا حسب أنواعها على التفصيل الآتي :-

1-    الهدايا المعدنية الوقفية: تثبت في السجلات وتستخدم في العتبة بقدر الحاجة إليها وتحفظ في خزائن العتبة.

2-  الهدايا النقدية والمنح: يؤخذ 20 % منها إيرادا للعتبة والباقي يعطى خمسه للسادن وتوزع أربع أخماسه على بقية المستخدمين. وأجازت المادة المذكورة بيع المواد غير الصالحة كالمواد للكهربائية والأثاث الممزقة الذي يثبت بقرار من لجنة مختصة أن في بقائها ضررا للعتبة نفسها ويكون البيع طبقا لنظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف.

أما التبرعات التي تدفع من قبل المريدين لإصلاح ما يستوجب إصلاحه في كل عتبة فإنها تجمع وتنفق على هذه الشؤون من قبل لجنة تؤلف لهذا الغرض. (3)

    وبعد صدور قانون العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 تم تنظيم أحكام العتبات المقدسة بشكل آخر إذ جاء في الباب الرابع الخاص بالموارد المالية في المادة (17) من القانون ذكر الهبات والتبرعات والنذور والوصايا والمنح والمساعدات المقدمة للعتبات المقدسة والمزارات من مختلف الجهات والأشخاص من داخل العراق وخارجه وجاء في المادة (18) من القانون إلزاما على الدائرة بالمحافظة على النفائس والمقتنيات والمخطوطات والهدايا المحبوسة على العتبات والمزارات بأحدث الطرق والوسائل العلمية بالتعاون مع الجهات والمنظمات ذات العلاقة كافة من داخل العراق   .

الفرع الثاني

أموال الوقف

    الوقف هو احد السنن الدينية المؤكدة والتي تعد في مجموعة الأعمال الصالحة الباقية، ومن ابرز مظاهر تجسيد روح التعاون الاجتماعي من الناحية الأخلاقية، كونه عمل يكشف عن حالة التقوى والتحرر وعلو الهمة لدى الواقف، ويضفي صفة الحسن والخلود على عمله. وقد وردت الروايات المعتبرة المتعددة التي تحث الخيرين على الوقف والصدقة الجارية ،فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام ) انه قال ( ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال : صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنة هدي سنها فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يدعو له ).(1)

    وقد اختلف فقهاء المذاهب الإسلامية في تعريف الوقف تبعا للرأي السائد في كل مذهب من كونه عقدا أم لا ومن حيث جوازه أو لزومه وغير ذلك ،بل قد يختلف فقهاء المذهب الواحد في تعريفه تبعا لذلك أيضا، حسبما يؤدي إلى اجتهاد كل منهم وفق ما يفهمه من النصوص الواردة حوله، فقد عرف بعض فقهاء الامامية الوقف بأنه ( عقد ثمرته تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة)(2) بينما عرفه جانب آخر  التعريف نفسه مع حذف كلمة العقد.(3) ومعنى ذلك إن هذا الجانب لا يرى أن الوقف عقد يحتاج في تحققه إلى وجود طرفين موجب وقابل، فهو في نظره من قبيل الإيقاع أو الإسقاط أو فك الملك ،بينما يستبدل بعض فقهاء الامامية كلمة إطلاق بكلمة تسبيل(4) ولعل ما ذهب إليه الأخير كان تأثراً بما روي عن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) من قوله (حبس الأصل وسبل المنفعة)(5) والمراد بالتسبيل هنا هو جعل العين الموقوفة في سبيل الله إي سبيل الخير.(6)

  

     ويلاحظ أن فقهاء الامامية يفرقون بين الوقف والحبس، فالحبس تبقى فيه العين المملوكة على ملك الحابس وتورث وله التصرف فيها بما لا يتنافى مع منفعة المحبس عليه ويكون مؤقتا(1) أما فقهاء المالكية فقد عرفه بعضهم بأنه ( إعطاء المنافع على سبيل التأييد )(2) كما عرفه بعض فقهاء الشافعية بأنه ( حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود)(3) وعرفه بعض فقهاء الحنابلة بأنه (تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته يصرف ريعه إلى جهة بر تقربا إلى الله تعالى )(4) أما أبو حنيفة فقد نسب إليه تعريف الوقف بأنه (حبس العين على حكم ملك الواقف والتصدق بالمنفعة ولو في الجملة)(5)      وقد أوردت بعض التشريعات العربية تعريفا للوقف، حيث يعرفه المشرع الليبي بأنه ( حبس العين وجعل غلتها أو منفعتها لمن وقفت عليه )(6) وهذا التعريف يقترب من تعريف فقهاء الحنابلة للوقف في منع التصرف بالعين الموقوفة وتسبيل منفعتها. ويعرف المشرع الأردني الوقف بأنه ( حبس عين المال المملوك على حكم الله تعالى على وجه التأبيد وتخصيص منافعه للبر ولو مآلاً )(7) ويقترب هذا التعريف من تعريف فقهاء الشافعية بان يكون المال المراد وقفه ملكا تاما للواقف وخروجه من ملكه بعد وقفه إلى ملك الله تعالى ومنع التصرف فيه على وجه التأبيد وتعود منفعته للبر بقصد القربة سواء ابتداءً وانتهاءً.

    أما المشرع العراقي فقد منع المتصرف في الأراضي الأميرية من أن يقفها أو يوصي بها (1) لان رقبة الأرض الأميرية مملوكة للدولة ويملك هو حق الانتفاع بها فقط (2) وبهذا يجب أن تكون العين ملكا تاما للواقف قبل وقفها وإذا ما وقفها أصبحت وقفا صحيحا (3) وبذلك عرف الوقف الصحيح بأنه  (العين التي كانت ملكا فوقفت إلى جهة من الجهات).(4) ويعد المشرع العراقي الوقف من ضمن الحقوق العينية الأصلية(5) وعد الأحكام المتعلقة به من النظام العام(6) وعده شخصا معنويا يجوز له القيام بالتصرفات القانونية كالارتهان مثلا(7) وجعل اختصاص النظر في الأمور المتعلقة بالوقف لمحكمة الأحوال الشخصية.(8) إلا أن ذكر المشرع للوقف ضمن الحقوق العينية وإسباغ الشخصية المعنوية عليه لا يعد تعريفا قانونيا للوقف، بل لا يصلح أن يكون تعريفا علميا لان الحق العيني في الوقف أو الشخصية المعنوية هما شأنان من شؤون الوقف، وأثران من آثاره والتزاماته في الخارج ولا يصح تعريف الشيء بشأن من شؤونه أو اثر من آثاره اللاحقة له أو المترتبة عليه رغم أنهما يدلان على تحققه ووقوعه ولا يعرف المدلول بالدال عليه. لقد جعل الفقهاء(9) شروطا لمحل الوقف أهمها :

  1. وجوده إي لا يكون معدوما.
  2. أن يصح تملكه إي اشتراط أهلية الموقوف عليه للملك فلا يصح تملك العبد مثلا.
  3.  أن يكون معيناً فلا يصح على المجهول.
  4.  أن لا يكون الموقوف عليه محرما ولو كان رحما ولا على الكنائس والبيع وكتب الظلال.

    ويقصد بأهلية الموقوف عليه تلك الأهلية المتمثلة بصحة الوقف على المصالح وذلك لوجود المصلحة (النفع والانتفاع ) الراجعة إلى كافة الناس أو بعضهم مع عدم منافاة الشرط بعدم قابليتها للملك كالوقف على المساجد والمشاهد المشرفة والقناطر والمدارس وغيرها. يقول الشهيد الثاني (قدس سره الشريف ) ( والوقف على المساجد والقناطر في الحقيقة وقف على المسلمين وان جعل متعلقه بحسب اللفظ غيرهم إذ هو مصروف إلى مصالحهم )(1) فالأهلية تابعة هنا إلى المصلحة الراجعة إلى المسلمين وهي في الأعم الأغلب لا انقراض لها وهي بمثابة العلة التي بموجبها تم إلحاق المشاهد والقناطر وغيرها من الأوقاف العامة بالمساجد. وقد استدل على صحة الوقف على العتبات المقدسة من الروايات الدالة على الوقف على المساجد ومن هنا قال الشهيد الأول (ويستحب الوقف على المساجد بل هو من أعظم المثوبات لتوقف بقاء عمارتها غالبا عليه التي هي من أعظم مراد الشارع )(2) ويرى الفقيه الكرباسي أنه (يصح الوقف على المصالح العامة كالجسور والطرق والمساجد والمراقد وهو في الواقع وقف لصالح المسلمين) (3)

    وقد عد المشرع العراقي عوائد الأوقاف الخاصة بالعتبات المقدسة إحدى الموارد المالية لها(4) حيث أورد في قانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966المعدل بصدد تعريفه للوقف الصحيح بأنه (العين التي كانت ملكا فوقفت إلى جهة أخرى من الجهات ويشمل العقر الموقوف )(5)

    لقد كان للعتبات المقدسةعلى مدار القرون والأجيال المتعاقبةأوقاف كثيرة تُوقَف عليها، من قِبل محبيّ أهل البيت عليهم السّلام وأشياعهم فيمناطق كثيرة،وسُنّة ( الوقف ) الحسنة هذه إذ تعبّر عن مشاعر الواقفين الإيمانيةوعن المودّة الفيّاضة إزاء الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم تدلّ في الوقتنفسه على عناية الواقفين بهذه العتبات من خلال وقف الأملاك والعقارات التيتدرّ موارد مالية لإدامة توسعتها وتقديم الخدماتللزائرين وسدّ حاجات الفقراء والمعوزين.

    وتشمل أموال الوقف كل ما هو متمول مباح منتفع به، وهذا يتفرع إلى أصناف مالية ذكرها وفصلها الفقهاء قديما وحديثا وتشمل العقارات والأملاك الثابتة والمنقولات والحقوق المعنوية كحق التأليف وبراءة الاختراع وغيرها. ويقسم الفقهاء الوقف على الجهات العامة تبعا لعناوينه إلى قسمين هما:(1)

القسم الأول: وقف الأعيان ويقصد بها الأراضي المشيد عليها المسجد أو المشهد ضمن مساحة العتبة المقدسة أو غيرها من الوقف العام.

القسم الثاني: الوقف على الوقف ويشمل:

  1. الأعيان مثل الدور والفنادق والأراضي الزراعية والدكاكين.
  2. الآلات مثل الفرش وأدوات البناء وغيرها .
  3.  الأموال الثابتة كالأراضي والمشيدات والمزارع والبساتين والمدارس والمستشفيات وغير ذلك من العقارات، وهذه الأموال حسب أحكام الشرع الحنيف تحبس عينها وتوجه غلتها أو ثمرتها أو إيراداتها أو منفعتها إلى النشاطات الخيرية والخدمية التي تقوم بها العتبات، وتحتاج هذه الأموال بصفة دائمة إلى الصيانة والتعمير والاستبدال عند الضرورة حتى تستمر في تقديم المنافع والخدمات والعوائد بكفاءة .
  4. الأموال المنقولة كوسائط النقل والأثاث والهدايا العينية، فما كان يشمله عنوان الوقف ـ كما في الوسائط والأثاث ـ فأنه يحبس عينه ويتم التصرف بغلته إلى النشاطات التي تقوم بها العتبة. وهذه الأموال بطبيعة الحال تتطلب أيضا التعمير والصيانة بشكل مستمر والاستبدال أن اقتضت الضرورة من أجل المحافظة عليها وزيادة عوائدها.
  5.  الأموال النقدية في داخل شباك الضريح المقدس بكونها من الهبات التي يجود بها زوار العتبات المقدسة فإنها لا تخضع لأحكام الوقف بل أن التصرف بها يكون أكثر مرونة إلا أنه يتطلب إذن الحاكم الشرعي. وأما التمويل الحكومي الذي تخصصه الحكومة بشكل سنوي لدعم العتبات المقدسة فأن التصرف فيه يكون وفق التعليمات التي تصدرها وزارة المالية في كل سنة لتسهيل تنفيذ أحكام قانون الموازنة العامة، وإدارة العتبة المعنية بتنفيذ هذه التعليمات.

والأوقاف العامة كالمساجد والمشاهد والمقابر والقناطر وغيرها مما لا يجوز بيعها بلا إشكال حتى عند خرابها واندراسها بالشكل الذي لا يرجى معه الانتفاع منها في الجهة المقصودة أصلا بل تبقى على حالها(2) واستدلوا على ذلك بعدم ملكيتها لأي احد(3) ولعموم أدلة الوقف وشرط الواقف من جهة، وللضرورة الدينية لوجود العتبات المقدسة من جهة أخرى.(4)

الفرع الثالث

التمويل الحكومي

    بينا فيما سبق الموارد المالية للعتبات المقدسة وذكرنا الأحكام المتعلقة بها والمنصوص عليها في المادة ( 17 ) من قانون إدارة العتبات المقدسة رقم ( 19 ) لسنة 2005 والتشريعات ذات العلاقة. إذ  أن الموارد المالية الناتجة عن الهبات والتبرعات والنذورات الواردة إلى العتبات المقدسة من مختلف الجهات وكذلك أموال الأوقاف الخاصة بها لا تكفي لتغطية نشاطاتها، فان العتبات المقدسة باعتبار ارتباطها بالمؤسسات التابعة للدولة تتلقى مبالغ مالية هي عبارة عن حصة مخصصة لها سنويا ضمن الموازنة العامة للدولة(1)

    ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ولحد الآن فان موازنتها سواء كانت السنوية الأساسية أو الملحقة التكميلية تتضمن ما ترصده وزارة المالية من تخصيصات للعتبات المقدسة وتكون هذه التخصيصات ضمن الموازنة الخاصة بديوان الأوقاف في حينه والذي حلت محله فيما بعد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وأخيراً أصبحت ضمن الموازنة الخاصة بديوان الوقف الشيعي الذي تم تشكيله بعد سقوط النظام الدكتاتوري البائد. إلا أن هذه التخصيصات لم تكن كافية تغطي كل احتياجات العتبات المقدسة بل أنها في اغلب الأحيان كانت تقتصر في بادئ الأمر على الميزانية التشغيلية للعتبات والمتضمنة للرواتب والأجور وبعض الخدمات البسيطة ثم أصبحت فيما بعد تشمل إجراء بعض الترميمات الضرورية التي تحتاجها أبنية العتبات المقدسة. ويؤيد ذلك أيضا ما ورد في المادة الثالثة من قانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 المعدل والذي نص على أن (تكون رواتب ومخصصات موظفي ومستخدمي إدارة الأوقاف بما في ذلك موظفي ومستخدمي مديرية العتبات المقدسة من الخزينة العامة للدولة). وكذلك ما ورد في المادة السادسة من قانون إدارة العتبات المقدسة رقم (25 ) لسنة 1966 المعدل والتي نصت على أن (تكون نفقات صيانة العتبات وتعميرها على الخزينة العامة حسب خطة مدروسة ومنهاج موضوع لسنوات عدة بعد تخطيط شامل).

    وقد نصت المادة السابعة من القانون نفسه (تخصص الحكومة في الميزانية العامة المبالغ اللازمة للصرف على راتب المدير وما يلزم لإدارة العتبات بما في ذلك رواتب الموظفين والمستخدمين والسدنة والنفقات اللازمة الأخرى ).(1) قد أكدت المادة السادسة والعشرين فقرة ( ج ) من نظام العتبات المقدسة رقم  (21 ) لسنة 1969 المعدل هذا المضمون، حيث ألزمت وزارة الأوقاف سنويا بضرورة تنظيم كشوف للتعميرات والترميمات الضرورية للعتبة والمراقد اللازمة لذلك لصيانتها وصرف مبالغ الكشوفات من منحة العتبات المخصصة من قبل وزارة المالية لهذا الغرض. إلا أن هذه الحصة المخصصة للعتبات المقدسة لا تأتي دون مقابل ذلك لان الدولة بطبيعة الحال تستولي على الموارد المالية في تلك العتبات، من قبيل رسوم الدفن (2) وإيجارات العقارات والمنقولات الموقوفة عليها والهبات والمنح والوصايا المخصصة للعتبات بحسب طبيعتها إضافة إلى رسوم محاسبة متولي الأوقاف(3)

    إن عدم كفاية الموارد المالية التي يتم تجميعها من شباك الضريح المقدس لتمويل النفقات التشغيلية والرأسمالية في كل عتبة جعلت هذه العتبات تعتمد بشكل أساسي على الدعم الحكومي لتوفير أجور منتسبي العتبات ، من خلال المنح وفق الموازنة السنوية على ضوء التقديرات التي تقدمها العتبة المقدسة إلى ديوان الوقف الشيعي والذي يقوم  بدوره بإقرارها وتوحيدها ضمن الموازنة الموحدة ليتم إقرارها وتمويلها من قبل الحكومة وبنسب متفاوتة من عتبة إلى أخرى(4)

    لقد ساهمت الحكومة العراقية في السنوات الماضية في تطوير العتبات المقدسة من خلال رصد مبالغ خاصة ضمن موازنة الدولة تخصص للإستملاك من اجل توسعة العتبات المقدسة حيث تم تخصيص مبلغ قدره (75) خمس وسبعون مليار دينار عراقي للعتبات المقدسة في كربلاء المقدسة ضمن موازنة الإدارة المحلية في المحافظة لسنة 2009 وتم ابتداءا تشكيل لجنة لغرض القيام بإيجاد آلية لصرف المبلغ في مجال الاستملاكات وتم تحويله فيما بعد إلى خزينة العتبة بموجب موافقات أصولية من الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وفي عام 2010 تم تخصيص مبلغ مماثل ضمن موازنة العتبة الحسينية لسنة 2010 وللأغراض الخاصة بالتوسعة لبنايات العتبة والذي تم إنفاقه أيضا من خلال شراء بعض الدور والفنادق والعقارات الأخرى واستمرت الحكومة على هذا المنوال بتخصيص مبالغ سنوية خاصة بالتوسيع والتطوير للعتبات المقدسة واستملاك الأملاك المحيطة بها لتلحق ضمن أسوارها أو ملحقاتها.

    إن ما مرت به العتبات المقدسة من تهميش وتحجيم لدورها من قبل الأنظمة التي حكمت العراق في مختلف العقود الماضية يتطلب من الحكومة الحالية وقفة جادة والتفاتة مسؤولة لدعم هذه الأماكن الدينية بالأموال اللازمة التي تمكنها من القيام بنشاطاتها المختلفة، بهدف أن تكون مؤهلة للاعتماد على مواردها الذاتية في تحقيق أهدافها المنشودة.

  ولعل الأموال التي تدخل إلى خزينة الدولة عن سمات الدخول للزوار الأجانب والتي تستوفيها الحكومة العراقية منذ أعوام سابقة بموجب اتفاقيات دولية تشكل ثروة هائلة يمكن من خلالها تطوير العتبات المقدسة بالشكل الذي يوسع من بناياتها ويضيف مساحات كبيرة من الأراضي والأبنية إلى العمارات المشيدة حاليا، عن طريق استملاك الأبنية والأراضي المحيطة بها لأغراض التوسعة والاستثمار بإنشاء مرافق خدمية وتجارية تعود بالنفع على العتبات المقدسة من جهة وتوفر الخدمات داخل المدن المقدسة من جهة أخرى.

المبحث الثاني

مفهوم الاستثمار

    توجب التغييرات في الأوضاع الاقتصادية من جهة، والمسؤولية اللازمة للحفاظ على أموال العتبات المقدسة تحت إدارة الأمانة في كل عتبة (1)ــ بصفتها الناظر على العتبة ــ كونها من الأوقاف العامة (2) من جهة أخرى، أن يكون هناك حرصا نحو تنمية الأموال وتطوير استثمارها وفق الضوابط والأسس الشرعية وبأتباع معايير ونظم استثمار الأموال وإدارتها، الأمر الذي يحقق معدلات أكبر من الريع ويمكن من التوسع في الخدمات التي تقوم العتبات المقدسة بتقديمها ويساعد على تطويرها.

    ولاشك أن ما تقوم به العتبات المقدسة من نشاطات وأعمال خيرية يكون وفق الأسس الشرعية. ومن ثم فان هذه الأسس مضافا إليها الأحكام القانونية ستكون ذاتها المنطلقات التي تحكم الاستثمار في أموال العتبات المقدسة لان الحرص على صرفها في المجالات الخيرية والتنموية هو بحد ذاته حرص على تأكيد الصفة الإسلامية للعمل المؤسسي المنشود. ويعتبر قطاع الاستثمار احد الركائز الهامة في تحقيق الأهداف التي تسعى العتبات المقدسة إلى تحقيقها(3) باعتباره رافداً مالياً مهم لدعم الأنشطة التي تقوم بها من خلال استثمار أموال العتبات وتنمية مواردها من ناحية، ومن ناحية أخرى توقع اتساع ادوار المؤسسات الوقفية في أطار تنشيط الدور الحضاري والتنموي للعتبات المقدسة. وحيث أن الاستثمار بكونه عملاً تجارياً له خصائص معينة وصور متنوعة. فلابد لنا من البحث في تعريفه للوقوف على المفاهيم المرتبطة به، لذا سنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب نعرض في المطلب الأول منها للتعريف بالاستثمار ونبحث في المطلب الثاني ضرورات استثمار أموال العتبات المقدسة ثم نتناول في المطلب الثالث معوقات استثمار أموال العتبات المقدسة.

المطلب الأول

التعريف بالاستثمار

    للتعريف بالاستثمار لابد لنا أن نعرفه لغة، واصطلاحا، وتمييزه عما يشتبه به من تصرفات أخرى، وهو ما سنتناوله في الفرع الأول، ثم نبحث خصائصه في الفرع الثاني، ونتناول في الفرع الثالث صور الاستثمار.

الفرع الأول

تعريف الاستثمار

أولا : تعريف الاستثمار لغةَ

الاستثمار لغةَ طلب الثمر، والسين والتاء للطلب والثمر معروف، وهو شيء يتولد عن شيء متجمعا، ثم يحمل عليه من غير استعارة، ويقال ثمر الرجل ماله: أحسن القيام عليه، ويقال في الدعاء : ثمر الله ماله أي نماه.(1) ومنه قوله تعالى(كُلُوامِنْثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ)(2) ويطلق مجازا على أنواع المال المستفاد، ومنه قوله تعالى: ( وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ)(3) وقال بعض المفسرين أن المراد بالثمر في هذا المقام الأموال الكثيرة.(4) ويدخل في ذلك قوله تعالى ( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْء)(5) فالثمرات هنا شاملة لكل المنتجات. وقد وضع مجمع اللغة تعريفا للتثمير وهو ما نعني به اليوم بالاستثمار بأنه (استخدام الأموال في الإنتاج أما مباشرة بشراء الآلات وأما بطريقة غير مباشرة كشراء الأسهم والسندات )(6) ومعنى ذلك أن هناك مصطلحين يمكن استخدامهما في هذا الشأن هما الاستثمار والتثمير. ويفهم من المدلول اللغوي أن هذا اللفظ لا يقتصر عليه وإنما يتعداه إلى كل شيء له نفع وثمرة، ومعنى ذلك أن الاستثمار يدخل على الأموال وعلى الإنسان.

ثانيا: تعريف الاستثمار اصطلاحا

    لم يشع استعمال مصطلح الاستثمار كثيرا لدى الفقهاء المسلمين ولكنهم استعملوا مصطلحات قربيه منه مثل : الاستنماء والتنمية والنماء وذلك في باب المضاربة أو القراض. فقد ورد لفظ الاستنماء في كلام الكاساني حيث نص في البدائع على أن ( المقصود من عقد المضاربة هو استنماء المال )(1) وعلل الدردير في الشرح الصغير مشروعية المضاربة بأنه ( ليس كل واحد يقدر على التنمية بنفسه)(2) وقال الشيرازي في المهذب ( الأثمان في المقارضة لا يتوصل إلى نمائها أي زيادتها المقصودة بالعمل)(3) وقد ورد التثمير في عرف الفقهاء عندما عرفوا الرشيد فقالوا: (الرشيد:هو القادر عل تثمير أمواله وإصلاحها والسفيه هو غير ذلك). وقد نقل ابن رشد عن الإمام مالك قوله (الرشد: هو تثمير المال وإصلاحه )(4) وجاء في الكشاف في تفسير قوله تعالى (و لا تؤتوا السفهاء أموالكم)(5) والسفهاء هم المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا يقومون بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها(6) وفي مجالات التنمية والإنتاج عاده ينصرف رأس المال إلى المفهوم العيني فهو الثروة المنتجة للمساهمة في إنتاج ثروة أخرى هذا إذا ما أخذنا بالحسبان أن لرأس المال مفاهيم عديدة حسب الزاوية المنظور إليه منها(7) وقد انصرف رأس المال إلى المفهوم المادي مثل الآلات والتجهيزات والسلع الوسيطة ثم اخذ يتسع فأدخل فيه المعارف والعلوم وكل ما يزيد في الإنتاج من الوسائل غير المادية بعد أن تبين له ما تقدمه من خدمات إنتاجية قد تتفوق على رأس المال المادي.(1) وقد أطلق عليها رأس المال البشري حيث ابتدأ بمرحلة الاستثمار البشري الذي ينصرف إلى تنميه قدرات الإنسان العلمية والجسمية لما لها من تأثير جوهري على الكفاية الإنتاجية للفرد.(2)هذا وأن الاقتصاد الوضعي قد ركز على رأس المال المادي ومن ثم على الاستثمار المادي وعندما بدا يهتم برأس المال البشري فانه قد ضيق نطاقه في القدرات العلمية. من ناحية أخرى فان الاستثمار يعني عملية واعية وليست عفوية فهناك مثمر ومثمر ونتيجة هي التنمية والتكثير ولذلك فان لم تثمر العملية عن تنمية وتكثير فإنها لا تدخل في نطاق الاستثمارات.

    ومن خلال ما أورده العلماء المتخصصون ومنهم الاقتصاديون من تعريفات للاستثمار، يتضح لنا إن لها معاني متقاربة وكلها تشير إلى هدف واحد هو الحصول على تدفقات مالية مستقبلية، إلا أنها أغفلت دور القيم في توجيه الاستثمار وترشيده كما سنرى لاحقا، وأعنى بها المبادئ والضوابط التي تنظم وتؤطر حركة تنمية رؤوس الأموال، مع إن للقيم دور هام في العملية الاستثمارية بكون أن الاستثمار حركه وعمل ولا بد من قيم وضوابط. من جانب آخر لم يكن القانونيون أوفر حظا من علماء الاقتصاد في الإتفاق على تعريف جامع مانع للاستثمار. فقد تعددت تعريفاتهم بين التشريع والفقه. فمنهم من عرفه بصورة عامة، ومنهم من عرفه مقتصرا على بعض أنواع الاستثمار لأنه مصطلح لا يتعلق بالواقعة الاقتصادية أو القانونية فحسب، بل يمثل في الواقع مفهوما متغيرا ومتطورا قد يضيق وقد يتسع تبعا للظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي(3) وتأسيساً على ذلك سنحاول الوقوف على التعريف التشريعي أولاً، ومن ثم على التعريف الفقهي ثانياً.

أ– التعريف التشريعي

    يمكن القول بان هناك تحفظ لدى فقهاء القانون على قيام المشرع بتعريف أي مصطلح يرد في نصوص القوانين باعتبار أن التعريف من اختصاص الفقه في الغالب الأعم وليس من وظيفة المشرع، فعمل الفقيه هو استخلاص النظريات وبيان المفاهيم وتأصيل الظواهر القانونية. ويتعذر غالبا على المشرع الإحاطة بالمفاهيم إحاطة تامة، أو وضع حدوداً للمعنى أو المفهوم بحسب الزاوية التي ينظر منها إلى المفهوم المراد تعريفه.(1) وقد عرف قانون الاستثمار العراقي الاستثمار في الفقرة (ن) من المادة الأولى منه بالقول:((الاستثمار هو توظيف المال في أي نشاط أو مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد)).(2) وحيث أن المفهوم الإسلامي للاستثمار يتميز عن مفهومه في التشريعات الوضعية من حيث ترشيد عملياته من جهة، وتوسيع مجالاته من جهة أخرى، فقد اتسع لتنمية القدرات الروحية للإنسان لما لها من تأثير جوهري في الكفاية الإنتاجية للإنسان وذلك مصداقا لقوله تعالى (أن خير من استأجرت القوي الأمين )(3)

    وفي ضوء ما تقدم يمكن تعريف الاستثمار من وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي بأنه (جهد رشيد يبذل في الموارد المالية والقدرات البشرية بهدف تكثيرها وتنميتها والحصول على منافعها وثمارها، أو هو الإنفاق على أصول ثابتة بغية تحقيق عائد لمدة طويلة من الزمن، وهذا ما يسميه جانب من الاقتصاديين بالإنفاق الرأسمالي تمييزا له عن المصروفات التشغيلية أو المصروفات الجارية الدورية كالأجور ومصاريف الصيانة وشراء المواد الخام.(4) وقد تبنت الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية مفهوما للاستثمار فأوضحت انه يعني توظيف النقود لأي اجل في أي أصل أو حق أو ملكية أو ممتلكات أو مشاركات للمحافظة على المال أو تنميته سواء بأرباح دورية أو بزيادات في قيمة الأموال في نهاية المدة أو بمنافع غير مادية.(5)هذا وقد عرف السيد الشهيد محمد باقر صدر (قدس) الاستثمار بأنه (المنفعة المترتبة على توظيف رأس المال في المكاسب المحللة )(6) وقد انتهى منتدى قضايا الوقف في القرارات والعناوين المتعلقة باستثمار أموال الوقف إلى أن المقصود باستثمار أموال الوقف هو تنمية الأموال الوقفية سواء أكانت أصولا أو ريعا(1) بوسائل ومجالات استثمارية مباحة شرعا.(2) ومن خلال الربط بين التعريفات السابقة للوصول إلى تعريف ينسجم مع الضوابط الشرعية باعتبار أن العتبات المقدسة من الأوقاف العامة يمكن القول أن ما تبذله إدارة كل عتبة من جهد فكري ومالي من اجل الحفاظ على أموال العتبة وتنمينها بالطرق المشروعة ووفقا لأحكام الشريعة الإسلامية والحصول على عائد استثماري، يسهم في ديمومة نشاطات العتبة وبقائها مستمرة بالعطاء من خلال الاستفادة من الأصول الثابتة على مدى مدد مختلفة من الوقت. وبالتالي يمكن لنا من خلال ما تقدم أن نعرف استثمار أموال العتبات المقدسة بأنه ( توظيف جانب من أموال العتبات المقدسة الفائضة عن الحاجة الضرورية للعتبات في نشاط اقتصادي مشروع ومنتج بهدف تنمية هذه الأموال والحصول على عوائد مجزية تساعد في تحقيق رسالتها ومقاصدها السامية وتمكينها من الاستمرار في تحقيق أهدافها )

ب- التعريف الفقهي

عرف جانب من فقهاء القانون الاستثمار بأنه قيام الشركة بتوظيف أموالها في تكوين حوافظ من القيم المنقولة. (3) والمقصود من الحوافظ جمع المحفظة الاستثمارية التي تتكون من مجموعة الأوراق المالية (الأسهم والسندات). ولا يمكن التسليم بهذا التعريف لأنه أخص من المطلوب لان الاستثمار لا يقتصر على الأوراق المالية، بل يشمل نشاطات وأعمال كثيرة.  في حين عرفه جانب آخر بأنه الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تهدف إلى إنشاء أو التوسع في استثمار مشروع قائم.(4) وهذا لا يستقيم قانونا إذ انه عرف الاستثمار بوسيلته وهي الأموال متجاهلا أن الاستثمار عمل تجاري تعتبر الأموال وسيلة من وسائله، فهي ليست الوسيلة الوحيدة، فضلاً عن أن الاستثمار هو الذي يهدف منه إنشاء أو التوسع في استثمار مشروع معين، أما الأموال فليس لها استنادا لهذا الدور ما يحقق هذا الهدف. ويرى آخرونأن الاستثمار لا يخرج عن كونه حبس أرصدة حاضرة بهدف الحصول على عائد مستقبل في صورة دخل أو على هيئة زيادة في رأس المال الذي يُحبس.(1) ويؤخذ على هذا التعريف عدة أمور الأول منها انه اقرب إلى المفهوم الاقتصادي منه إلى القانوني والأمر الآخر هو أن الاستثمار لا يقتصر على النقود كما يفهم من كلمة أرصدة بل يشمل الأموال مطلقاً المنقولة وغير المنقولة فضلا عن أن حبس الأرصدة لا يستتبعه الحصول على العائد للضرورة حتى لو كانت هناك نية للمالك بالحصول على العوائد طالما لم يقترن ذلك الحبس بشرط اقتصادي معين.

رابعا : تمييز الاستثمار عما يشتبه به

لاشك أن الهدف من الاستثمار هو الحصول على الإرباح والفوائد المجزية والتي تمثل في مجموعها العائد الاستثماري وهذا يتحقق من خلال القيام بنشاط تجاري معين، وتوجد ثلاثة ألفاظ ذات صلة بالاستثمار إلا أنها في مفهومها تختلف عنه من عدة أوجه، وهذه الألفاظ هي التنمية أو الاستنماء، والاستغلال، والاستعمار. أما الاستنماء فيراد به إحداث النماء، والنماء في اللغة هو مطلق الزيادة، ويطلق الفقهاء هذا اللفظ على الشيء الزائد نفسه من العين كلبن الماشية وولدها في مقابل الكسب الذي هو ما حصل بسبب العين وليس بعضا منها ككسب الإنسان مثلا.(2) وهذا ما يصطلح عليه جانب من الفقه منهم صاحب المكاسب المحرمة بالنماء المنفصل والنماء المتصل.(3) وقد استعمل الكاساني في بدائع الصنائع الاستنماء في موضوعين(4) :

أولهما : عند حديثة عن عقد المضاربة إذ قال : المقصود من عقد المضاربة هو استنماء المال.

ثانيهما : عند الحديث حول مشروعية شركة العنان حيث ذكر أن هذه العقود شرعت لصالح العباد وحاجاتهم إلى الاستنماء حقيقة وهذا النوع طريق صالح للاستنماء فكان مشروعا.

    وتعرف التنمية في الاصطلاح المعاصر بأنها ( التفاعل بين مجموعة تؤدي إلى الزيادة المطردة في الدخل القومي الحقيقي بحيث يترتب على ذلك ارتفاع متوسط نصيب الفرد من هذا الدخل )(5)           أما الاستغلال فيراد به طلب الغلة واخذ الغلة وهي كل عين حاصلة من ريع الملك أو الدخل من كراء وريع الأرض(1) وقد أطلق فقهاء المالكية لفظ الغلة على ما يتجدد من السلع التجارية قبل بيع رقابها، كثمر النخل المشترى للتجارة، والصوف واللبن المتجدد للأنعام المشتراة للتجارة قبل بيع رقابها، وأجرة الدار وسائر عروض التجارة، وكذلك زيادة المبيع في ذاته إذا اشتراه للتجارة بعشرين ثم كبر ونما وباعه بعد ذلك بخمسين فهذه الزيادة في جميع ما ذكرنا تسمى غلة بخلاف الزيادة فيما اشتراه للقنية فإنها تسمى فائدة.(2) ويطلق لفظ الغلة عند الحنفية على الدراهم التي تروج في السوق للحوائج الغالية ويقبلها التجار، غير أن بيت المال يردها لعيب فيها.(3) وقد فرق الحنيفة في باب الوصية بين الغلة والثمرة فإذا أوصى بثمرة انصرف إلى الموجود منها خاصة، وان أوصى بغله شمل الموجود وما بعرض الوجود، وعرض الوجود ما هو واقع في نفس مرتبته ومساويا له(4) أما الاستعمار، فقد ورد ذكره في قول الله تعالى )هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه أن ربي قريب مجيب )(5) أي جعلكم عمارها وأراد منكم عمارتها من بناء المساكن وغرس الأشجار ونحو ذلك وهذا نوع من الاستثمار.(6) وقال آهل العلم أن الاستعمار طلب العمارة والطلب المطلق من الله عز وجل يقتضي الوجوب.(7) وهذا يقتضي أن تكون العمارة بجميع ما يؤدي إليها من أنواع الأنشطة كبناء المساكن وتهيئة الأراضي الزراعية وتعبيد الطرق وكل ما يحقق معنى التعمير، ونخلص مما تقدم أن الاستثمار يختلف تماما من غيره من التصرفات في الأموال، كالإنماء، والاستنماء، والتنمية.

                                                        الفرع الثاني

خصائص الاستثمارفي اموال العتبات المقدسة

    لاشك أن العتبات المقدسة تختلف عن غيرها من المؤسسات الهادفة للربح ومن ثم فان التصرف بأموالها عن طريق الاستثمار يتطلب أسسا تتلاءم بطبيعة الحال مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، إذ هناك من الخصائص لهذه الأموال مما يستوجب التعرف عليها، نلخصها فيما يأتي :

أولا: تنوع أموال العتبات المقدسة

    بينا فيما سبق أن أموال العتبات المقدسة تتكون من عدة مصادر مختلفة أهمها أموال شباك الضريح المقدس والهدايا والنذور وأموال الوقف فضلا عما ما تخصصه الحكومة من تمويل سنوي في الموازنة العامة للأوقاف، وآيا كان الأمر فأن هذه الأموال تكون على ثلاثة أنواع هي :

  ثانيا : أن أموال العتبات المقدسة التي تخضع لأحكام الوقف تطبق بشأنها ما قررته الشريعة الإسلامية من أحكام بأن يبقى أصل المال وقفا وأن تسبل الثمرة وهذا يوجب المحافظة على الأصول المالية التي تستثمر في حالة صالحة وأن تبقى قادرة على در الأرباح وتقديم المنافع، وما يوجب استمرارية الصيانة والإحلال والاستبدال في ضوء المتغيرات المختلفة المحيطة بتلك الأصول، وبهذا فأن الاستثمار في أموال العتبات يتوافر على حقين أولهما حق في العين والهدف منه المحافظة عليها، وثانيهما حق في الغلة والهدف منه استثمار العين من أجل الحصول على الغلة.

ثالثا : عدم جواز نقل الملكية الاموال الموقوفة إلا في حالات الاستبدال إذا اقتضت الضرورة الشرعية ذلك لأن القاعدة الأساسية هي أن يظل المال الموقوف مملوكا للجهة الموقوف لها ولا يجوز نقل ملكيته للغير إلا في حالة استبداله وذلك عند الضرورة بهدف تطوير وتنمية المنافع والعوائد وهذا يوجب دراسة البدائل المختلفة وحساب العائد لكل بديل واختيار الأفضل.

          رابعا : الاستثمار عمل مستقبلي والنتيجة فيه تكون احتمالية إذ يحتمل أن يتحقق العائد أو لا يتحقق، فهو يعمل في ظل عدم التأكد وبالتالي يصعب على المستثمر أن يحدد بدقة العائد المتوقع من الاستثمار كونه في إطار الظن الغالب ويعمل في ظل مخاطر تقلبات السوق، وانخفاض القوة الشرائية للنقود، ومخاطر التوقف عن سداد الالتزامات  ومخاطر الإدارة، وهذا يتطلب العمل على الاحتياط ضد هذه المخاطر بكل السبل واختيار مجالات وصيغ استثمار تحقق عوائد مرضية وتتسم بالاستقرار وغير محفوفة بالمخاطر والتقلبات والتذبذب الشديد.

خامسا : أن الاستثمار يحتاج إلى مدة زمنية كافية لتحقيق العائد منه، وأنه في ظل هذه المدة قد تحدث تغيرات تؤثر على حجم العائد ومن هنا يلزم مراعاة أمرين هما:

الأول: خاص باختيار المشروع حيث يلزم إعداد دراسة متكاملة ودقيقة لأن الاستثمار في الوقف طويل الأجل ولا يمكن تعديله بعد قيامة بدون خسائر كبيرة.

الثاني: خاص باستثمار مال الوقف في أوجه استثمار مرنة يمكن تصفيتها بسهولة وبدون خسائر إذا قل العائد منها، أو يمكن تعديلها في ظل ما يحدث من متغيرات وهذا ما يمكن ملاحظته في تناول الفقهاء لموضوع مدة إجارة أعيان الوقف.

    ونظرا لما يتطلبه الوقف من ضرورة المحافظة على المال وتحقيق أعلى عائد استثماري ممكن ولكون الوقف معاملة وتصرف فانه يلزم مراعاة مشروعية أوجه وصيغ وإجراءات الاستثمار، والعمل قدر الإمكان على تلافي المخاطر بتنوع مجالات الاستثمار وثبات العائد والمرونة في التنقل بين أوجه الاستثمار ومراعاة أثر طول المدة وقصرها وما تحمله من مخاطر التضخم وتغير أحوال السوق وإمكانية تحصيل العائد. وفي ضوء الأهمية المتزايدة للاستثمارات لا بد لنا من بيان نقاط الخلاف الأساسية بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي تبعا لهذه الأهمية، ففي الاقتصاد الوضعي يهدف الاستثمار إلى إشباع الحاجات الاقتصادية سواء ترجمت في شكل أرباح أو في شكل المزيد من السلع والخدمات وهو في النهاية يهدف إلى جذب الزبائن والمستهلكين. في حين نجد أن الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي يهدف إلى إشباع حاجات الإنسان على اختلاف أنواعها، فهو لا يحصر نفسه في استهداف التنمية الاقتصادية الذي يدور حول تنمية المال أو تحقيق الرفاهية الاقتصادية للإنسان وإنما يستهدف تحقيق الرفاهية الإنسانية الشاملة عموما. هذا وقد أتفق العلماء على أن مقصود الشريعة هو المحافظة على خمسة أشياء جوهرية هي الدين والنفس والعقل والعرض والمال.(1) والمحافظة عليها تتضمن ترقيتها وتنميتها، فقوى الإنسان الروحية والفكرية والحسية وكذلك أمواله في حاجة مستمرة إلى التنمية. وحيث أن من وسائل تحقيق ذلك هو التعامل مع الأموال والطيبات التي خلقها الله تعالى فإنه يمكن القول أن الهدف الأساسي للاستثمار في الاقتصاد الإسلامي هو تكوين وتنمية الإنسان بكامل قواه وعناصره  ويقتضي ذلك القيام بالاستثمارات لإقامة دور العلم والعبادة والمستشفيات وأماكن الإطعام والإسكان وغير ذلك من كل ما يحافظ على تلك المقاصد الخمسة.

    ونخلص من ذلك بالقول أن الهدف العام للاستثمارات في الاقتصاد الإسلامي بغض النظر عما إذا كانت استثمارات عامة أم خاصة هو إنجاز التنمية الإنسانية وفي إطار ذلك الهدف العام يمكن تحقيق أهداف خاصة من قبيل تحقيق الأرباح وتنمية الأموال. وطالما أن الاستثمار ينصرف إلى تطوير أصول مالية وبشرية وإلى المحافظة على القائم منها فأنه يكفي أن نتصور أن الأجيال اقتصرت في نشاطها الاقتصادي على النشاط الاستهلاكي دون أقامة التجهيزات والآلات وغيرها من الأصول التي تثمر على مر الأيام مما يستوجب تكريس كل الجهود والطاقات والاستفادة من كل الخصائص والميزات لهذه الأموال والأصول بهدف تنميتها فعليا . وقد عبر الماوردي عن ذلك  بقوله : لو لا أن الثاني يرتفق (ينتفع) بما أنشاه الأول حتى يصير له مستغنيا لأفتقر أهل كل عصر إلى أنشاء ما يحتاجون إليه من منازل السكنى وأراضي الحرث وفي ذلك من الاعوزاز وتعذر الإمكان ما لا خفاء له(2) أي انه بدون القيام بالاستثمارات على تنوعها ما كان يبقى الإنسان على تلك الأرض وما استطاع التقدم والرقي ذلك لان الله عز وجل خلق الأرض وطيباتها في هيئة تحتم أن يقوم الإنسان ببذل الجهد والعناء في سبيل الاستفادة منها(3). فليس لها منتجات جاهزة لسد حاجة الإنسان وإنما هي تحتوي على عناصر الإنتاج ولا يأتي للإنسان هذا التحويل للموارد على نحو متنامي ومتزايد دون الاستعانة بالمعارف المتحصلة لديه. ومن اجل ذلك أصبح الإسلام يعني بالاستثمارات عناية كبيرة ومبلغ تلك العناية يظهر في دلائل عديدة، ومن ذلك قوله تعالى (هو  الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)(1) وفي هذه الآية حث على إثارة تلك الأرض المسخرة لنا واستخراج ما فيها من خيرات في جبالها وسهولها وباطنها. ومن الآيات الدالة على عظم اهتمام الإسلام بالاستثمار ما ذكرته الآية الكريمة على لسان نبي الله صالح عليه السلام (والى ثمود أخاهم صالح قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)(2) وقوله تعالى استعمركم أي طلب منكم عمارتها, يقول الجصاص (أمركم بعمارتها بما تحتاجون إليه)وفي ذلك دلالة على وجوب عمارة الأرض للزارعة والغراس والأبنية وبناء المساكن وغرس الأثمار وغير ذلك من صنوف العمارة ما هو إلا من قبيل العمليات الاستثمارية(3) وفي هذا الصدد يقول الرسول(صلى الله عليه واله وسلم) (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة)(4). وقولة (صلى الله عليه واله وسلم)(إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فان استطاع إلا يقوم حتى يغرسها)(5) ولا نرى ابلغ من ذلك في الحث والاهتمام بالقيام بالاستثمارات . وقد حذر الإسلام من تدمير أي أصل استثماري ماديا كان أو معنويا قال(صلى الله عليه واله وسلم) (لا يبارك الله في ثمن ارض أو دار إلا أن يجعل في ارض أو دار )(6) من هنا قد قامت الدولة الإسلامية في عصورها الأولى بتشييد مختلف أنواع الاستثمارات التي قدمت عليها ويكفي دلالة على ذلك أن ثلث ميزانية مصر خصص لإقامة الجسور وشق الترع.(7) ويقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) في ذلك (أن الثروة في الإسلام وتنميتها هو هدف من الأهداف المهمة, ولكنه هدف طريق وليس هدف غاية, إذ ليست الثروة هي الهدف الأصلي الذي وضعته السماء للإنسان على وجه الأرض وإنما هي وسيلة يؤدي بها الإنسان دور خلافة الإنسان في الأرض )(8) أما تنمية الثروة  في الإسلام لذاتها فقط بوصفها المجال الأساسي الذي يمارس فيه الإنسان حياته فهو رأس كل خطيئة وهي التي تبعد الإنسان عن ربه ويجب الزهد فيها. لذلك يرتبط استثمار الثروة في الإسلام بنظرية التوزيع وعكس نظرية الرأسمالية التي تفصل التنمية عن نظام التوزيع, ومن ذلك يتضح لنا مدى اهتمام الاقتصاد الإسلامي بالاستثمار, فالإسلام بنصوصه وتعاليمه يلزمنا تنمية الإنتاج وبذل كل جهد ممكن في سبيل تحقيق ذلك, ويلزمنا في الوقت نفسه بترشيد الاستهلاك وضبطه, إذ أن تعطيل النقود وحبسها محرم إسلاميا فان ذلك يعني ضرورة استثمارها والإنفاق منها في مصالح الفرد والمجتمع. ومن ثم فان ما يتحقق من إيرادات مالية في العتبات المقدسة يحتاج إلى تنمية واستثمار, من اجل حفظ أصل المال وتحقيق العائد الاستثماري الذي يمكن العتبة من النهوض بواقع الخدمات والاستمرار في العطاء في مختلف المجالات, وبدون الاستثمار فان  العتبات المقدسة ستفتقر إلى ما يسد حاجتها ويجعل منها استهلاكية غير منتجة وفي ذلك تعطيل لنشاطاتها وأهدافها المرسومة.

الفرع الثالث

صور الاستثمار

    تعددت تقسيمات الباحثين لاستثمار فقسم من حيث فاعليته الاقتصادية إلى استثمار منتج واستثمار غير منتج، واستثمار صافي واستثمار إجمالي، وقسم من حيث أطرافه إلى استثمار عام واستثمار خاصة واستثمار محلي واستثمار أجنبي، وقسم من حيث نشاطه إلى استثمار اقتصادي واستثمار اجتماعي، واستثمار إداري واستثمار في الموارد البشرية، واستثمار داخلي واستثمار في المناطق الحرة، وأخيرا يقسم الاستثمار من حيث الأمد إلى استثمار قصير الأجل ذي المدة التي تقل عن سنة واستثمار متوسط الأجل وهو من سنة إلى خمس سنوات واستثمار طويل الأجل الذي يزيد على خمس سنوات.(1) وسنوضح بعض هذه المصطلحات في ما يلي:

أولا: الاستثمار من حيث فاعليته الاقتصادية

  1. الاستثمار المنتج وغير المنتج: يعد الاستثمار منتجاً إذا كانت مجموع قيمة الخدمات والسلع المنتجة خلال مدة من الزمن أو العائد الذي يمكن تحقيقه من رأس المال محل الاستثمار اكبر من التكاليف الحالية. أما إذا كانت الحالة عكسية فالاستثمار يعد غير منتج، إلا أن بعض الاستثمارات يمكن أن تعد منتجة ثم تصبح غير منتجة بسبب التقدم التقني المستمر.
  1. الاستثمار الصافي الإنتاجي والاستثمار الإجمالي يتمثل الاستثمار الصافي في الحصول على أموال إنتاجية من خلال توجيه المدخرات إليها وهذا النوع من الاستثمار يؤدي إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للاقتصاد القومي، بحيث يظهر في معدله السرعة التي تتم بها هذه الزيادة. وبعبارة أخرى يقصد بالاستثمار الصافي الإنفاق على إضافة أصول إنتاجية جديدة ( طرق، مباني آلات وغيرها ) سواء في إنشاء مشروعات جديدة أو التوسع في الطاقة الإنتاجية للمشروعات القائمة. ويكون الاستثمار الصافي ايجابيا عندما يتجاوز حجم الاستثمار القومي الكلي حجم الاستثمار بفرض الاستبدال ويعد ذلك شرطا ضروريا لتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي كما هو الحال في الاقتصاديات المتقدمة. أما إذا كان الاستثمار يعجز عن تغطية استثمارات الإحلال والتجديد أو يغطيها بالكاد فان ذلك يؤدي إلى انخفاض معدلات النمو وتآكل رأس المال القومي بمرور الزمن وهذا هو حال الكثير من الاقتصاديات المتخلفة.أما الاستثمار الإجمالي أو الاستثمار بالإحلال أو الاستبدال فهو يعني مقابلة الاستهلاك المادي للأصول الرأسمالية بتجهيزات جديدة، وبعبارة أخرى فان الاستثمار بالإحلال أو الاستبدال يستهدف مقابلة وتعويض الاستهلاك الذي يحدث في الأصول أو التجهيزات الرأسمالية القديمة من الآلات والأجهزة والمباني وغير ذلك، سواء من الناحية المادية أو المعنوية، فهو يسجل إضافة للأموال الجديدة أو ما يسمى بالتكوين الرأسمالي الجديد ،ذلك التكوين الذي يهدف إلى المحافظة على حجم رأس المال الثابت أو الأصول الإنتاجية للاقتصاد القومي وذلك بتجديد ما يهلك منه. وهذا النوع من الاستثمار لا يتضمن إضافة مباشرة للأصول التي كانت موجودة أصلا، وإنما يقتصر دوره على الحفاظ على الطاقة الإنتاجية بحالتها والحيلولة دون تدهورها ويتم ذلك من خلال حساب أقساط الاستهلاك.(1)
  1. الاستثمار المولد أو المحث

وهو الاستثمار الذي ينتج عن النمو الداخلي للاقتصاد القومي فبعد تحقق زيادة في الدخل يزيد الطلب أو الاستهلاك ومن ثم يزيد الاستثمار، ذلك أن أي زيادة في الإنفاق العام تستلزم زيادة في الإنتاج لمواجهتها ، وهذا يستلزم أيضا مضاعفة في الاستثمار ( أي في الأصول المنتجة ) وهذه الزيادة تدعى بالاستثمار المولد أو التابع .

  1. 4.الاستثمار المستقل ( التلقائي )
  2. الاستثمار العام والاستثمار الخاص
  3. الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي
  4. الاستثمارات الاجتماعية
  5. استثمارات المنفعة العامة
  6. الاستثمارات في الموارد البشرية
  7.  الاستثمارات الداخلية والاستثمارات في المناطق الحرة

هو الذي يتحقق بصــرف النظر عن تــأثير الطلب أو معــدل الفائــدة، فالمستثمر في هذه الحالة يقوم بإيجاد طلب جديد بدلا من استثمار الطلب السائد، فهو يخلق حاجات جديدة، ومثال ذلك الاستثمارات الهادفة إلى تحقيق النفع العام والمشروعات الإستراتيجية أو الصناعات الحربية فهذا النوع من الاستثمار يتمتع بالاستقلال الذاتي في مواجهة النمو الداخلي للنظام الاقتصادي.

ثانيا: الاستثمار من حيث أطرافه

    الاستثمار العام ( أو الحكومي ) هو الاستثمار الذي تقوم الدولة والهيئات الإقليمية والمحلية والمؤسسات العامة ( أشخاص القانون العام ) بتكوينه وتمويله سواء من فائض الإيرادات أم من القروض الداخلية والخارجية أم من المساعدات الأجنبية.(1) وقد تقوم هذه الهيئات بتحويل هذه الاستثمارات من فائض مواردها العامة أو من حصيلة فروعها الداخلية أو الخارجية أو من مصادر ايرادتها الأخرى غير العادية. أما الاستثمار الخاص فهو ما يقوم به الأفراد أو المشروعات ( أشخاص القانون  الخاص ) وهو بهذه الصفة أما أن يكون فرديا أو جماعيا (شركات ) ويمكن أن يقوم بالمشروع شخص من أشخاص القانون العام وشخص من أشخاص القانون الخاص عندها يدعى بالاستثمار المختلط أو المشترك. ويشكل كلا من الاستثمار الخاص ( الذي قام به القطاع الخاص ) والاستثمار العام ( الذي قامت به الدولة ) الاستثمار الكلي على مستوى الاقتصاد القومي. وفي الاقتصاديات الرأسمالية، ومع تنامي ظاهرة الخصخصة عادة ما يكون القدر الأكبر من حجم الاستثمار القومي من نصيب القطاع الخاص وان كان ذلك لا يقلل من أهميته استثمارات الدولة خاصة في المجالات التي يعزف عنها رأس المال الخاص.

    الاستثمار المحلي هو الاستثمار الذي لا ينتقل فيه قيم مادية أو معنوية عبر الحدود، فالمستثمر وطني، والمشروع الاستثماري وطني، ورأس المال وطني، ويتم داخل الوطن. (2) حيث يوجه فيه أطراف النشاط الاقتصادي في الداخل ( الأفراد – المشروعات – الدولة ) مدخراتهم نحو الحصول على رأس مال إنتاجي يستخدم في الداخل ، فأموال هذا الاستثمار ترد من مصادر داخل الدولة ويمتلك الوطنيون أغلبية رأسمال المشروع الاستثماري، إلا أن تملك الأجانب جزء يسير من هذا الرأسمال لا ينفي صفة المحلية عنه وذلك لان تملك الأجانب لهذا الجانب اليسير لا يخولهم حق الإدارة مما يبقي هذا الاستثمار محليا . أما الاستثمار الأجنبي فهو توجيه جانب من أموال المشروع أو خبرته التكنولوجية إلى العمل في مناطق جغرافية خارج حدود دولته الأصلية.(1) كما عرفه معهد القانون الدولي بأنه ( توريد الأموال أو ربما الخدمات بهدف تحقيق ربح مادي أو سياسي، ويمكن أن يتكون الاستثمار من أموال معنوية )(2) فهذا النوع من الاستثمار يسيطر عليه الأجنبي أو يمتلك معظم رأسماله، كونه يأتي من مصادر من خارج الدولة المضيفة له وبعبارة أخرى فان الاستثمار الأجنبي يقصد به ما يجري خارج النظام النقدي والمالي والاقتصادي والقانوني للدولة المستثمرة .

ثالثا: الاستثمار من حيث نشاطه

والهدف منها الاهتمام بالنواحي الاجتماعية للاستثمارات وإصلاح ظروف العمل. أو هي الاستثمارات التي تستهدف زيادة الرفاهية الاجتماعية للفرد أو العائلة. كتلك الموجهة للأنشطة الرياضية أو الثقافية أو الصحية.

وتكون في مجال المصلحة العامة وتشمل على سبيل المثال الطرق ووسائل النقل البري والبحري والجوي والاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها. والاتجاه نحو إسناد هذه المشروعات إلى القطاع الخاص أصبح شيئا طبيعيا في ظل مشروعات إل ( BOT ). برغم أن إقامة هذه المشروعات من صميم عمل الدولة حيث أنها جميعا من المرافق العامة .

     ويتجلى هذا النوع من الاستثمارات في برامج تدريب الموظفين لرفع مستوى أفراد المجتمع مما يخلق فيهم أفراد قادرين على أن يكونوا أداة فعالة في سياسة التنمية الاقتصادية ولا يخفى على احد أهمية هذا النوع من الاستثمار كونه يؤدي إلى تحسين جودة الكادر العامل، فهو يركز على الثروة البشرية التي ما زالت اغلب الدول النامية لم تنتبه إلى أهميتها وإعدادها، وهذه الثروة لا يمكن أن تقوم أي تنمية دون وجود رصد ضخم منها .

    الاستثمار الداخلي هو القائم ضمن حدود الدولة الإقليمية باستثناء ما يتقرر لمناطق معينة من أوضاع و أحكام خاصة كالمناطق الحرة. أما الاستثمار في المناطق الحرة فهو الاستثمار القائم في قطعة ارض تابعة للدولة لها حدود جغرافية واضحة وتقع في نطاق ميناء بحري أو بري أو جوي أو بالقرب ويتم عزلها كمركيا عن الدولة بحيث تعامل البضائع الداخلة إلى هذه المنطقة من الدولة ذاتها معاملة الصادرات والواردات ومعاملة البضائع الخارجة منها لهذه الدولة  معاملة الواردات .ومع أنها تخضع لسيادة الدولة وتطبق عليها نفس قوانين الدولة إلا أنها تتمتع بنظام قانوني خاص من حيث نظام العمل ومنح تراخيص شغل الأراضي والعقارات ودخول وخروج البضائع إليها ومنها ومنح تراخيص مزاولة النشاط للمشروعات الاستثمارية وقواعد الاستيراد والتصدير والرسوم الكمركية والإعفاءات الضريبية(1) فالمنطقة الحرة هي عبارة عن جزء من الإقليم تقرر الدولة له امتيازات خاصة من النواحي التشريعية والقضائية والإدارية بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية إليه خاصة في قطاعات الصناعات المختصة للتصدير أو لتنشيط تجارة العبور عن طريقه مع ما يترتب على ذلك من إسهام في تنمية الاقتصاد القومي(2)

المطلب الثاني

ضرورات استثمار أموال العتبات المقدسة

    إذا كان حفظ المال يتحقق بعدم تبديده أو إنفاقه في سرف أو تبذير وبعدم إتلافه فيما ليس فيه منفعة فان استثماره بالطرق المشروعة أدعى لاعتباره من قبيل حفظ المال الواجب شرعا، بما يمكن من الاستعانة بما فضل منه في القيام بالواجبات في مختلف المجالات المشروعة. وعلى هذا النحو فالاستثمار يحقق أمرين مهمين :

أولهما : عمارة الأرض وحفظ المال وفي ذلك يقول الإمام الغزالي ( إن الصناعات والتجارات لو تركت بطلت المعايش وهلك أكثر الخلق )(1)

وثانيهما : تحقيق العائدات المالية التي تسهم في الاستمرار بالعطاء والقيام بالنشاطات المختلفة، ومن هنا فان هناك ضرورة تتطلب استثمار أموال العتبات المقدسة منها ما هو قانوني ومنها ما هو شرعي ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي، لذا سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نبحث في الفرع الأول الضرورات القانونية والشرعية ونخصص الفرع الثاني لبيان الضرورات الاقتصادية والاجتماعية .

الفرع الأول

الضرورات القانونية والشرعية

تشير عدد من النصوص القانونية والشرعية إلى ضرورة تنمية واستثمار أموال الأوقاف بصورة عامة والعتبات المقدسة بشكل أخص ويلزم من القائمين على هذه الأموال تنميتها لأن الوقف بذاته هو تصرف كباقي التصرفات القانونية ومن ثم فان الحفاظ على المال يدخل ضمن الحفاظ على الأوقاف باعتبارها أموال وغرضها في الغالب خدمة قطاعات واسعة من المجتمع. وسندرس كل من هذه الضرورات في فقرة مستقلة وكما يأتي:

أولا : الضرورات القانونية

    إن استثمار أموال العتبات المقدسة طريق من طرق المحافظة على أموالها من الاضمحلال والخراب والتلف ونقصان القيمة الناتجة عن الاستخدام أو الاستهلاك وهذا يتطلب صيانتها وتطوير كفاءتها الإنتاجية واستبدال بعض أجزائها أو كلها حسب دراسات الجدوى ويطبق على الثابت منها مبدأ الإهلاك فهو بالنتيجة يحقق مقصد التشريع الوضعي والإسلامي من الوقف وغرض الواقف ونفع الموقوف عليهم وما يترتب على ذلك من فائدة للمجتمع.(1) فمقصد الشرع من الوقف القربة إلى الله تعالى وإيجاد موارد لسد حاجات المجتمع، وغرض الواقف التقرب إلى الله تعالى والحصول على الأجر والثواب، أما نفع الموقوف عليهم فيتمثل في تنمية مواردهم التي تلبي حاجاتهم وتقوم بكفايتهم. فالاستثمار يسهم في تأسيس البني التحتية من إنشاء المساجد والمدارس والأسواق ومحطات المياه والمستشفيات وكل هذا يؤدي بالنتيجة إلى تنشيط الحركة التجارية والصناعية والإنتاجية. وحتى تتحقق هذه الآثار فانه لابد من استثمار أموال العتبات المقدسة وفقا لأحكام القانون وان يكون الاستثمار في ضوء الأسس التي تكفل نجاحه وتحقق عائد مالي من جهة والحفاظ على أصل المال من جهة أخرى بطرق رشيدة، إي اتخاذ القرارات اللازمة للمحافظة على جعل الأصل في حالة صالحة لإنتاج العائد وتقديم المنافع وما في حكم ذلك، وهذا يوجب استمرارية الصيانة والإبدال والاستبدال في ضوء المتغيرات المختلفة المحيطة بتلك الأصول .إن وجود موارد مالية متنوعة وأموال موقوفة مختلفة مقابل جهات صرف متعددة يعني بدون أدنى شك أن استثمار واستغلال هذه الأموال هو امتداد لوظيفتها الاقتصادية والاجتماعية كما سنرى لاحقا، هذا ما جعل المشرع يتكفل بمسألة استثمار أموال العتبات المقدسة والمزارات الدينية الشريفة مستفيدا من الصيغ العقدية المعروفة في الفقه الإسلامي والسبل المختلفة والحديثة في الاستثمار السائدة في العصر الحاضر. وهذا يعني أن استثمار أموال العتبات هو تطبيق لنص القانون(2) باعتبار إن المشرع جعل الاستثمار من الأهداف الرئيسية التي تسعى دائرة العتبات المقدسة المؤسسة في ديوان الوقف الشيعي إلى تحقيقها(3) ويجب أن يكون الاستثمار وفق الأوجه المتاحة والموافقة لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة.بيد أن هذه المهمة لم تحصر بدائرة العتبات المقدسة بطبيعة الحال، بل  أنيطت أيضا بمجالس الإدارة في العتبات المقدسة إذ أجيز لكل مجلس دراسة وإقرار فرص الاستثمار لأموال العتبة على الوجه الأمثل.(4) وإذ أن المشرع العراقي قد عد الأرباح الناتجة عن استثمار أموال العتبات والمزارات في قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الدينية الشريفة النافذ من الموارد المالية للعتبة لذا فان هذه الإشارة تتطلب ضرورة استثمار هذه الأموال لغرض تحقيق الأرباح بصورة مستمرة.(1)

ثانيا : الضرورات الشرعية

يقر الفقه الإسلامي بكافة مذاهبه بأن المعاملات قائمة على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين وهذا مقصد شرعي تواترت النصوص الشرعية بل واصطلح الفقهاء عليه. خصوصاً إذا كانت هناك حاجة أو مصلحة عامة ملحة. ونعني بالمصلحة هنا ما عبر عنه الغزالي في قوله ( المصلحة هي المحافظة على مقصود الشرع ) ومقصود الشرع من الخلق خمسة أمور وهي إن يحفظوا دينهم وأنفسهم وعقولهم ونسلهم ومالهم، وكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة هو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول هو مفسدة ودفعها مصلحة.(2)ومن هنا يتوجب على القائمين على الأوقاف العامة ومنها العتبات المقدسة أن يهتموا بهذا الجانب وأن يراعوا التدبير اللازم والمطلوب في سبيل تنمية أموال العتبة وهذا يتطلب الإلمام بالأمور الشرعية والقانونية معا في سبيل الارتقاء بالفهم المناسب لاستثمار هذه الأموال  ونظراً لأن الأحكام الشرعية في الوقف والعتبات المقدسة قائمة في أغلبها على الاجتهاد والنظر فان الأمر يتطلب أن تقوم كل اجتهادات العلماء والباحثين على تحري مصلحة الوقف وهذا من عظمة الإسلام بأن جعل الأوقاف منطقة اجتهادية بحيث جعل لناظر الوقف أو المؤسسة الوقفية العمل التام على تحقق المصلحة للأوقاف من خلال التصرف بما أوكل إليها العمل به. ولا شك أن أموال الأوقاف قائمة على تعظيم الربح والمنفعة، وهذا مرتكز أساسي ذو أهمية بالغة فالبعض يتوهم بأن مال الأوقاف من الأموال الخيرية وهذا فهم خاطئ لان الأصل في الوقف أن يبقى لذا ذهب البعض من الفقهاء إلى اشتراط التأبيد في الوقف. وذكر بعضهم أنه لا يجوز الوقف إلا على سبيل لا ينقطع كالفقراء والمجاهدين أو على من ينقرض ثم يأتي من بعده لا ينقرض كأن يقف على شخص بعينه ثم على الفقراء من بعده هذا كله على أساس الرأي القائل باشتراط التأبيد في الوقف وهذا ما ذهب إليه مجموعة من الفقهاء.(3)كما ذكرنا فالأصل في المؤسسات الوقفية المعاصرة أن تعمل على تثمير الوقف والمراد به هنا أن أموال الأوقاف يجب أن يتم استثمارها على أساس مبدأ تعظيم الربح بأن نبحث في دائرة المشروعات الاستثمارية التي تولد أكبر عائد مالي.

الفرع الثاني

الضرورات الاقتصادية والاجتماعية

من أهم ما يميز النظام المالي الإسلامي هو الاستقرار المالي ومحاربة الظواهر التي تريد النيل من هذا الاستقرار كظاهرة التضخم مثلاً(1) لذلك نجد أن المؤسسات المالية الإسلامية بصورة عامة تمثل دعامة هامة للاقتصاد الوطني من خلال مشاريعها الكبيرة التي تسهم في مقاومة التضخم ومن ثم تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يعتبر أساس التنمية. والعتبات المقدسة بما تمثله من عناصر جذب اقتصادي في مجال السياحة الدينية وما تحققه من إيرادات مالية كبيرة يمكن أن تحقق أفضل العوائد الاستثمارية فيما لو استثمرت هذه الأموال في مجالات تتلاءم وأحكام الشريعة الإسلامية وضوابط العمل التجاري التي أقرتها إذ توجد ضرورات  تبرر استثمار هذه الأموال وعدم تعطيلها وهذه الضرورات أما أن تكون اجتماعية وأما أن تكون اقتصادية .

أولا: الضرورات الاجتماعية

    يعد الوقف في حقيقته صدقة تطوعية يبتغي الإنسان ثوابها، ويتسم باتساع مجالاته وتطور أساليبه بكل ما يكفل للمجتمع التراحم والتوادد بين أفراده على مر الأجيال .والحكمة من الوقف تتمثل في إيجاد موارد مالية ثابتة ودائمة لتلبية حاجات المجتمع الدينية والتربوية والغذائية والاقتصادية والصحية والأمنية وتقوية شبكة العلاقات الاجتماعية وترسيخ قيم التضامن والتكافل والإحساس بالأخوة والمحبة بين طبقات المجتمع وأبنائه كل ذلك لنيل مرضاة الله عز وجل . وهذا الأمر أن دل على شيء فإنما يدل على أهمية الأوقاف للفقراء فهم مصرف أساسي وجوهري للأوقاف. وغالبا ما كانت المعالجة الوقفية لظاهرة الفقر تسير في خطوات متتابعة أهمها:

أ‌-  سد الحاجات الأساسية للفقراء في الملبس والمأكل والمشرب والمسكن ولعل تخصيص موائد الإفطار والسحور في شهر رمضان وإعطاء الملابس وتوزيعها في الأعياد والمناسبات وغير ذلك مما يصنع في هذا السياق وتخصيص بيوت للفقراء والمساكين من اصدق الأمثلة على ذلك. وحديث النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في توفير مياه الشرب لمن لا يملك القدرة على الحصول على ماء مصداقا واضحا وأساسيا في موضوعنا، حيث قال الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة )(1) وما زالت هذه السنة الطيبة سارية في الكثير من مجتمعاتنا الإسلامية فهناك مياه الشرب موجودة في الأماكن العامة أو العتبات المقدسة وبالقرب منها أو في المساجد وهي مخصصة لابن السبيل والزائرين من مختلف بقاع العالم. أما في الملبس فقد ذكرت إحدى الوثائق الوقفية التي وجدت في عصر المماليك بالقاهرة وهي تثبت بالقول الواضح دور الوقف في الحد من الظواهر السلبية في المجتمع ومنها الفقر والحرمان ( يلبس كل الأيتام المذكورين في فصل الصيف قميصا ولباسا وتبعا ونعلا في رجليه ويزداد في الشتاء جبة محشوة بالقطن.(2) وقد نصت إحدى الوثائق الوقفية على أنه يصرف في كل سنة في يوم عاشوراء ثمن أربعين قنطارا من خبز البر وثمن عشرة قناطير من لحم الضأن وثمن أربعة قناطير عسل وثمن عشرين رطلا من السيرج وثمن حطب وثمن من يتولى طبخ ذلك الطعام وتفريغه ويقسم على قسمين، قسم يوزع على الطلبة والمقيمين وأرباب الوظائف والأيتام ومؤدبيهم على ما يراه الناظر وقسم آخر يوزع على الفقراء والمساكين من الجيران وغيرهم ونص بعضهم وقفا على شراء كميات من الكعك والتمور والبندق لتوزيعها على المستحقين في أيام عيد الفطر وعيد الأضحى ويتم توزيع كميات كبيرة من اللحوم إذ يتم شراؤها من ريع الأوقاف لتذبح عند أبواب المدارس والمساجد وتوزيع لحومها على الفقراء المجاورين وأبناء السبيل.(3)

ب‌-   توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم.

ويتم ذلك من خلال الخدمات الاجتماعية والصحية والعلمية ، ولعل بناء المرافق الاجتماعية والمستشفيات والمدارس من قبل العتبات المقدسة كلها كانت منصبة على طبقة الفقراء والمحتاجين. وبعض هذه الخدمات تتمثل بتزويج الشباب الذين لا يملكون نفقات التزويج وغير ذلك وهذا في الحقيقة دعم متواصل لهذه الطبقة المعدمة في المجتمع. ولم ينحصر دور الأوقاف في العمل على الرعاية الصحية في المستشفيات وإنما تعدتها لتشمل كفالة علاج المرضى من الفقراء. وقد نصت إحدى الوثائق الوقفية على أن تمد يد الرعاية إلى المساكين والقيام بصرف ما يحتاجون إليه من الأدوية والأشربة حتى بلغ عدد المرضى الذين تم علاجهم في بيوتهم في وقت من الأوقات أكثر من مائتي مريض، أما المراجعون للعيادة الخارجية يوميا فقد بلغ عددهم أكثر من ذلك العدد بكثير(1)

ج- العمل على زيادة المساعدة لهم

       وهدف ذلك هو حتى يكونوا أصحاب مهن وأموال داخل المجتمع عن طريق إعطاء القروض والأموال لهم ليصبحوا منتجين داخل المجتمع بل وصل الأمر إلى أن توقف الأموال على رعاية المسجونين وتجهيز الموتى والمقابر. وهناك أوقاف لمن لا يستطيع أداء الحج وهناك بيوت في مكة مخصصة لضيوف الرحمن في موسم الحج إلى غير ذلك من التسهيلات الوقفية. إن نظرة الأوقاف تؤخذ في بعد ديني وإنساني مجتمع التكامل الذي أسسه نظام الوقف وهذا عملا بقوله (صلى الله عليه واله وسلم) (من كان  له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له.(2)

نخلص مما تقدم إلى أن الأصل في المشاريع الو قفية أنها قائمة على تنمية الأموال الوقفية الأصلية فلكل مشروع وقف جدوى اقتصادية منه فإذا تولد عنه عائد مالي فان ذلك يشير إلى ضرورة القيام بالمشروع ولكن مع الأخذ بنظر الاعتبار موافقة المشروع للأحكام الشرعية بمعنى أن يتوازى العائد المالي مع أحكام الشريعة حتى ولو كان هذا العائد أو المنفعة ضئيلة، لكن بشروط موضوعية وهي العمل على تشغيل العمالة والقضاء على البطالة المنتشرة في المجتمع والعمل على تطوير البني التحتية فيه.

ولم يكن مستغربا أن يتحول عمل المؤسسات الوقفية في عصرنا الحاضر إلى تنوع وثراء في العطاء الاجتماعي ولم ينحصر أداؤها في العمل التقليدي القائم على بناء المساجد والحسينيات بل وصل إلى حد المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الكثير من الأحيان. والمشاريع التي تقوم عليها المؤسسات المدنية في العالم العربي تسعى بكل ما تملك إلى الانسجام مع مجتمعاتها  فمثلا مشروع إصلاح ذات البين الذي تتبناه الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت أدى إلى إلغاء أكثر من (5,500) حالة طلاق كانت على وشك الوقوع خلال فترة زمنية قصيرة من خلال لجان اجتماعية وقانونية وشرعية، حيث هدفت هذه اللجان من خلال الاتفاق مع المحكمة الشرعية إلى ضرورة إلزام كلا الزوجين بمراجعة القائمين على المشروع قبل إيقاع الطلاق ومتابعة آثاره الشرعية بينها لاسيما وان نسبة الطلاق في الكويت تصل إلى 40 % من حالات الزواج التي تمت خلال النصف الأول من عام  2003.(1)

ثانيا: الضرورات الاقتصادية

أن تجميد الأموال في قد يضر بالاقتصاد كثيرا من جهتين :

الأولى: تتمثل بتعرض هذه الأموال إلى خسارة قيمتها بكونها معطلة في المصارف دون تشغيل.

والثانية : هي ما يحدثه تجميد الأموال من كساد وتضخم في الاقتصاد .

وأبرز مثال لذلك ما حدث في ماليزيا عندما خسر الرنجيت الماليزي قيمته أمام الدولار الأمريكي، حيث كان كل دولار أمريكي يعادل (5\2) رنجيت ماليزي قبل الأزمة عام 1997، ثم أصبح يساوي ما قيمته (8\3) رنجيت علما انه في بداية الأزمة وصل الدولار الأمريكي إلى ضعف العملة الماليزية (5000) رنجيت ماليزي، ولعل هذا يكون مدعاة لبعض الاقتصاديين لنقد نظام الوقف بكونه يؤدي إلى الركود في النشاط الاقتصادي ويقضي على الملكية ومزاياها في الدولة لذا أجازت ولاية جوهرور وولاية كوالالمبور استثمار أموال الوقف النقدية. من هنا فأن استثمار أموال العتبات المقدسة يؤدي بطبيعة الحال إلى الاستفادة من موارد مالية أخرى لتقوية مواردها الأصلية. فما تقوم به العتبات المقدسة من نشاطات وما تقدمه من خدمات في مختلف المجالات يتطلب نفقات كثيرة تغطي هذه النشاطات وتؤمن استمرارية الخدمات، اذ أن الإيرادات التي تتحقق لدى العتبة من مصادر التمويل المختلفة التي أشرنا إليها سابقا لا تكفي لتغطية كل ما تقوم به من نشاطات لذا فان هناك ضرورة تستدعي من القائمين على إدارتها إلى البحث عن موارد مالية جديدة يمكن أن تسهم في سداد النفقات المطلوبة ولعل الاستثمار هو من أفضل السبل لتحقيق هذه الغاية كونه ينمّي المال ويزيد في الإنتاج فضلا عن حفظ أصل المال. وهناك الكثير من التجارب الناجحة في هذا المجال يمكن الاستفادة منها لعل من أبرزها ما قامت به الأمانة العامة للأوقاف في الشارقة في عمل مشاريع تدر عليها عائد مالي معتبر، ومن ذلك مشروعها المعروف ب( الوقف القائم على مشروع الأسهم أو ما يسمى بالوقف المشترك عن طريق الأسهم ) وهو عبارة عن وقف أراضي جديدة ودور ومباني وغيرها من المشاريع الأخرى وتجزأ قيمة هذا الوقف إلى أسهم شائعة ورخيصة السعر ثم تعرض على الناس لشراء بعض هذه الأسهم حسب الاستطاعة، والهدف منه تسهيل اشتراك الكثير من طبقات الناس المختلفة في دعم الوقف بشراء أسهم هذا الوقف وتكثير أوقاف المسلمين في بلاد يكثر بها ممتلكات لغير المسلمين. وقد بدأت كثير من الدول الإسلامية بتطبيق هذا المشروع لما فيه من فوائد كثيرة على مشاريعها الوقفية، فقد بدأت فكرة أسهم الوقف في ماليزيا عام 1981 ويدفع من ريع هذا الوقف50% إلى جهات الخير العامة مثل بناء المدارس والمستشفيات والمساجد و30% لأغراض التنمية والاستثمار وشراء الأسهم عبر الشركات و20% لتغطيه التكاليف الإدارية لأموال الوقف في الولاية.(1) وفي ماليزيا بلغ مجموع الأموال القائمة على أسهم الوقف في عام 1996ما يقارب (4) ملايين (700) ألف رنجيت ماليزي ويتوقع أن يدر هذا المبلغ سنويا  ما يقارب (490) ألف رنجيت ماليزي.(2)وقريب من هذا فكرة الصناديق الوقفية القائمة في دوله الكويت والتي تشرف عليها الأمانة العامة للأوقاف، فهي وحدات وقفية مالية حيث يتخصص كل صندوق برعاية وجه من وجوه البر يحدده قرار إنشاء الصندوق ثم يدعو الصندوق المتبرعين إلى إنشاء أوقاف لخدمة غرضه الوقفي أو وجه الخير الذي يخصص به وهذه صور مقبولة شرعا في زيادة رأس المال، وهي بذاتها تحقق تمويلاَ للأصول الوقفية وتوفر للمؤسسات الإسلامية سيولة مالية. كذلك فان التقليل من البطالة والحد من ظاهرة الفقر يعد من الضرورات الاقتصادية لاستثمار أموال العتبات المقدسة والأوقاف بصورة عامة فبوجود الوقف في العصور الإسلامية الأولى لم تسمع بظاهرة الفقر لان أساس الوقف هو عمل الخير وتغطية حاجات الفقراء بصورة أساسية. ولاشك أن من أهم التحديات التي تواجه مجتمعنا اليوم موضوع الفقراء والبطالة إضافة إلى التحديات الأخرى التي لا تقل سوءا عنها. وهنا لابد أن يكون للوقف دور هام في الحد من هاتين الظاهرتين لذا لا تستغرب أن أول من وقف في الإسلام أوقف للفقراء والمساكين وابن السبيل. وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن الوقف (المجهول ) وهو الوقف الذي لم يسميه صاحبه أو لم يعينه هو وقف صحيح ويصرف عندئذ على الفقراء لأنهم المقصد الأصلي للأحباس(3)فهذه صورة مبسطة على أن الأوقاف في مجملها تصرف على الفقراء بداية أو ضمن الحاجة في تلك الجهة التي حبس لها الوقف.

ومن خلال ما تقدم يمكن القول أن فكرة الوقف تقوم على تنمية قطاع ثالث يتميز عن كل من القطاعين الحكومي والخاص بتحمله مسؤولية النهوض بمجموعة من الأنشطة التي لا تحتمل بطبيعتها الممارسة البيروقراطية للدولة، أي سطوة السلطة والقوة المرتبطة بالممارسات الحكومية وما يرافقها أحيانا كثيرة من فساد إداري واستغلال للسلطة وإساءة لاستعمالها أو الاقتراب من دوافع الربحية وتعظيم المنفعة الشخصية كما هو الحال بالنسبة للقطاع الخاص، لان طبيعة هذه الأنشطة تدخل في إطار البر والإحسان والمودة والرحمة والتعاون، فالوقف هو إخراج لجزء من الثروة الإنتاجية في المجتمع من دائرة المنفعة الشخصية ودائرة القرار الحكومي معاً وتخصيصه لأنشطة الخدمة الاجتماعية.

المطلب الثالث

معوقات استثمار أموال العتبات المقدسة

لقد مرت العتبات المقدسة في الحقبة التاريخية السابقة بحالة من الضبابية والتعتيم جعلت منها بعيدة عن تطلعات المجتمع وهمومه. بل أصبح مصطلح العتبات والأوقاف يقترب إلى حد كبير من مصطلح الدوائر الحساسة في الدولة. فالصلاحيات غير القانونية التي مارستها دوائر الأوقاف جعلت منها شبحاً مخيفا يلاحق مشاريع الخيرين ويقف بوجه تطلعاتهم المشروعة في مجال البر وعمل الخير. ولاشك أن في ذلك مصادرة واضحة لآفاق ومجالات تنمية العتبات المقدسة وتطويرها الأمر الذي أدى إلى تعقيد العلاقة بين الواقفين والباذلين للأموال والقائمين بالمشاريع الخيرية وبين الوقف الرسمي الذي تمثله الدوائر الحكومية.

وبعد التحول والتغيير في نظام السلطة في العراق شهدت العتبات المقدسة تطورا كبيرا ابتداءً بحل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي كانت تسيطر سيطرة تامة على العتبات وإيراداتها المالية وإدارتها مرورا بتأسيس ديوان الوقف الشيعي(1) وهو هيأة مستقلة ماليا وإداريا ترتبط بمجلس الوزراء بموجب الدستور وخاضعة مباشرة لرقابة مجلس النواب(2) وانتهاءً بتأسيس دائرة العتبات المقدسة في الديوان المذكور وتشكيل أمانة عامة في كل عتبة مقدسة. ومن هنا بدأ القائمون على إدارة هذه العتبات  بدراسة الموروث السابق ومقارنته مع الواقع الحالي لتجديد مسارات مشتركة يمكن من خلالها ولو بعد حين أن تنهض وتتطور وتكون مثالاً يرتقي إلى تطلعات المسلمين في شتى بقاع العالم الإسلامي فوجدوا أنفسهم مكبلين بتجاوزات الماضي ومشكلات الحاضر وعقبات المستقبل التي تقف بوجه مسيرة البناء والنهوض والتطور في شتى المجالات. ولغرض بيان المعوقات التي تواجه العتبات المقدسة عند قيامها باستثمار أموالها سنقسم هذا المطلب إلى فرعين، نعرض في الفرع الأول للمعوقات الشكلية، وندرس في المطلب الثاني للمعوقات الموضوعية مع بيان المعالجات التي نقترحها للمعوقات المذكورة .

الفرع الأول

المعوقات الشكلية

    لعل من نافلة القول أن الاستثمار نشاط تجاري يتطلب وجود عوامل جذب تشجع أصحاب رؤوس الأموال على ولوج هذا الميدان والبدء بمشروعات تجارية كبيرة، وهذا يتطلب أن تكون السبل متاحة أمام المستثمر، وان تقدم له التسهيلات التي تجعله يمضي قدما في استثمارات اكبر. أما إذا كانت هناك معوقات تعرقل عمل المستثمر أو تعيق مشاريعه فان هذا سيكون عاملا سلبيا يؤدي إلى عزوف المستثمر عن البدء بأي مشروع استثماري. والمعوقات الشكلية التي تقف بالضد من الاستثمار وتعيق العمل كثيرة، وهي ناتجة بطبيعة الحال من أسباب متعددة لعل أهمها، حداثة التجربة الاستثمارية، وتعدد مصادر القرار، وسوء الإدارة. وسنبين في أدناه جانبا من المعوقات الشكلية التي تمنع أو تعيق استثمار أموال العتبات المقدسة وكما يأتي:

أولا : عدم وجود شخصية معنوية مستقلة للعتبات المقدسة

    من المعلوم أن للشخصية المعنوية.(1) دورا قانونيا هاما في نطاق التنظيم الادراي، فبوجودها يمكن القيام بكافة التصرفات القانونية، فضلا عن، النهوض بكافه أعباء الوظائف الإدارية.وبموجب قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25  لسنة 1966 تم تشكيل مديرية خاصة في ديوان الوقف الشيعي سميت بـ (مديرية إدارة العتبات المقدسة )(2) إلا أنها لم تمنح الشخصية المعنوية وحتى بعد صدور نظام العتبات المقدسة رقم 21لسنة1969(3) استمر العمل باللجنة التي اشرنا إليها آنفا حيث أكد النظام المذكور بقاء اللجنة رغم تعديل تشكيلتها أكثر من مرة بموجب التعديلات اللاحقة التي طرأت على النظام(1) ورغم الاهتمام بالعتبات المقدسة والنص عليها في الدستور وفي قانون العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 إلا أن موضوع الشخصية المعنوية للعتبات المقدسة لم يعالج بشكل تام حيث لم نلحظ وجود نص قانوني يشير بصراحة إلى منح العتبات المقدسة الشخصية أو ينص على ذمتها المالية المستقلة سوى إشارة في بعض النصوص(2) يفهم  منها ذلك كتخويل مجلس إدارة العتبة أجرا جميع التصرفات القانونية وإبرام العقود كافة والمتعلقة بأعمالها وأنشطتها. والحال إن الشخصية المعنوية لا يمكن القول بوجودها ما لم بنص عليها صراحة إعمالا لحكم المادة (47) من القانون المدني العراقي  وهذا يتطلب ضرورة التفات المشرع العراقي إلى هذا الموضوع لمعالجته من خلال تعديل القانون لأنه أهم معوق يمنع التصرف بأموال العتبات المقدسة واستثمارها هو افتقارها للشخصية المعنوية.(3) وحسناً فعل المشرع حينما تدارك هذا النقص التشريعي وعالجه في قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012 إذ منحت العتبات المقدسة بموجب القانون المذكور وبنص صريح الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري اللازم لتحقيق أهدافها (4)

ثانيا: – انحصار العمل الاستثماري في طريقة محددة

     مما يشكل دخلا محدودا في الاستفادة من موارد الأوقاف أو ريعها بصورة عامة والعتبات بشكل اخص وهذا الأمر كان موجودا في عصور متقدمة غالبا ما تلاشى مع العمل المؤسسي الوقفي في بعض الدول الآن أن هناك دولاً أخرى لم تطور من آليات وصيغ العمل الاستثماري في مجال الأوقاف. إذ نلحظ أن استثمار هذه الأوقاف ظل منحصرا بالطرق التقليدية كالإجارة والحكر والمرابحة والاستصناع والمضاربة في مجالات محددة والتحفظ في استخدام الأساليب الحديثة لاستثمار الأموال رغم وجود أعمال استثمارية مباحة شرعا وتحقق عائدات استثمارية جيدة مع قلة المخاطر كالتأجير التمويلي وإنشاء المؤسسات المالية والبنوك اللاربوية والتي تعمل وفق ضوابط الشريعة الإسلامية. وهو ما سنبينه عند بحثنا في الطرق الحديثة لاستثمار أموال العتبات المقدسة.

ثالثا:- قلة حافز الاستثمار والتنمية في الأوقاف بصورة عامة

     إذ ظلت الأوقاف في معظم الدول الإسلامية غير مستغلة وأصاب بعضها الاندثار وتعطلت منافع البعض الآخر وأصبح غير مجديا لمدة ليست بالقصيرة بسبب النظرة التقليدية التي يرسمها البعض لأموال الأوقاف بأنها مخصصة للوقف على أغراض معينة. فإذا كان هناك حافز للاستثمار في بعض الدول الإسلامية فان تقلب القوانين التجارية في بعض الدول يشكل مانعا في التفكير أو مجرد الدخول في العمل الاستثماري.

رابعا – ضعف تنظيم هيكل مؤسسات الاستثمار

    يلاحظ وبحق عدم وضوح المهام والصلاحيات الإدارية بشكل كامل وعدم التوافق بين الهياكل الإدارية، من جهة، ومن جهة أخرى، فان أكثر مجالس الإدارة في العتبات المقدسة تفتقر إلى الإمكانات البشرية المتخصصة في المجالات الاستثمارية والقانونية والفنية والشرعية وغيرها، وهذا ينعكس سلبا على العمل في العتبات المقدسة والنشاطات الاستثمارية التي تقوم بها، ومن ثم يقل أو ينعدم الكادر المؤهل والمتخصص في مجال الاستثمار في أموال العتبات وينعدم التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بهذا الخصوص بسبب نقص الخبراء وضعف المعايير الرقابية، وعدم وضوح الأهداف، وبالتالي يسبب الكثير من المشاكل في العمل، وقد يؤدي إلى كثرة الشائعات المتعلقة بمصرف الإيرادات، مما يستوجب تعزيز الكفاءات والخبرات سواء من داخل إدارات العتبات المقدسة أو الاستعانة بخبرات قانونية أو فنية خارجية لإبرام العقود وهكذا.

خامسا : ضعف الجانب الإعلامي 

    ويشمل الجانب الإعلامي الإعلان والتسويق للمؤسسات الوقفية والخروج من الدائرة التقليدية في العمل المؤسسي الإسلامي إلى قطاعات أوسع في المجتمع  والدولة والأمة وهذا لا يكون إلا بإجراء عمل إعلامي وإعلاني، وتفعيل قطاع العلاقات العامة من اجل التواصل الفعال والتسويق للخروج بصورة أفضل للمؤسسة الوقفية. هذا وقد ذكر ( جيمس كاري ) الأستاذ بجامعة الينوي ( أن وسائل الإعلام الموجودة في المجتمع تؤثر تأثيرا قويا في إشكال التنظيم الاجتماعي الممكنة وهكذا تؤثر وسائل  الإعلام في أنواع المجتمعات الإنسانية التي يمكن أن تنشأ في إي حقبة).(1)

الفرع الثاني

المعوقات الموضوعية

    إن استثمار أموال العتبات المقدسة، كما بينا، يصطدم بعدة عقبات موضوعية تجعل من النهوض بواقع العتبات أمراً ليس بالسهل نتيجة لوجود هذه المعوقات. ومن أهم المعوقات التي تقيد أو تمنع استثمار العتبات المقدسة لأموالها القصور في بعض التشريعات وعدم وجود الإستراتيجية والتخطيط، فضلا عن اختلاف القواعد الفقهية وقلة الدعم والتمويل الحكومي.

أولاً: القصور التشريعي

    رغم صدور قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 ونصه على اعتبار استثمار الأموال العائدة للعتبات والمزارات بمختلف الأوجه المتاحة، من الأهداف التي تسعى دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة إلى تحقيقها شرط موافقتها للشرع الحنيف والقوانين النافذة، ومنحه مجلس إدارة كل عتبة صلاحية دراسة وإقرار فرص استثمار تلك الأموال على الوجه الأمثل.(1)إلا أن هذه الصلاحية لم تتضمن آلية واضحة للاستثمار أو معلومات تفصيلية تمكن مجالس الإدارات للعتبات المقدسة من إتباعها، ولم تصدر بشأنها تعليمات من الجهة المختصة بهذا الموضوع وهي ديوان الوقف الشيعي،الأمر الذي جعل من وجودها لا يحقق الأهداف التي تسعى العتبات إلى تحقيقها من خلال الاستثمار، سيما وان اشتراط القانون على أن يكون الاستثمار وفقا لشرع الحنيف يعد مانعا من إتباع إي قانون آخر كقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل باعتبار أن هذا الأخير ليس بالضرورة أن يكون مطابقا للشرع الحنيف ومن ثم أصبح من الضروري أن تتبنى السلطة التشريعية في الدولة القيام بجملة أمور لسد الفراغ التشريعي، من جهة، ومن جهة أخرى، العمل على إصدار تشريعات تتضمن إلية واضحة لاستثمار أموال العتبات المقدسة وإلغاء بعض التشريعات المناهضة لتنمية العتبات المقدسة أو المحددة للاستثمار والتنمية مع ضرورة إعفاء عوائد استثمارات العتبات المقدسة من الضرائب و الرسوم. وهذا  يعطي ميزة استثمارية بالمقارنة باستثمارات الشركات والأفراد ولاسيما وإنها في النهاية مشاريع وطنية وغير محسوبة على إفراد أو شركات معينة وان تكون استثمارات العتبات المقدسة على نطاق جغرافي واسع، وان لا تنحصر في أماكن معينة فهناك الكثير من القطاعات في عالمنا الإسلامي التي يمكن أن تقام فيها الاستثمارات وان الفائدة المرجوة تبلغ 100 %.

ثانياً : عدم وجود الإستراتيجية والتخطيط

    لعل من المناسب القول بأنه لا استثمار بل ولا تنمية بدون إستراتيجية وتخطيط محكم لنشاط المؤسسة أو الجهة المستثمرة. ونعني بذلك أن يكون للعتبات المقدسة قدرة على التعامل مع معطيات الواقع ضمن رؤية واضحة. وهذا لا يكون إلا بوضع إستراتيجية شاملة يتبعها وضع استراتيجيات فرعية مع إعداد ميزانيات وخطط في أوقات محددة واستحداث نظام آلي للتخطيط والمتابعة. وهذا النظام لابد أن يكون على صله وثيقة بتطوير أموال العتبات المقدسة من عقارات وأصول وقفية وأموال ونذور وهدايا، وإيجاد آلية لاستثمارها وفق الأوجه المتاحة والضوابط الشرعية كما سنرى لاحقا. كما يلزم أن تكون العتبات المقدسة على درجة عالية من القدرة على استعمال التكنولوجيا المتطورة لرفع الكفاءة وتحسين الخدمة وهذا كله يعود بالفائدة المرجوة من الاستثمار على العتبات المقدسة. ولابد أيضاً من العمل على تشجيع الإبداع والابتكار بمشاريعنا وأفكارنا لاسيما عند حلول ألازمات أو العقبات. فمثلا ابتكر العلماء مسألة الإجارة باجرتين وهي طريقة لعلاج مشكلة حدثت للعقارات الموقوفة في اسطنبول عام 1020 هجرية. عندما نشبت حرائق كبيرة التهمت معظم العقارات الوقفية أو شوهت مناظرها ولم يكن لدى إدارة النظارة الوقفية أموال لتعميرها فاقترح العلماء على أن يتم عقد الإجارة تحت إشراف القاضي الشرعي على العقار المتدهور باجرتين:                

 الأولى : أجرة كبيرة معجلة تقارب منحة مستلمها الناظر ويعمر بها العقار الموقوف.               

 الثانية: أجرة سنوية مؤجلة ضئيلة ويتحدد العقد كل سنة ومن الطبيعي أن هذا العقد طويل الأجل يلاحظ فيه أن المستأجر يسترد كل مبالغه من خلال الزمن الطويل. وهذه الصيغة التمويلية تعالج مشكلة عدم جواز بيع العقار فتحقق نفس الغرض المنشود من الأجرة الكبيرة المعجلة، كما أنها تحقق منافع للمستأجر في البقاء فترة طويلة في العقار المؤجر سواء كان منزلا أم دكانا أم حانوتا أو غير ذلك .كما أن وجود الأجرة يحمي العقار الموقوف من ادعاء  المستأجر أنه قد تملكه بالشراء مثلا كذا فأن ما بني على هذه الأرض الموقوفة يظل ملكا للوقف بعد انتهاء مدة العقد واستيفاء المستأجر لمنفعته(1)

    مما تقدم يتعين من القائمين على العتبات الحصول على كل الضمانات الشرعية المتاحة وذلك لحفظ الأوقاف من الضياع وهدر الأموال من خلال التخطيط والمتابعة والرقابة الداخلية على الاستثمارات، والبحث عن مواضع الاستقرار المالي. وهذا غالبا ما يتوفر في الاستثمارات العقارية.

ثالثا : اختلاف القواعد الفقهية لأموال العتبات المقدسة

    إن اختلاط أموال العتبات المقدسة في سلة واحدة مع أن مصادرها متنوعة ولكل مصدر منها أحكام شرعية يجب التقيد بها، من شانه أن يعقد آلية التعامل مع هذه الأموال ويجعل لكل منها عنوان معين وحكم خاص(1) إن اختلاف القواعد الفقهية للأوقاف والعتبات المقدسة وعدم وجود سياسة واضحة للنظار والمسؤولين عنها يستدعي ضرورة الفصل ما بين أموال الوقف وبين الهدايا والنذور والتمويل الحكومي. والتصرف بكل مصدر من مصادر الإيراد على حدة وفقا لما ينسجم مع أحكام الشرع والقانون، مع التأكيد على ضرورة الاستفادة من الأموال ذات طابع الاستقرار والمخصصة لغرض ومصرف معين والتنسيق والتعاون مع المؤسسات الخيرية في مشاريع ذات فوائد وآثار اجتماعية.

رابعا: قلة الدعم و التمويل الحكومي

أن العتبات المقدسة في العراق هي مفتاح باب السياحة الدينية ولولا وجودها لما كان لدينا سياحة دينية.  مما يتطلب أن تظهر العتبات بالمظهر اللائق وتنفق الأموال باستمرار لتطويرها وتوسيعها حيث بات واضحا مدى الإقبال الكبير من قبل مسلمي العالم على زيارة العتبات المقدسة وتعلقهم بها، ومن ثم فان ما تنفقه الدولة من أموال سيؤتي ثماره من خلال دعم الاقتصاد الوطني بإيرادات السياحة الدينية التي تعتبر من أهم الإيرادات في بعض الدول. والملاحظ أن الدعم الحكومي الذي تقدمه الدولة الآن للعتبات المقدسة لا يمكن أن ينهض بها بالشكل الذي يجعل السياحة الدينية مصدر رئيس في اقتصاد البلد حيث لازال ضعيفا ودون المستوى المطلوب وهذا يشكل احد أهم معوقات الاستثمار لأموال العتبات المقدسة. سيما وان قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة اعتبر الحصة المخصصة للعتبات المقدسة من ميزانية ديوان الوقف الشيعي من الموارد المالية للعتبات.(1) ومن ثم فان قلة الدعم الحكومي مع ما يحققه من فوائد هامة ومؤثرة في اقتصاد البلد يؤكد عدم إدراك صانعي السياسات في الحكومات المتعاقبة لدور العتبات المقدسة في دعم الاقتصاد بالموارد المالية الكبيرة والتي تساهم بشكل أو بآخر في تنمية المجتمع.(2) ومن خلال ما تقدم يبدو لنا، إن الضرورة تستدعي إن يعمل ديوان الوقف الشيعي باعتباره الجهة التنفيذية التي ترتبط بها العتبات المقدسة على إزالة المعوقات التي بيناها، وأية معوقات أخرى تعترض الاستثمار في العتبات المقدسة من خلال عدة مستويات وكما يلي :

المستوى الأول

    أن تؤسس لدى كل عتبة مقدسة شركة عامة وفقا لأحكام قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 المعدل ترتبط بمجلس إدارة العتبة وتمنح رأس مال كاف وشخصية معنوية واستقلال مالي لكي تتبنى كافة مشاريع الاستثمار في العتبة وضمن حدود وإمكانيات معينة وان يتاح لمجلس إدارة العتبة التصرف بإبرام العقود الاستثمارية الكبيرة للمشاريع التي تقع خارج حدود وإمكانيات الشركة المقترحة، وهذا يساهم بشكل أو بآخر في حل الكثير من المشاكل التي تعاني منها العتبات المقدسة.

المستوى الثاني

    رفد العتبات المقدسة بكادر وظيفي جيد من ذوي الكفاءة والدراية والإخلاص والأمانة، وتطوير  العاملين فيها عن طريق الدورات التدريبية، والندوات والمؤتمرات وورش العمل المتعلقة بالأوقاف والية إدارتها وأحكام التعامل معها، ومنح العاملين في العتبات حوافز مادية ومعنوية بهدف خلق روح التنافس بينهم، فالعمل الجماعي غالبا ما يكون هو الأكثر نضوجا من العمل المنفرد، ومن خلاله تتوحد الجهود وتتضافر في إدارة كل عتبة مقدسة وهذا يشجع على التميز والجودة في العمل.

المستوى الثالث

    رسم الأهداف بشكلٍ صحيحٍ وواضحٍ والعمل وفق خطط قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة المدى لغرض إنشاء البنى التحتية المطلوبة في السياحة الدينية، وتبني مشاريع مفيدة ذات اثر اجتماعي ومردود اقتصادي جيد لكل عتبة.

المستوى الرابع

    تفعيل دور الإعلام من خلال عقد المؤتمرات واللقاءات والاهتمام بتوصياتها ونتائجها. فالأوقاف بصورة عامة والعتبات المقدسة التي تعد من إحدى مصاديقها، بصورة خاصة، تتجدد فيها الأحكام بشكل مستمر، إذ تحتاج لآراء العلماء ومراجع الدين، وتتتجدد طرق الاستثمار لأموالها أيضا، فتحتاج إلى آراء الخبراء والمتخصصين في شؤون الاستثمار. فمثلاً قد يثار تساؤل مفاده: انه هل يجوز لمتولي الوقف أو مجلس إدارة العتبة المقدسة أن يسقطوا ديون الوقف أو العتبة؟ وهل يجوز لهما أن يستدينا لأجل إصلاح ما خرب منها. وهل يجوز لبعض أموال الوقف أو العتبة أن تدخل في استثمار مباشر في أسواق الأسهم والسندات؟ وهل يجوز أن نحول مؤسسة وقفية إلى شركة استثمارية مختصة بالاستثمار المالي ؟ إلى غير ذلك من الإشكالات والتساؤلات التي يستوجب لحلها ابتداءً، أن يكون هناك سماح تشريعي لذلك التمويل أو الاستثمار المالي.

    من هنا فان كل ما بيناه يعد من المعالجات المقترحة التي يمكن الاستفادة منها في عملية استثمار أموال العتبات المقدسة بالشكل الذي يحقق التنمية المطلوبة لأموالها وفقاً للضوابط الشرعية والقانونية وبدون معوقات تعرقل العمل الاستثماري.

                                                    الفصل الثاني

معطيات استثمار أموال العتبات المقدسة

 إن النظرة اليوم إلى الأوقاف العامةبعامةوالعتبات المقدسة، بخاصة، على أنها جهات دينية يرتادها الناس لأجل العبادة فقط أدى إلى تركيز الدراسات على البعد الديني، وانحسار دور هذه الجهات في النواحي الدينية البحتة دون النظر إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والمالية وعدم الأخذ بعين الاعتبار إن الأموال والممتلكات الوقفية ومنها أموال العتبات المقدسة جزء مهم ورئيس من ثروة المجتمع الإسلامي، يمكن إن توظف بما يخفف العبء عن موازنة الدولة في تقديم الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية وحتى خدمات البنية التحتية.

    ونظراً لاختلاف مؤسسات الأوقاف عن مؤسسات المجتمع المدني بكونها مؤسسة اقتصادية، اجتماعية، تنظمها قواعد الشريعة الإسلامية. مما يتطلب مبادئ وأسس شرعية وقانونية يمكن الرجوع إليها كأساس في استثمار أموال العتبات المقدسة. إذ لابد من الاستناد إلى الشرع والقانون في عملية استثمار هذه الأموال. وهذا ما صرح به قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 19 لسنة 2009 في أكثر من موضع.(1)

     ومن اجل البحث في هذه المعطيات سوف نقسم هذا الفصل على مبحثين ندرس في المبحث الأول أساس الاستثمار لأموال العتبات المقدسة ودليل ذلك من الشرع والقانون، ثم نتعرف في مبحث ثان على ضوابط وضمانات استثمار هذه الأموال ونتعرف في المطلب الثالث على وسائل الرقابة المناسبة عليها.

المبحث الأول

أساس استثمار أموال العتبات المقدسة

    إن ما صح نذره وإهداؤه ووقفه والايصاء به إلى العتبات المقدسة يكون مالا متراكما يتطلب وجود آليات وأسس شرعية وقانونية تنظم أحكام التصرف به في مختلف المجالات. ولاشك أن الموارد المالية للعتبات المقدسة على اختلاف مصادرها تختلف باختلاف متعلقها سواء أكانت أموال نقدية أو عينية. وتشترك مالية الجميع في مصرف واحد بعد تحويل المواد العينية إلى أموال نقدية- عند عدم وجود الحاجة إليها- ويكون التحويل عن طريق البيع. وحيث أن الاستثمار من التصرفات التي تتطلب وجود دليل شرعي وقانوني على جواز القيام به سيما إذا كان في أموال العتبات المقدسة والتي لها خصوصية كونها أموال تتبع عملية تنظيمها والتصرف بها إلى حكم الشرع، إضافة إلى نص القانون. لذا سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين ندرس في الأول منهما الأساس الشرعي لاستثمار أموال العتبات المقدسة ونخصص المطلب الثاني لبحث الأساس القانوني لاستثمار تلك الأموال.

المطلب الأول

الأساس الشرعي  لاستثمار أموال العتبات المقدسة

    من المعلوم، إن الواقف أو الناذر أو الموصي للعتبات المقدسة تارة يعين جهة الصرف، وأخرى يطلق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، قد يكون متعلق الصرف للعتبات المقدسة أو لشخص الإمام (عليه السلام). كذلك فان هذه الأموال تختلف باختلاف مصدرها، فالتصرف بالأموال المهداة والمنذورة والموصى بها واستثمارها يختلف من حيث الحكم الشرعي عن الأموال الموقوفة. ولغرض بيان الأساس الشرعي في التصرف بأموال العتبات واستثمارها سوف نقسم هذا المطلب إلى فرعين. ندرس في الفرع الأول الأساس الشرعي في استثمار أموال النذور والهدايا. ونبحث في الفرع الثاني الأساس الشرعي لاستثمار الأموال الموقوفة.

الفرع الأول

الأساس الشرعي لاستثمار أموال النذور والهدايا

    اتفق الفقهاء على جواز التصرف بالمواد العينية المنذورة أو المهداة إلى العتبات المقدسة عند عدم وجود حاجة لها كما يظهر ذلك من أقوالهم.(1) واستدلوا بعدة روايات منها :    

1-  رواية علي بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام )، قال:سألته عن الرجل يقول وهو يهدي إلى الكعبة كذا وكذا ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه، قال ( إن كان جعله نذرا ولا يملك فلا شيء عليه، وان كان مما يملك غلاما أو جارية أو شبههما باعه… )(2)  

2-  رواية سعيد بن عمر الجعفي عن رجل من أهل مصر قال ( أوصى أخي بجارية كانت له مغنية فارهة للكعبة فقيل لي : ادفعها إلى بني شيبة وقيل لي غير ذلك من القول واختلف علي فيه، فقال لي رجل في المسجد : إلا أرشدك إلى من يرشدك في هذا إلى الحق، قال قلت: بلى والله. قال : فأشار إلى شيخ جالس في المسجد. قال : هذا جعفر بن محمد عليه السلام فاسأله، فأتيته. فسألته وقصصت عليه القصة فقال: إن الكعبة لا تأكل ولا تشرب وما اهدي لها فهو لزوارها فبع الجارية وقم إلى الحجر وناد هل من منقطع به؟ هل من محتاج من زوراها؟ فإذا أتوك فاسأل عنهم وأعطهم واقسم ثمنها فيهم. قال : فقلت له إن بعض من سألته أمرني بدفعها إلى بني شيبة فقال : أما إن قائمنا (عجل الله فرجه الشريف ) لو قام لأخذهم وقطع أيديهم وطاف بهم وقال :هؤلاء سراق الله(3) فالروايتان صريحتان بالبيع سيما وان الإمام ( عليه الإمام ) جعل طريق الانتفاع بثمنها من خلال البيع لكون إن الكعبة على حد قوله ( لا تأكل ولا تشرب ) فضلا عن إن بيعه أولى من بقائه على حالة توجب له التلف. وبموجب الراويتين المذكورتين آنفاً يجوز بيع الأعيان المهداة وصرف ثمنها للعتبة. وعموما فان للفقهاء قولان في مصرف الأموال المتأتية للعتبات المقدسة عن طريق النذور والهدايا والوصايا. الأول ينص على إن تصرف هذه الأموال على المصالح العامة للعتبات المقدسة أما الثاني فينص على صرفها في معونة زوار العتبات المقدسة، وسنبين كل واحد من القولين بالتفصيل.

القول الأول : الصرف على المصالح العامة للعتبة المقدسة

     ذكر صاحب كتاب غاية  المراد محمد بن جمال الملقب بالشهيد الأول إن مصرف تلك الأموال المنذورة يقتصر في صرفها على المصالح العامة حيث قال : (والثاني – هو هدي الثوب والدراهم والطعام –  يباع قطعا ويصرف في مصالح البيت)(1) وقد صرح جمع من الفقهاء على صحة صرف الأموال لمصلحة العتبة.(2) فقد ورد عن الشيخ المفيد ( من جعل جاريته أو عبده أو دابته هديا لبيت الله الحرام أو لمشهد من مشاهد الأئمة ( عليهم السلام ) فليبع العبد أو الجارية أو الدابة ويصرف ثمنه في مصالح البيت أو المشهد أو في معونة الحاج أو الزائرين )(3) وقد استدل بالروايات الدالة على صرف ما ينذر أو يهدي إلى البيت الحرام أو الكعبة المشرفة ومنها أيضا رواية علي بن جعفر المتقدمة (باعه واشترى بثمنه طيبا فيطيب به الكعبة)(4) وعد الشهيد الثاني هذه الراوية دليلا للصرف في مصالح البيت وجعل تطييب البيت العتيق من المصالح.(5) وان تلك المصلحة ينبغي تشخيصها حتى يتم الصرف عليها والتشخيص أما إن يكون بالتعيين ويرجع في تعيين ذلك إلى ما قصده الناذر أو المهدي أو غيرهم فينبغي الصرف على حسب ما قصد وصرف ذلك في المعين يدل عليه عموم الإيفاء بالعقود ووجوب الإيفاء بالنذر وغير ذلك وقاعدة المؤمنون عند شروطهم هي أدل دليل على وجوب الوفاء بالنذر بحسب شرط الناذر وقصده في ذلك. وأما إن يكون بالإطلاق في حال عدم تعيين الناذر أو المهدي مصرفا خاصا. وهنا ينبغي الصرف بحسب طبيعة ونوع المال. فأجهزة التبريد مثلا توضع في أماكن احتياج المشهد لأنه يعد من المصالح وكذلك الحال مع الفرش والإنارة وغيرها فكل يستعمل بحسب طبيعته. وقد ورد عن الطباطبائي ( رحمه الله )  قوله ( لا يبعد الحكم في نذر الشمع بصرفه في ذلك المشهد بطريق الإسراج وفي نذر الفرش والبسط في ذلك المشهد )(1) أما لو كان المال المنذور أو المهدي غير مخصص لمكان معين أو لخدمة معينة ففي هذه الحالة جوز الفقهاء الصرف في مصلحة ذلك المشهد ومعونة الزائرين أيضا. لان الإطلاق يقتضي ذلك. قال الشهيد الثاني ( صرف ما يهدى إلى المشهد وينذر له إلى مصالحه ومعونة الزائرين حسن، وعليه عمل الأصحاب، ويبدأ بمصالح المشهد أولا وعمارته…)(2) واستدل على الإطلاق بالأدلة الآتية:

  1. الإجماع: وذلك من خلال احتمالية مدلول اللفظ عرفا.
  2.  براءة ذمة الصارف لتلك الأموال خارجة عن الضمان وذلك لصرفها على ما تقتضيه مصلحة العتبة، وعدم وجود تخصيص من قبل الناذر أو المهدي في تشخيص صرفها.
  3. انه من تعظيم الشعائر فيندرج تحت عموم قوله تعالى (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(وقد أجاز فقهاؤنا المعاصرون بيع هذه الأموال لمصلحة العتبة إذا لم يصرح من دفع المال بأنها وقف وكان مما يبقى عينه كالأراضي وغيرها( وان الأموال التي توضع في شباك الضريح تصرف في شؤون وأمور العتبة المقدسة بصورة عامة.(
  4. الروايات ومنها رواية ياسين الضرير في رجل أوصى بألف درهم للكعبة فسأل أبا جعفر( عليه السلام ) فقال: ( إن الكعبة غنية عن هذا انظر إلى من أمَّ البيت فقطع به أو ذهبت نفقته أو ظلت راحلته وعجز إن يرجع إلى أهله فادفعها إلى هؤلاء ) والظاهر إن الحكم في الكعبة والمشاهد واحد ( وقوله ( عليه السلام ) في رواية ( الكعبة لا تأكل ولا تشرب )( فانه كناية عن عدم الحاجة إلى ذلك.
  5. ومن الأدلة على جواز الصرف على الزائرين( كونه من باب الإحسان فيندرج تحت عموم قوله تعالى ( ما على المحسنين من سبيل )( أي بإسقاط الضمان على الأمر بالصرف، وإن لم يكن فيه تعد أو تفريط.
  6. ما رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة، قال ( روي انه ذكر عند عُمَر في أيامه حلي الكعبة وكسوته، فقال قوم، لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم اجر، وما تصنع الكعبة بالحلي ؟ فهم عمر بذلك فسال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ).فقال : إن القران نزل على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسمه على مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه على حاله ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكانه فاقره إذ اقره الله ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم ) ( فقال عمر لولاك لافتضحنا فترك الحلي )( وهذه الرواية وإن اختصت بحلي الكعبة ولكن الحق الفقهاء بها المشاهد المشرفة شانها شان الأموال الموصى بها والمنذورة للكعبة المشرفة أو البيت المعمور )(
  7. من الأدلة على حرمة التصرف إن تلك الأموال من الموقوفات وحرمة التصرف بالموقوفات على خلاف ما أوقفه الواقف لما ورد بالتوقيع عن الإمام العسكري ( عليه السلام ) ( الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها )(
  8. من الأدلة أيضا اجتناب المسلمين قديما وحديثا عن التصرف بها مما يدل على إن ذلك سيرة متبناة أو هو شياع بين المسلمين.
  9. وقف يتقوم المشهد أو العتبة به كوقف العقار والدكان والمزرعة والأثاث والغلة وما شابه.
  10. وقف لإدامة العتبة ويشمل المنافع الحاصلة من الوقف على الوقف أو من غير الوقف من أموال أو غلة وغيرها .

    وقد ذكر الفقهاء شروطا في تعيين المصلحة وتقديم الأهم على المهم إذ شكلوا لجان عاملة وفاعله في كل عتبة مقدسة وهي بدورها ترفع التوصيات بالحاجة إلى شؤونها. وصار الأمين العام للعتبة ممثلا عن الحاكم الشرعي في تنفيذ ما يراه ذو مصلحة يفرضه الواقع عليه في إصلاحه.(6)

 القول الثاني : الصرف في معونة الزائرين

يستفاد من كلمات الفقهاء جواز الصرف في معونة الزائرين عند عدم حاجة المشهد إلى المال. قال السيد العاملي ( ولو نذر شيء لأحد المشاهد المشرفة، صرف فيه على حسب ما قصده الناذر، ومع الإطلاق يصرف في مصالح المشهد ولو استغنى المشهد عنه في الحال والمال فالظاهر جواز صرفه في معونة الزوار، وذلك أولى من بقائه على حاله معرضا للتلف فيكون صرفه على هذا الوجه إحسانا محضا، وما على المحسنين من سبيل)( 1) واستدل على ذلك ما يلي :

    ويفهم مما تقدم انه لا بد من الصرف في مصالح العتبات المقدسة المقتضية له. ومع الاستغناء تصرف الأموال في معونة الزائرين لتلك الأماكن وهذه المسالة اتفق عليها الفقهاء. قال السيد علي السيستاني ( دام ظله ) ( لو نذر مبلغا من النقود لمشهد من المشاهد، صرفه في مصالحه كعمارته وفراشه، وتهيئة وسائل تبريده وتدفئته، وإنارته وأجور خدمه، وعلى حفظه و صيانته، وما إلى ذلك من شؤونه، وإذا لم يتيسر صرفه فيما ذكر وأشباهه و لو كان مستغنيا من جميع الوجوه صرفه في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم، أو قطع بهم الطريق، أو تعرضوا لطارئ آخر وهكذا الحال، و لو نذر متاعا للمشهد فكان مستغنيا عن عينه، أو لم يمكن الاستفادة منه فيه، فانه يبيعه ويصرف ثمنه في مصالحه إن أمكن  او في معونة زواره على النحو الآنف الذكر )(1) وأجاز فقهاء آخرون الصرف على زوار العتبات المقدسة بعد استغنائها حيث صرحوا بان أموال الهدايا والهبات والنذور تصرف على مصالح العتبات ثم الزائرين(2) ومنهم من يجعل التصرف بهذه الأموال مشروطا بنية الناذر أو الواهب أو المتبرع(3) أو يقف موقف المستشكل في جواز استثمار هذه الأموال شان حق الإمام ( عليه السلام ) والسادة وأموال الصدقات والأموال التي تجمع للمأتم كمأتم الإمام الحسين  (عليه السلام ) وهذا ما نلحظه في إجابة السيد السيستاني ( دام ظله ) عن استفتاء بهذا الخصوص ( أما سهم الإمام ( عليه السلام ) والسادة، فأمرهما موكول إلى المرجع، ونحن لا نأذن باستثمارها، وهكذا الصدقات، والمبالغ المتبرع بها لمأتم الإمام الحسين ( عليه السلام )، نعم إذا كان هناك صندوق لجمع الصدقات المستحبة أو ما يخصص للمأتم الحسيني و كان برنامجه المعلن مسبقا للمساهمين هو استثمار الأموال المودعة فيه فلا مانع منه عندئذ)(4) في حين أجاز فقهاء آخرون استثمار هذه الأموال في بعض الحالات بإذن الحاكم الشرعي وتحت إشرافه إذا لم تحدد موارد صرفها واشترط بعضهم ضمانة عدم تلف أصل المال وحصول الفائدة في ذلك (5)

الفرع الثاني

الأساس الشرعي في استثمار الأموال الموقوفة

إذا كانت الأموال المهداة أو المنذورة أو الموصى بها يجوز التصرف بها على مصلحة المشاهد من قبيل تعميرها والصرف أيضا في معونة الزائرين. فهل الحكم نفسه يسري على الأموال الموقوفة ؟ بعبارة أخرى هل يجوز التصرف في الأموال الموقوفة والموضوعة داخل المشاهد المشرفة أو الأضرحة من نفائس وتحفيات ومجوهرات أو غيرها ؟ وللإجابة عن ذلك نقول : يوجد قولان للفقهاء في هذا الموضوع، فقد منع جانب منهم التصرف في الأموال الموقوفة في حين أجاز آخرون التصرف فيها على التفصيل الذي سنبينه فيما يلي :

اولاً :  أدلة المانعين من التصرف في الأموال الموقوفة واستثمارها.

يذهب السيد الطباطبائي إلى عدم جواز التصرف بالأموال الموضوعة في الكعبة والمشاهد المشرفة من القناديل والأعلام وغير ذلك وذكر عدم الجواز في جميع وجوه البر من جهاد أو دفاع أو على الفقراء(1) واستدل على ذلك بعدة روايات منها :

ثانياً : أدلة المجيزين للتصرف بالأموال الموقوفة واستثمارها

نبه المحقق البحراني في كلامه عند التعبير عن إلحاق حلي المشاهد بحلي الكعبة على جواز التصرف بتلك الأموال لما ذكره من تعليل فرق به بين الاثنين إذ يقول:-

( يمكن إن يستفاد من الخبر المروي في كتاب نهج البلاغة الدال على عدم جواز التعرض لحلي الكعبة إن صح جواز تحلية المشاهد الشريفة أيضا وعدم جواز التعرض له إلا انه يمكن التفريق بينهما أيضا – أي بين حلي الكعبة وحلي المشاهد – بالنظر إلى أنهم ( صلوات الله عليهم ) أيام الحياة لا يرون تحلية بيوتهم ، بل يكرهونه كما هو معلوم في أحوالهم صلوات الله عليهم )(2) لذلك فانه يستصحب سلوكهم في مراقدهم على سلوكهم في حياتهم . لذلك جعل لتلك الأموال مصرفا شانه شان ما تبناه في الأموال المنذورة إلى أشخاص الأئمة (عليهم السلام ) وأفتى بجواز صرفه في الذرية وفقراء الشيعة قائلا ( هذا مصرف أموالهم زمان الغيبة واستغنائهم عن ذلك )(3) وهكذا فإن ما تقدم من البحث كان في صورة ما إذا كان مصرف النذر أو الهدية هو المشهد الشريف. فالحكم فيه على ما ذكر من التخصيص والإطلاق ومعونة الزائرين.

    أما لو كان مصرف النذر أو الهدية هو شخص الإمام (عليه السلام ) المدفون في ذلك المشهد مثل إن ينذر للإمام الحسين (عليه السلام ) أو يهدي له فهنا قولان :

القول الأول :

هو وجوب صرف ذلك المال إلى أولادهم ( عليهم السلام ) من ذوي الحاجة أولا، ثم لشيعتهم المضطرين ثانيا، وتكون هذه الأموال من قبيل أموالهم التي قد علم إن حكمها في حال الغيبة لشيعتهم، إلا أن الاحوط تقديم أولادهم الواجبي النفقة عليهم لو كانوا أحياء. وقد ورد في الوقف عليهم حال حياتهم (عليهم السلام ) والإهداء لهم، والوصية لهم ( عليهم السلام ) والنذر لهم وقبولهم ذلك روايات عديدة، والظاهر انه لا فرق في ذلك بين حال حياتهم وموتهم في صحة كل من الأمرين )(1)

القول الثاني

ما عليه المشهور من الصرف في وجوه الخير. قال السيد الخميني ( لو نذر شيئا للإمام (عليه السلام) أو بعض أولاد الإمام، كما لو نذر شيئا للحسين أو العباس عليهما السلام فالظاهر إن المراد صرفه في سبيل الخير بقصد رجوع ثوابه إليه من غير فرق بين الصدقة على المساكين وإعانة الزائرين وغيرهما من وجوه الخير كبناء مسجد أو قنطرة أو نحو ذلك )(2) وعلى ذلك صرح الفقهاء في فتواهم كما لو نذر شخص شيئا لولي أو نبي، فهل يجوز للناذر إن يتصدق بالمال المنذور عن الولي، بمعنى إن يقصد به جعل ثواب الصدقة المنذور له، أم لا يجوز ذلك ؟ فكان جواب السيد الخوئي ( إذا كان نذره بصيغة شرعية، وحصل العمل على طبق نذره، فان كان قصده ما فرض في السؤال أجزاه ذلك، وإلا لم يجز)(3) غير إن التصرف ببعض الأمتعة المهداة أو النقود التي ترمى داخل أقفاص الأضرحة المطهرة، يبقى محل إشكال لو قصد الناذر أو المهدي خصوصية النذر للقفص فان النذر يكون باطلا لعدم مرجوحية مثل هذا العنوان. أما مع الإطلاق فالمرجوحية موجودة و يكون حالها حال النذور أو الهدايا الأخرى. وقد أجاب السيد الخوئي أيضا عن النذور المخصصة للسيدة زينب أو العباس بن علي أو احد الأئمة ( عليهم السلام ) والمقيدة بوضعها في القفص أو المطلقة، كيف تصرف، ولمن تعطى؟ وذلك بقوله قدس سره الشريف : ( ربما لا يكون للوضع في القفص رجحان فلا ينعقد النذر، أما النذر المطلق لمن ذكر منهم (عليهم السلام ) فمعرفة الإنفاق على حرمه أو على زواره الفقراء أو نحو ذلك والله العالم)(4) وقد جعل الفقهاء القول بالصرف ورجوع الثواب إليهم ( عليهم السلام ) من المسلمات الفقهية المستمدة من الأخبار المتقدمة، واجمعوا على ذلك وجعلوه أصلا وقننوا له قاعدة كلية. قال السيد السبزواري( كل ما اختص بشخص بحسب أصل الشرع، أو بجعل المالك، ولم يمكن صرفه في نفس ذلك الشخص يصرف فيما يصل ثوابه إليه، ولأنه يبعد إن لم يمكنه إيصال أصل المال إليه لابد وان يوصل بدله إليه وهو الثواب)(1) والكلام عن استثمار الأموال الموقوفة هو في إمكان تبديلها من حال لآخر كتبديل المدرسة بمستشفى والدور السكنية بمحلات تجارية أو سكنية أو مصنع أو غير ذلك . من هنا فقد أجاز الفقهاء الاستثمار عند تحقق موارد ذكروها في فتاواهم بعد ملاحظة النفع للموقوف عليهم وهذا ما سنبينه طبقا للموارد التالية :

المورد الأول

    إذا علم من الواقف الإطلاق في إنشاء الوقف لا على إيراده بقاء العنوان(2) أو لم يعين موردا خاصا لصرف الأموال ويجوز للمتولي المنصب من قبل الحاكم الشرعي تنمية هذه الأموال ويكون استثمارها حسب رأي الحاكم الشرعي(3) وقيد جانب من الفقهاء الاستثمار بشرط ضمان المتولي(4) وان تكون موارد الاستثمار مضمونة الربح بتشخيص أهل الخبرة(5)

المورد الثاني

     مع عدم الانتفاع بالوقف على الوجه الأول الذي وقف عليه كالبستان ينقطع عنها الماء، او إعراض الناس عن سكنى الدار، أو لمنع سلطان.

المورد الثالث

    إذا كان مورد الاستثمار انفع للموقوف عليهم أو أصلح للوقف بتشخيص الجهة المختصة. أما ما يوقف على المشاهد المشرفة ويسمى بالوقف على الوقف فإنما يكون على نوعين:

    وقد وقف الفقهاء موقف المتشدد من بيع الوقف أو هبته وحكموا بالبطلان إلا في حالات خاصة سنبينها لاحقا والهدف من ذلك هو تحقيق قصد الواقف وإبقاء الوقف والانتفاع منه للجهة الموقوف عليها. وتنقسم أحكام الفقهاء تبعا لعناوين الوقف من حيث الأوقاف على الجهات العامة على قسمين:

القسم الأول: وقف الأعيان وهي الأراضي المشيد عليها المسجد أو المشهد ضمن مساحة العتبة المقدسة أو غيرها من الوقف العام.

القسم الثاني: الوقف على الوقف ويشمل:

1- الأعيان مثل الدور والفنادق والأراضي الزراعية والدكاكين.

2- الآلات والفرش وأدوات البناء وغيرها.

    وتجدر الإشارة إلى أن هناك أحكاما خاصة بالأعيان قد ذكرها الفقهاء وكما يأتي:

أ‌-    فمن حيث البيع فان الأوقاف العامة كالمساجد والمشاهد والمدارس والمقابر والقناطر وغيرها لا يجوز بيعها بلا إشكال حتى عند خرابها واندراسها بحيث لا يرجح الانتفاع بها في الجهة المقصود أصلا بل تبقى على حالها )(1)، واستدلوا على ذلك بعدم ملكيتها لأي احد إضافة إلى الروايات الواردة عن مطلق الوقف ( لا تباع و لا توهب ولا تورث  )(2) وكذلك استدلوا على عدم جواز بيعها بالضرورة الدينية في الأولين – المسجد و المشهد – وبالإجماع وسيرة المتشرعة في البقية واستنكار ذلك خلفا عن سلف(3)

ب‌-  أما من جهة الاستثمار، فمثلما منع الفقهاء من البيع منعوا من استثمارها، عند الخراب – لا سمح الله – أو عدم وجود مصرف يغطي نفقاتها بالإجارة، ولهذا فان هذه الأعيان عند غصبها من ظالم لا يكون ملزما بالضمان، قال السيد الكلبايكاني (وكما لا يجوز بيع تلك الأوقاف، فالظاهر انه لا يجوز إجارته، ولو غصب غاصب واستوفى منها تلك المنافع المقصودة كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت مسكن أو مخزنا لم يكن عليه أجرة المثل)(1) واستدلوا على ذلك بما تقدم من عموم أدلة الوقف وشرط الواقف وقد وافق الشيخ كاشف الغطاء رأي الفقهاء في عدم صحة البيع للأوقاف العامة عند اليأس من الانتفاع بها في الجهة المقصودة.  لكنه أجاز إجارة الأراضي الزراعية، ونحوها وتثبيت الوقفية بكتابتها بورقة – السجل – للمحافظة عليها من الأيادي ألاثمة وإحكام السجلات لئلا يغلب اليد فيقضى بالملك، فقال : مع اليأس من الانتفاع بها في الجهة المقصودة تؤجر للزراعة ونحوها، وصرف فائدتها فيما يماثلها من الأوقاف مقدما للأقرب والاحوج والأفضل احتياطا )(2)

وأما أحكام القسم الثاني: الآلات والفرش:

ففيما يتعلق بالآلات فقد اتفق الفقهاء أيضا بان ما دام هناك منفعة معتد بها لا يجوز بيعها ولا نقلها تحقيقا لشرط الواقف، وقد جوزوا مع فرض الاستغناء البيع بحيث لو تركت لتلفت. قال السيد الخميني (وأما ما يتعلق بالآلات والفرش والحيوانات وثياب الضرايح وأشباه ذلك فما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها، وأما لو فرض انه لا يمكن الانتفاع بها إلا ببيعها، وكانت بحيث لو بقيت على حالها ضاعت وتلفت بيعت )(3) وقال الشيخ الكرباسي ( العينات التي تهدى أو تنذر حكمها تصرف في مواردها فان أمكن صرف العينات بذاتها فهو الأولى وإلا بيعت وصرفت في مواردها فالأولى مثلا إن تستخدم الحلي المهداة والمنذورة في مورد حاجة العتبة من الذهب وإلا بيعت وصرف ثمنها في المورد الذي حدد له )(4) أما فيما يتعلق بالأعيان الموقوفة على الوقف فلم يستشكل الفقهاء في جواز إجارة الدور والدكاكين والمزارع والخانات الموقوفة لأنها ما وضعت إلا من اجل تقويم المسجد أو المشهد. قال الشيخ محمد كاظم اليزدي ( لا إشكال في جواز إجارة ما وقف منفعةً سواء كان وقفا خاصا أو عاما كالدكاكين والمزارع والخانات الموقوفة على الجهات والمصالح العامة )(5)

    وقد فرق الفقهاء بين هذين القسمين من الوقف على الوقف بوجه من الفرق فالفرق بين الدكاكين الموقوفة على المسجد وبين قناديل المسجد وأثاثه هو إن المنافع الآتية من الدكاكين وأمثالها الموقوفة على المسجد تكون مملوكة ملكا مطلقا للمسجد أو المشهد أو المدرسة، فيجوز للمتولي بيع تلك المنافع وتبديلها بشيء آخر من غير عروض مجوز لها من المجوزات  التي تجوز بيع الوقف، كما يجوز بيع المشتري بالمنافع هذه أيضا وتبديله بشيء آخر، بخلاف الأصل وهو الدكان والحمام فانه لا يجوز بيعه إلا عند عروض مجوز له )(1) أما عوائد الأوقاف أو موارد الاستثمار فإنها تصرف في مواردها فعلى سبيل المثال إذا كان الوقف لأجل إطعام الزائرين فلا بد إن يصرف في المضيف المخصص لذلك في كل عتبة وان كان لأجل تطبيبهم فيصرف في المستوصف الخاص بالزائرين وهكذا(2) وان الذي عليه أكثر الفقهاء وهو إن آلات المشهد من إنارة وتكييف وفرش وشبهها مع وجود الفائض تنقل عند الاستغناء التام إلى مشهد آخر، قال السيد السيستاني ( ولو فرض استغناء المحل عنه بالمرة بحيث لا يترتب على إمساكه إلا الضياع والتلف يجعل في محل آخر مماثل له )(3) أما مع عدم الانتفاع جوزوا البيع ( وأما لو فرض انه لا يمكن الانتفاع إلا ببيعه وكان بحيث لو بقي على حاله ضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحل إن احتاج إليه، وإلا ففي المماثل ثم المصالح العامة حسبما مر )(4)

    مما تقدم يتضح لنا جواز استثمار أموال العتبات المقدسة على النحو الذي بيناه إلا إن هذه الإجازة تتطلب إذن الحاكم الشرعي وصلاحية المتولي أو القائم على هذه الأموال للتصرف وان يضمن استثمارها في موارد مضمونة الربح وقليلة المخاطر.

المطلب الثاني

الأساس القانوني لاستثمار أموال العتبات المقدسة

      أن ارتباط العتبات المقدسة بدوائر السلطة التنفيذية الحكومية المتمثلة بديوان الوقف الشيعي يعد أمر ضروريا لإصلاحها وتطويرها والنهوض بها وأن كانت الممارسات العملية للحكومات المتعاقبة في العراق قد كشفت عن وجود جملة من المشكلات التي ارتبطت بها ونتج عن ذلك الكثير من التجاوز على أموال الوقف عامة والعتبات المقدسة بشكل أخص كل ذلك بسبب عدم وضوح النظام القانوني الذي يحكم التصرف بتلك الأموال واستثمارها. ونحن عندما نريد أيجاد الطرق المناسبة لاستثمار أموال العتبات المقدسة لابد من البحث في الأساس القانوني لاستثمار هذه الأموال حتى يسوغ لنا الحديث بعد ذلك عن الصيغ المثلى للاستثمار ومن أجل ذلك سنقسم هذا المطلب على فرعين ندرس في الأول منهما الأساس التشريعي لاستثمار أموال العتبات المقدسة ونبحث في الفرع الثاني الأساس الفقهي.

الفرع الأول

الأساس التشريعي

    بالرغم من وجود تشريعات مختلفة تنظم شؤون العتبات المقدسة وتبين آلية العمل فيها، إلا أن هذه التشريعات لم تكن بالمستوى المطلوب لاستيعاب تنظيم شؤونها المذكورة. إذ أقتصر أغلبها على تنظيم أمور خدمة العاملين في العتبات المقدسة، وطرق إدارة هذه العتبات، وما يتعلق بالتصرف بالموارد المالية فيها المتأتية من مصادر مختلفة أهمها الهدايا والنذور. فقد تعاقبت التشريعات التي أصدرتها السلطة الحاكمة آنذاك. إذ منع نظام العتبات المقدسة أبتداءً التصرف بخزائن العتبات ونقل شي منها إلى خارجها أو بيع شي من محتوياتها أو استبداله ولو بالأحسن منه. وأكدت على ضرورة حفظها بسائر وسائل الحفظ وألزم القائمين على إدارة العتبات بجرد موجودات الخزائن ومحتويات العتبة من قبل لجنة شكلت لهذا الغرض بأمر وزير الأوقاف على أن يجري الجرد بعد ذلك كل ثلاث سنوات وحسب ما يقرره الوزير.(1) وبموجب النظام المذكور فان من واجبات السادن ــ وهو المسؤول عن إدارة العتبة ــــ المحافظة على جميع محتوياتها من أثاث وفرش وأشياء ثمينة من ذهب وفضة وأحجار كريمة وكتب أثرية وغيرها منقولة أم غير منقولة.(1) إلا أنه ممنوع بموجب النظام المشار إليه من التصرف بهذه الأموال أو استثمارها كتأجير غرف الصحن أو الكيشوانيات، أو استيفاء أجور عن دفن الموتى في أي مكان منها(2)، هذا ما يخص أموال العتبات المقدسة من الهدايا والنذور المخصصة. بيد أن المشرع أباح للسادن أخذ ما يلقى في داخل شباك الضريح المقدس بدون تحديد نسبة معينة وأعطاه أيضا خمس الهدايا والنذور غير المخصصة.(3) وقد أكد نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 هذا النهج في التصرف بأموال العتبات المقدسة وأباح للسادن ما كان له من نصيب من هذه الأموال بموجب النظام الملغي.(4)

        ولم يكن المشرع يهتم باستثمار أموال العتبات المقدسة آنذاك استثمارا ينمي هذه الأموال ويتعامل معها كأصول تدر عوائد استثمارية تعود بالفائدة على العتبات كما هو الحال في الاستثمارات الموجودة حاليا. إلا أنه أجاز أيجار العقارات والمنقولات الموقوفة على العتبات المقدسة والهبات والوصايا المخصصة إذا كانت طبيعتها تسمح بذلك.(5) وبصدور قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (227) في 6 / 3 / 1978 أعتمد المشرع آلية جديدة في التصرف بإيرادات النذور والتبرعات حيث كان يجيز للسادن أخذ النذور والأموال التي تلقى في داخل شباك الأضرحة المقدسة دون أن يشرك معه أي أحد إلا أنه بموجب هذا القرار نص على أن تخصص إيرادات النذور والتبرعات النقدية والعينية التي تلقى داخل الأضرحة لإصلاح العتبات المقدسة وتأثيثها وإعانة موظفيها وأسرهم وذويهم ورعاية كل ما يتعلق بشؤونها وفق آلية تضمنها القرار المذكور حيث تتولى لجنة العتبة المقدسة جمع الإيرادات وتفتح بها حساب خاص في أحد المصارف باسم حساب صندوق لتلك العتبة وتقوم بمسك سجلات خاصة بذلك على أن توزع الإيرادات على النحو التالي :

  1. خمس الإيرادات على الموظفين من الخدم الرسميين والعاملين في العتبة وعلى أسرهم وذويهم في حال عجزهم أو وفاتهم أن لم يكونوا مشمولين بضمان .
  2.  خمسي الإيرادات للتعميرات اللازمة في العتبة وتأثيثها بتوفير المواد اللازمة لها .
  3.  خمس الإيرادات لشؤون العتبة العامة الأخرى التي تقررها لجنة العتبة المقدسة وتقترن بمصادقة المرجع المختص.
  4.  خمس الإيرادات للمحتاجين والفقراء من سكان مدينة العتبة وزوارها.

 وقد تضمن هذا القرار أيضا التأكيد على ضرورة أن يكون الصرف وفق خطة تضعها الوزارة بالاتفاق مع لجنة العتبة وألزم وزارة الأوقاف بإصدار تعليمات تبين آلية فتح شباك الضريح المقدس ومواعيده وجمع النذور وضبطها وعدها وحفظها واستبدال العينات منها بالنقد.(1) وقد عدل القرار المذكور بالقرار رقم ( 257 ) في 29 / 7 / 1991 والذي تم بموجبه تعديل نسب توزيع الإيرادات المالية في العتبات المقدسة إذ أضيف خمس أخر إلى التعميرات التي تجرى في العتبة ليكون ثلاثة أخماس بدلا من خمسين وأصبح الخمس المخصص لشؤون العتبة العامة يشمل المحتاجين والفقراء من سكان مدينة العتبة وزوارها.(2) وظلت الأحكام المشار إليها آنفا هي السائدة آنذاك والمعمول بها في تنظيم أصول التصرف بأموال العتبات المقدسة ولم يجرى عليها أي تغيير . الأمر الذي ترك أثرا واضحا على العتبات والتي لم تحصل على نصيبها من التطوير والتوسعة بما يتناسب مع مكانتها رغم ضخامة الأموال الواردة إلى خزائنها حتى أن بعض مراجع الدين قد انتقدوا إدارة العتبات المقدسة بهذا الشكل واستيلاء السدنة على أموالها بالطرق التي أباحتها لهم التشريعات أنفة الذكر أو بالطرق الاحتيالية الأخرى وعدم إدارتها من قبل أيادي أمينة تفقه الأحكام الشرعية التي تتعلق بآلية التصرف بهذه الأموال (3)

     ونتيجة التجـــاوزات المستمرة على أموال الأوقــاف بعامة من قبل المتولين وأموال العتبات المقدسة من قبــل السدنة والقائمين على هــذه الأمـــوال بطرق مختلفة وعــدم الاستفـــادة منها بشكل صحيح ولكثرة استياء مراجـــع الدين من هذه الأنظــمة التي جعلت من العتبات المقدسة دولة بين القائمين عليها، فقد أصدر المشرع قانون هيأة إدارة واستثمار أموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993(4) وقد استحدثت بموجبـــه هيأة تسمى هيأة إدارة استثـــمار أموال الأوقـــاف ترتبط بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي كانت هي الجهة التي تشرف على العتبات المقدسة (5) وأعطى للهيأة المذكورة شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري وأهلية قانونية تتيح لها تحقيق أهدافها المنصوص عليها في القانون المذكور(1) وبموجب القانون المذكور فأن الهيأة المستحدثة كانت تتولى القيام بثلاثة مستويات من المهام و كما يأتي:-

1-  إدارة أموال الأوقاف وفقا للإحكام الشرعية وشروط الواقفين لضمان الحفاظ عليها طبقا لأساليب الإدارة الحديثة المطورة.

2-  استثمار هذه الأموال بما يضمن تنميتها لتحقيق الجدوى الاقتصادية مع ضرورة العناية بشروط الواقفين وتنفيذها بما يضمن سلامة التصرف بالأموال الموقوفة على الأوجه الشرعية.

3-     الرقابة على الأموال الموقوفة المضبوطة والتصرف بها وفق القانون(2)

   ولكون العتبات المقدسة تدار من قبل وزارة الأوقاف الموجودة آنذاك وان أموال العتبات يتم التصرف بها من قبل هذه الوزارة ووفقا للتعليمات الصادرة منها والضوابط التي تقرها، لذا فان قانون هيأة استثمار أموال الوقف المشار إليه لم يستثني هذه الأموال من أحكامه وأي أموال تخضع في إدارتها لوزارة الأوقاف إلا الأوقاف الملحقة التي يديرها المتولون(3) والتي ضيّق المشرع عليها، ومنع من تنميتها وزيادة وارداتها من اجل خيرية المصلحة العامة، وأمسك بيد مؤيدي إلغاء الوقف ذريعتهم بقولهم إن الوقف يمنع تداول الأموال وتنميتها، وان خرابها بسبب إهمال المتولين عليها عندما فرض عليها استيفــاء نسبة 10% من مجموع وارداتـــها مقـابل الرقابة عليــها خــلال انحلال التولية عليها، و منع من تنميتها و زيادة وارداتها من اجل خيرية المصلحة العامة الأمر الذي أدى إلى منع تداول الأموال وتنميتها وخراب بعضها بسبب إهمال المتولين عليها عندما  فرض عليها استيفاء نسبة 10% من مجموع وارداتها مقابل الرقابة عليها خلال انحلال التولية عليها. فضلاً عن الضــرائب والرســوم والمصاريف الأخرى التي تستوفيها دوائر الدولة الأخرى منها، بل وأكثر من ذلك شمل العقـــارات الموقوفة المعدة للسكن بامتداد الإيجار بحكم قانون إيجار العقار رقـــم 87 لسنة 1979المعدل. وترتب على ذلك إن بدل إيجارها السنوي القديم أصبح بحكم المعدوم تماماً، وبذلك يكون قد الحق بها ضرراً كبيراً، وبالنتيجة يكون المشرع العراقي قد سوّغ للدولة وغيرها الإثراء على حساب الوقف. وقد أعطي للهيأة المذكورة صلاحيات كثيرة ومهام متعددة أهمها وضع السياسة العامة لخطط ومناهج إدارة واستثمار الأموال الموقوفة وإقرار حقوق والتزامات الإجارة الطويلة والسنوية وفق الإجراءات المقررة قانونا إلا أن الأمر الذي يلفت النظر أن الهيئة المذكورة منحت صلاحية إقرار الاستبدال العيني والنقدي بما يحقق مصلحة الأموال الموقوفة (1) وهذه الصـــلاحية لم تكن موجودة سابــقا للســـادن أو لإدارة الوقف المسؤولة عن أموال الأوقاف آنذاك وهي صلاحية خطيرة تستوجب من يمارسها أن يكون فقيها أو محيطا بالإحكام الشرعية إحاطة تامة لأن استبدال الوقف أمر محل خلاف بين الفقهاء فمنهم من يجيزه للضرورة ومنهم من يمنع العمل به. وقد حددت المادة ( العاشرة ) من القانون الموارد المالية للهيأة بواردات الأموال الموقوفة وريعها وبدلات الاستملاك والاستبدال وكل ما يرد إلى الهيأة من هبات وتبرعات وفق القانون(2) وقد جاء في الأسباب ألموجبه لاستحداث الهيأة أنه من أجل استحداث الهيأة مختصة تتولى استثمار أموال الأوقاف وإدارتها بموازنة مستقلة بما يضمن الحفاظ عليها وينميها وفق الإحكام الشرعية وطبقا لشروط الواقفين شرع هذا القانون. وحتى وأن كانت هذه التشريعات قد خصصت جزء من إيرادات العتبات المقدسة لتطوير هذه العتبات إلا أن هذه التخصيصات لم ترتق بالعتبات إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه وظلت تعاني الإهمال من قبل السلطة الحاكمة آنذاك. وبعد صدور قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 حضيت العتبات المقدسة باهتمام كبير عندما أصبح لها قانون خاص ينظم أحكامها ويعالج الكثير من الأمور التي كانت محل إشكال في الحقب السابقة واهم هذه الأمور موضوع الموارد المالية للعتبات المقدسة والية التصرف بها وأوجه التصرف بها التي أكد القانون على ضرورة أن تكون موافقة لأحكام الشرع الحنيف وتأكد هذا الاهتمام بشكل اكبر بعد أن ورد النص في الدستور على كونها كيانات دينية وحضارية ويقع التزاما على عاتق الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها(3) وقد كان النص صراحة على استثمار أموال العتبات المقدسة من الموضوعات الحديثة التي أشار إليها القانون وجعلها من ضمن الأهداف المهمة التي تسعى دائرة العتبات المقدسة إلى تحقيقها بمختلف الأوجه المتاحة والموافقة لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة(4) وأصبح في كل عتبة مقدسة مجلس إدارة يمارس صلاحيات ومهام كبيرة منها ما هو تنظيمي ومنها ما هو إداري ومنها ما هو قانوني وغير ذلك وأهم هذه الصلاحيات أجراء جميع التصرفات القانونية وإبرام العقود كافة ، المتعلقة بالعتبة وأعمالها وأنظمتها ودراسة وإقرار فرص استثمار الأموال العائدة للعتبات المقدسة على الوجه الأمثل(5) هذا وقد وتم التأكيد على موضوع الاستثمار أيضا من خلال اعتباره من الموارد المالية للعتبات. حيث أشارت المادة  ( 17) من القانون إلى الموارد المالية للدائرة وعدت الأرباح الناتجة عن استثمار أموال العتبات جزء لا يتجزأ منها إضافة إلى بدلات استبدال الأملاك الموقوفة على العتبات وعوائد أملاك العتبات والأوقاف الخاصة بها(1) وهكذا يتضح لنا، ومن خلال نصوص المواد ( 3 و12 و17 ) من قانون إدارة العتبات المذكور انه لا بد من تشخيص بعض الملاحظات التي تحتاج إلى معالجات وحلول وكما يأتي :-

1-أن قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة بالرغم من إجازته لاستثمار أموال العتبات المقدسة في النصوص القانونية التي أشرنا إليها آنفا إلا أنه لم يحدد آلية الاستثمار أو الإجراءات التي يتطلبها هذا العمل التجاري سواء بالنصوص القانونية المذكورة أو بأنظمة أو تعليمات تصدر بموجبه من أجل بيان تلك الإجراءات. حتى أن القانون لم يتضمن أي نص يحدد الجهة التي لها الحق في إصدار التعليمات بما يسهل تنفيذ أحكامه. واكتفى بإلتاكيد على الاستمرار بالعمل بأحكام القوانين والأنظمة المعمول بها لإدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة بما لا يتعارض مع أحكام الشرع الحنيف وأحكام هذا القانون إلى حين إلغائها أو إصدار ما يحل محلها(2) وهذا في الحقيقة نقص تشريعي واضح يحتاج إلى معالجة من جهتين :

الجهة الأولى

أن القوانين والأنظمة المعمول بها سابقا لإدارة العتبات المقدسة لا يمكن تطبيقها في الوقت الحاضر كونها تخالف الأحكام الشرعية الخاصة بالعتبات المقدسة وقد أكد هذا القانون في أكثر من موضع على ضرورة أن يكون العمل وفقا للضوابط الشرعية وأحكام الشرع الحنيف(3)

الجهة الثانية

 لم تتضمن القوانين والأنظمة السابقة أي آلية واضحة لاستثمار أموال الوقف ومنها أموال العتبات المقدسة. بل أن أي تطبيق عملي لاستثمار أموال العتبات المقدسة منذ صدور التشريعات الخاصة بها ولحد الآن لم يتم وفق أطر قانونية. كذلك فأن هيأة إدارة استثمار أموال الأوقاف المشكلة بموجب القانون رقم 18 لسنة 1993 لم تستثمر أي مال عائد للعتبات المقدسة. لذا فإن انعدام التجربة العملية في هذا المجال كان سببه الأول هو عدم وضوح القوانين الخاصة بالعتبات المقدسة.

2-   هناك خلط واضح في الصلاحيات الخاصة بالاستثمار. إذ نجد أن قانون إدارة العتبات المقدسة قد احدث تشكيلا إداريا أشبه ما يكون بالوهمي وهو دائرة العتبات المقدسة ومنحه صلاحيات مهمة إلا أنه من جانب آخر كرر منح نفس الصلاحية وبطريقة أخرى لمجالس إدارات  العتبات المقدسة حيث نصت المادة ( 1 ) من القانون على تأسيس دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة وحدد مهامها في المادة (3 ) منه ومن ضمن هذه المهام أنها تسعى إلى صرف واردات العتبات والمزارات في مواردها وفق الضوابط الشرعية والقانونية. وكذلك استثمار الأموال العائدة للعتبات والمزارات بمختلف الأوجه المتاحة والموافقة لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة. والحال إن مجالس الإدارة في العتبات المقدسة هي التي تقوم بإقرار فرص الاستثمار وتنفذها من قبل الأقسام المتخصصة فيها من دون توسط الدائرة المذكورة. كذلك فان المشرع قد عد هذه الدائرة ضمن الدوائر التي يعين مديروها من قبل رئيس ديوان الوقف الشيعي ووفقا لإجراءات خاصة أهمها موافقة المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق من فقهاء النجف الأشرف(1) والحق أن هذه الدائرة لا تمارس أي مهام حقيقية لان هذه الممارسة منعت بحكم القانون الذي جعل مجلس الإدارة في كل عتبة هو المسؤول الأول عن وضع السياسة الخاصة بما يتولى إدارته وتحقيق الأهداف المنصوص عليها بشأنه. (2) وما يؤكد كلامنا هذا ما بينه المشرع في المادة ( 7 ) من القانون بان يتولى مدير دائرة العتبات والمزارات مسؤولية التنسيق مع مجالس الإدارة للعتبات والمزارات وبين رئيس ديوان الوقف الشيعي وتشكيلاته المختلفة وتقديم العون لمجالس الإدارة في أداء مسؤوليتها على الوجه الأتم. وقد تضمنت المادة ( 2 ) من القانون المهام والصلاحيات لكل مجلس وأهمها رسم السياسات والخطط والبرامج الإدارية والمالية والثقافية الخاصة بالعتبة ودراسة وإقرار مقترحات الأنظمة الداخلية والتعليمات الخاصة بإدارة وتيسير شؤون العتبة والمزارات ودراسة وإقرار فرص استثمار الأموال العائدة للعتبات وغير ذلك من الصلاحيات الأخرى الأمر الذي يجعل دائرة العتبات المقدسة ليست أكثر من حلقة زائدة لعدم فاعليها وانعدام الفائدة من وجودها وكان الأجدر بالمشرع إلغائها لان التشكيل الإداري الذي لا يمارس مهام حقيقية في كل مؤسسة أو منظمة فإنه سيكون عائق أمام المؤسسة من تحقيق أهدافها . يضاف إلى ذلك أن الصلاحية الممنوحة للدائرة في المادة ( 18) من القانون والخاصة بمهمة المحافظة على النفائس والمقتنيات والمخطوطات والهدايا المحسوبة على العتبات لا يمكن للدائرة ممارستها أيضا طالما أنها تعد من الصلاحيات الحصرية لمجلس إدارة العتبة بموجب المادة ( 12 ) من القانون. (1)

3-إن تخويل مجلس إدارة العتبة بدراسة وإقرار فرص الاستثمار للأموال العائدة للعتبة على الوجه الأمثل هو نص صريح على إمكانية استثمار هذه الأموال. وفيه نجد الأساس القانوني لهذا الاستثمار إلا إن ذلك يتطلب وجود شخصية معنوية تؤهل إدارة العتبة تطبيق هذا النص والعمل بموجبه في الواقع. ولا نعتقد أن نص الفقرة ( 11 ) من المادة (12) من قانون إدارة العتبات المقدسة كاف للقول بوجود الشخصية المعنوية عند إدارة العتبة المذكورة. من هنا كانت الحاجة ملحة لمعالجة تشريعية حقيقية. وحسنا فعل المشرع لدينا عند إصداره لقانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012 حيث نصت المادة (24 / أولا ) منه على إن العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة كيانات حضارية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري اللازم لتحقيق أهدافها.(2)

ومما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد وجوب إن تتضمن التشريعات المعاصرة للوقف والعتبات المقدسة في مجال الاستثمار إن يكون في مجال مشروع وبوسائل مباحة شرعا والسعي لاستثمار كافة أموال الوقف والعتبات مع مراعاة الضوابط الشرعية الواردة في الفتاوى والتوصيات في هذا الشأن(3) ويأتي مطلب تطوير المنظومة التشريعية للوقف ضمن الوقف العام لإصلاح مؤسسة الوقف في جوانبها المختلفة الإدارية، والتنظيمية، والمالية وغيرها. وقد بذلت العديد من الدول الإسلامية جهدا متميزا في تقنين كافة الشؤون الخاصة بالوقف على هدى ما اختطه الشرع الحنيف لهذا المرفق الحيوي الهام من قواعد وأحكام بما يضمن وضع تنظيم يكفل سلامة الوقف والمحافظة عليه لتحقيق مقصده حسب شرط الواقف فالضرورة تقتضي إن يكون التشريع الوقفي المعاصر مبنيا على فقه صحيح، مستوعبا وشاملا لكل مسائل الوقف ومحيطا بأحكامه المختلفة وهذا يتطلب الدقة في الصياغة القانونية، ووضوح التعبير، واستيعاب المستجدات المعاصرة، سواء في الأموال الموقوفة أم في أغراض الوقف الأخرى أم في صيغ استثمار ممتلكاته، أم إدارته وتنظيمه مع أهمية الموائمة مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية للدول والمجتمعات الإسلامية.

الفرع الثاني

الأساس الفقهي

     الوقف بعامة والعتبات المقدسة، بخاصة،من المواضيع التي اهتم بها المشرع العراقي منذ زمن بعيد يصل إلى بدايات تأسيس الدولة العراقية حيث كانت هناك وزارة للأوقاف وتشريعات تنظم أحكام الأوقاف وميزانية مستقلة للأوقاف ضمن الموازنة العامة للدولة منذ عام1921. وكانت الدولة تخصص في موازنتها العامة فصل خاص للعتبات‏ المقدسة ضمن ميزانية الأوقاف منذ عام 1927، وبصدور نظام تشكيلات الأوقاف رقم  27 لسنة 1947 عدت العتبات المقدسة من ضمن التشكيلات المرتبطة بالأوقاف(1) ثم تلاه صدور أول تشريع ينظم أحكام العتبات المقدسة وهو نظام العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1948 والذي صدر استنادا لأحكام قانون الأوقاف رقم (27) لسنة 1929. وبالرغم من قدم هذه التشريعات وعراقة نظام الوقف سواء أكان في العراق أم في غيره من البلدان الإسلامية فان هذا النظام لم يحض بالاهتمام الكبير من قبل فقهاء القانون. إذ لم نرَ إلا القليل من الفقهاء من بحث في هذا الجانب والأكثر من ذلك فان أي بحث يكتب في هذا المجال نراه ينحى المنحى الشرعي وينقل ما سطره فقهاء الشريعة الإسلامية من أحكام دون إن يتقيد بالإطار القانوني للبحث مما جعل المكتبة القانونية تفتقر إلى الشروحات القانونية لقوانين الأوقاف بصورة عامة والعتبات المقدسة بشكل اخص. لذا فان البحث في أي موضوع من مواضيع الأوقاف ترافقه صعوبات كبيرة أهمها قلة مصادر البحث القانونية. وقد كان للفقهاء المسلمين من المعاصرين محاولات جادة للاجتهاد في فقه الوقف، وبخاصة في الموضوعات المعاصرة لذا ينبغي للتشريعات الوقفية أن تستفيد من تلك الاجتهادات وتضعها في إطار قانوني  وخاصة ما صدر عن المؤتمر الأول للوقف(2) ومنتدى قضايا الوقف الفقهية الأول(3) وما صدر عن الدورة الخامس عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في مسقط(1) ومن أهم تلك القضايا ما يتعلق باستثمار أموال الوقف و بيان آليات الاستثمار ونطاقه. وفي مجال استثمار أموال الوقف ينبغي لنا إن نورد ما اقره الفقهاء للوقف من الأحكام القانونية التي تسهل عملية الاستثمار وتعتبر من أدواته الرئيسية والتي  بانعدامها لا يمكن التصرف بأموال الوقف وهي الذمة المالية المستقلة وما يتبعها من تمتع الوقف بالشخصية المعنوية إذ اقروها  بان تتوافر لكل من الوقف والمسجد، وكذا بيت المال، ويقاس عليها المدرسة والمستشفى وغيرهما، فهي ذمة مالية مستقلة باكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وبذلك يكون الفقه الإسلامي قد عرف الشخصية المعنوية في أحكامه الفرعية، وان لم يكن يعرفها بالاسم .فالوقف له ذمة مالية مستقلة ويكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات بذاته. ويكون مالكاً للمال الموقوف ودائناً ومديناً وبائعاً ومشترياً ومؤجراً ويقاضي ويقاضى. فهو بهذا الوصف شخصية معنوية مستقلة عرفها الفقه الإسلامي بمعناها وأحكامها.(2)

    وقد أكد المشرع العراقي على إن للأوقاف شخصية معنوية بشكل مطلق، ولو كان الوقف من ضمن الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة لما افرد المشرع فقرة خاصة له في القانون(3)ويتجه الفقه القانوني إلى أن الوقف من الأشخاص المعنوية الخاصة، لأنه مجموعة أموال لتحقيق غرض معين(4) ونعتقد إن هذا الرأي جدير بالتأييد لان الوقف يجتمع فيه أكثر من معيار لتحديد صفته كشخصية معنوية خاصة من حيث نشأته وتنظيمه ونشاطه وإدارته وماليته وسلطته ومنازعاته والعاملين فيه وغرضه وغيرها. وتقوم فكرة الوقف على منع التداول العادي للموقوف بجميع أنواع البيوع أو المعاوضات أو الهبات ليظل مرصودا على تمويل الفعل الخيري قادرا على المشاركة في التنمية الاجتماعية، وذلك يعني خلق مورد ثابت لفعل أحساني يخاف عليه أن يتوقف أن انعدم مصدر تمويله الثابت، فهو بهذا المعنى يندرج في مفهوم التنمية المستدامة التي لا تتأثر بتقلبات الظروف ولا بأوضاع مالية الدولة التي قد تقلص من ميزانيات الكثير من المؤسسات المرتبطة بها والمعتمدة عليها ومنها المؤسسات الاجتماعية. لذا نرى أن مال الوقف كثيرا ما كان يسلم من آثار الأزمات المالية التي تفرزها حالات الحروب الخارجية أو الاضطرابات السياسية الداخلية. وقد نتج من هذا الحرص على استدامة الوقف اتجاه الفقه في اغلب الأحيان إلى تعقيد أحكام الوقف، ومنع الكثير من التصرفات خوفا على الوقف من النهب والتبديد إلى أن بلغ هذا التقييد المفرط درجة أهملت فيها بعض الوقوف وآلت إلى وضع سيء. وبتطور الحياة الاجتماعية وبروز مستجدات اقتصادية فقد وجد الفقه نفسه مدعواً إلى القول بجواز بيع ما خرب من العقار وشراء عقار آخر بدلا عنه وأجاز المعاوضة شرط أن تتم وفق ضوابط معينة تحفظ حق الوقف وتحميه من الأيادي غير الأمينة. وقد كان تجدد فقه الوقف وربط الأحكام بما يحقق المنفعة دليلا على حيوية فقه الوقف ومرونته وقدرته على التعامل مع المستجدات الاقتصادية الطارئة . فالوقف وأن كان فيه الأجر والثواب لكنه ليس من العبادات المحضة التي لا يبحث فيها عن العلل والمقاصد. فمقاصد الشارع وكذلك مقاصد الواقف واضحة في أن يستمر الثواب والأجر إلى ما شاء الله ولذلك سمي بالصدقة الجارية. لذا يجب الحفاظ على  العين وعدم استبدالها ما دامت العين الموقوفة تحقق الغرض المنشود والقصد المطلوب وهو الانتفاع بها بالشكل المطلوب، فإذا لم تعد هذه العين قادرة على تحقق ذلك الغرض بأن قلت وارداتها أو انعدمت كليا فلا بد من تدارك الموقف ببيع تلك العين وشراء أخرى محلها لتتحول إلى عين منتجة وأن كانت أصغر من الأولى أو بتغيير طبيعة وشكل الموقوف من حاله الزراعي إلى العقاري أو الصناعي أو غيرهما. فمثلا نشتري بثمنه عمارة أو مصنع آخر أو حتى جزء منه أو غير ذلك من الاستثمارات الأخرى التي يمكن أن تحل محل العين الأولى ولا شك أن هذا الاختيار يؤدي إلى الانتفاع المرجو بل يؤدي إلى استمرارية الوقف وتأبيده من حيث الغرض والقصد والنتيجة . وهكذا تبدو النظرة إلى المصلحة في موضوع استبدال الوقف بهذه الأهمية عند من يرى أهمية النظر إلى المصلحة في الوقف. فالاستبدال هو عمل من أعمال الإدارة وليس عملا من أعمال التصرف الذي ينتهي به الوقف فهو في غايته تحسين عقارات الوقف وزيادة الريع حيث يصرف في الوجوه التي اعد لها.(1)  ويرى جانب من الفقهاء أن المنع من استثمار الوقف يجعله ساكنا لا يتحرك وواقفا لا يسير في وقت تنوعت فيه المؤسسات الخيرية غير الإسلامية في العالم وتنافست في توفير الخدمات الإنسانية متخذة من بعض الاستثمارات الضخمة وسيلة لجني الأرباح الطائلة التي أصبحت ريعا فائضا يقضي احتياجات العمل الخيري دون أن يمس رأس المال بسوء(2) وقد كان للتغيرات التي حصلت في النشاطات المالية والتجارية دور كبير استدعي لظهور إشكال جديدة من الوقف لم تكن معروفة ولا مألوفة من قبل كما أدت أيضا إلى ظهور أهداف جديدة تفصيلية للأوقاف لم تكن ظاهرة في نية الواقف من قبل واهمها ما حصل في ثلاثة جوانب هي :

أولا : العمل بمفهوم المؤسسة وما رافق ذلك من ابتكارات حديثة في أساليب الاتصال والإدارة والإنتاج.   

ثانيا : شيوع الضرائب المتنوعة على أنواع المال المختلفة ومنها أموال الوقف ومن ثم فان مال الوقف غير المستثمر سيؤول إلى الضرائب .

ثالثا : ابتكار أساليب جديدة في الاستثمار يمكن للأموال الوقفية الاستفادة منها فكان تبعا لذلك لزاما على المسلم إن يسعى إلى أحياء نظام الوقف لتمويل مشروعات تجديد الحضارات الإسلامية ولا يكون ذلك إلا من خلال إصلاح النظام القانوني الخاص بالوقف والعتبات المقدسة.

    إن التصرفات القانونية التي يجوز لمتولي الوقف القيام بها، هي ما كانت لمصلحة الوقف في عمارته ونمائه ومنفعة الموقوف عليه مع مراعاة شروط الواقف وتنفيذ الأحكام الشرعية والقانونية ، وتكون بعقود المعاوضة التي يبرمها المتولي نيابة عن الوقف مع الغير ويلتزم بتنفيذها وهي على نوعين هما :

النوع الأول : عقود التصرف المتمثلة بأعمال التصرف التي يجوز للمتولي القيام بها استثناء بعد استحصال الإذن الشرعي.

 النوع الثاني

 عقود الإدارة المتمثلة بأعمال الإدارة التي ترد على استغلال الموقوفات واستثمارها.(1)

وترتكز السياسات الاستثمارية الوقفية على مرتكزات رئيسة أهمها أن لا تخالف طبيعة الوقف ولا تتعارض مع أهدافه أو شروط الواقف وأن لا يوجد في الأحكام الفقهية ما يتناقض معها، ولعل الاستبدال والمساطحة والإجارة من أهم طرق الاستثمار الذاتي والتي تتم عن طريق مجموعة من العقود والمعاملات والتصرفات المالية التي ينشئها الناظر أو المسؤول عن إدارة الوقف بالإمكانيات الذاتية المتوافرة داخل مؤسسته بما يمكن تلك المؤسسة من رعاية الجهة الموقوف عليها وصيانة الممتلكات الوقفية وتكوين رصيد مالي للاستعانة به في الظروف الطارئة.(1)وإذا كان الأصل إن يلتزم متولي الوقف بعدم إجراء التصرفات القانونية على الوقف، إلا انه يجوز له إبرام عقود استبدال الموقوف وإنشاء حق المساطحة عليه والالتزام بتنفيذها بعد استحصال الإذن ووجود المسوغ الشرعي.وقد أوجب المشرع العراقي على المتولي مراقبة الموقوفات وصيانتها ومنع التجاوز عليها واستثمار الموقوفات الخيرية والآيلة للانهدام بتعميرها أو اعمار أراضي الوقف أو شراء ــ استبدال – أملاك تسجل وقفاً ملحقاً من فضلة الواردات أو من بدلات الاستملاك وبإذن من المحكمة المختصة (2) للتثبت من وجود مصلحة للوقف في التعمير أو الاستبدال وبموافقة ديوان الأوقاف، ويستثنى من ذلك إذا كان الواقف نفسه هو المتولي(3) وهذا ما سنوضحه حسب التفصيل الآتي:

 أولاً- استبدال الوقف

الاستبدال هو تغيير حبس العين المملوكة على حكم ملك الله سبحانه وتعالى، ورفع منع التصرف فيها بالبيع أو الوصية أو الهبة أو الرهن وما شابه ذلك، والتصدق بمنفعتها على وجه التأبيد. فاستبدال العين الموقوفة، يعني إطلاق قيدها من منع التصرف فيها، ببيعها واستبدال ثمنها بشراء عين أخرى تكون وقفاً بدلاً منها، وهذا يعد خروجاً استثنائياً على مقتضى الوقف واعني التأبيد. ولذلك اختلف فقهاء المسلمين في المسوغات الشرعية لاستبدال الموقوف بين من يستلزم وجود الضرورة أو تحقق المصلحة(1) وقد أعطى قانون إدارة الأوقاف النافذ لوزارة الأوقاف حق استبدال الموقوف الذي يحقق المصلحة في استبداله بدل من الموقوف أو بالنقد بحسب ما يحقق النفع للوقف ويتم ذلك بموافقة المجلس وحجة من المحكمة الشرعية وصدور مرسوم جمهوري (2) ثم عدل هذا النص بصدور قانون رقم 64 لسنة 1966 حيث تم نقل الاختصاص من المحاكم الشرعية إلى ديوان الأوقاف والمتولي حصرا(3) ثم نظمت عملية الاستبدال بموجب تعليمات تضمنت أن يكون الاستبدال وفق نظام المزايدات والمناقصات من أجل أن لا يداخل الاستبدال الغبن والانحراف والمحاباة أو تفويت مصلحة الوقف لحساب أشخاص لهم نفوذ أو سلطان فصدر بذلك نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم (45) لسنة 1969 ليكون الاستبدال وفقا لما ورد فيه من أحكام.(4) ويتم استبدال العقار الموقوف بموجب ضوابط قانونية معقدة أراد المشرع من إقرارها حفظ أموال الوقف وجعل الاستبدال لا يتم إلا في حالات الضرورة القصوى التي تتطلب ذلك حيث يستلزم صدور قرار من المجلس وموافقة الرئيس الأعلى لديوان الأوقاف طبقا لما نص عليه قانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 في المادة (السادسة /1) منه. هذا وقد بينت التعليمات رقم (1) لسنة 1970 على وجه التفصيل كيفية استبدال العقار للموقوف بعقار آخر أو بنقد أيهما انفع, وان الاستبدال يتم بناءً على قرار من المجلس وموافقة الرئيس الأعلى لديوان الأوقاف.

 ثانياً- إنشاء حق المساطحة على الموقوف

حق المساطحة حق عيني يخول صاحبه أن يقيم بناء أو منشآت اخرى غير الغراس على ارض الغير بمقتضى اتفاق بينه وبين صاحب الارض ،ويحدد هذا الاتفاق حقوق المساطح والتزاماته.
ويجب تسجيله في دائرة التسجيل العقاري(5). وقد أجـــاز المشرع العراقي إنشاء حق المساطحة على الموقوف في المادة ( 258) من قانون التسجيل العقــــاري رقم  43 لسنة 1971، إلا انه لم ينظم ذلك بقانون خاص وبذلك تخضع أحكامه للقانون المدني.(6) وجوز أيضا للمتولي إن يغير من نوع الموقوفات بقرار من مجلس الأوقاف الأعلى حيث يجوز للمتولي تغيير معالم الوقف، بتحويل الدار إلى عمارة سكنية أو تجارية، لأنه اكثر منفعة للوقف والموقوف عليه وتحقيقاً لغرض الواقف في زيادة الخيرية واستمرارها(1)ويمكن القول إن عقد إنشاء حق المساطحة على الموقوف، يقترب كثيراً من عقد إيجار الأملاك الوقفية، ولكن لمدة طويلة .

    أما موقف القضاء من استثمار أموال الوقف فلم يكن أكثر وضوحا من موقف الفقه المدني ولكننا نجد في بعض تطبيقات القضاء ما يشير إلى إمكانية استثمار هذه الأموال وفقا لأحكام القانون والشرع الحنيف. ولابد لنا إن نبين ابتداءً إن القضاء اقر بان للوقف شخصية معنوية قائمة بذاتها مستقلة عن الواقف لأنها خرجت عن ملكيته، وتسجيله يكون باسم الوقف وليس باسم الواقف وان كان ينسب إليه للتعريفوالقضاء العراقي عد الأوقاف الخيرية من الأشخاص المعنوية العامة(2) وكذلك يرى مجلس شورى الدولة العراقي إن الأوقاف (الخيري والمشترك والوصية التي تخرج مخرج الوقف) من الأشخاص المعنوية العامة، أما الوقف الذري فقد عده من الأشخاص المعنوية الخاصة.(3) يتضح مما تقدم بان الفقه والقضاء اقر استثمار أموال الوقف إن كان في هذا الاستثمار مصلحة تتمثل بالمحافظة على المال الموقوف وتنميته ومنع تعطيله الذي قد يودي به إلى هلاكه وحرمان المنتفعين منه.

                                                     

                                                      المبحث الثاني

ضوابط استثمار أموال العتبات المقدسة والرقابة عليها

    أن الإسلام بشريعته الغراء منهج متكامل يشمل جميع جوانب الحياة ويعالجها بشكل متكامل لا يفصل بعضها عن بعض ومن ثم لا يمكن لشريعة الإسلام أن تحقق أهدافها في إسعاد الناس إلا إذا كانت كلا متكاملا. ومن هنا يأتي الاقتصاد الإسلامي كجزء بارز من النظام الإسلامي الشامل وهو مرتبط ارتباطاً وثيقا بالدين الإسلامي عقيدة وشريعة وأخلاقا فلا يمكننا بأي حال من الأحوال دراسة الاقتصاد الإسلامي مفصولا عن عقيدة الإسلام وشريعته. ونعني بذلك إن استثمار أموال العتبات المقدسة إنما تنظمه مجموعة المبادئ والقواعد والقيود الشرعية والقانونية التي تنظم النشاط الاستثماري في المنهج الإسلامي والقانون الوضعي.(1) وإذا علمنا أن الاقتصاد يسعى دائما إلى الاستغلال الأمثل للموارد لتحقيق قدر من الإنتاج وتوزيعه توزيعا يحقق الرفاهية للمجتمعات الإنسانية فأن الاقتصاد الإسلامي يسعى لتحقيق ذات الهدف لكن برؤية تستند إلى نظرة الإسلام للكون وفلسفته في الحياة والتي تجعل الاقتصاد الإسلامي منضبطا بمجموعة من الضوابط بحيث لا يمكن بدونها أن يحقق أهدافه في اعمار الأرض وتأمين الرفاهية للأفراد والمجتمعات.  كذلك فان استثمار هذه الاموال ووان كان ضمن ضوابط قانونية وشرعية لابد ان يخضع للرقابة من اجل الحفاظ على اموال العتبات المقدسة، لذا سنقسم هذا المبحث الى طلبين نتناول في المطلب الاول منهما لضوابط استثمار اموال العتبات المقدسة ونبحث في المطلب الثاني موضوع الرقابة على استثمار تلك الاموال.

المطلب الاول

ضوابط استثمار اموال العتبات المقدسة

ان موضوع دراستنا يسعى إلى إبراز أهم الضوابط الشرعية والقانونية التي تحكم الاستثمار في أموال العتبات المقدسة وترشيده، أي المبادئ والمعايير التي تتحدد بها معالم المنهج الإسلامي وسنتناول موضوع البحث في فرعين، نبين في الأول منهما الضوابط الشرعية ونبحث في الفرع الثاني الضوابط القانونية.

الفرع الاول

الضوابط الشرعية

هناك مجموعة من الضوابط التي يتطلب على الجهات القائمة بالاستثمار في اموال العتبات المقدسة مراعاتها وهي ضوابط نابعة من المنهج الاسلامي نبين اهمها فيما يلي :

أولا : الإحاطة بالأحكام الشرعية

        يوجب الإسلام على المستثمر المسلم أن يكون ملما بالأحكام الشرعية المتعلقة بالنشاط الذي اختاره سواء أكان بالتجارة أو الصناعة أو الزراعة أو غيرها. وأن يعلم أحكام الحلال والحرام فيما يخص معاملاته وما بين الحلال والحرام من شبهات وحينئذ هو لا يأتي الحرام أصلا ويتقي الشبهات حتى يميز حكمها. هذا وأن منهج الاستثمار في الإسلام بوضعه لهذا الضابط أنما يهدف إلى تنظيم المجالات الاستثمارية وأسواقها بحيث لا يأتي ذلك إلا من العلم والتعلم للأحكام الشرعية المتعلقة بتلك المجالات فالمستثمر الجاهل إذا كان طرفا في المعاملة فهو لا محالة سيلحق الضرر بالقواعد والأحكام المنظمة لذلك المجال ، فعلى الإدارة في كل عتبة مقدسة مراقبة جميع مجالات النشاط الاستثماري والمختصين في هذا المجال ومدى التزامهم بالأحكام الشرعية المنظمة لتلك المجالات وأنشطتها مما يسهم أسهاما كبيرا في حل المنازعات والخصومات والتقليل من التكاليف الباهظة الناتجة عن الصفقات الفاسدة والملغاة والقضاء على كل أنواع المماطلات والتأخيرات أضافه لذلك فأن التزام المتعاملين بهذا الضابط يسهل عمليات الرقابة.

ثانيا : التقييد بالاستثمار في مجال الطيبات

        لاشك إن الأصل في المعاملات الإباحة (الحل) ما لم يرد دليل على التحريم. لذا فأن كل مجالات الاستثمار مباحة إلا ما ورد نص بتحريمها فمجالات الاستثمار المحرمة محدودة مقارنة بدوائر الحلال ومجالاته الكثيرة مما يترك مجالات واسعة لخيارات الاستثمار في أي منها، فعلى المستثمر المسلم أن يجعل نشاطه الاستثماري في مجال الطيبات التي أحلتها الشريعة الإسلامية ولا يتجاوز إلى غيره من المجالات المحرمة لان ميزان الحلال والحرام هو ضابط لكل ما يصدر عن المكلف من أقوال وأفعال وتصرفات ومن ضمن ذلك النشاط الاستثماري.(1) وقد تكفل الشارع المقدس بيان الطيبات المتاحة من الخبائث المحرمة في أطار تحقيق المصالح العامة والخاصة لجميع البشر إذ بين الحلال والحرام وحذر من الوقوع في الدائرة التي بينهما  إلا وهي الشبهات والتي تفضي بمن يرتع وينشط في مجالها إلى الوقوع في الحرام عاجلا أم آجلا.(2)

          وفي ذلك يقول النبي (صلى الله عليه وآله) ((حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك )) فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم، ثم قال في آخر الحديث ((فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات )).(3)  فمن دقائق الأمور أن المستثمر المسلم مسؤول عن نواياه في التوجه إلى المشروعات. ذلك أن وجهة الحلال والحرام مرتبطة بالمقاصد والنوايا القلبية التي تحدد صلاح المستثمر وصلاح استثماره أو فساده وفساد  استثماره لأن نية فعل الحرام كافية لوحدها لتحريم التصرف أو النشاط ، كذلك فأن نيته عدم السؤال عن الشبهات كافية للإيقاع بصاحبها في دائرة الحرام. أن الالتزام بضابط الاستثمار في الطيبات يكسب المنهج الإسلامي للاستثمار الخصوصية وذلك في مجالات تنتج سلعا وخدمات يطلبها المجتمع المسلم والعكس صحيح بالنسبة للاستثمارات في المجالات غير المشروعة. فالمنهج الإسلامي للاستثمار يرفض ما تبناه الاقتصاد الوضعي بمبدأ الإنسان الاقتصادي الذي لا يميز بين الطيبات وغيرها كما ذكرنا آنفا ولا يسترشد إلا بإشباع رغباته الحسية ولو كلفه ذلك ألوان من الظلم لنفسه ومجتمعه والإنسانية جميعا.

ثالثا : الالتزام بمبدأ العدل ونبذ الظلم في التعامل

ينبغي على المستثمر المسلم الالتزام بضابط إقرار العدل واجتناب الظلم في معاملاته وذلك بالالتزام بما أحله الله من معاملات والتزام العدل في تطبيقها ومباشرتها ويمكن أن ندرك العدل في المعاملات المباحة من خلال مبدأين مهمين يقوم عليهما هما:

  1. مبدأ ارتباط الربح بالمخاطرة وهو ما يُعَبر عنه الفقهاء الغرم بالغنم وكذلك الخراج بالضمان عن سليمان بن صالح عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : (( نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله عن سلف وبيع، وعن بيعين في بيع وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن)) فالربح يستحق هنا بتحمل المخاطرة أو الضمان وليس فقط بالمال والعمل وأن جميع الصيغ الاستثمارية الإسلامية تقوم على هذا المبدأ العادل أي على أساس تحمل المخاطرة (الضمان) أو بعبارة أخرى المشاركة في الربح والخسارة، فالربح يحصل عليه المنظم أو صاحب رأس المال وكذلك الفاعل أيضا من صيغ المشاركة أي أن الربح هو من نصيب العنصر الإنتاجي الذي يتحمل المخاطرة وأوضح مثال لذلك في المضاربة. فيتضح لنا أن المبدأ الاستثماري يحقق العدل، إذ لا يصح أن يضمن إنسان لنفسه مغنما ويلقي المغرم على عاتق غيره، لأن المنهج الاستثماري للإسلام يختلف عن المنهج الاستثماري في النظم الغريبة القائمة على النظام الربوي الذي يقوم على تحديد الفوائد الثابتة مسبقا دون أدنى مشاركة للمقرض من تحمل أي مخاطرة
  2. التراضي في المعاملات إذ يتفق جميع الفقهاء على أن التراضي بين الطرفين المتعاقدين يمثل الركن الأساسي في جميع عقود المعارضات وهو مصداق لقوله تعالى ( إلا أن تكون تجارة عن تراض). فالتراضي يتمثل في الإرادة التعاقدية وهي ما كانت صادرة عن أرادة حرة خالية من أي عيب تؤثر في صحتها.( كما أن التراضي المعول عليه في المعاملات الاستثمارية هو ذلك الذي يبنى على علم المتعاقدين بمحل العقد فإذا حصل التراضي بهذا المفهوم في المعاملات الاستثمارية فإنه سيؤدي لا محالة وظيفة هامة متمثلة في إقرار العدل من خلال التعاقد المتوازي الاداءات وبذلك يؤدي التبادل وظيفته الاقتصادية بانتفاع كل الأطراف المتعاقدة ـ فكل إنسان اعرف بما يناسبه وينفعه فإن رضي بمنفعة ما وكان على علم بمواصفاتها وسعرها كان هذا قرينة على أنه انتفع بالتبادل، فمنفعة السلعة أو المنفعة التي يحصل عليها من التبادل هي عنده أكثر من منفعة ثمنها من النقود.( ولتعزيز وجوب التراضي المبني على علم اقرت الشريعة الإسلامية مجموعة من الأحكام الشرعية التفصيلية نذكر شواهد منها كما يأتي:

أ‌-منع الإكراه ، فالإكراه ضغط مادي أو أدبي أو كلاهما يقع على الشخص قد يولد لديه رهبة أو خوف يحمله على التعاقد.(2) فإذا وقع تعاقد بالإكراه فالعقد غير ملزم بل هو موقوف حتى يزول سبب الإكراه ويقرر صاحبه بإرادته الحرة فإن رضي بالعقد أمضاه وان لم يرض وجب إبطاله.

ب‌-  منع الغش بكل أنواعه لأنه يحجب المعلومات التي يقوم عليها الرضا من أي عقد من العقود وكذا ضرورة منح الطرف المغشوش حق فسخ العقد وإقرار الإقالة وحق الخيار لأحد الطرفين المتعاقدين بإمضاء العقد أو الرجوع عنه خلال مدة معينة.

ج – منع البخس والمماطلة وهذا ما يحقق التراضي بعدالة الثمن والأجر. فمثلا لا يجوز بخس العامل في أجره قال تعالى (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).(3) بل إن من تمام الرضا والإرضاء السرعة في إعطاء الأجير أجره لأن هذا الأجر بالنسبة له هو مصدر تمويل شراء الحاجات الأساسية للمعيشة بقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) أعطوا الأجير أجرة قبل أن يجف عرقه. (4) كذلك فان تحريم الظلم مبدأ عام في الإسلام فالظلم مرفوض آيا كان نوعه أو درجته فقد حرم المولى سبحانه وتعالى الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما أيضا وبين في أكثر من آية قرآنية أنه لا يحب الظالمين ولا يهديهم إلى أي صلاح وفي ذلك يقول تعالى (وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(5) وقوله عز من قائل أيضا (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(6) وقد تكفل الله تعالى بإنزال أشد أنواع العذاب بالظالمين حيث قال تعالى (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)(1) فالإسلام يقيم النشاط الاستثماري على ميزان العدل والحق وهو في ذلك يمنع ويحرم المعاملات الظالمة وهنا يتوجب على المستثمر الامتناع عن الظلم واجتناب الأنشطة والمعاملات الظالمة والمرتبطة بالظلم ومن ابرز هذه المعاملات الظالمة والمرتبطة بالظلم والاستغلال والمنافية لمصلحة المجتمع ما يأتي :

1-   الربا

فهو ابرز مظاهر الظلم في المعاملات الاستثمارية ولذا حرمه الإسلام بجميع انواعه تحريما قاطعا وتوعد المرابيين بأشد العذاب ولا يصح التساهل فيه بداعي الضرورة لأنه مصدر من مصادر الإثراء غير المشروع، ومن ابرز وسائل أكل أموال الناس بالباطل. إضافة إلى أن الفوائد الربوية تؤدي إلى عدم استقرار النظام المالي والوضع الاقتصادي، عموما، وعرقلة انسياب الأموال بسبب ارتفاع معدلات سعر الفائدة التي تؤدي بطبيعة الحال بالكثير من رجال الأعمال إلى التقليل من التوسع في الإقراض المصرفي والإحجام عنه مما يعرقل التدفق المالي للاستثمار ويضعف حوافزه. كذلك فإن الفوائد الربوية تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج باعتبار أن المستثمر يضيف تكلفة القرض الربوي إلى تكلفة الإنتاج مما يترتب عليه ارتفاع في الأسعار للسلع والخدمات.(2) وبالتالي إضعاف فاعلية الاستثمار أن الإنتاج ينشط التكوين الرأسمالي لعدم استقرار قيمة النقود مما يحدث لدى المستثمرين جوا من عدم الاطمئنان إلى إمكانية ثبات القيم الفعلية للاستثمار.(3)

2-   الاحتكار

وهو السيطرة على عرض أو طلب السلعة بقصد تحقيق أقصى قدر ممكن من الربح.(4) وهو في المفهوم الإسلامي جمع السلعة وحبسها وانتظار وقت ارتفاع سعرها ومن ثم بيعها بثمن أغلى.(5) فالمنهج الإسلامي يمنع الاحتكار لأنه يجسد الظلم والفساد وهو وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل. ومن أهم آثاره التحكم في السوق من قبل المستثمر المحتكر والسيطرة ورفع الأسعار كيفما يشاء. وإذا كنا اليوم نجد في الاقتصاد الوضعي كثرة اللوائح التشريعية التي تضع المقاييس والمواصفات القانونية والتنظيمية لأي نشاط اقتصادي، تدعمها في ذلك أشكال من الأجهزة الرقابية المتنوعة. وكذا سلطة القضاء وأجهزة ضمان الجودة وما تقوم به جمعيات حماية المستهلك من دور في الدفاع عن حقوق ومصالح المجتمع المستهلك. فبالرغم من كل ذلك التنوع الرقابي وتخصصه في مختلف المجالات يعاب عليه التشتت في العمل الرقابي مما يؤثر سلبيا على الفاعلية في الرقابة. أما المنهج الإسلامي فإن العمل الرقابي فيه ينطلق من عقيدة المسلم وإيمانه برقابة الله تعالى( الرقابة الذاتية ) وهذا يستلزم زيادة في التثقيف والتوعية المتخصصة في هذا المجال ثم تأتي بعد ذلك الأجهزة المختصة بالرقابة بحسب نظام الدولة .

رابعا: اجتناب الضرر

             المقصود بهذا الضابط هو التزام المستثمر المسلم وهو يمارس نشاطه الاستثماري بعدم إيقاع الضرر بالآخرين أي عدم الإيذاء ونشر الفساد فالقرآن الكريم نهى عن ذلك. قال تعالى ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَىفِيالأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَوَالنَّسْلَوَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)(1) وقد قرر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) قاعدة عامة في هذا المجال بقوله ( لا ضرر ولا ضرار)(2) وقد رتب العلماء على هذا المبدأ قواعد مهمة في ضبط الضرر أهمها ( إن الضرر يزال ) و (الضرر لا يزال يمثله ) و(يختار أهون الشرين ) و(درء المفاسد أولى من جلب المصالح ) و(يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ). وبنوا على هذه القواعد أحكاما عملية كثيرة تمس جميع نشاطات المكلف. لذلك فإن النشاط الاستثماري مقيد بهذه القواعد التي تمنع وقوع الضرر أو التحقق منه أن كان مؤكد الوقوع. والضرر الذي يتصور أن يوقعه المستثمر يمكن أن يكون على نوعين:

  1. الإضرار بالمجتمع
  2. الأضرار بالمنافسين

     ويشمل ذلك تعلق الضرر بعموم المجتمع واقتصاده أو تعلقه بجماعة أو فرد منه. فعلى المستثمر المسلم أن يلتزم بعدم إلحاق الضرر بمجتمعه الذي ينشط فيه أو حتى بفرد من أفراد ه.(3) لذلك يمنع على المستثمر المسلم أن يوقف استثماراته في مجال ما والمجتمع بحاجة ماسة لما ينتجه ذلك المجال من سلع أو خدمات وفي مقابل ذلك هو يمنع أصلا من النشاط في المجالات المحرمة التي تنتج وتروج لمحرمات رجح ضررها على عموم المجتمع أو أفراده، فربح المستثمر على حساب المجتمع أو على فرد من أفراده أمر مرفوض.

    المنهج الإسلامي للاستثمار يمنع المستثمر المسلم من الأضرار بنظرائه من المستثمرين وذلك لأن الإسلام يقيم نظام المنافسة على أساس أن تكون خيرة نافعة، بناءة. فالتنافس ضرورة واقعية تميز العامل على القاعد والمجد على المقصر فهي مطلوبة بين المستثمرين في المجال الواحد لغرض تحقيق أهداف الاستمرار شرط عدم الإضرار بالمنافسين.(1) ومن ابرز الصور التي تلحق الضرر بالمنافسين ما يأتي:

أ‌-   بعض أنواع البيع التي نهى الإسلام عنها اجتنابا للضرر ومن ذلك، بيع تلقي الركبان(2) وبيع الرجل على بيع أخيه أو أن يسوم على سوم أخيه وبيع النجش.(3)

ب‌-  البيع بأقل من السعر بغية إلحاق الضرر بصغار المنافسين ممن لا يستطيعون تحمل أي خسائر

والنهي عن تعمد إغراق المستثمر للسوق بالسلع التي ينتجها أو يجلبها مما يؤدي إلى انخفاض السعر بهدف القضاء عل المنافسين. وكذلك النهي عن بخس الناس أشيائهم وهي آفة قد برزت تحت مظلة( اليد الخفية ) والتي تهدف بجموح الأثرة والأنانية إلى تحصيل الربح وتكديس المال ولو على حساب الآخرين وإلحاق الضرر بهم وذلك بصرف المتعاملين عنهم. فالمستثمر مطالب بان لا يقلل من شان غيره من المستثمرين المنافسين له فلا يرفع مكانته وسمعته بالحط من قيمة منافسيه ومن النهي على ذلك قول الله تعالى ( ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ)(4) ولا يقتصر بخس أشياء الناس إلى إحداث أضرار مادية فحسب بل أن هناك أضرار معنوية تقع في نفوس المنافسين هي اشد وانكي فهو ظلم يزرع في نفوس الناس مشاعر سيئة من الألم والحقد أو اليأس من العدل والخير وحسن التقدير وكل هذه المشاعر تفسد جو الحياة والتعامل والتقوى والضمائر. ومن ثم تؤثر على الروابط الاجتماعية ولا يبقى على شيء صالح في الحياة (1)

  1. النهي عن الرشوة

فالرشوة من اخطر الظواهر الاجتماعية لدى المجتمعات الإنسانية برمتها ومهما لفقت لها من مسميات لتزيينها وتحليلها كالهدية والمجاملة أو الإكرامية فهي بلا ريب صورة وشكل بارز من أشكال أكل الأموال بالباطل قال تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ليأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و انتم تعلمون )(2) وكان الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) قد لعن الراشي و المرتشي.(3) فعلى كل مستثمر ملتزم بتعاليم الإسلام أن لا يقدم الرشوة إلى موظف أو قاض أو مسؤول لاغتصاب حق من حقوق الآخرين يحابي بأي شكل من أشكال التواطؤ فيمنح له مشاريع استثمارية أو امتيازات استثمارية أو يعفى من غرامات مالية أو من مساءلة أو يسرع معاملته على حساب غيره وجدير بنا أن نعرض بعض النتائج الوخيمة التي تخلقها آفة الرشوة. فبالنسبة للمستثمر المرتشي فأنه يعلم عدم كفاءته لذا هو يجنح للرشوة كي يكسب حقوقا وأموالا ليست من نصيبه فتغدوا معاملاته جميعها مرتبطة بالرشوة لا تتحرك ولا تستقيم إلا بها. بل يزداد إصره على ذلك بحيث يكتنفه حال من التوتر والقلق النفسي الذي لا يؤهله إلا إلى الاستعداد لدفع الرشوة مهما تكون في مقابل الحصول على ما يريد. وبالنسبة إلى العمل الاستثماري الذي تيسر الرشوة معاملاته لا محالة من تفشي كل مظاهر الفساد فيه فتنعدم الجودة والثقة وتمحى كل معاني الإتقان والكفاءة والتخصص(4) وبالنسبة للمنافسين لا يتولد لديهم إلا التذمر من ضياع حقوقهم ويتعزز عندهم الشعور بسلوك نفس الطريقة. هذا على أقل تقدير أن لم تتطور الأمور إلى أبعد من ذلك. أما بالنسبة للمجتمع فإنه لا ترى منه إلا مظاهر التذمر وعدم الاحترام للقانون والنظام العام والدولة عموما وتعدد الحياة الاجتماعية مفتوحة على مصراعيها لكل الآفات من تخلف والجهل وأعراض عن التعلم فنشوء البطالة. فالرشوة توفر بيئة مناسبة لأدوات لأحصر لها من أشكال فناء المجتمع. والمجتمع الذي يسمح يمثل هذا مجتمع تضيع فيه الحقوق ويأكل القوي فيه الضعيف وتضيع فيه الحدود فحق الدولة يصبح للأفراد وحق الأفراد ينتقل إلى من سواهم عن طريق غير مشروع ويجتمع هذا شأنه يصح في حالة سباق إلى الخيانة فتصبح مثله ويتحلل ثم يسقط(1) ومن خلال ما استعرضناه من حقيقة ضابط لزوم اجتناب المستثمر إيقاع الضرر يمكن أن نلمس ما يخلفه هذا الضابط من آثار ترشيدية وإن لم نستطع حصرها إلا أننا نركز على أهمها كما يأتي:

  1. التزام وتقيد المستثمر المسلم بضابط اجتناب وقوع الضرر بالمنافسين خاصة وبعموم المجتمع هو في حقيقة الأمر يقضي على كل الممارسات والمعاملات التي تلحق أضرار بالغة وتمثل عائق أمام النمو الاستثماري الذي تعاني منه قطاعات عريضة في كثير من الدول الإسلامية.
  2.  أن أقرار هذا الضابط يؤدي لا محالة إلى رفع كفاءة المستثمر وإيجاد استثمارات حقيقية ذات فعالية وكفاءة في مجال تخصصها حيث يسمح لها المجال الاستثماري المؤطر بهذا الضابط من أن تثبت مكانتها فلا تمييز ولا محاباة وسلب لحقوق الآخرين فيعتبر المستثمر أن حقوقه مصانة وحينئذ يكون أمام اختبار حقيقي عنوانه العمل والإتقان لإثبات جدارته وكفاءته.
  3.  إجماع جميع المستثمرين في مجال ما على الالتزام بهذا الضابط هو في حقيقته التزام بتبني المنافسة التي لا تلحق الضرر بالمنافسين والتي تعد من ابرز ركائز المنهج الإسلامي للاستثمار فالمنافسة مشروعة متى كانت الوسائل والأهداف مشروعة وذلك في الإطار المشروع، وهو في مقابل ذلك التزام اجتناب وممارسة لتلك الممارسات التنافسية غير المشروعة التي لا تعترف إلا بلغة الأرباح مستغلة في سبيل ذلك كل ما متاح لها من وسائل ومن ثم تبرز في الأسواق الاستثمارية أنواع من الغش والاحتيال والقسوة على المنافسين أو تدميرهم أن لزم الأمر وإجمالا يؤدي هذا النوع من المنافسة إلى ظهور جميع أشكال الفساد الاستثماري والاقتصادي عموما.

                                          

                                      الفرع الثاني

الضوابط القانونية

    أجاز المشرع العراقي من خلال الأحكام القانونية التي أوردها في التشريعات ذات العلاقة بالأوقاف والعتبات المقدسة استثمار أموال الأوقاف بصورة عامة والعتبات المقدسة بصورة خاصة، من اجل تحقيق العائد الاستثماري الذي يعود بالمنفعة على الوقف أو العتبة المستثمرة للأموال. وتتسم أموال العتبات المقدسة بطبيعة خاصة تمنع من استثمارها بنفس الطريقة التي تستثمر بها الأموال المملوكة للأشخاص الطبيعية والمعنوية الأخرى، بل إن هناك ضوابط قانونية ذكرها المشرع لابد أن تراعى لكي يكون الاستثمار منضبطا وموافقا للقانون. وفي الحقيقة إن هذه الضوابط لم ترد بشكل واضح في قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 19 لسنة 2005 أو في التشريعات ذات العلاقة بالأوقاف حيث لم يوردها المشرع ضمن عنوان بارز أو تعداد معلوم وإنما أشار إليها هنا وهناك في مجموع أحكامه القانونية ويمكن للباحث استخلاصها من بين هذه الأحكام. ويمكن إجمال هذه الضوابط فيما يأتي :

أولا : مراعاة أحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة

            جاء في قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة إن من جملة الأهداف التي تسعى دائرة العتبات المقدسة إلى تحقيقها هي صرف واردات العتبات والمزارات في مواردها وفق الضوابط الشرعية والقانونية وان يتم استثمار الأموال العائدة للعتبات المقدسة بمختلف الأوجه المتاحة والموافقة لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة (1) فالضوابط الشرعية التي تؤكد التشريعات ذات العلاقة على لزوم مراعاتها في استثمار الأموال سواء ما كان منها عائدا للوقف أو العتبات المقدسة هي ضوابط عامة مستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية، ويمكن تلخيصها في ما يأتي :

  1. تجنب استثمار الأموال في المجالات المحرمة شرعاً كالإيداع في البنوك بفوائد، أو شراء أسهم شركات تعمل في مجال الحرام، أو الاستثمار في بلاد تحارب الإسلام والمسلمين أو تتعاون مع من يحاربهم. وأن توجه أموال العتبات المقدسة نحو المشروعات الاستثمارية التي تعمل في مجال الطيبات وتجنب مجالات الاستثمار في الخبائث لأن الوقف في أصله عبادة ويجب أن تكون طيبة لأن الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً.
  2. ترتيب المشروعات الاستثمارية المراد تمويلها من أموال العتبات المقدسة وفقاً لسلم الأولويات الإسلامية، فالحاجيات الضرورية الأساسية أولا ثم التحسينات وذلك حسب احتياجات المجتمع الإسلامي والمنافع التي سوف تعود على العتبات وزائريها والمدن الإسلامية التي تحتضنها. وفى كل الأحوال يجب تجنب توظيف الأموال في مجال الكماليات.
  3. توجيه الأموال للمشروعات في البيئة المحيطة بالمؤسسة الوقفية ثم الأقرب، فالأقرب بهدف تحقيق التنمية الإقليمية لتحقيق عائد مجزٍ مناسب يمكن الإنفاق منه على العتبات والعمارات الملحقة بها بما يؤمن أموال كافية لتوسعة العتبات وإجراء التعمير والصيانة عليها. فالتوازن بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ضرورة شرعية في المؤسسات الوقفية. ولا يجوز توجيهها إلى الدول الأجنبية والوطن الإسلامي في حاجة إليها ولابد أن يوجه جزءاً من الاستثمارات نحو المشروعات التي تحقق نفعاً للطبقة الفقيرة، وإيجاد فرص عمل لأبنائها بما يحقق التنمية الاجتماعية، وكذلك ضرورة تحقيق التوازن من حيث الآجال والصيغ والأنشطة والمجالات لتقليل المخاطر وزيادة العوائد، فلا يجوز التركيز على منطقة أو مدينة وحرمان أخرى، أو التركيز على الاستثمارات القصيرة الأجل وإهمال المتوسطة والطويلة، أو التركيز على صيغة تمويلية دون الصيغ الأخرى، بما يحقق التوازن والتنوع للمؤسسات الوقفية تقليل المخاطر وهو أمر مطلوب في هذا المجال .
  4. عدم تعريض أموال العتبات المقدسة لدرجة عالية من المخاطر والحصول على الضمانات اللازمة المشروعة للتقليل من تلك المخاطر، وإجراء التوازن بين العوائد، كما يجب تجنب اكتناز الأموال لأن ذلك مخالفاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.

    ويمكن القول إن البدء بأي مشروع استثماري في العتبات المقدسة يتطلب حتما استحصال الإذن الشرعي من المرجع الديني الأعلى لان القانون يستلزم أن يكون الاستثمار موافقا لأحكام الشرع هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فان مراجع الدين الامامية سواء الماضين منهم أو المعاصرين ــ من أجاز منهم استثمار أموال العتبات ــ لم يعط إذنا عاما بذلك مما يتطلب الرجوع للمرجع الأعلى واستحصال الإذن عن كل مشروع على حدة بعد عرض مبرراته.(1)كذلك فان هناك مجموعة من التشريعات لها علاقة بكل نشاط تجاري يراد الشروع به، فالاستثمار بما انه عمل تجاري فان الجهة التي تقوم بهذا العمل لابد وان تكون متقيدة بالضوابط التي جاءت بها هذه التشريعات سيما وان قانون إدارة العتبات المقدسة قد ألزم مجلس إدارة كل عتبة مقدسة بان يكون الاستثمار فيها وفقا للقوانين النافذة، وهذه القوانين بطبيعة الحال قد نصت وبحسب النشاط الذي تنظمه على مجموعة من الضوابط ومنها :

1-  ضرورة استصدار إجازة بناء للأبنية التي تكون ضمن المشروعات الاستثمارية وفقا لأحكام نظام الطرق والأبنية رقم 44 لسنة 1935 المعدل وقانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة 1964 المعدل. إذ إن القانونين المذكورين يمنعان إنشاء أي بناء بدون استحصال إجازة بناء أصولية.

2-  مراعاة الضوابط التي أقرتها  السلطة الاثارية في العراق المتمثلة بالهيئة العامة للآثار والتراث من حيث استحصال موافقتها التحريرية عند وضع المشروعات العامة الصناعية والزراعية والإسكانية ومشروعات تخطيط المدن والقرى ومشروعات تعبيد الطرق قبل إعداد تلك المشروعات أو عند تغييرها والتقيد في إن تكون الأبنية التي تنشأ ضمن المشروعات الاستثمارية الجديدة منها والمجددة وارتفاعها وواجهاتها وألوانها منسجمة مع الأبنية الأثرية المجاورة لها وذلك بالتنسيق بين السلطة الآثارية والجهة ألمشاركة(1) 

3-  استحصال الموافقات البيئية من قبل وزارة البيئة أو التشكيلات التابعة لها في المحافظات قبل البدء بأي مشروع، إذ يقع التزام على كل مستثمر بتقديم دراسة الأثر البيئي للجهات المذكورة لدراسته وتحديد فيما إذا كانت المشروعات المقترحة قد تؤثر على صحة الإنسان وسلامة البيئة.وقد فوض قانون وزارة البيئة رقم 37 لسنة 2008 الوزارة بدراسة تقارير تقدير الأثر البيئي التي تقدمها الجهات المسؤولة عن المشاريع المراد إقامتها والقائمة حالياً وإقرارها أو رفضها وفق تعليمات تصدر لهذا الغرض.(2)

4-  استحصال إجازة الاستثمار من قبل الهيئة المختصة بالاستثمار وفقا لأحكام قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه.

ثانيا: إدراج الاستثمار ضمن موازنة العتبات المقدسة

إن يكون هناك قراراً استثمارياً مدرجاً ضمن خطط وموازنة السنوية للعتبة المقدسة مع ضرورة تهيئة كافة المستلزمات التي يتطلبها تنفيذه من أموال وأيدي عاملة وأدوات الاستثمار الأخرى.(1) ومن أهم مستلزمات تنفيذ القرار الاستثماري والبدء بالمشروع الذي تتبناه العتبة ما يأتي:

1-  وجود أقسام متخصصة بالاستثمار تضم كوادر وظيفية كفوءة ونزيهة تتمتع بالخبرة في الاختصاصات الفنية والقانونية والمالية والإدارية وأي اختصاص آخر من شانه إنجاح المشروع الاستثماري والاستعانة بالمستشارين والخبراء العراقيين وغيرهم في هذا الجانب مع ضرورة رعاية أهل الإخلاص والاختصاص والخبرة فيمن يعهد إليهم الاستثمارات.(2)

2-  القيام بكل ما يخص دراسات الجدوى الاقتصادية فالمنهج الإسلامي للاستثمار يلزم المستثمر أن يكون استثماره سليما من الناحية الاقتصادية ولن يكون كذلك إلا إذا كان مبنيا ومؤسسا على دراسات عميقة للجدوى الاقتصادية. ويمكن تعريف دراسة الجدوى الاقتصادية بأنها مجموعة الدراسات التي تبدأ بدراسة فكرة المشروع أو عدة مشروعات وتنتهي بتقييم مدى صلاحية هذا المشروع(3) كما يمكن إجمال بياناتها على أنها الدراسة التي تجيب عن السؤال الآتي:(4)

هل من المستحسن في ضوء الأهداف التي وضعها المستثمر أن يقوم بالمشروع أم لا ؟ وإذا كان المستحسن القيام بمشروع معين فما هي أفضل صيغة للقيام به ؟ ومن اهم الأمور التي نرى ضرورة مراعاتها عند دراسة الجدوى للمشروع الاستثماري دراسة مدى مساهمة المشروع في ترسيخ قيم المجتمع. فالجدوى لا تمثل الجانب الاقتصادي المادي المباشر أي تعظيم العائد النقدي الذي يحصل عليه المستثمر فحسب، بل لا بد من مراعاة المبدأ القائل أن الإيراد الاجتماعي يوازي الإيراد الشخصي(1) لذا يجب إن يكون الاستثمار في الأوجه المتاحة وبما يتناسب مع قدسية المدن التي تضم هذه العتبات وبالشكل الذي لا يسيء إلى الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) إذ نصت المادة ( 3 ) من القانون على إن تكون إدارة وتسيير شؤون العتبات والمزارات والعناية بها بما يتناسب مع قدسيتها ومكانتها وأثرها الديني مع الحفاظ على الطابع الإسلامي للعمارة.(2) فقد يحقق مشروع استثماري ربحا شخصيا للمستثمر ولكن في مقابل ذلك يلحق ضررا جسيما بالمجتمع كالمساس بقيمه أو عاداته أو موروثه الحضاري .

ثالثا: الرقابة والإشراف

    إن الضرورة تقتضي وجود رقابة وإشراف على المشاريع الاستثمارية لكونها من أوجه التصرفات القانونية التي تجري في أموال العتبات المقدسة. فالمتابعة والمراقبة وتقويم الأداء، يقصد بها هنا أن يقوم المسئول عن استثمار المال سواء أكان مؤسسة أو هيأة أو أي صفة أخرى بمتابعة عمليات الاستثمار للاطمئنان من أنها تسير وفقاً للخطط والسياسات والبرامج المحددة مسبقاً، وبيان أهم الانحرافات وبيان أسبابها وعلاجها أولاً بأول، وهذا يدخل في نطاق المحافظة على الاستثمارات وتنميتها بالحق والتأكد من إن الصيغة الاستثمارية المختارة تحقق عوائد مرضية وتتسم بالاستقرار وعدم تعريض أموال العتبات المقدسة لدرجة عالية من المخاطر خشية هلاكها ومن ثم خسارة رأس المال المستثمر، ويتطلب الحال هنا الموازنة بين الأمان ومعدل الربح وهذا المعيار منبثق من ضابط المحافظة على المال وان تكون هناك إمكانية لتغير مجالات وصيغ الاستثمار فإذا انعدمت أو قلت جدوى الاستثمار في مجال استثماري يمكن حينئذ توجيه الاستثمار إلى مجال آخر.(3)

رابعا: التدقيق والإبرام

    لابد من إبرام عقود الاستثمار ومراجعتها من الناحية القانونية من قبل أهل الاختصاص لغرض المحافظة على أموال العتبات وضمان حقوق العتبة، فتوثيق العقود أمر مهم جدا لحفظ حقوق أطراف العقد ومن خلاله يتسنى لكل طرف من أطراف العملية الاستثمارية إن يعلم مقدار ما سوف يحصل عليه من عائد أو كسب، ومقدار ما سوف يتحمل من خسارة إذا حدثت، من جهة ويمنع وقوع جهالة أو غرر قد يؤدى إلى شك وريبة ونزاع من جهة اخرى.  وقد تعرض القرآن الكريم هذه المسألة في آية الكتابة، حيث يقول عز وجل  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلِ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَ تَرْتَابُوا إِلاَ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ ولا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(1)

    إن الضرورة تقتضي أن تتضمن التشريعات الخاصة بالعتبات المقدسة نصوص قانونية واضحة مبنية على الأحكام الفقهية المشهودة وإن تكون هذه النصوص التشريعية شاملة ومستوعبة لكل ما من شأنه حفظ أصول الأموال المستثمرة واستيعاب المستجدات من صيغ استثمار حديثة تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية للدول والمجتمعات الإسلامية.

المطلب الثاني

الرقابة على استثمار أموال العتبات المقدسة

    يمكن القول بان الرقابة لا تخرج عن كونها مجموعة من عمليات التفتيش والفحص والمراجعة التي تستهدف ضمان سلامة التصرفات المالية، والكشف الكامل عن الانحرافات، ومدى مطابقة التصرفات المالية مع القوانين والقواعد النافذة (1)  لقد حرص الإسلام على تنمية الرقابة الذاتية ومحاسبة النفس باستمرار وأكد القرآن الكريم هذه المعنى في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْمِنْنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).ً(2) وكذا قوله تعالى عز من قائل ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَىاللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىعَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْتَعْمَلُونَ)(3) وقوله تعالى ( مَا يَلْفِظُمِنقَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )(4)

    وهكذا فإن التشريعات النافذة عموما قد نظمت بدورها الرقابة واستحدثت هيئات مختصة تضطلع بهذه المهمة من اجل تحقيق الاستخدام الأمثل للأموال من خلال الالتزام بضوابط العمل الاستثماري السليمة مثل ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة. وتحتاج المؤسسات الوقفية ومن بينها العتبات المقدسة إلى نظم رقابية شاملة تتضمن الأسس والأساليب والإجراءات الرقابية على كل أوجه أنشطتها المختلفة. ومنها استثمار الأموال بهدف المحافظة عليها وتنميتها وتعظيم عوائدها ومنافعها وذلك في ضوء أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والتشريعات النافذة. إن خصوصية العتبات المقدسة تتطلب إن تكون هناك أكثر من جهة تمارس الرقابة على أوجه التصرف في أموالها لذا فان هذه الأموال تخضع لرقابة شرعية تقوم بها المرجعية الدينية ورقابة قانونية تتم من قبل الجهات الرقابية المختصة في الدولة لكون  إن العتبات المقدسة من الجهات المرتبطة بدوائر الدولة ممثلة بديوان الوقف الشيعي. ولغرض بيان ذلك سنقسم هذا المطلب على فرعين نبحث في الفرع الأول أسس وأساليب الرقابة على استثمار أموال العتبات المقدسة وندرس في الفرع الثاني أنواع الرقابة.

الفرع الأول

أسس وأساليب الرقابة على استثمار أموال العتبات المقدسة

     من أهم أهداف الرقابة على استثمار أموال العتبات المقدسة هو المحافظة على الأموال والتأكد من التزام الجهة المعنية بالاستثمار بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في استثمار الأموال والتشريعات التي وضعتها الدولة والجهات التنفيذية فيها ممثلة بديوان الوقف الشيعي وبيان التجاوزات والانحرافات وتحليل أسبابها وتقديم التوصيات المناسبة لعلاجها ومن ثم تطوير مجالات الاستثمار إلى الأحسن من خلال تحري أسباب القصور في العمل والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية التي تعرقل الاستثمار والمخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها وأن الإنفاق تم وفقاً لما هو مقرر له وأن الموارد حصلت كما هو مقرر واستعملت أفضل استعمال وهذا يساعد حتما على طمأنة كل من يعنيه الأمر بأن عمليات استثمار أموال العتبات المقدسة تتم بطريقة سليمة.(1) وبذلك فان الرقابة تكون داخلية تارة، أي أن المؤسسة تحدد أشخاصاً للقيام بهذا الدور كقسم الرقابة الداخلية في كل دائرة، وتارة أخرى تكون خارجية تتم من قبل هيئات مستقلة بموجب الدستور كهيأة النزاهة وديوان الرقابة المالية هذا فضلا عن الرقابة الذاتية التي ينبغي إن يتحلى بها الفرد وهي رقابة الضمير، وسندرس في المحاور التالية كل من الأساس الشرعي والقانوني للرقابة على أموال العتبات المقدسة ومبادئ وأساليب هذه الرقابة.

المحور الأول:  الأساس القانوني والشرعي للرقابة

إن وجود أساس قانوني وشرعي للرقابة يساهم في تسهيل مهام الجهات الرقابية إذ لا يمكن لأحد المساس بالسلطة الممنوحة لهذه الجهات. ولابد لنا هنا إن نبين الأساس الشرعي والقانوني لهذه الرقابة في قانون إدارة العتبات المقدسة والتشريعات ذات العلاقة لكي يتسنى لنا الاطلاع على المعايير التي تتم بمقتضاها من قبل الجهات المعنية بهذه المهام .

أولا: الأساس القانوني

    تحدد المادة (3) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 31 لسنة 2011 مهام الديوان بالرقابة  على  المال العام أينما وجد وتدقيق أعمال الجهات الخاضعة لرقابته في جميع أرجاء العراق وأكدت المادة (8) منه على خضوع مؤسسات ودوائر الدولة والقطاع العام  وأي جهة تتصرف في الأموال العامة جباية  أو إنفاقا أو تخطيطا أو تمويلا أو صيرفة أو تجارة أو إنتاج أعيان أو إنتاج السلع والخدمات لرقابة وتدقيق الديوان إضافة إلى الجهات التي ينص قانونها أو نظامها على خضوعها لرقابة وتدقيق الديوان ولم يستثن أي جهة من ذلك ما عدا السلطة القضائية فيما يتعلق باختصاصاتها القضائية فقط.(1)

وقد أكد قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012 في المادة ( 4/ثالثا / ب) منه على إن  لرئيس الديوان تشكيل لجان رقابية تتعلق بسائر الأنشطة والفعاليات التي يقوم بها الديوان وفقا  للقانون ونصت المادة (11) على إن يمارس المفتش العام ـــ وهو جهة رقابية بطبيعة الحال ـــ مهامه وفقاً للقانون كما نصت المادة (20) على إن تخضع حسـابات الديوان لرقـابة وتدقيق ديــوان الـرقابة الماليةوإذ إن العتبات المقدسة ترتبط ارتباطا إداريا بديوان الوقف الشيعي وتحصل على التمويل من الحكومة العراقية بسبب هذا الارتباط لذا فإنها تعد من الجهات الخاضعة لأحكام ديوان الرقابة المالية فالمادة (1) من قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 19 لسنة 2005 نصت على إن يؤسس في ديوان الوقف الشيعي بموجب هذا القانون دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة وتسعى هذه الدائرة بموجب المادة (3) من القانون إلى تحقيق جملة من الأهداف أهمها إدارة وتسيير شؤون العتبات والمزارات والعناية بها ورعايتها بما يناسب قدسيتها وتطويرها وتوسعتها بتشييد عمارات ملحقة بها وبشكل يميّز مكانتها وأثرها الديني والتاريخي مع الحفاظ على الطابع الإسلامي للعمارة وصرف واردات العتبات والمزارات في مواردها وفق الضوابط الشرعية والقانونية واستثمار الأموال العائدة للعتبات والمزارات بمختلف الأوجه المناحة والموافقة لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة .وبالتالي فان كل التصرفات والأعمال التي تقوم بها هذه الدائرة والعتبات عموما تخضع لرقابة الديوان.

ثانيا: الأساس الشرعي

    إن التصرف بأموال العتبات المقدسة لابد إن يكون وفقا الضوابط الشرعية والقانونية وهذا ما يستدعي وجود رقابة بالاتجاهين المذكورين الشرعي والقانوني وإذا ما علمنا إن التشريعات الرقابية والتشريعات ذات العلاقة بالعتبات المقدسة قد عالجت موضوع الرقابة وبينت أحكامه فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو : كيف يمكن إن يكون التصرف بأموال العتبة بشكل عام واستثمارها بشكل اخص متوافقا مع أحكام الشرع الحنيف دون إن تكون هناك جهة شرعية محددة تتولى موضوع الرقابة على هذا التصرف ؟

    للإجابة عن هذا السؤال نود إن نبين إن المرحلة التي أعقبت سقوط النظام البائد شهدت قيام المرجعية الدينية بالإشراف المباشر على العتبات المقدسة وتولي شؤونها من خلال لجان مؤقتة شكلت ابتداء لهذا الغرض أعقبها تخويل مجموعة من العلماء الثقات عند المرجعية بتعيين لجنة مؤقتة لإدارة العتبات المقدسة من ذوي الخبرة والكفاية المشهود لهم بالوثاقة والالتزام الديني، على إن يتكفل أعضاء اللجنة باتخاذ الإجراءات لحراستها وصيانتها وتنظيم أمور خدمتها وغير ذلك من مصالحها، كل ذلك وفق توجيهات العلماء المخولين وبما تقتضيه الضوابط الشرعية وبملازمة التقوى واستحضار مراقبة الله سبحانه وتعالى في السر والعلن وسلوك سبيل الاحتياط وعلى الجميع مراعاة عظم الأمانة التي يتحملونها وشدة المسؤولية الملقاة على عواتقهم ومراقبة الله عز وجل في ذلك والإخلاص له وحُسن النية معه واستمداد عونه وتوفيقه وعلى هؤلاء رفع التقرير الشامل عن مجريات الأمور كل ستة أشهر(1) إلى المرجعية الدينية، فالعتبات المقدسة طبقا لفتاوى الفقهاء من الأوقاف التي أمرُها بيد المرجع ولابد من مراجعته في ذلك فولايتها تابعة للحاكم الشرعي والأموال التابعة لها تجري مجراها في الولاية المذكورة، والتصرف في كل الأحوال بأموالها لابد أن يحضى بقبول وإذن الحاكم الشرعي فهو الذي يملك حق محاسبة الأمين العام للعتبة  (2)

    وتتضمن رقابة الحاكم الشرعي المتمثل بالمرجعية الدينية طبقا لما بينته الفتاوى المشار إليها الإرشاد والإشراف ومراقبة تطبيق الفتاوى التي صدرت عنها، لأن الأصل في الرقابة الشرعية هو الرقابة على كل التصرفات، فمن يتولى هذه المهمة، مسؤول بواجب اجتماعي وديني، وأهم من ذلك أنه مسؤول أمام ألله عز وجل وسيحاسب في كل ما يقوم به لذا فهو يبذل قصارى جهده في تحقيق المهام وتجنب ارتكاب الأخطاء بقدر الإمكان فالمرجعية الدينية هي التي تعطي للنشاط الاستثماري الصبغة الشرعية وهي أيضا أساس الثقة والتزام الناس في التعامل مع العتبات المقدسة لأنها تضمن المكاسب الحلال فوجودها يساهم ويساعد على إيجاد كيانات مالية واستثمارية جادة في تطبيق الشريعة  فالرقابة الشرعية غايتها تصحيح أعمال المؤسسة، وإرجاعها في حالة مخالفتها إلى جادة الصواب وهو ما يقوم به المحتسب في التشريع الإسلامي، والحسبة هي الأمر بالمعروف إذا ظهر تركه، والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله(1) لذا نرى من المناسب إن تقوم المرجعية الدينية من خلال من تعينه لمهام الرقابة الشرعية بأدوار عديدة منها:

  1. مراجعة نماذج العقود والاتفاقيات والقرارات الاستثمارية للتثبت من عدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
  2. استصدار الفتاوى في الموضوعات التي تعرض عليها.
  3. تدريب الموظفين في المعاملات المالية الشرعية، والمساهمة في تنمية الوعي لدى العاملين.
  4. تقديم البدائل الشرعية للمنتجات التقليدية المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
  5.  التزام القائمين على أمر الاستثمار بالقيم الإيمانية
  6.   يجب أن تكون الرقابة توجيهية وإرشادية، لان الغاية من الرقابة هي ليس تصيد الأخطاء ولكن تنمية جوانب الخير لاستكمالها، ودراسة أوجه القصور والتجاوزات وتقديم الحلول الواقعية الصحيحة لعلاجها حتى يمكن تجنبها مستقبلاً، ولذلك فهي تمثل نوعاً من أنواع التعاون على تحقيق الخير والتناصح والتواصي بالحق في سبيل تحقيق  أهداف العتبات المقدسة وهذا يحقق مقاصد عملية الرقابة .
  7. فورية الرقابة بأن تكون قبل التنفيذ أو متزامنة مع التنفيذ حتى يمكن معرفة الانحرافات والتجاوزات في الاستثمارات قبل أن تقع وكذلك فور وقوعها والتوصية بسرعة علاجها لضمان تطبيق أساس الفورية في علاج الأخطاء والانحرافات.
  8.  موضوعية الرقابة وشموليتها لكافة أوجه الاستثمارات وعلى جميع المسؤولين عن عملية الاستثمار دون استثناء احد بسبب المنصب أو المستوى الوظيفي فلا أحد فوق الشرعية والقانون، وينبغي أن تكون التقارير والملاحظات على النشاط الاستثماري مؤيدة بالأدلة الموضوعية بعيدا العواطف والأهواء الشخصية.(
  9.  الواقعية والقابلية للتطبيق، ولاسيما في مجال التوصيات لتطوير النشاط الاستثماري إلى الأحسن، فالنظام الرقابي الذي يعتمد على بيانات ومعلومات غير دقيقة سينتج عنه قرارات إدارية رقابية غير قادرة على مواجهة أو حل المشكلات المتعلقة بالعملية الإنتاجية وحتى يكون النظام الرقابي دقيق يجب إن يعتمد على بيانات ومعلومات مثبتة وصحيحة.
  10.  المعاصرة في استخدام أساليب الرقابة العصرية القائمة على تكنولوجيا صناعة المعلومات وآلية شبكات الاتصالات.

    ومما سبق يتبين أن مفهومي الرقابة الشرعية والقانونية متقاربين إذ كلاهما مبني على قواعد يجب تطبيقها وكشف الانحرافات ومعالجتها وذلك عن طريق التأكد من إتباع القواعد والضوابط القانونية والشرعية المحددة سابقاً.

المحور الثاني: مبادئ الرقابة

    نظراً لاختلاف العتبات المقدسة عن مؤسسات الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني الأخرى بكونها مؤسسات دينية، اقتصادية، اجتماعية في الوقت نفسه تنظم إدارتها أحكام قانونية إضافة إلى قواعد الشريعة الإسلامية، مما يتطلب وجود مبادئ وأسس محاسبية ورقابية تتلاءم مع خصوصية هذه المؤسسة، وهذا يولد تساؤلاً حول طبيعة وماهية النظم المحاسبية والرقابية التي تكون مناسبة لها، ومدى اتفاقها مع القواعد الشرعية ؟ وللإجابة على ذلك نقول إن الرقابة على عمليات الاستثمار لأموال العتبات المقدسة تقوم على مجموعة من المبادئ المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية والمنصوص عليها في التشريعات النافذة.ومن أهم هذه المبادئ ما يأتى :

إن الأصل الشرعي في أعمال البشر هو الإتقان وأداء العمل بكفاءة عالية فمن المنظور الشرعي نجد إن النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) يؤكد على ضرورة إتقان العمل وفي ذلك يقول (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )(2)

إن الإتقان سمة أساسية عند المسلم وهو مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي، لأن كل عمل يقوم به بنيّة العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة فالإتقان يكسب الأمة المسلمة الإخلاص في العمل لارتباطه بالمراقبة الداخلية، كما أنه تجرد العمل من مظاهر النفاق والرياء، فكثير من الناس يتقن عمله ويجوّده إن كان مراقباً من رئيس له، أو قصد به تحقيق غايات له أو سعى إلى السمعة والشهرة لأنه يفتقد المراقبة الداخلية التي تجعله يؤدي عمله بإتقان في كل الحالات دون النظر إلى الاعتبارات التي اعتاد بعضهم عليها. فالإحساس بمدى أهمية العمل الذي يقوم به الفرد في العتبات المقدسة سواء أكان مديرا أم موظفا بسيطا  يملك الرؤية الصحيحة للمؤسسة والاستثمار الحقيقي لها يمكنه من إن يكون شريكا في تبني طموح هذه المؤسسة وإطلاق الطاقات الكامنة بداخله في سبيل تطويرها(1) فلابد لهم إن يمتازوا بالرقابة الذاتية الإيمانية لكون إن مؤسستهم هي مؤسسة دينية ذات نفع عام .

المحور الثالث: أساليب الرقابة

يقصد بأساليب الرقابة بصفة عامة الوسائل التي يستعين بها المراقب في تنفيذ عمليات الرقابة واهم هذه الأساليب ما يأتي:

1-    أسلوب الرقابة المستمرة

ويتمثل في الرقابة الداخلية التي يمارسها المدقق في الدائرة إذ يتم الفحص والمراقبة بشكل دائم ومستمر للمستندات والقيود الحسابية الممسوكة من قبل الجهات الخاضعة للرقابة طوال العام(1)

2-    أسلوب الرقابة الدورية

وتتم على أوقات دورية خلال السنة كأن تقوم أجهزة الرقابة الخارجية بمراجعة دورية لبعض الوحدات الخاضعة للرقابة أو في مجال جرد المخازن والعدد في فترات تحددها الإدارة أو تحددها جهة الرقابة أو في حالة الرقابة السنوية على الحسابات النهائية لكل عام وإصدار التقرير الرقابي السنوي(2)

3-    أسلوب الرقابة المفاجئة

تتولى جهة الرقابة إجراء الرقابة بصورة مباغتة تستهدف موضوعا أو موضوعات معينة نتيجة أخبار مسبق عن مخالفة مالية أو بناءً على طلب من جهات مسؤولة أو قد يتولى جهاز الرقابة هذه الطريقة بين الحين والأخر لجعل الهيئات الإدارية الخاضعة للرقابة في حالة شعور دائم باليقظة من الجهاز الرقابي(3)                                       

                                        الفرع الثاني

أنواع الرقابة على استثمار أموال العتبات المقدسة

     الرقابة بشكل عام أما إن تكون إدارية هدفها انضباط موظفي دوائر ومؤسسات الدولة في أداء واجباتهم وفقا للتشريعات النافذة. وإما إن تكون مالية هدفها الحفاظ على المال العام والحيلولة دون مخالفة القوانين والأنظمة والتعليمات المالية وكل منها يمكن إن تمارس من قبل السلطة التنفيذية أو السلطات المستقلة المختصة بذلك ، وهناك نوع ثالث من الرقابة تقتضيه الطبيعة الخاصة لأموال العتبات المقدسة وتعلقها بالأحكام الشرعية وهي الرقابة الشرعية وسنتناول هذه الأنواع  كما يأتي :(1)

أولا : ـ الرقابة الشرعية

   ونعني بها متابعة وفحص وتحليل كافة الأعمال والتصرفات والسلوكيات التي يقوم بها الأشخاص للتأكد من أنها تتم وفقا لأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية وذلك باستعمال الوسائل والأساليب الملائمة والمشروعة وبيان المخالفات والأخطاء وتصويبها فورا وتقديم التقارير إلى المرجعية الدينية متضمنة الملاحظات والنصائح والإرشادات وسبل التطوير إلى الأفضل(2) والتساؤل الذي ينقدح في الذهن هو : هل إن لهذه الرقابة من نطاق محدد ؟ وللإجابة نقول : يتمثل نطاق الرقابة الشرعية في العمليات الآتية :-

(1) ـ الرقابة الشرعية السابقة

 وتتمثل في دراسة وبحث المسائل الجديدة التي تحتاج إلى فتوى أو تكييف شرعى ثم إحالتها إلى المرجعية الدينية للإفتاء فيها أولاً بأول قبل البدء في التنفيذ .

(2) ـ الرقابة الشرعية المتزامنة

    وتتمثل في متابعة تنفيذ عمليات الاستثمار أولاً بأول للتحقق من أنها تتم حسب أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وطبقاً للفتاوى والأحكام الصادرة من المرجعية الدينية، وبيان الانحرافات والتجاوزات والتقرير عنها أولاً بأول لأجل التصويب .

(3) ـ الرقابة الشرعية اللاحقة

    وتتمثل في الرقابة على العمليات التي نفذت خلال مدة معينة للتأكد من أنها قد نفذت وفقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والفتاوى والأحكام الشرعية وإبداء الرأي بشأنها وأسباب المخالفات وذلك بصفة عامة. إن الهدف من القيام بالرقابة الشرعية التأكد من وجود دليل شرعى للمعاملات التي يرجع إليها العاملون في العتبات المقدسة والتأكد من فهم والتزام الموظفين في كل قسم بالدليل الشرعي للمعاملات الاستثمارية وبيان المخالفات الشرعية أولاً بأول ومناقشتها مع كل من يهمه الأمر وإحالة المسائل التي ليس لها فتاوى شرعية إلى المرجعية الدينية لإصدار الفتاوى اللازمة لها وتقديم الاقتراحات والتوصيات لضمان الالتزام بالفتاوى الشرعية .

ثانياً : الرقابة المالية

    ونعني بها مجموعة الإجراءات اللازمة للتحقق من أن عمليات الصرف والتحصيل للنفقات والإيرادات العامة تتم طبقاً لما هو مقرر في الموازنة من ناحية وفي حدود التعليمات والقواعد والأحكام الموضوعة، من ناحية أخرى، والغرض من ذلك هو اكتشاف الانحرافات والأخطار أو نقاط الضعف والعمل على علاجها وتفادي تكرار حدوثها(1)، وهي تنقسم إلى :

1-   الرقابة المالية من حيث الزمان

ونعني بهذه الرقابةَ المتلازمة مع مراحل تنفيذ العمليات المالية، وتنقسم على ثلاثة أقسام هي:

أ‌-       الرقابة المسبقة :

وهي حق يخوله القانون لشخص للقيام بهذا الدور وذلك لتجنب الأخطاء قبل وقوعها، ولهذا فقد أطلق عليها اسم “الرقابة الواقية” لأنها تعمل على تلافي الوقوع في الأخطاء والانحرافات، فهذه الرقابة تقع في البداية قبل اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتصرف المالي وتتم عن طريق إصدار القرارات والأحكام المتعلقة بجباية الإيرادات قبل تحصيلها وتدريب الموظفين على كيفية القيام بهذه الأعمال مسبقاً قبل تكليفهم بها وإصدار القرارات المتعلقة بصرف الأموال وإنفاقها في الوجوه المستحقة قبل التنفيذ وتعيين المسؤولين المشرفين على الأعمال وتحديد صلاحياتهم والحصول على الموافقات اللازمة من جهات الإشراف الحكومية(1)ويمارس ديوان الرقابة المالية عندنا في العراق هذا النوع من الرقابة على عدد من العقود وبعض معاملات الصرف ذات المبالغ الكبيرة قبل تنفيذها (2)

ب‌-    الرقابة أثناء التنفيذ (المرافقة):

هي رقابة تقويم وأداء وفق خطة سنوية تعد مسبقا وتقوم بها الأجهزة والإدارات المختلفة للتأكد من سلامة ما يجري عليه العمل داخلها، ومن أن التنفيذ يسير وفقاً للخطط والسياسات الموضوعة، وتتوزع مسئوليات هذه الرقابة على ثلاثة مستويات رئيسة هي :

المستوى الأول: المتابعة في داخل الوحدة الإدارية.

           المستوى الثاني: المتابعة من قبل الوزارة المشرفة على مثل هذه الأعمال وتتمثل هنا بديوان الوقف الشيعي ومكتب المفتش العام فيه.

         المستوى الثالثالمتابعة من قبل الأجهزة الرقابية المتخصصة.(3)

    وهذه الرقابة تسهم في تطوير العمل إذ تؤدي إلى تصحيح الأخطاء أولاً بأول مما ينعكس على النتائج المرجوة حيث تكشف عن الانحراف وتصححه وتعود فتتابع العمل للوقوف على مدى ما حققه هذا التصحيح من نتائج فهي تبدأ بتنفيذ الأعمال وتساير وتتابع خطوات التنفيذ.(4)وحسنا فعل المشرع العراقي عندما نص على هذا النوع من الرقابة إلى جانب الرقابة السابقة واللاحقة فكان موفقا في ذلك لما لهذا النوع من الرقابة من أهمية في الحفاظ على الأموال والحيلولة دون الوقوع في الأخطاء.(5)

ج – رقابة لاحقة

وهي رقابة مراجعة وفحص الدفاتر الحسابية ومستندات التحصيل والصرف والحساب الختامي وكافة النشاطات الاقتصادية في الهيئات والمؤسسات العامة بعد إن تكون كافة العمليات المالية الخاضعة للرقابة قد انتهت وذلك للوقوف على كافة المخالفات المالية التي وقعت.(1) وتتخذ الرقابة اللاحقة بدورها عدة إشكال، فقد تقتصر على المراجعة الحسابية والمستندية لكافة العمليات المالية لكشف التلاعب بالأموال العامة، وقد تمتد إلى البحث عن مدى كفاءة الوحدات التنفيذية في استخدام الأموال العامة ومساءلة مرتكبي المخالفات المالية.(2) فهي تكشف الأخطاء والمخالفات المالية بعد انتهاء كافة التصرفات المالية. وقد تتولى هذه الرقابة الدائرة أو المؤسسة نفسها أو هيئة مالية مستقلة عن السلطة التنفيذية وهي رقابة تعكس حقيقة المركز المالي وعوائد الاستثمار المقررة ونتيجة النشاط الاستثماري.(3) والأصل في هذه الرقابة أن تقوم بها جهات رقابية غير خاضعة للجهة المنفذة للعمليات المالية كديوان الرقابة المالية الذي يقوم بمراجعة فحص السجلات والقيود المحاسبية والتأكد من مدى مطابقتها للواقع، وكذلك هيأة النزاهة التي تقوم بإرسال المحققين للتأكد من صحة المعلومات المرسلة إليها، والكشف عن التجاوزات على التشريعات النافذة وهي تغطي جانب النفقات والإيرادات.

2– الرقابة المالية من حيث الجهة التي تتولى الرقابة

يمكن تقسيم الرقابة المالية من حيث الجهة التي تتولى الرقابة إلى قسمين:

  1. رقابة داخلية : وهي رقابة تباشرها الجهة أو المؤسسة على نفسها وذلك من خلال إيجاد موظفين متخصصين لتدقيق معاملاتها ، كما تتم بمحاسبة المدير لموظفيه في نفس الإدارة.
  2. رقابة خارجية: وهي رقابة تتولاها هيئات مستقلة غير خاضعة لسلطة الجهة المنفذة أو القائمة على المشروع. ومن أمثلتها ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين .
  3. الرقابة القضائية على خلاف الرقابة الإدارية، لا تتحرك من تلقاء نفسها، وإنما لا بد من رفع دعوى أمام القضاء من ذوي الشأن، لكي يستند إليها القاضي في ممارسته للرقابة.
  4. دور القاضي فحص التصرف محل النزاع من حيث مطابقته أو عدم مطابقته للقواعد القانونية، دون أن تمتد هذه الرقابة إلى بحث مدى ملائمة هذا التصرف.
  5. لا يمكن لأحكام القضاء بعد أن تصبح نهائية أن تكون محلاً للمنازعة بل تنفذ بالقوة إذا دعت الحاجة.(

ثالثاً: الرقابة الإدارية

تتضمن الرقابة الإدارية عمليات فحص وتقويم النظم والأسس والسياسات والإجراءات والأساليب الإدارية التي تطبقها إدارة العتبات المقدسة للاطمئنان على كفاءتها في تسيير الأنشطة المختلفة والتأكد من أن الأداء الفعلي يتم وفقاً لها. ومن أهم ما يدخـل في نطاق الرقـابة الإداريـة ما يلى :

(1) تدقيق وتقويم الهيكل التنظيمي للعتبة مع أهدافها وأنشطتها المختلفة ومدى توافقه.

(2) تدقيق وتقويم الأسس والسياسات واللوائح التي تطبقها وبيان مدى ملاءمتها للأحكام الشرعية والتشريعات النافذة.

(3) تدقيق وتقويم الإجراءات الإدارية لتنفيذ المهام التي تقوم بها وبيان دورها والبعد عن البيروقراطية.(1)

(4) تدقيق وتقويم الأساليب والطرق الإدارية التي تطبقها الأقسام ذات العلاقة في العتبة، ومدى أخذها بأساليب التقنية الحديثة.

رابعا : الرقابة الشعبية

 ويقوم هذا النوع من الرقابة على مبدأ وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، حيث من حق من يعنيه أمر العتبات المقدسة من المسلمين أن يراقبها للاطمئنان من سلامة أعمالها ومعاملاتها. ولقد طبق هذا النظام في صدر الدولة الإسلامية وكان يطلق عليه نظام الحسبة. ويمارس هذا النوع من الرقابة في عصرنا من قبل منظمات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والصحافة ووسائل الإعلام وجماعات الضغط وغير ذلك من الوسائل الرقابية، إذ تستعمل هذه الجهات أساليب ايجابية تتمثل في المؤازرة والمناصرة والتأييد والتضامن مع المؤسسات والدوائر الحكومية والمؤسسات أو تستخدم أساليب أخرى إذا وجدت هناك ما يشير لانحراف هذه الدوائر والمؤسسات ويؤشر خللا في عملها وتستخدم حينئذ أساليب تتمثل بالمظاهرات والشكاوى وغيرها.

خامسا: الرقابة القضائية والقانونية

تعتبر الرقابة القضائية من أهم صور الرقابة، إذ يعد القضاء أكثر الأجهزة القادرة على حماية مبدأ المشروعية والدفاع عن الحقوق والحريات الفردية، إذا ما توافرت له الضمانات الضرورية التي تكفل له الاستقلال في أداء وظيفته حتى يمكن أن تتحقق بشأنه الحيدة المطلقة وبالتالي يمكنه أن يقوم بالرقابة على أكمل وجه. وتتميز الرقابة القضائية بالخصائص التالية:

    فالرقابة القضائية من أقوى أنواع الرقابة الأخرى وخصوصاً فيما يتعلق بالوقف، لأن القاضي في السابق هو من كان ينوب عن الإمام ( عليه السلام ) في شؤون الوقف، وهو الأقدر على رعاية شؤون الوقف بما يملكه من سلطة وقوة ونفوذ. فهو يقوم بتوثيق وتسجيل وثائق الوقف، وهو من يعين ويعتمد النظار ويحاسبهم على تقصيرهم، وهو من يشرف على توزيع غلة الوقف على مستحقيها، وهو من يفصل في منازعات الوقف، وغيرها من مهام ومسؤوليات. ومن أهم ما يقوم به القاضي في وقتنا الحاضر أنه عند التنازع يتأكد من تطبيق القوانين واللوائح المنظمة للوقف.  فالرقابة على الوقف هي رقابة على مدى تطبيق النظم واللوائح التي فرضتها الجهات الرسمية في الدولة لتنظيم الوقف، فالدولة تقوم بالإشراف على مؤسسة الوقف من خلال أجهزتها المتنوعة للتأكد من قيامها بتطبيق النظم واللوائح التي وضعتها حفاظاً على سلامة هذه المؤسسة وحماية لأموال الواقفين، والتأكد من أن هذه المؤسسة تؤدى دورها وتحقق الأهداف التي من أجلها أنشئت هذه المؤسسة. ولذلك فرضت قوانين خاصة تنظم الوقف، ووضعت جهات إشرافية كديوان الرقابة المالية وغيره لمراقبة عملها. وتجدر الإشارة إلى أن الرقابة القضائية تكون لمحكمة الأحوال الشخصية على الوقف فحسب دون غيره من أموال العتبات المقدسة الأخرى وهي تستمد أساسها القانوني من نص المادة (الخامسة /8) من نظام المتولين رقم 46 لسنة 1970 والتي تلزم ديوان الأوقاف والمتولي بمراجعة المحكمة المشار إليها للحصول على إذن بصرف بدلات استملاك واستبدال الموقوفات الملحقة عند شراء أملاك تسجل وقفا ملحقا أو اعمار الأراضي الموقوفة في دوائر الطابو كل بحسب حصته من تلك الموقوفات ويجوز جمع بدلات عدة موقوفات لعين الغرض.(2)

الفصل الثالث

صيغ استثمار أموال العتبات المقدسة

    تسعى العتبات المقدسة إلى تنمية مواردها المالية لتواكب باقي المؤسسات في القطاع العام والخاص ولتتماشى مع عصر الانفتاح الاقتصادي والتطور التكنولوجي, فنجاحها في تحقيق أهدافها واستمراريتها وفعاليتها في المجتمعات التي تعمل ضمنها، مرتبط إلى حد بعيد بمدى قدرتها على تنمية هذه الموارد. ومما لا شك فيه أن أموال العتبات المقدسة من الضخامة بمكان وتحتاج إلى تنمية مستمرة لكي تتمكن من مواكبة تقديم الخدمات للزائرين وتنفذ برامجها وأنشطتها في مختلف المجالات بما يحقق الأهداف التي تسعى إليها، ويتم ذلك من خلال تشجيع الأبحاث والدراسات المهتمة بميدان الاستثمار، وانجاز مشاريع خيرية أو استثمارية ذات طبيعة تنموية بعقد عدة شراكات واتفاقيات مع الأشخاص التي لها مجالات وأهداف مشتركة مع الوقف بصورة عامة والعتبات المقدسة، بشكل اخص، على أن تراعي العتبات المقدسة تنويع مجالات الاستثمار والبحث عن أنجع الأساليب تقليلا للمخاطر وضمانا للحصول على عائد استثماري جيد .

 إن صيغ الاستثمار عامة ومتنوعة، وتختلف بحسب المال المستثمر، وبحسب الأماكن، وتطور الزمان. ولكون أموال العتبات المقدسة ذات طبيعة خاصة تختلف عن غيرها من الأموال. لذا تطلب الأمر تبني  صيغ استثمار تتفق وأحكام الشرع والقانون من هنا فإننا سنبحث هذه الصيغ في مبحثين اثنين إذ ندرس في المبحث الأول الصيغ القديمة والمعاصرة للاستثمار حيث نتعرف عليها من خلال مطلبين نخصص المطلب الأول للصيغ القديمة والمعاصرة للاستثمار وندرس في المبحث الثاني للصيغ الحديثة والمقترحة للاستثمار.

المبحث الأول

الصيغ القديمة والمعاصرة لاستثمار أموال العتبات المقدسة

      كان الاستثمار في العهود الأولى وبالأخص في مجال أموال الوقف محصوراً بأنواع محددة، كالإجارة والمزارعة والمساقاة والمغارسة ومع مرور الأيام ابتكر العلماء ونظّار الوقف وسائل جديدة لاستثمار الوقف حسب الحاجة وفي العصر الحاضر أوجد العلماء والمفكرون والفقهاء وسائل حديثة ومتطورة لاستثمار الوقف، حققت نتائج باهرة، ولا يزال الابتكار مستمراً، والتطور قائماً، لذلك نعرض أولاً الصيغ القديمة للاستثمار والتي تتمثل بالمزارعة والمغارسة والمساقاة، ثم ندرس ثانياً صيغ استثمار الوقف المعاصرة والمتمثلة بالمضاربة والمرابحة والمشاركة المتناقصة، وذلك في مطلبين.

المطلب الأول

الصيغ القديمة للاستثمار

    منذ قرون طويلة يقتصر استثمار ممتلكات الوقف على صيغ محددة كانت تقتصر على إجارة العقارات وزراعة الأرض وأحيانا تأجيرها لمدة طويلة. وتشترك هذه الصيغ وعلى اختلاف أنواعها بأنها مجحفة بحق الوقف. مع العلم أنها قد اعتمدت كمعالجة لتفادي فقدان عين الوقف المتوهنة، فهي مخارج شرعية وقانونية لعدم التفريط في العين الموقوفة لكنها مجحفة من الناحية المالية لقلة العائد الاستثماري. وسندرس الصيغ القديمة لاستثمار أموال الوقف ومنها أموال العتبات المقدسة في فرعين نخصص الفرع الأول لموضوع الإجارة ونبحث في الفرع الثاني صيغ الاستثمار في المجالات الزراعية كالمزارعة والمغارسة والمساقاة .

الفرع الأول

الإجارة

    الإجارة عقد مقتضاه تمليك منافع مباحة لشيء مدة معلومة بعوض (1) وقد عرفها القانون المدني العراقي بانها( تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة وبه يلتزم المؤجر ان يمكن المستأجر من الانتفاع بالماجور )(2) وعرفها الفقهاء المسلمون بأنها بيع المنفعة المعلومة في مقابل عوض معلوم(3) أو هي تمليك عمل أو منفعة بعوض(4) وتكاد تكون الإجارة الصيغة الوحيدة لدى الفقهاء قديما، لاستثمار مال الوقف، ولها شروط وضوابط. فهي عملية استثمارية تناسب الأوقاف العقارية. وكذا الأعيان المنقولة كوسائط النقل إذ يكون محل الإجارة منفعة العين المؤجرة. ويعد عقد الإيجار من أهم العقود الشرعية والقانونية التي ترد على أعيان الوقف، فهو يمثل أسهل الطرق لتوفير الموارد المالية اللازمة لصيانة الوقف وتغطية نفقاته وتوزيع غلاّته على مستحقيها. هذا ويلاحظ أن إجارة مال الوقف مشروعة باتفاق الفقهاء سواء أكان بناء كبيت سكن أو دكان أو ما شابه، أو أرضا خالية لاستثمارها بالزرع أو غيره، أو مشغولة بأشجار، فيكتسب المستأجر بعقد الإجارة حق الانتفاع بالعقار الموقوف من الجهة التي وقع عقد الإجارة عليها(5) بل إنهم أوجبوا عدم بيعه عند خرابه، فهي تحقق الهدف من الوقف بحبس الأصل وبقاء العين، ثم الحصول على الأجرة والثمرة. وقد ذكروا لها شروط منها ما يعود إلى الصيغة ومنها ما يعود لكل من المتعاقدين والعين المستأجرة والمنفعة المقصودة والأجرة، كما نصوا على أنها عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتراضي بين الطرفين أو يكون للفاسخ الخيار.(6) وتتم إجارة مال الوقف من قبل الموقوف عليه أو المتولي(1) فإذا وقف بستانا لصرف نمائها في جهة معينة خاصة فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها وانقطع وبقيت عرصة فان أمكن إيجارها وجب ذلك.(2)

والملاحظ أن وجوب الإجارة مورد من موارد استثمار ذلك الوقف على تلك الجهة وان كان هناك اختلاف في مدة الإجارة المطلقة، فالهدف لكلتا العمليتين واحد فالمرجو من الإجارة الحصول على الدخل وتنميته وعلى المستأجر الحفاظ على العين وإجراء الإصلاحات اللازمة لضمان سلامة الوقف وديمومته، فالمستأجر سيسعى إلى تطوير المأجور إذا ما ضمن الحصول على مردود ايجابي أو شعر بمراقبة المتولي عليه، وبالتأكيد فان أجرة الوقف ستؤدي إلى إشباع حاجات أساسية لجهة الوقف مما يثبت أن الإجارة هي تصرف استثماري. ولقد كان للفقهاء في إجارة مال الوقف قولان:

القول الأول

المنع من مثل هذه الاجارات لطول الزمن وذلك خشية أمرين يكون بهما ضياع الوقفية أولهما ادعاء الملكية من قبل المستأجر وثانيهما الإجارة من الغاصب مع الظن بغصبه وقهره ضياع الوقف(3)

القول الثاني

 الجواز، قال العلامة الحلي (قدس) (وحكم الوقف في انه يجوز أن يؤجّر مهما شاء المؤجّر حكم الطلق، ما لم يخالف تقدير الواقف، فان كان قد قدر أن يؤجّر مدّة معيّنة لم يجز التخطي، وان لم يكن قد قدّر مدّة معينة كان حكمه حكم الطلق )(4)كما جوز السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله ) طريقة حديثة في استثمار الوقف بطريق العقد، بشرط عود الانتفاع إلى الموقوف عليه لا إلى الوقف نفسه، حيث يقول (إن ذكر الانتفاع الخاص بالوقف ليس لخصوصيته، بل للاهتمام بانتفاع الجهة الموقوف عليها، كما هو الظاهر في الأوقاف التي يصرف ريعها وواردها في الجهات الخاصة أو العامة، كالأولاد والعشيرة والمساجد والمدارس وطلبة العلم والفقراء وغيرهم، والظاهر حينئذ لزوم عمارة الوقف من وارده لتوقف انتفاع الجهة الموقوف عليها على العمارة المذكورة، وذلك بإجارته مدة طويلة وإنفاق الأجرة على عمارته، أو الاتفاق مع المستأجر على أن يقوم بعمارته في مقابل انتفاعه به مدة طويلة، ثم يعود للجهة الموقوف عليها المعروفة في عصورنا بالمساطحة أو نحو ذلك )(1) هذا ويشترط أن تكون أجرة المال الموقوف عادلة، تساوي أجرة المثل، ولا يجوز بالأقل المشتمل على غبن فاحش، إلا أن  الغبن اليسير لا يضر، فإن أجر بغبن فاحش لزم المستأجر تمام أجرة المثل عند الحنفية، وضمن الناظر النقص عن أجرة المثل عند الحنابلة، وبطلت الأجرة عند الشافعية.(2) ويرى الفقهاء انه لو اجر الناظر مال الوقف فزادت الأجرة أو ظهر طالب بالزيادة لم ينفسخ العقد.(3)هذا من الجانب الفقهي لإجارة الوقف. أما الجانب الاستثماري، فمن المعروف أن التأجير يحقق معايير الاستثمار من حيث ثبات العائد وعدم تقلبه والمحافظة على الأصل .

    ولم يورد المشرع العراقي نصوص في القانون المدني العراقي حول موضوع إجارة الوقف خلافا لبعض التشريعات العربية(4) إلا انه عالج ذلك في التشريعات ذات العلاقة بالأوقاف.كقانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1999 وقانون هيأة استثمار أموال الأوقاف قم 18 لسنة 1993 المعدل إضافة لنظام المزايدات والمناقصات رقم 45 لسنة 1969 والذي يدرس إجراءات إيجار المال الموقوف، اذ أكد قانون إدارة الأوقاف على أن يؤجر الموقوف ويباع المنقول وتجري التعهدات وفق نظام خاص(5) وتحدد الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقدي البيع والإيجار بتعليمات يصدرها وزير (الأوقاف) والشؤون الدينية(6) على انه يجوز إجارة العقار الموقوف مدة تزيد على ثلاث سنوات بقرار من مجلس إدارة هيئة واستثمار أموال( الأوقاف ) المشكل بموجب قانون هيأة إدارة واستثمار أموال (الأوقاف) رقم 18 لسنة 1993.(7) ويؤجر الموقوف بالمزايدة العلنية وفقا لأحكام نظام المزايدات والمناقصات رقم 45 لسنة 1969 المعدل باستثناء بعض الحالات كتأجير الموقوف للدوائر الحكومية الرسمية وشبه الرسمية والجمعيات الخيرية والنقابات لأغراضها الأساسية باجر مثل تقدره لجنة التقدير وتوافق عليه الجهة الراغبة،وكذلك تأجير شقق العمارات بالعقد المباشر ببدل لا يقل عن بدل التقدير المصدق من المجلس من قبل رئيس الديوان بتخويل من مجلس الأوقاف وله تجديد هذا العقد لسنة أخرى مرتين وله أيضا تأجير مجاري مياه السقي أو السيل أو الطريق العائد للوقف أو محلات نصب المضخات التي لا يستفيد منها إلا الراغب في إيجارها. كذلك فان النظام حدد مدة إيجار الوقف بان لا تزيد على أكثر من سنة إلا بعد موافقة ديوان الأوقاف وللديوان بقرار من المجلس الموافقة على تجديد عقد الإيجار السنوي لسنة أخرى مرتين بعين البدل السابق من غير مزايدة إذا رغب المستأجر في ذلك وقبل انتهاء عقده بشهرين. ومن منطلق حرص المشرع العراقي على السياسة العامة لخطط ومناهج إدارة واستثمار الأموال الموقوفة فقد اصدر قانون هيئة إدارة واستثمار أموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993 والذي تم بمقتضاه تخويل مجلس الهيئة إقرار الاستبدال العيني والنقدي بما يحقق مصلحة الأموال الموقوفة، وكذلك إقرار حقوق والتزامات الإجارة الطويلة والسنوية وفق الإجراءات المقررة قانونا. وقد برزت في الفقه الاسلامي، أنواع من الإجارة لأموال الوقف نبينها كما يلي :

أولا: الإجارة الطويلة

لقد ورد مصطلح الإجارة الطويلة في كلمات بعض فقهاء المسلمين(1) ويظهر أن من فقهاء الأحناف من يبطل هذه الإجارة إلا إذا دعت الضرورة فهم يجيزونها بشرط تقييدها بسنة واحدة سواء كان موضوعها الدار وشبهه أو الأرض، معللين ذلك بان المدة إذا طالت تؤدي إلى إبطال الوقف وتلاشيه، في حين أن هناك من يراه يتصرف فيه تصرف الملاك على طول الزمان يضنه مالكا. ونجد بينهم من فصِّل فقيد الإجارة بسنة في الدار وشبهه وبثلاث سنوات في الأرض إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك وهذا يختلف من جهة الزمان والمكان. وتعددت الحالات في مدة الإجارة الطويلة، من ثلاث سنوات، إلى عشر سنوات، إلى ثلاث وثلاثين سنة، إلى تسع وتسعين سنة، إلى مائة سنة. هذا وقد حذر كثير من العلماء من طول مدة الإجارة في الوقف خشية نسيانه، أو الاستيلاء عليه مع مضي الزمن بوضع اليد، وهو ما حصل فعلاً.(2)

     وقد عرف المشرع العراقي الاجارة الطويلة بأنها إيجار العقار مدة تزيد على ثلاث سنوات بعقد واحد أو بعقود متصلة (1) إلا انه أطفأ فيما بعد حقوق الإجارة الطويلة في العقارات الموقوفة المثقلة بهذه الحقوق عدا الأوقاف المضبوطة بموجب قانون إطفاء حقوق الإجارة الطويلة في العقارات الموقوفة رقم (87) لسنة 1986.(2) على أن يتم الإطفاء وفق إجراءات بينها القانون والتعليمات الصادرة لتسهيل تنفيذه(3)ولم يستثن من أحكامه إلا مستأجر الإجارة الطويلة إذا كان شاغلا للعقار لأغراض السكنى لنفسه أو لورثته حتى انتهاء مدة الإجارة (4)

     وتجدر الإشارة إلى أن تطبيقات القضاء العراقي في هذا النوع من الإجارة كثيرة إذ قضت محكمة التمييز في العراق بان الأبنية التي ينشئها المستأجر بالإجارة الطويلة بكلفة تزيد عما اتفق عليه تكون من نصيب جهة الوقف وعلى المستأجر إعادة إنشائها إذا انهدمت خلال مدة الإجارة ويعد المستأجر متبرعا وليس له الرجوع على الوقف بفرق الكلفة وليس للمؤجر طلب فسخ العقد إذا تأخر المستأجر في عقد الإجارة الطويلة عن دفع بدلات الإيجار في حال قيامه بتشييد أبنية وصيانتها طبقا لعقد الإجارة الطويلة لان ما لم يوفيه من الالتزام قليل بالنسبة إلى ما وفى به.(5)

ثانيا : حق الحكر

    هو عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والتعلي أو للغراس أو لأحدهما بيد شخص لقاء أجر محدد (6) فهو إجارة طويلة للعقار حيث يعطي المستأجر بمقتضاه حقاً بالقرار المرتب الدائم لمدة طويلة على الأرض الموقوفة ، ويسمى حق الحُكر أو المقاطعة، بأن يقيم المستأجر مشروعاً زراعياً، أو صناعياً على أرض موقوفة بما لا يضر بمصلحة الوقف. وكان لدوائر الأوقاف في العراقموقوفات كثيرة أثقلت بحق الغير، ويستوفي مالك الحق وورثته من بعده منافعها، أما الوقف فلا يحصل منهم إلا على بدلات سنوية ضئيلة جدا وهذه الموقوفات هي من الأهمية بمكان، لأنها تقع في أهم المراكز التجارية، وقد أنشئت هذه الحقوق للغير في هذه الموقوفات منذ الاحتلال العثماني للعراق وفق نظام توجيه الجهات الذي كان سائدا آنذاك، لتعذر اعمارها من قبل الأوقاف. وقد وجد المشرع أن بقاء هذه الموقوفات الكثيرة والمهمة مثقلة بالحكر ونحوه من الحقوق العينية واقتصار المنفعة منها على شاغليها بالبناء والغراس، قد عطل منافع مديرية الأوقاف من أملاكها وحملها نفقات كبيرة تبلغ أضعاف ما تحصل عليه من البدلات الزهيدة حتى أمكن القول بان حق (الحكر) لم يبق لجهة الأوقاف إلا الرمز أو المظهر القانوني للملكية مجردا من محتواها المادي أو الاقتصادي، ولذلك فقد عمد إلى إنهاء هذه العلاقة بإصدار قانون يضمن مصلحة الطرفين هو قانون إطفاء حق الحكر رقم 138 لسنة 1960(1) أنهى بموجبه العلاقة بين ارض الوقف ومالك البناء أو الغراس أو قسم منها الذي يتصرف بالعقار لمدة غير معينة مقابل أجرة يدفعها إلى الوقف ويشمل ذلك الحقوق العينية المترتبة على ارض الوقف كالاجارتين والإجارة المؤجلة والمقاطعة وعرصات النخيل والبساتين. وإذ أن هذا القانون قد جاء دون تحديد مدة معينة لإقامة الدعوى التي اشترطها القانون من ضمن إجراءات إطفاء حق الحكر ورغم مرور مدة طويلة بلغت (22) عاما على صدوره، لم تحظ أحكامه بالتطبيق فظلت اغلب العقارات المثقلة بحق  الحكر على حالها، الأمر الذي استوجب إصدار قانون إطفاء حق الحكر رقم (3) لسنة 1983 وهو قانون جديد يؤمن إطفاء هذا الحق عن طريق إلزام أصحابه أنفسهم بإقامة الدعوى لإطفائه خلال مدة معينة دون إخلال بحق جهة الوقف في إقامة الدعوى خلال نفس المدة.(2)مما يستدعي كذلك تطبيق أحكام القانون بعمل جرد سنوي دوري لتبيان نسبة الامتثال لهذا القانون من عدمه وفرض جزاءات عند الإخلال به.

ثالثا : حق الإجارتين 

    هو حق ينشأ عن عقد إجارة مديدة بإذن القاضي الشرعي على عقار الوقف المتوهن الذي تعجز غلة الوقف عن إعادته إلى حالته من العمران السابق، حيث يدفع المستأجر أجرة معجلة تقارب قيمة العقار، لتعميره، وأجرة مؤجلة ضئيلة سنوية يتجدد العقد عليها تدفع كل سنةوذلك كمخرج من عدم جواز بيع الوقف، ولا إجارته مدة طويلة، وللحصول على غلة وأجرة، ومن هنا سميت بالإجارتين، وهو وسيلة لاستثمار الوقف تشبه الحكر(3) ولكن المبلغ المعجل المساوي لقيمة عقار الوقف في الإجارتين، يستغل في ترميم وإصلاح ذلك العقار نفسه (1). وهذا الحق كان معمولا به في العراق بموجب نظام توجيه الجهات العثماني ومنع فيما بعد قانون إدارة الأوقاف رقم 27 لسنة 1929 إعطاء مسقفات الأوقاف ومستغلاتها بالاجارتين والمقاطعة وأجاز استبدالها بعقار أو ينقد بعد تحقيق المنفعة وانتهاء الرغبات بالمزايدة بحكم شرعي وإرادة ملكية يستحصلها وزير الأوقاف (2)على أن تبقى الحقوق المرتبة على الوقف قبل صدور القانون وان تؤجر مسقفات ومستغلات الأوقاف بعد صدوره بالمزايدة وتستوفي بدلاتها وفق القوانين والأنظمة العامة وقد الغي هذا الحق تماما فيما بعد بصدور قانون إطفاء حق الحكر رقم 138 لسنة 1960، وقانون إطفاء حق الحكر رقم 3 لسنة 1983.

رابعا : مشد المسكة  والكردار

    مشد المسكة هو حق لمستأجر الأرض الموقوفة في البقاء بسبب ما له فيها من حراثة وسماد، إذ يتضرر إذا أخرج منها(3) أما الكردار فهو الزيادة المتصلة التي يضعها المستأجر في عقار الوقف المستأجر، كالأشياء الثابتة في الحوانيت الموقوفة، وتتصل بها اتصال قرار ودوام، لعلاقتها الثابتة بالعمل الذي يمارس في هذا العقار. وقد جرت العادة أن ينشئ مستأجر عقار الوقف هذا الكدك فيه من ما له لنفسه على حسب حاجته بإذن متولي الوقف، وقد يسمى الكدك سكنى في الحوانيت والمحلات التجارية، ويسمى  كرداراً  في الأراضي الزراعية(4) ويبدو أن هذين الحقين  كانا معمولا بهما أيضا في مختلف البلدان الخاضعة لسيطرة الحكومة العثمانية بموجب نظام توجيه الجهات الخاص بالأوقاف فالدعاوى المتعلقة بهما كانت من اختصاص المحاكم الشرعية حيث وردت الإشارة إليه في المادة ( 7 ) من القانون الوقتي للمرافعات الشرعية الصادر عام 1921 (1)

خامسا : حق القرار 

    وهو أن يأذن القاضي أو الناظر لمستأجر الوقف بالبناء في الأرض الموقوفة، ويكون ما ينفقه في البناء ديناً على الوقف، يستوفيه من أجرة الوقف بالتقسيط، على أن يكون للمستأجر حق القرار (البقاء ) على عقار الوقف، ويكون البناء ملكاً للوقف، وتكون الإجارة لمدة متفق عليها، ويحق للمستأجر خلالها التنازل لآخر ببيع حقه عليه(2) وقد تناول القانون المدني العراقي حق القرار في المادتين 1184 و1185 منه في الأراضي الأميرية والأراضي المملوكة ملكا صرفا ولم يذكر الأراضي الموقوفة حيث اقر لحائز الأرض الأميرية باعتباره متصرفا فيها إذا زرعها عشر سنوات متتالية من غير منازع حق القرار عليها. وهذا ما يمكن الاستفادة منه اليوم في تثمير أموال العتبات المقدسة لترميمها وصيانتها. وهناك صيغ أخرى كانت معمول بها في بعض البلدان لا يوجد لها تطبيق في التشريعات العراقية(3)

    والواقع أن الفقه الإسلامي قد استفاد أيضا من جواز إجارة الوقف، وهي طريقة يمكن اللجوء إليها في حالة الضرورة، وذلك عندما تكون العقارات، أو الأملاك الموقوفة متوهنة أو معطل الانتفاع بها وغير مرغوب فيها بالاستبدال فهي على وضعها الذي تكون فيه غير مؤهلة للإنتاج وإنما تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات حتى تصبح صالحة لتوليد الدخل. مثال ذلك أن يكون لدى العتبة المقدسة أرض لا تصلح إلا للبناء وهي لا تملك أموال كافية لإقامة بناء على هذه الأرض، أو أن يكون هناك عقار وقفي قد حل به الخراب، ولا يوجد لدى جهة الوقف أموال تكفي لإصلاح هذا البناء ففي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى إجارة الوقف. وبطبيعة الحال فان الواقع يتطلب ألا يستخدم المبلغ المعجل في النفقات الدورية والمتجددة، لأن هذا من شأنه أن يصفي عقارات الأوقاف بالتدريج، بحيث تصبح في المستقبل لا دخل لها، وإنما لا بد أن يستخدم ذلك المبلغ في استثمار وقفي آخر من شأنه أن ينقذ عقارا وقفيا آخر، وينقله من وضع غير مفيد للأوقاف إلى وضع مفيد لها نتيجة ذلك الاستثمار.

                                                       الفرع الثاني

استثمار الأراضي الزراعية

       يمثل القطاع الزراعي ركنا هاما، ودعامة قوية، للنظام الاقتصادي. وقد دعا الإسلام إلى استثمار كل شبر من الأرض. ولم يبح تعطيلها عن الاستغلال والنماء بل اعتبرها أساس الحياة ووضع من القواعد والأحكام ما يكفل ذلك. وقد خصها المشرع في القوانين الوضعية أيضا باهتمام كبير لما للقطاع الزراعي من أهمية في النشاطات الاقتصادية نظرا لمشاركته الفعالة في الدخل القومي والتجارة الداخلية والخارجية ولصلته الوثيقة في تامين ما يحتاج إليه الإنسان من غذاء فهو محور عملية التنمية الاقتصادية. وتعد المزارعة والمساقاة والمغارسة من العقود الاستثمارية التي تعمل على زيادة الإنتاج في المجتمع, وهي من ابرز صور استثمار أموال الوقف المعروفة وبالتالي فان الحاجة ماسة إلى معرفة قواعدها وضوابطها الفقهية والقانونية حتى يمكن الاستفادة منها في التنمية الاقتصادية المعاصرة، حيث تختلف قواعد هذه العقود وأحكامها عن العقود الأخرى, من حيث أنها من العقود الاستثمارية, وتعتبر أصلاً من الأصول التي تقوم عليها العقود الاستثمارية الأخرى كالمضاربة, وغيرها من الفروع التي يمكن استحداثها على ضوء أحكامها, والتي يمكن من خلالها معالجة كثير من المشكلات التي تواجه المجتمعات اليوم مثل البطالة, والتضخموغيرها, وسنتناول كل واحدة من هذه الصور طبقا للفقرات التالية وبالتعاقب :

أولا: المزارعة

المزارعة هي الاتفاق بين مالك التصرف في الأرض والزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها.(1) ولا إشكال في مشروعيتها بل يمكن القول باستحبابها (2) فعن يزيد بن هارون الوسطي قال : سمعت أبا عبد الله الأمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام ) يقول : الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيبا أخرجه الله عز وجل، وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاما، وأقربهم منزلة، يدعون المباركين )(3) فهي عقد تمليكي عهدي يرجع إلى تمليك العامل عمله في الزراعة إلى المالك مقابل تمليك الأخير لحصة من الربح للعامل(1) ويشترط في عقد المزارعة شروط أهمها أهلية المتعاقدين ومالكية التصرف في كل منهما وان يكون النماء مشترك مع ضرورة تعيين الحصة وتحديد المدة الزمنية وتعيين من يتكفل بدفع المصاريف واللوازم وان تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج ويكون الحاصل مشاع بينهما(2) بمعنى أن يكون حق الزارع عن دين لأجل أي كلي في الذمة. وتتم المزارعة في أراضي الوقف باتفاق بين إدارة الوقف مع طرف آخر ليقوم بزرع الأرض الموقوفة على أن يكون الناتج بينهما بالاتفاق ضمن شروط معينة، فللناظر أن يتصرف في ارض الوقف بما فيه الحفظ والمصلحة لجانب الوقف أما بإجارتها باجر المثل أو دفعها مزارعة بالحصة حيث تصح المزارعة في ارض الوقف بحصة من المحصول الخارج من الزراعة بشرط بيان مدة المزارعة ومقدار الحصة ومراعاة سائر شروط المزارعة.(3) ولا يشترط في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد، وفي السنة الأولى، بل يصح العقد على ارض بائرة وخربة لا تصلح للزراعة إلا بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أكثر، وعليه فيجوز للمتولي أن بزارع الأراضي الموقوفة التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو أكثر حسب ما يراه صالحاً(4)

والمزارعة وسيلة استثمار في الأراضي بعامة وأراضي الوقف بخاصة، وهي طريقة قديمة ومعاملة ثابتة من العهد النبوي الشريف، فقد عامل رسول الله (صلى الله علية واله وسلم ) خيبر حين أتوه فأعطاهم إيّاها أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت(5) فهي نوع من الشراكة الزراعية لاستثمار الأرض يتعاقد عليها المالك والعامل على أن تكون الأرض من الأول والعمل من الثاني والمحصول بينهما بنسبة يتفقان عليها (6) ويمكن للعتبات المقدسة أن تستثمر الأراضي الزراعية العائدة لها والموقوفة عليها مباشرة مع استعمال التقنيات الزراعية الحديثة المؤدية إلى زيادة الإنتاج (7)وينفسخ عقد المزارعة إذا طرأ مانع من الزراعة في الأرض كانقطاع الماء عنها، ولكن الزارع إذا ترك الزرع بلا عذر وكانت الأرض في تصرفه، كان عليه أن يدفع إلى المالك مثل أُجرة الأرض.(1)

     وقد تضمنت التشريعات المدنية أحكاما مفصلة للمزارعة حيث عرفتها المادة (805) من القانون المدني العراقي بأنها عقد على الزرع بين صاحب الأرض والمزارع يقسم الحاصل بينهما بالحصص التي يتفقان عليها وقت العقد، ويشترط حين العقد تعيين حصة المزارع جزءاً شائعاً من المحصول ويجوز الاتفاق على احتساب البذر والضرائب من أصل المحصول وقسمة الباقي فإذا لم تحدد مدة (المزارعة) كانت المدة دورة زراعية سنوية.(2)

    ويرى الدكتور السنهوري إن المزارعة عقد إيجار ارض زراعية سواء أكانت أرضا عراء أو كانت مغروسة بالأشجار كأرض الحدائق وتتميز عن الإيجار العادي للأرض الزراعية بان الأجرة فيها نسبة معينة من نفس المحصول الناتج من الأرض كالنصف والثلث، فلو كانت الأجرة ليست نسبة معينة من المحصول بل مقدارا معينا منه كعشرة قناطير(3) من القطن أو عشرين اردبا(4) من القمح لم يكن العقد مزارعة بل هو عقد إيجار عادي يقع على ارض زراعية والأجرة فيه ليست نقودا لان الأجرة في الإيجار العادي قد تكون نقودا وقد تكون أي تقدمة أخرى، أما لو كانت الأجرة نسبة معينة، ولكن ليست من نفس المحصول الذي تنتجه الأرض كان تكون نصف صافي ثمن المحصول لم يكن العقد مزارعة بل هو عقد شركة اقتسم فيه الشركاء صافي الأرباح(5) والإيجار بالمزارعة تدخل فيه الأدوات الزراعية والمواشي التي تستعمل في الزراعة والموجودة في الأرض وقت التعاقد إذا كانت مملوكة لصاحب الأرض، ما لم يتم الاتفاق بين طرفي العقد على غير ذلك.(1)وبموجب القانون فان لصاحب الأرض ولاية التوجيه في استغلالها، وله الرقابة على أعمال الزراعة، وسلطته في ذلك يحددها القانون أو الاتفاق أو العرف.(2) أما مصروفات الأعمال الزراعية وصيانة الزرع وجمع المحصول والمحافظة عليه وإصلاح الأدوات والترميمات الطفيفة للمباني الزراعية كل هذا يكون على المزارع، وعلى صاحب الأرض نفقات الترميمات غير الطفيفة للمباني الزراعية والتحسينات اللازمة للأرض ،ويتحمل الاثنان كل بنسبة حصته في الغلة ما يلزم من نفقات للبذور والتسميد ومقاومة الأمراض الطفيفة كل هذا ما لم يوجد قانون أو اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. وقد منع القانون في (المزارعة) أن يؤجر المزارع الأرض إلى غيره، أو أن يتنازل عن الإيجار لأحد إلا برضاء صاحب الأرض فإذا اخل بذلك جاز لصاحب الأرض أن يفسخ العقد أو يطالب المزارع بالتعويض ولكن تعذر زراعة الأرض لمرض المزارع أو لأي سبب آخر مع عدم وجود من يحل محله من أفراد عائلته تجيز لصاحب الأرض أو للمزارع أن يطلب فسخ العقد. ولا تنفسخ المزارعة بموت صاحب الأرض ولا بموت المزارع، ولكن موت المزارع، يجيز لورثته أن يطلبوا فسخ العقد إذا اثبتوا انه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مقدرتهم.(3)فإذا فسخ العقد والزرع بقل، يخير صاحب الأرض بين أن يقسم الزرع عيناً على الشرط المتفق عليه، وبين أن يعطي الورثة قيمة نصيب مورثهم من الزرع، وبين أن ينفق على الزرع حتى ينضج فيرجع بما أنفقه في حصة المزارع.أما إذا انقضت المدة قبل إدراك الزرع، يبقى الزرع إلى إدراكه ويلزم المزارع أجر ما فيه نصيبه من الأرض. اما لو فسخت (المزارعة) أو وقعت باطلة اذ يكون المحصول في هذه الحالة كله لصاحب البذر وللطرف الآخر اجر المثل.(4)

ثانيا : المساقاة

    المساقاة هي ( اتفاق شخص مع آخر على رعاية أشجار ونحوها وإصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من حاصلها )(5)فهي معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها(6) يكون بمقتضاها لكل من المالك والعامل حقا على الآخر يلزمه به ويجبره عليه حيث تكون الحصة حقا للعامل على المالك مقابل عمل العامل الذي يكون حقا للمالك على العامل.(1) ويشترط لصحة المساقاة إضافة لشرط توافر الأهلية لدى المتعاقدين أن تكون أصول الأشجار مملوكة عيناً ومنفعةً، أو منفعة فقط، أو يكون التصرف فيها نافذاً بولاية أو وكالة أو تولية(2) وان تكون الأصول ثابتة ومغروسة ومعينة ومعلومة وان يقع العقد قبل بلوغ الثمر، والمساقاة عقد لازم لا يبطل إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو تخلف بعض الشروط أو بعروض مانع عام موجب للبطلان أو نحو ذلك(3)والمساقاةُ مشروعةٌ وإن لم يرد ذكرها في الكتاب الكريم، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه سئل عن المساقاة، فقال (هو أن يعطي الرجل أرضه وفيها أشجار أو نخل، فيقول : اسق هذا من الماء وأعمره واحرثه ولك مما يخرج كذا وكذا بشيء يسميه، فما اتفقا عليه من ذلك فهو جائز(4) ففي صحيحة الحلبي قال ( اخبرني الإمام الصادق عليه‌ السلام أنَّ أباه عليه‌ السلام حدثه أنَّ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله أعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها ) وغيرها من الروايات الصحيحةفهي أداة من أدوات الشركات الإسلامية التي تريد الابتعاد عن الربا والاهتمام بالاستثمار الشرعي للمال الذي يخدم الأمة الإسلامية. والفرق بين المزارعة والمساقاة أن محل المزارعة هو زراعة الأرض، ومحل المساقاة هو العناية بالشجر وتسميده وتقليمه وتشذيبه وتنقيته وحمايته من الآفات وغير ذلك مما يلزم الشجر للإثمار.ويشترط في المساقاة أن تكون الحصة معلومة كنسبة شائعة في الثمر وأن يسلم مالك الشجر للمساقي وأن يطلق يده فيه، لأنها مشاركة. وأساس الاستحقاق فيها بالنسبة لمالك الأرض والشجر المخاطرة بالملك، وبالنسبة للعامل المخاطرة بالعمل، والعقد هو الذي يحدد حصة كل منهما في الربح المستحق بالضمان.

    وقد نظم القانون المدني العراقيالمساقاة في عدة نصوص قانونية إذ عرفها في المادة 816 منه بأنها عقد على دفع الشجر إلى من يصلحه بجزء معلوم من ثمره،فإذا لم تحدد مدة المساقاة كان احتساب المدة على أساس أول ثمر يخرج في تلك السنة(5) أما إذا حدد المتعاقدان للمساقاة مدة طويلة لا يعيشان إليها غالباً أو مدة قصيرة لا تخرج الثمرة فيها كانت المساقاة باطلة، بيد انه إذا حددا مدة يحتمل خروج الثمرة فيها وعدم خروجها كانت المساقاة موقوفة، فان خرج في الوقت المسمى ثمرة يرغب في مثلها في المعاملة صحت المساقاة ويقسم الخارج بينهما على حسب شروطهما، وان تأخر خروج الثمر عن الوقت المسمى، بطلت المساقاة وللمساقي اجر مثل عمله وان لم يخرج شيء أصلا فلا شيء لكل منهما على الآخر.والأعمال اللازمة للثمر قبل إدراكه وهي السقي والتلقيح والحفظ تلزم المساقي أما الأعمال اللازمة بعد إدراك الثمر كالجذاذ ونحوه فإنها تكون ملزمة لكلاً من العاقدين، كل هذا ما لم يقض الاتفاق أو العرف بغير ذلكولا يجوز للمساقي أن يساقي غيره إلا بإذن مالك الشجر، فان ساقى بغير إذنه فالخارج للمالك ويدفع للمساقي الثاني اجر مثله، ولا شيء للمساقي الأولأما إذا عجز المساقي عن العمل أو كان غير مأمون على الثمر، جاز فسخ المساقاة للاستحالة النسبية الواقعة فعلافإذا فسخت المساقاة، فينظر إلى مدة العقد فإذا انقضت مدة المساقاة انتهى العقد، فان كان على الشجر ثمر لم يبد صلاحه فالخيار للمساقي، أن شاء قام على العمل إلى انتهاء الثمرة بلا وجوب أجل عليه لحصة صاحب الشجر وان شاء رد العمل، ويخير صاحب الشجر بين :

أ‌-       أن يقسم البسر عيناً على الشرط المتفق عليه

ب‌-  وبين أن يعطي المساقي قيمة نصيبه من البسر

    ج – وبين أن ينفق على البسر حتى يبلغ فيرجع بما أنفقه في حصة المساقي من الثمر.  ولا تنفسخ المساقاة بموت صاحب الشجر، ولا بموت المساقي، ومع ذلك فان مات المساقي، جاز لورثته أن يطلبوا فسخ العقد إذا اثبتوا انه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباؤه أثقل من أن تتحملها مقدرته،وإذا فسخ العقد والثمر غض، فلصاحب الشجر الخيارات الثلاثة المبينة في المادة السابقة، فان لم يبد على الشجر ثمر كان للورثة اجر مثل مورثهم(1)

ثالثا : المغارسة

    المغارسة عقد تكون الأرض فيه من شخص والغرس والعمل من شخص آخر على أن يكون الغرس نفسه بينهما بالنصف أو الثلث أو غير هذه النسبة(2) وعقد المغارسة عقد صحيح في نفسه لان صاحب الأرض يدفع أرضه لمن يغرسها بالشجر، ثم يتعهدها حتى تثمر، وله نسبة معينة من ثمرتها(3) والمغارسة مشروعة كالمزارعة والمساقاة، فهي وسيلة استثمار عامة للوقف وغيره، ومعاملة قديمة يمكن أن تتم بصيغة معاصرة، وهي صيغة المشاركة المستمرة، بأن تتفق العتبات المقدسة مع المستثمر على إنشاء شركة للإنتاج الزراعي على أن يقوم المشروع على الأرض الموقوفة لمدة طويلة لا تقل عن (25 ) سنة بالشروط المتعارف عليها في مثل هذه الشركات وبما يعود بالنفع والخير على الطرفين(1)  وقد نظم المشرع العراقي أحكام عقد المغارسة في عدة تشريعات لعل أهمها القانون المدني حيث عرف المغارسة بانھا (( عقد على إعطاء أحد أرضه إلى آخر لیغرس فیھا أشجارا معلومة، ویتعھد بتربیتھا مدة معلومة على أن تكون الأشجار والأرض، أو الأشجار وحدھا مشتركة بینھما بنسبة معینة بعد أنتھاء المدة)).(2)فإذا لم تحدد للمغارسة مدة، يرجع في تقديرها إلى العرف ولا يجوز أن تقل المدة في جميع الأحوال عن خمسة عشر سنة.(3) كما عرف المغارس بأنهالشخص الذي یتفق مع صاحب الأرض على إعمار وغرس مساحة معلومة بالأشجار مدة معلومة، وبشروط معینة.(4)

    أما شراح القانون فقد عرفوا المغارسة بأنها اتفاق بین صاحب الأرض والمغارس یلتزم الأخیر بمقتضاه بغرس الأرض بعدد معین من الأشجار، على أن تكون لھما ما لا یقل عن نصف المساحة المغروسة(5) ويلاحظ إن التعریف المذكور مصدره المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي العراقي رقم 117 لسنة ١٩٧0 حیث بينت إن المغارسة اتفاق بین صاحب الأرض والمغارس على غرس الأرض بالأشجار على أن لا تقل حصة المغارس عن نصف الأرض والشجر. وقد ذھب أحد شراح أحكام الأوقاف(6) إلى تعریف المغارسة في أرض الوقف بانھا دفع الأرض إلى من یغرسھا أشجارا، ویقوم بتربیتھا بجزء معین من ثمرتھا. في حين ذھب آخر(7) إلى إمكانية استثمار الأرض الموقوفة بأسلوب المغارسة  بتقدیمھا إلى من یقوم باستثمارھا بزرعھا بنوع من الشجر والاعتناء به، والإشراف علیھا، على أن یقتسما الناتج بینھما بنسبة معینة یتفقان علیھا ويلتزم رب الأرض بتسليمها إلى المغارس خالية من الشواغل. وعلى المغارس أن يتم الغراس في مدة خمس سنوات من ابتداء العقد، ما لم يتفق على خلاف ذلك، فإذا لم يفِ المغارس بهذا الالتزام كان لرب الأرض الفسخ مع التعويض إن كان له مقتض. كما يلتزم المغارس بجميع المصاريف والأعمال اللازمة للغراس وصيانته طول المدة، ما لم يتفق على غير ذلك. ويجوز للمغارس أن يتنازل عن حقوقه لآخر بعوض أو بدونه قبل انقضاء المدة بإذن من رب الأرض، فإذا لم يأذن رب الأرض كان عليه أن يقبل تلك الحقوق بثمن مثلها ذا طلب المغارس ذلك. ولا ينفسخ عقد المغارسة بموت احد الطرفين، بل يقوم ورثة كل منهما مقامه غير انه إذا كان ورثة المغارس غير قادرين على الاستمرار في المغارسة، كان لرب الأرض حق الفسخ على أن يعوض الورثة عما يصيب مورثهم من قيمة الأشجار قائمة مع التعويضات الأخرى أن كان لها وجه. أما إذا اخل المغارس بالتزامه، كان لرب الأرض بعد الإنذار طلب الفسخ وتضمين المغارس ما حصل له من ضرر، وللمغارس عند الفسخ طلب بدل المثل عما قام به من أعمال المغارسة ويتبع في المغارسة الشروط المتفق عليها بين الطرفين والعرف الجاري.(1) وكانت المغارسة في أرض الوقف في ما مضى تابعة للأحكام الشرعیة.وبعد صدور القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951بقیت قواعد الوقف، ومنھا المغارسة فیه تستقى من الفقه الإسلامي مباشرة(2) وھذا لا یمنع من تطبیق بعض نصوص أحكام المغارسة التي نظمھا القانون المدني بالمواد 824 – 833 على المغارسة في أرض الوقف بما لا یتعارض مع الأحكام الشرعیة المرعیة للوقف كاشتراط الأشجار وحدھا مشتركة بین الوقف والمغارس بنسبة معینة بعد أنتھاء العقد، أو إن لرب الأرض ( جهة الوقف ) تملك حصة المغارس من الشجر قائما(3)وقد جاء في المادة السادسة من قانون إدارة الأوقاف العراقي رقم 64 لسنة 1966(أن للديوان، وللمتولي بقرار من المجلس مجلس الأوقاف الأعلى أن یتملك حقوق المغارسة رضاء أو قضاء بعد دفع تعویض عادل للمغارسين) . ویتضح من هذا النص إن المشرع العراقي جوز لديوان الأوقاف، ولمتولي الوقف الملحق، وبقرار من مجلس الأوقاف الأعلى تملك حقوق المغارسة من المغارس رضاءً، أو بطریق القضاء بعد دفع تعویض عادل للمغارس. وحسنا فعل المشرع العراقي، لأنه أعطى مرونة للدیوان، والمتولي في التملك على وفق ما تقتضیه منفعة الوقف، ووجود غلة للوقف تساعده على دفع التعویض، وبذلك حمى الأرض الموقوفة من التفتیت المخالف لسنة الوقف، وضمن حقوق المغارس بالتعویض، فضلا عن أنه مكن الأوقاف من التقلیل من المغارسة في الأراضي الموقوفة التي یصعب استحصال غلتھا، أو استبدالھا بحالات استغلال أخرى كالإیجار، كما أن النص أكثر اتساقا مع نص المادة (830 ) من القانون المدني العراقي التي تجیز تملك حصة المغارس من الشجر. واستقر المشرع العراقي على عدم شمول المغارسة في أرض الوقف بأحكام قانون الإصلاح الزراعي العراقي رقم 117 لسنة 1970، وبقیت تحكمها الأحكام الشرعیة المرعیة والقوانین الخاصة بالأوقاف.(1)

     مما تقدم يتضح لنا إن الفقه الإسلامي والقانون الوضعي نظما أحكام المزارعة لأهميتها  بكونها أسلوباً لتنظيم شركة معيّنة بين صاحب الأرض والزارع يتعهد بموجبه الزارع بزرع الأرض ويقاسم صاحب الأرض الناتج الذي يسفر عنه العمل ويحدد نصيب كل منهما بنسبة مئويّة من مجموع الناتج، وبالتالي فان دخول هذا المجال الاستثماري الزراعي يحقق نفعاً عاماً للعتبات المقدسة .

                                                       المطلب الثاني

صيغ الاستثمار المعاصرة

    لاشك إن التطور الحاصل في مختلف المجالات العلمية والانفتاح على دول العالم كان له الأثر الكبير في تطور صيغ الاستثمار في شتى الميادين، الأمر الذي أدى إلى ظهور صيغ جديدة يمكن اللجوء إليها لتحقيق العائد الاستثماري المناسب ولعل أموال الأوقاف كانت مجالا خصبا لهذه الصيغ طالما أنها لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، من جهة، وتدر عائدا استثماريا جيدا يمكن للوقف الاستفادة منه في تغطية النشاطات والإنفاق على الخدمات التي يقوم بها، من جهة أخرى . والعتبات المقدسة بوصفها من الأوقاف العامة تستطيع بما تمتلكه من أموال استثمار هذه الأموال بالصيغ المعاصرة والتي من أهمها المضاربة والمرابحة في المجالات التجارية والاستصناع والإيجار التمويلي في مجال الاستثمارات العقارية على اعتبار إن هذه الصيغ هي الأقرب للاستثمار بأموال العتبات المقدسة. وسوف ندرس جانب من هذه الصيغ في فرعين نخصص الفرع الأول لبحث الصيغ الاستثمارية في المجال التجاري وندرس في الفرع الثاني صيغ الاستثمار بالمشاركة المتناقصة.

الفرع الأول

الاستثمار في المجال التجاري

    من أهم صيغ الاستثمار التجارية التي تتناسب مع أموال الوقف بالنظر إلى طبيعتها الخاصة صيغتي المضاربة والمرابحة. اذ بينت أحكام الشريعة الإسلامية وكذلك القانون الوضعي أحكاما لهما يتوجب على جهة الوقف ومنها العتبات المقدسة مراعاتها عند اختيار الاستثمار وفقا لهاتين الصيغتين وبما يضمن تحقيق عائد استثماري جيد والحفاظ على أموال العتبات من المخاطرة أو مخالفة أحكام الشرع الحنيف والقانون الوضعي، وسوف نبين كل من هاتين الصيغتين في فقرة مستقلة.

أولا: المضاربة

عقد المضاربة عقد بين المالك وهو رب المال والعامل المستثمر، يتفقان بمقتضاه بإنشاء تجارة، يكون رأس مالها من الأول والعمل من الثاني ويحددان حصة كل منهما من الربح بنسبة مئوية.(1) بمعنى أن يتقاسما الربح وفقاً لهذه لنسبة المتفق عليها، فان ظل رأس المال كما هو لم يزد ولم ينقص لم يكن لصاحب المال إلا رأس ماله، وليس للعامل شيء، وان خسر المشروع وضاع جزء من رأس المال أو كله تحمل صاحب المال الخسارة ولا يجوز تحمل العامل المستثمر أي شيء من الخسارة (1) وتُعد المُضارَبَة هي الوسيلة التي تجمع بين المال والعمل بقصد استثمار الأموال التي لا يستطيع أصحابها استثمارها، كما أنها الوسيلة التي تقوم على الاستفادة من خبرات الذين لا يملكون المال
فهي واحدة من أفضل الصيغ الإسلامية، لخلوها من شبهة الربا لدرجة أن البعض من الفقهاء قد دعا إلى أن تكون عمليات المصارف الإسلامية مقصورة في صيغة المضاربة، فهي تدعو المصارف الإسلامية دائماً على اختيار المستثمر الجيد وذوي الخبرة والمهارة في الاستثمار وكذلك على اختيار مجال الاستثمار المباح والمثمر، والذي يكون على ضوء البيانات والمعلومات المتوفرة بحيث يحقق نتائج جيدة، وذلك من اجل تقليل المخاطرة التي ترافق صيغة المضاربة(2) وكذلك فان صيغة المضاربة تتميز بكونها عملية جماعية أولا ومستمرة ثانياً، إذ يتم خلط الأموال المستثمرة جميعاً لتشكل أصلا مالياً، ولا تتوقف هذه العملية أو تصفى إلا إذا صفي العمل بكامله وبالتالي فان استمرار المضاربة إلى اجل غير محدد يجعل من المناسب أن تتم عملية التقاسم بشكل دوري سنوياً مثلاً، على نحو ما تفعل الشركات المساهمة بقصد تحقيق نوع من الانتظام وإيجاد طريقة مناسبة لتأدية عائد دوري للمدخرين في مواعيد محددة.3) كما إن تمتع عقد المضاربة بميزتي العمل الجمعي والاستمرارية تجعلان احتمال الخسارة المطلقة احتمالاً ضعيفاً، وقد يصبح مجرد احتمال غير واقعي.  والمُضارَبَة على نوعين هما (4) : 

الأول : المُضارَبَة المطلقة (تفويضٌ غير محدود) : وهي أن تدفع المال مُضارَبة من غير تعيين المكان والزمان وصفة العمل، فالمُضارَبَة المطلقة يكون للمُضارِب فيها حريَّة التصرُّف كيفما شاء دون الرجوع لربِّ المال إلا عند نهاية المُضارَبَة.

الثاني : المُضارَبَة المقيَّدة (تفويضٌ محدود) : وهي التي يشترط فيها ربُّ المال على المُضارِب بعض الشروط لضمان ماله، إذ يكون فيه تقييدات نوعية وزمانية ومكانية.

وغالباً ما يكون عقد المضاربة بين المالك والعامل مباشرة وقد يكون هناك وسيط بينهما، وفي العصر الحديث أصبح المصرف هو الوسيط فانه وكيل عن المودع في تقديم أمواله للزبون لعقد المضاربة بينه وبين المستثمر ( العامل ) بشروط متفق عليها. وبذلك يكون الشكل النهائي لعلاقة الأطراف المشتركة في المضاربة كما يأتي : (1)

  1. المودع بوصفه صاحب المال ويطلق عليه اسم المضارِب.
  2. المستثمر بوصفه عاملاً ويطلق عليه اسم العامل أو المضارَب.
  3. المصرف بوصفه وسيطاً بين الطرفين ووكيلاً عن صاحب المال في الاتفاق مع العامل.
  4. إن الأموال المودعة في المصرف ضمن الودائع التي لا تقل مدة إيداعها عن ستة أشهر (الثابتة والتوفير)(
  5. أن يوافق المودع على الصيغة التي يقترحها المصرف للمضاربة فالمصرف يقبل الودائع حتى ولو بلغت من الضالة إلى درجة لا تتيح إنشاء مضاربة مستقلة على أساسها، فهو لا يربط كل وديعة بمضاربة مستقلة، وإنما تمتزج كل وديعة بغيرها في بحر الودائع الثابتة، وتنصب عقود المضاربة على مجموعات من هذه الأموال.
  6. أن يكون المستثمر أمينا بشهادة شخصين معروفين.
  7. حصول قناعة كافية لدى المصرف بكفاءة المستثمر وقدرته على استثمار الأموال التي سيأخذها في مجال قليل المخاطرة.
  8.  أن تكون العملية التي يريد العامل استثمار المال فيها محددة ومفهومة لدى المصرف، إذ يستطيع المصرف أن يقدر نتائجها ويدرس احتمالاتها، وأن يخضع للشروط التي يمليها المصرف عليه والمتعلقة بتقسيم الأرباح وفقاً لنسبة مئوية تحدد مسبقاً.
  9. أن يفتح حساباً جارياً للمضاربة، وان يلتزم بسجلات دقيقة ومضبوطة في حدود استثمار مال المضاربة وان يفتح المصرف اضبارة لكل عملية مضاربة تتضمن كل ما يتعلق بتلك العلمية.
  10. أن لا تكون مجرد عملية تمويل بقرض، بل لابد من إيجاد الإرادة الفعلية للمشاركة وتقاسم الربح بحسب الاتفاق وان يتحمل جميع الأطراف الخسارة .
  11. أن يمتلك المصرف حصته في المشاركة ملكا تاما، وان يتمتع بحقه الكامل في الإدارة والتصرف، وفي حالة توكيل الشريك بالعمل يمكن مراقبة الأداء ومتابعته.
  12. أن لا يتضمن عقد المشاركة المتناقصة شرطا يقضي بان يرد الشريك للمصرف كامل حصته في رأس المال، بالإضافة إلى ما يخصه من أرباح لما في ذلك من شبهة الربا بمعنى شبهة القرض الربوي.
  13. أن تتوافر المقدرة والخبرة الإدارية في الشريك لإدارة العملية.
  14. أن يحتفظ الشريك بحساب منفصل ومنظم لعملية المشاركة، وإدارة المخازن بطريقة سليمة مع الاحتفاظ بحق المصرف في الإشراف الفعلي على المخازن.
  15. أن يلتزم الشريك بكتابة تقارير دورية عن كل ما يتصل بعمل الشركة.
  16. أن يلتزم الشريك بتوريد حصيلة المبيعات للمصرف حسب الاتفاق، وان تكون المشتريات طبقاً لما هو منصوص عليه في العقد.
  17. إيجار المصرف حصته باجرة محددة أو بالأجرة السوقية في كل سنة للعميل‏المشارك ليستقل هو باستغلال المال.
  18. إيجار المال المشترك لثالث ، ويكون تعيين المستأجر والأجرة بعهدة الطرفين حين‏الإجارة كما هو الأصل ، أو بعهدة احدهما ، كان يقوم المصرف مثلا بموجب شرط في‏عقد المشاركة بإيجار حصته في المال بالأصالة وحصة العميل المشارك بالوكالة ممن‏شاء بالأجرة السوقية أو باجرة محددة عند إنشاء عقد المشاركة.
  19. استرباح المال المشترك بالطرق الأخرى كالجعالة والمزارعة أو غير ذلك .
  20.  توكيل احد الشريكين أو ثالث للاسترباح بما يراه صالحا من دون أن يكون بنفسه ‏مستأجرا أو مزارعا أو عاملا في الجعالة .
  21. الالتزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية واعتبار النقود والمتاجرة بها أداة في النشاط الاقتصادي وليس سلعة فهي وسيلة للتبادل ومعيار لقيمة الأشياء وأداة للوفاء لا سلعة تباع وتشترى.
  22.  عدم التعامل بالربا مصداقا لقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فالفائدة المصرفية على أنواع القروض كلها ربا محرم. فبدلا من الفائدة المحرمة بنصوص القران الكريم والسنة الشريفة يعتمد النظام المصرفي الإسلامي على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة بأسلوب الوساطة المالية القائم على المشاركة بناءً على قاعدة الغنم  بالغرم التي تعني أن يكون الربح مقابل تحمل الخسارة لو حدث إن وقعت خسارة كما في المصارف وأنواع الشركات إضافة لتطبيق القيم والأخلاق الإسلامية في العمل المالي الإسلامي وزرع المبادئ الأخلاقية الإسلامية لدى العاملين والمتعاملين مع المؤسسات المالية لتطهير هذا القطاع الحيوي من الفساد. وممارسة المعاملات المالية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية وإيجاد بدائل مباحة للمعاملات المحرمة من اجل رفع الحرج عن المسلمين ومن ثم فان عمل هذه المؤسسات يقوم على تفادي الجهالة والغرر والمراهنة والمقامرة والاستثمارات المحرمة.
  23. عد الدين في المصارف الإسلامية مبلغ ثابت لا يزيد بالتأخير وعند عجز المدين المعسر عن السداد في الميعاد يعطى مهلة لحين يساره أو إسقاط الدين عنه وهذا التيسير مستنبط من قوله تعالى ( وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون)(
  24. المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بكل السبل المشروعة ودعم التعاون الإسلامي( وتحقيق الربح وتشجيع الأفراد على توفير مدخراتهم وهذا يؤدي إلى تطوير عملية الادخار في المجتمع الإسلامي.(

    ويشترط المصرف في توكله عن المضارب عدة أمور هي:

    ويشترط المصرف على العامل المستثمر حتى يتحقق عقد المضاربة شروط هي:

    فالمصرف في عقد المضاربة يكون وكيلاً من قبل المودعين في انجاز عقود المضاربة، ويكون كذلك وكيلاً عنهم في دفع أموال ودائعهم جميعاً بنحو الإشاعة، وبعد ذلك يقوم بعقد المضاربة من مجموع الودائع، وحينئذٍ يكون رأس المال في كل عقد مضاربة مشتركاً بين الكل، وهذا يعزز ثقة المودعين بنجاح المضاربة وتقليل مخاطرها، ومن ثم فان احتمال خسارة هذه العقود غير وارد عادة(1). والجعالة التي يتقاضاها المصرف كمكافأة على عمله ووساطته تتمثل في أمرين اثنين هما:

الأول : اجر ثابت على العمل يزيد مقداره على الفرق بين سعر الفائدة، الذي يعطيه المصرف الربوي وسعر الفائدة الذي يتقاضاه ، والذي يمثل إجمالي الإيراد الذي يحصل عليه.

الثاني: نسبة معينة من حصة العامل في الربح، ويمكن أن تقدر هذه النسبة بطريقة تقريبية تجعلها مساوية للفرق بين أجرة رأس المال المضمون وأجرة رأس المال المخاطر به(2)

ثانيا: المرابحة

    يعرف عقد المرابحة بأنه عقد يقوم على أساس تحديد ثمن البيع بناءً على تكلفة السلعة زائداً ربح متفق عليه بين البائع والمشتري، أو هو بيع السلعة بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح (3) وعرفه آخرون بأنه (البيع مع الإخبار برأس المال مع الزيادة عليه ) وهذا البيع جائز بين جميع أهل العلم وعليه الإجماع.(4) وقد وردت روايات كثيرة تدل على جواز بيع المرابحة، منها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه الأمام موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يبيع السلعة ويشترط أنَّ له نصفها، ثم يبيعها مرابحةً أيحل ذلك ؟ قال : لا بأس(5)

ورواية علي بن سعيد قالسئل أبو عبد الله عليه‌ السلام عن رجل يبتاع ثوباً فيطلب منّي مرابحة، هل ترى ببيع المرابحة بأساً إذا صدق في المرابحة وسمّى ربحاً دانقين أو نصف درهم ؟ قال : لا بأس(1)

ويشترط في بيع المرابحة شروط كثيرة، راجعة إلى تحقّق هذا البيع في الخارج على وجه الأمانة والصدق في الإخبار(2) وتتمثل المرابحة بان تتفق الجهة المختصة في العتبات المقدسة مع جهة ممولة على إقامة مبان ومنشآت على قطعة أرض وقفية ( وهي كثيرة ) أو أي قطعة ارض أخرى تمتلكها، ويتم الاتفاق مبدئياً على كلفة البناء، ونسبة الربح للممول، ثم تقوم العتبات بتسديد هذه القيمة للممول على أقساط من دخل هذا المشروع، مع تقديم الضمانات اللازمة لتسديد القيمة، ويكون البناء للعتبة تستفيد مبدئياً من جزء من أجرته وريعه، ثم يصبح البناء والدخل كاملاً لها(3)كما يمكن للعتبات أن تساهم بالتمويل في الأصول غير الثابتة، كالنقود الفائضة عندها، وذلك في قطاع النقل والمواصلات كشراء أسطول للنقل البري، أو امتلاك شاحنات وحافلات لتديرها، وتدر ريعاً كبيراً، وكذلك يمكنها المشاركة في امتلاك المعدات الثقيلة بهدف تشغيلها مباشرة أو القيام بتأجيرها، مثل معدات الحفر والردم، ومعدات شق الطرق ورصفها، ومعدات حفر آبار المياه وآبار النفط، وكذلك المشاركة في شركات الصيانة مثل صيانة المباني والمطارات والموانئ، وفي قطاع التجارة منفردة، أو بالارتباط مع المصارف الإسلامية عن طريق المشاركة الدائمة كشريك ممول من أموال العتبات(4) وقد تطور عقد المرابحة ليصبح صيغة من صيغ التمويل المصرفي، إذ يتم تنفيذها عن طريق قيام المصرف بشراء سلعة ما يحددها العميل يدفع المصرف ثمنها نقداً، ثم يقوم المصرف ببيع تلك السلعة إلى العميل بثمن مؤجل يقوم العميل بتسديده أما دفعة واحدة، أو على أقساط محددة، وتسمى هذه المعاملة ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وقد طبقت هذه المعاملة في المصارف الإسلامية في منتصف السبعينات(5) حيث يتاح للشخص المحتاج إلى سلعة معينة، أن يكلف شخصاً آخر بأن يشتري هذه السلعة في مقابل وعد من الآمر بأن يشتري منه ما اشتراه مع تحديد الربح الذي يعطيه إياه(6) وقد أجاز المشرع العراقي في المادة (530 ) من القانون المدني البيع مرابحة،وعرف المرابحة بأنهابيع بمثل الثمن الأول الذي اشترى به البائع مع زيادة ربح معلوم واشترطأن يكون الثمن الأول معلوماً تحرزا عن الخيانة والتهمة.(1) وأياً كان الأمر فقد أريد لهذا الاستثمار أن يكون في المشاريع التنموية التي تعود بالنفع على المجتمع، ويطور البنية الاقتصادية، ويحقق الاكتفاء الذاتي للعتبات المقدسة. ونتيجة تطور صيغ الاستثمار والبيوع والأنشطة التجارية فان بيع المرابحة لم يبق على الصيغة القديمة التي نشا بها في بادي الأمر بل إن المرابحة أضحت على  نوعين هما :

أولا: المرابحة العادية

 ثانيا: المرابحة للآمر بالشراء التي تجريها البنوك الإسلامية.

    إن الفرق بين نوعي المرابحة يظهر من التعريف ففي حين أن النوع الأول العادي الموجود قديماً    هو نوع من التجارة يكشف فيها البائع للمشتري رأس ماله في السلعة الموجودة بحوزته، وذلك بحسب ما اشتراها أو بما قامت عليه ثم يضيف ربحاً معلوماً. أما بيع المرابحة الذي تتعامل به المصارف الإسلامية فيبدأ من عند صاحب الحاجة الذي يأتي إلى المصرف لطلب شراء سلعة معينة ليست بحوزة المصرف، وذلك على أساس أن الطالب يعد بأن يشتري السلعة التي يطلبها من المصرف بما تقوم عليه من تكلفة زائداً الربح الذي اتفق عليه معه.

    فالنوع الأول هو عبارة عن أن يكون لدى التاجر بضاعة فيأتي شخص إليه فيقول : أريد أن أشتري هذه البضاعة بالثمن نفسه الذي اشتريتها به مع ربح 10 % مثلا، فيوافق التاجر على ذلك، فهذه المرابحة العادية التي تكون البضاعة جاهزة عند التاجر ويبيعها بالثمن الذي قامت عليه البضاعة مع ربح معلوم، وهذه المرابحة جائزة بالإجماع ولا خلاف ولا شبهة فيها، وهي كانت موجودة منذ عصر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)

 أما النوع الثاني فهو بيع المرابحة للآمر بالشراء. وهو على أربع صور هي:(3)

الصورة الأولى

    وهي المشهورة والمعروفة، بأن يتقدّم العميل إلى المصرف طالباً منه شراء سلعة معينة بأوصاف معينة، ويَعِدُ العميل المصرف بشراء تلك السلعة مرابحةً مقسطة بنسبة يتّفق عليها مع المصرف.

الصورة الثانية

    كما إذا قال العميل للمصرف ( اشترِ لي سلعةً كذا بعشرة دراهم نقداً وأنا اشتريها منك باثني عشر درهماً إلى أجل ) وهذه المعاملة باطلة، لوجود نص صحيح على بطلانها، وهو صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌ السلام  ( الإمام الباقر عليه ‌السلام  ) قال قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل أمره نفر ليبتاع لهم بعيراً بنقد، ويزيدونه فوق ذلك نظرة، فابتاع لهم بعيراً ومعه بعضهم، فمنعه أن يأخذ منهم فوق ورقه نظرة )(1)

الصورة الثالثة

كما إذا قال العميل للمصرف ( اشترِ لي سلعةً كذا باثني عشر إلى أجل، وأنا اشتريها منك بعشرة نقداً وهذه المعاملة حرام أيضاً وإن لم يوجد فيها نص بالخصوص، لأنّ المصرف كان وكيلاً عن العميل في شراء السلعة، وحينئذ يكون المدين في الحقيقة هو العميل، ولكنّ العميل دفع عشرةً نقداً إلى المصرف في سبيل أن يدفع البنك اثني عشر مؤجلة، وهذه العملية معناها أن المصرف أخذ عشرة من العميل نقداً ورضي أن يسدّد عنه اثني عشر بعد مدّة، وهذه هي الزيادة في مقابل الأجل وهي ربا حرام..

الصورة الرابعة

    كما إذا قال العميل للمصرف  القادر على جلب السلعة من خارج البلاد اشترِ لي هذه السلعة بكذا وكذا درهم، وأنا أقدم لك أجرأ على عملك كذا نقداً ) ففي هذه الصورة يكون الشراء للعميل، والمصرف أجيراً عنه ووكيلا، وبهذا يستحق المصرف الأجرة التي حدّدها العميل، سواء كانت نقداً أو نسيئة، وهذه معاملة صحيحة لا إشكال فيها.

     مما تقدم يتبين لنا بطلان الصورة الأولى والثانية والثالثة إذا كان البيع الثاني على نحو الإلزام الصادر من الطرف الآخر.أمّا إذا كان البيع الثاني من غير إلزام على العميل وعلى البنك فهو معاملة صحيحة، وكذا يصحّ البيع الثاني مع الإلزام إذا كان الإلزام سببه حلفاً أو نذراً أو تعهّداً لله تعالى، من دون أن يكون حيلةً لإلزامه من قبل صاحبه.أمّا الصورة الرابعة فهي صحيحة، لأنّ البنك أجير في إجراء المعاملة ويأخذ على عمله أجراً، ولكن لا بأس بالتنبيه إلى أنّ السلعة إذا تلفت من دون تفريط في الصورة الرابعة فهي تكون قد تلفت على المشتري الموكَّل، لأنّ الوكيل أمين لا يضمن من دون تعدٍّ أو تفريط . 

الفرع الثاني

المشاركة المتناقصة

    لاشك إن البحث عن ‏وسائل مشروعة بديلة عن التمويل الربوي أصبح من الأمور الضرورية في مجال الاستثمار، وذلك لكي يتسنى للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ‏القيام بتمويل المشاريع الاقتصادية بطريقة مشروعة ولأجل ذلك، قامت المؤسسات المالية الإسلامية بالبحث عن طرق استخدام العقود المعهودة في ثوب جديد في الاقتصاد المعاصر، فضلاً عن إحداث عقود جديدة في إطار القواعد العامة الثابتة في الفقه.والمشاركة المتناقصة التي توصلت إليها الذهنية الفقهية المعاصرة لأجل حل مشكلة التمويل هي من العقود المعهودة ، لكن احتواءها على بعض الشروط الخاصة جعلها من الصيغ الجديدة للعقود ،فهي إحدى أدوات الاستثمار القصيرة ‏الأجل كالمرابحة والإجارة المنتهية بالتمليك، لأجل التخلص من الربا وسائر التصرفات المشتملة على الحرام. ويدخل في نطاق هذا التعاقد قيام المصرف بتمويل مشروع جديد أو مشروع قائم، عقاري أو زراعي أو صناعي أو تعليمي، أو بشراء الأصول المنتجة، كشراء طائرة أو سفينة أو عقار على وجه المشاركة، أو بإنشاء المنشآت والمباني على الأرض ‏المملوكة لمن يرغب في المشاركة المتناقصة مع المصرف. ومن هنا فان السؤال الذي ينقدح بالذهن هو : ما هو المقصود بالمشاركة المتناقصة؟ وللإجابة على هذا التساؤل نقول : إن المشاركة المتناقصة لا تخرج عن كونها شركة يعطي المصرف لشريكه الحق في الحلول محله في الملكية دفعة واحدة، أو على دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها، فهي عقد   يتحدد بموجبه حصة كل شريك في رأس المال، إلا أن العائد الذي يخص احد الأطراف يستخدم لسداد حصة الطرف الآخر في المشاركة، فتتناقص حصته مرة بعد أخرى، إلى أن تنتهي بالكامل، فيخرج من الشركة، فتؤول الشركة أو محل الشركة بأكمله إلى الطرف الآخر(1) وبعبارة أخرى هي اتفاق على الاشتراك في رأس مال مشروع اقتصادي له‏ منافع قابلة لتحقيق الربح مع منح الحق لأحد الشريكين بشراء حصة شريكه الآخر في المال‏ المشترك، أما دفعة واحدة أو على دفعات، بحسب شروط متفق عليها، والغالب تحققها بين مؤسسة مالية من‏مصرف وغيره وبين شخص طبيعي.(2)

      ولا يخفى أن المشاركة المتناقصة داخلة في شركة العنان(1) لأنها شركة تتحقق نتيجة‏ عقد يقصد منه تحصيل الربح. وهي من حيث المبدأ من شركات الأموال فهي تقوم على صيغة المشاركة العادية مع إضافة عنصر جديد، وهو قيام جهة الوقف بتخصيص جزء من عائده الاستثماري لشراء البناء من الممول تدريجيا حتى تؤول ملكيته نهائيا إليه، فتكون عندئذ جهة الوقف مالكة للأرض والبناء معا.(2)  وهي بهذا المفهوم من أهم الصيغ الاستثمارية التي تنمي الوقف في الدول الإسلامية ذلك أن اغلب مؤسسات الوقف لا تكاد تغطي مصاريفها الذاتية فكيف لها أن تقوم بعمارة الوقف واستثماره بإنشاء الأسواق والعمارات وغيرها من المباني التي تدر عائدا استثماريا من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي والنفع، ومن ثم يمكن اعتبار المشاركة المتناقصة عملية استثمارية جديدة يقوم بها المصرف الحكومي مع عميله الذي يحتاج إلى التمويل في إنشاء مشروع، أو بناء عقار بعيد عن القروض الربوية، وذلك بتقديم المصرف قسماً من رأس مال المشروع بصفته مشاركاً للعميل في مشروعه ويتعهد المصرف مع الشريك على طريقة معينة لبيع حصة المصرف في المشروع تدريجياً إلى الشريك وهو هنا جهة الوقف كالعتبة مثلا، ويجب على المصرف أن يوجد البيع بعد ذلك باعتباره عملاً مستقلاً لا علاقة له بعقد الشركة. وهذه العملية إذا كان عليها بعض الإشكالات ممن لا يرى أن المصرف الحكومي الذي هو شخصية حقوقية فيمكن تبديل هذا المصرف بآخر أهلي حقيقي، أو تبديل الممول بشخص حقيقي يكون شريكاً لصاحب المشروع.(3)ونلاحظ هنا رغم أن المصرف الشريك لا يقصد البقاء والاستمرار في الشركة مع العميل عند العقد إلاّ أنّه لابُدَّ من قصده أصل الشركة كعقد بحيث يلتزم بجميع التزامات الشركة وتبعاتها وضماناتها وله حقوق الشريك كاملة.وتتجلى أهمية المشاركة المتناقصة في كون العميل لديه خبرة ومعرفة ودراية بالمشروع المراد تمويله ولكن ليس لديه التمويل الكافي لهذا المشروع، والمصرف لديه السيولة الكافية، ولكن يحتاج إلى شريك يقوم باختيار المشروع ودراسة جدواه الاقتصادية ونحوها، فيصبح كل منهما مالكا لهذا المشروع، وله غلة يستفيد منها ثم ينفذ المصرف تعهده في بيع حصته لشريكه بسعر السوق، وهذا بعد أن اكتسب هذا المشروع سمعة فأصبح له قيمة فيربح المصرف، والعميل قد استفاد من الأرباح وتملك هذا المشروع على مراحل بعد أن توافرت لديه السيولة الكافية. وقد ناقش مجمع الفقه الإسلامي في إحدى ندواته موضوع المشاركة المتناقصة ورأى أنها من الشركات الجائزة إذا تمت وفق الضوابط الشرعية، وتتلخص هذه الضوابط في الآتي:(1)

    فإذا توافرت هذه الضوابط فان العقد يكون صحيحا، لان هذه المسألة من مسائل العقود المركبة المستحدثة التي لا تتنافى مع مقاصد الشريعة، وليس فيها ضرر أو غبن لأحد، وهي جائزة عند كثير من فقهائنا المعاصرين إضافة للاهتمام بها من قبل مجمع الفقه الإسلامي والذي بحثها في دورته الثالثة عشرة (2). وحيث أن العقد صحيح والفائدة في تحقيق العائد الاستثماري منه مرجوة فان من الجدارة بمكان أن تعتمده المؤسسات الوقفية ومنها العتبات المقدسة في تنمية مواردها بالاتفاق مع المصارف الإسلامية بإحدى الصورتين الآتيتين :

الصورة الأولى

أن تتفق إحدى العتبات المقدسة مع مصرف اسلامي على المشاركة في التمويل الكلي أو الجزئي لمشروع معين بان يحصل المصرف على نسبة معينة من ريعه كربح المشاركة وجزءً آخر لسداد ما قدمه من تمويل. بينما يذهب الجزء الأخير لصالح العتبة المقدسة ، إلى أن يستوفي المصرف رأسماله الذي مول به المشروع بالكامل عندئذ تنفض الشراكة ويكون المشروع بالكامل ملكا تاما للعتبة المقدسة. مثال ذلك :  أن تكون لدى العتبة الحسينية المقدسة مثلا قطعة ارض في كربلاء تقع في موقع تجاري مهم تصلح أن تكون أسواق تجارية في الطابق الأرضي وفندق ممتاز في الطبقات الأخرى وهو مشروع ناجح لو توفرت لدى العتبة الأموال الكافية للقيام به سيما وان هناك عوامل كثيرة تشير لنجاحه ومنها الإقبال على السياحة الدينية في محافظة كربلاء المقدسة وموقع الارض المراد استثمارها وغير ذلك من عناصر الجذب الاخرى، فهنا بإمكان العتبة الحسينية حتى تستطيع الاستفادة من الأرض وعدم تعطيل منفعتها بحجة انعدام التمويل الكافي للمشروع أن تتفق مع احد المصارف الإسلامية لكي يقوم بالتعاقد معها على أن يمول المشروع كليا أو جزئيا ويكون العائد الاستثماري من المشروع مشتركا بينهما بنسبة مشاركة كل منهما بالمشروع بعد أن تكون هناك حصة من العائد لسداد أصل رأس المال الذي قدمه المصرف وهكذا تستمر الشراكة وكلا الطرفين يتقاسمان الأرباح ورأس المال يسترد تدريجيا إلى أن يتم وفاءه بالكامل عندئذ تنتهي الشراكة ويكون المشروع بأكمله ملكا للعتبة الحسينية المقدسة.

 الصورة الثانية

أن يتم الاتفاق بين المصرف والعتبة المقدسة على تحديد نسب المشاركة في صورة أسهم تمثل قيمة المشروع ، ويحصل كل من المصرف والعتبة على نصيبه من الإيراد المتحقق من العقار، وللعتبة إذا شاءت أن تقتني من الأسهم المملوكة للمصرف عددا معينا كل سنة مثلا، حتى تتناقص هذه الأسهم إلى أن تتملكها العتبة بهذه الطريقة بالكامل فيكون الريع عندئذ لها وحدها والمشاركة منتهية لحصول المصرف على رأسماله كاملا مع حصته من الأرباح. وهذه الصورة هي أكثر الصور انتشارا في التعامل سواء أكان مع المؤسسات الوقفية أم مع غيرها من الأشخاص. وهذا العقد قد طبقته مصارف بعض الدول الإسلامية، فبعد المشاركة في المشروع يتفق الطرفان على تنازل المصرف عن حصته تدريجاً لشريكه مقابل سداده ثمنها شهرياً خلال فترة يتفق عليها، وعند انتهاء عملية السداد يتم انتقال ملكية حصة المصرف إلى الشريكونلاحظ في هذه الصورة أنَّ المصرف وان كان يأخذ من الشريك أكثر مما دفعه إليه عندما صار شريكاً له، إلاّ أنَّ هذا يمكن تخريجه فقهياً على أساسين اثنين هما:(1)

الأساس الأول

    أنّ المصـــرف يتعهد ببيـــع حصته بالمبلغ نفسه الذي دفعـه إلى الشريــك عند المشاركة حينما يتم وجود المبلغ عند المصرف على شكل دفعات شهرية ، أما الزائد على ذلك المبلغ الذي اجتمع لديه فهو إجارة لحصة المصرف الشريك مع العميل في هذه الفترة. وطبعاً يقوم المصرف بتخفيض الأجرة كلَّما سدّد الشريك قسماً من الثمن، وذلك لأنَّ المصرف إذا كان له ٥٠ % من المشروع وسدد الشريك له ما يقابل  ١ %  من الثمن فقد نقصت حصته  إلى ٤٩ % ولهذا تنقص أجرته.

الأساس الثاني

    بعد أن تتم المشاركة يمكن للمصرف أن يبيع حصته على شريكه بأقساط شهرية بأكثر من المبلغ الذي دخل فيه مشاركاً. وحينئذ يخرج المصرف عن كونه مشاركاً يلزم بتبعات المشاركة وله حقوقها، ولكن لا يعترف المصرف للشريك بملكية المشروع حتى يتم السداد، وهذا عبارة عن توثيق للمصرف على ثمن حصته التي باعها. وهذه العملية مفيدة لتمويل المنشآت الصناعية والمزارع وتشييد المستشفيات وبناء دور السكن بعيداً عن الربا، بمعنى أنها مفيدة للطرفين حيث تجعل احدهما قد حصل على أرباح شهرية والآخر قد حصل على تملّك المشروع أو الدار بصورة تدريجية.

     مما تقدم يتضح جليا أنَّ هذه المشاركة المتناقصة هي عبارة عن عقدين:

الأول: عقد الشركة بين الطرفين لإنشاء مشروع أو بناء عقار.

الثاني: عقد بيع أحد الطرفين حصته من الشركة تدريجاً إلى شريكه، أو إلى أي شخص آخر، أو طرف آخر إذ يكون البائع حراً في بيعه والمشتري كذلك. وقد يوجد ضمن هذين العقدين عقد إجارة لشخص ثالث أو لأحد الشريكين بحيث يدفع أجرة لشريكه الذي آجره حصته وجعلها تحت تصرف شريكه الآخر في صورة عدم بيع الحصة بأكملها بعد تمام الشركة.

 وإذا نظرنا إلى كل من هذه العقود المركبة لوحده فلا نجد مانعاً شرعياً من صحتها، وإذا نظرنا إليها مجتمعة في اتفاقية واحدة بحيث يوجد تعهد على الالتزام بها فأيضاً لا يوجد أي مانع يمنع من صحة هذه العقود من غَرر أو ضَرر أو ربا أو غير ذلك من الموانع لصحة العقود. إلا إذا كان المصرف يقوم بهذه الأمور والعقود من غير قصد إليها بحيث لا يكون مسؤولاً عن تبعات الشركة وضماناتها فيتبيّن أنَّ قصده الحقيقي هو الربا المستور تحت الشركة والبيع.(1)

    ان أساس قيام المشاركة المتناقصة هو العقد الذي يبرمه الطرفان ويسهم فيه كل منهما بحصة في رأسمال الشراكة في مشروع معين، سواء أكان إسهامه بالنقود أم بالأعيان بعد أن يتم تقويمها، مع بيان كيفية توزيع الربح، على أن يتحمل كل منهما الخسارة – إن وجدت – بقدر حصته في رأسمال المشروع. وهذا يقترب من آلية عمل ونظام الشركات المساهمة بحيث يبرز الاعتبار المالي. هذا وتختص المشاركة المتناقصة بوجود وعد ملزم من أحد الطرفين فقط ، بأن يتملك حصة الطرف الآخر، على أن يكون للطرف الآخر الخيار، وذلك بإبرام عقود بيع عند تملك كل جزء من الحصة، ولو بتبادل إشعارين بالإيجاب والقبول.(1) والمصارف الإسلامية حينما تدخل في مثل هذه المشاركات تضع مجموعة من الشرائط، وهي:

      كما أن المصرف عادة يحدد مدة معينة للشركة يجب على الشريك الالتزام بها وإذا أخل فللمصرف الحق في اتخاذ إجراءات مناسبة، على ضوء التفاصيل التي يتضمنها عقد الشراكة  ولابد لحصول المشاركة المتناقصة من كون الشريكين مساهمين معا في رأس المال، فلو كان جميع رأس المال لأحد الطرفين فسوف لا تتحقق هناك مشاركة بل تكون أما إجارة أو مزارعة أو مضاربة أو ما شابه ذلك من العقود، فمع فرض انعقاد ذلك ‏صحيحا فسوف لا ينعقد مشاركة كما ذكرنا.ويشترط في صحة المشاركة أيضا حصول الامتزاج بين المالين بحيث لا يمكن التفكيك بينهما، فعلى هذا لابد أما أن يكون رأس المال من الأشياء القابلة‏ للمزج كذلك فيمزج بينهما، أو يحصل نتيجة المزج وهي الإشاعة في الملكية ‏بالمعاملة، كان يبيع احد الشريكين قسما مشاعا من ماله للآخر مقابل قسم مشاع من‏ مال الآخر حتى يكون هذان المالان مملوكين بالملكية المشاعة لهما. قال صاحب الرياض (قدس) (ولو قلنا بمنع الشركة في القيمي بالمزج ، فطريق التخلص من المنع والحيلة لتحصيل الشركة فيه : أن يبيع كل منهما حصته مما في يده بحصته ‏مما في يد الآخر، أو يتواهبا الحصص، أو يبيع حصته بثمن معين من الآخر ويشتري‏حصة الآخر بذلك الثمن، وغير ذلك من الحيل، ويجري في المثلي أيضا، حيث لا يقبل الشركة بالمزج بتغاير الجنس أو الوصف )(1)

    ولم ينظم المشرع العراقي أحكام المشاركة المتناقصة كغيره من الدول العربية حيث نظم المشرع الأردني أحكامها في قانون البنك الإسلامي وعرف المشاركة المتناقصة بأنها ( دخول المصرف بصفة شريك ممول كليا أو جزئيا في مشروع ذي دخل متوقع وذلك‏على أساس الاتفاق مع الشريك الآخر بحصول المصرف على حصة نسبية من صافي‏الدخل المتحقق فعلا مع حقه بالاحتفاظ بالجزء المتبقي أو أي قدر منه يتفق عليه ‏ليكون ذلك الجزء مخصصا لتسديد أصل ما قدمه  المصرف ). ويجوز للمتعاقدين تعيين نوع استثمار المال المشترك بشرط في عقد المشاركة، ويختلف ذلك باختلاف أغراض المتعاقدين واختلاف خصوصيات موضوع الشركة، فلهم اختيار أي نوع من أنواع الاستثمار مع مراعاة الصياغة الشرعية الصحيحة له. ويمكن أن يكون الاستثمار على إحدى الطرق التالية:

 ويتم تقسيم الربح على الشريكين على نسبة مالهما، فان تساوى‏تساويا فيه، وإلا يتفاضلان حسب تفاوته، من غير فرق بين ما كان العمل من احدهما أو منهما، مع التساوي فيه أو الاختلاف. وتوزع الخسارة في حال وقوعها على المتعاملين معا بنسبة ‏حصتهما في المال المشترك، لان الشركة إنما تحول الملكية المفرزة إلى الملكية‏ المشاعة، فما يتلف من المال المشترك يتلف من ملكهما، لان المفروض إنهما شريكان في كل جزء من ذلك المال بالإشاعة. وكون التلف بيد احدهما أو ثالث لا يؤثر في ذلك مادام أن يده يد أمانة كان يكون احد الشريكين وكيلا في التصرف أو مستأجرا ونحو ذلك ولم يخالف الشروط المتفق عليها في استثمار المال .(1) بيد انه يمكن إنهاء المشاركة المتناقصة بطلب من احد المتعاملين أو كليهما بالفسخ أو بالاقالة . هذا بالنظر إلى طبيعة عقد المشاركة التي هي عقد جائز غير لازم. لكن لو جعل عقد المشاركة شرطا في عقد لازم كبيع أو إجارة فحينئذ تنقلب لازمة ولا يمكن إنهاؤها إلا بما تنتهي به العقود اللازمة من التراضي أو اشتراط‏حق الفسخ مثلا. وعند انتهاء عقد المشاركة يأخذ كل من الشريكين مقدار حصته من المال المشترك بعد تقسيمه أن كان قابلا للتقسيم، أو بيعه وتقسيم ثمنه أن‏ لم يكن قابلا لذلك. وليس للمصرف أو الشريك الآخر أن يطالب بتسديد ما قدمه من تمويل. بالإضافة إلى‏اخذ الأرباح بحسب مقدار حصته من المال المشترك إلا إذا كان قد اشترط على شريكه تضمين‏حصته في المشاركة وقلنا بصحة ذلك شرعا.(2)  

المبحث الثاني

الصيغ المقترحة لاستثمار أموال العتبات المقدسة

     إن النجاح الذي حققته العتبات المقدسة في إنشاء المشاريع الاستثمارية التي تدر عليها مردود مالي سوف يكون حافزا مهما يتطلب منها استشراف آفاق جديدة لتفعيل هذا الدور التنموي ومجالات استثمارهمن خلال إعداد إستراتيجية واضحة للاستثمار ،ووضع خطة زمنية  والاستفادة من صيغ الاستثمار الموافقة لأحكام الشريعة الإسلامية والتي تؤدي الى تنمية الاقتصاد الوطني من جهة وتوفر فرص العمل وتحقق العوائد المناسبة من جهة أخرى. من هنا لابد من التفكير في إيجاد صيغ جديدة ومناسبة لاستثمار أموال العتبات المقدسة ومراجعة الضوابط والشروط والأحكام الفقهية الخاصة باستثمار أموال العتبات المقدسة بما يحقق الانتقال إلى فضاء أرحب من الاستثمار التقليدي والبحث عن الاستثمارات التي تحقق التنمية في المجتمع سيما بعد التغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي والاختلاف في الأساليب الاستثمارية وإمكانية اندثار الأصول العقارية.فالواقع الاستثماري يظهر أن الاستثمار في المؤسسات المالية والمشاريع الإنتاجية على اختلاف أنواعها يعطي عوائد أفضل على المدى الطويل، مما يؤيد الاستثمار في رؤوس أموال الشركات  التي ستشارك في التنمية كذلك فان الحقوق المعنوية أصبحت تمثل في عصرنا هذا أصولا مهمة وتنتج عائدا استثماريا فيما لو استثمرت بالشكل الأمثل قد يفوق ما تحققه الأصول المادية.

لذا سندرس بالبحث الصيغ المقترحة لاستثمار أموال العتبات المقدسة مقسمين هذا المبحث على مطلبين نعرض في المطلب الأول إلى الاستثمار بإنشاء المؤسسات المالية والمشاريع الإنتاجية. ونبحث في المطلب الثاني استثمار الحقوق المعنوية التي تمتلكها العتبات المقدسة.

المطلب الأول

الاستثمار بإنشاء المؤسسات المالية الإسلامية والمشاريع الإنتاجية

          إن عالمنا اليوم هو عالم السرعة والتغير في التكنولوجيا, وأساليب الإنتاج, والتطور السريع والمستمر وكذا رسوخ ظاهرة العولمة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, والتغير المستمر في أذواق المستهلكين لصالح سلع جديدة تلبي طموحات الأفراد. وفي ظل هذه الظروف والسمات, يجد المستثمرين أنفسهم في تردد كبير في اختيار مجال الاستثمار الذين يوظفون فيه أموالهم, التي تسمح لهم بتحقيق أكبر عائد ضمن مستوى معين من المخاطرة. ولعل الاستثمار في إنشاء المؤسسات المالية من أهم الصيغ التي نقترح أن يتم العمل بها من قبل العتبات المقدسة كونها تحقق مردود مالي جيد شريطة الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء. وكذا فان إنشاء مشاريع إنتاجية بمختلف أنواعها يساعد كثيرا في دعم العتبات المقدسة بموارد مالية تعود عليها بالنفع وتمكنها من أداء نشاطاتها. ولأهمية هذا الموضوع سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نتناول في الفرع الأول الاستثمار بإنشاء المؤسسات المالية. ونعرض في الفرع الثاني الاستثمار بإنشاء المشاريع الإنتاجية

الفرع الأول

الاستثمار بإنشاء المؤسسات المالية

حققت المؤسسات المالية الإسلامية انجازات كبيرة خلال مدة زمنية قصيرة نسبيا، اذ جاءت هذه المؤسسات لتزيح الحرج عن المسلمين، وتوفر لهم البديل المناسب عن المؤسسات المالية التقليدية التي لا تتوافق اغلب تعاملاتها مع الشريعة الإسلامية فهي تتعامل بالربا وتتضمن الكثير من معاملاتها على الغرر والجهالة. فهي تمارس دور الوساطة المالية في الأسواق المالية بل تعد مصدر خلق التعاملات وانتقال الأرصدة بين أطراف السوق المالية. وتأخذ هذه المؤسسات أشكالاَ مختلفة حسب طبيعة أدواتها المستخدمة في تكوين أصولها. لذلك لا يوجد شكلا واحدا لهذه المؤسسات بل أن التطورات الاقتصادية في السوق المالية انعكست على طبيعة التخصص وتقسيم العمل بين هذه المؤسسات المهمة في الاقتصاديات المعاصرة.(1)

وتعرف المؤسسات المالية بأنها عبارة عن شركات أعمال تعمل في سوق المال  تمتلك أوراقا مالية كالأسهم والسندات وغيرها بدلا من الأصول الثابتة وتقوم بإقراض أو تسليف زبائنها سواء أكانوا مستهلكين أم مستثمرين لشراء السلع والخدمات أو شراء السندات المالية من سوق النقد أو السوق المالية. كما أنها تقدم أنواعا مختلفة من الخدمات المالية مثل التامين وحفظ الودائع وتحويل المبالغ.(1)

وتعرف كذلك على أنها منشآت أعمال تتمثل أصولها في أصول مالية مثل القروض والأوراق المالية بدلا من المباني و المواد الخام التي تمثل الأصول في الشركات الصناعية، و تتمثل خصومها في خصوم مالية مثل الودائع والمدخرات بأنواعها المختلفة. فهي تقدم قروض للعملاء و تستثمر في أوراق مالية، بالإضافة إلى تشكيلة من الخدمات الأخرى مثل التامين وخطط التقاعد وغيرها.(2) فالمؤسسات المالية تبعا للتعريفين المذكورين تعد آلة الاقتصاد  كونها توفر التمويل اللازم للوحدات الاستثمارية بشكل مباشر أو غير مباشر.(3) وقد بدأت المؤسسات المالية الإسلامية بالظهور منذ بداية الستينيات من العقد الماضي في أطار تلبيه رغبات المستثمرين والمدخرين الإسلاميين والتحدي الأساس لهذه المؤسسات هو كيفية أجراء مختلف عمليات الوساطة المالية من حشد المدخرات وتوظيفها دون اللجوء لآلية سعر الفائدة. فهي ترتكز على أسس ومبادئ وضوابط مستمده من أحكام الشريعة الإسلامية تختلف عن تلك الأسس التي تقوم عليها المؤسسات المالية التقليدية.  ومن أهم هذه الأسس :

ويمكن تصنيف المؤسسات المالية إلى مؤسسات مالية مصرفية ومؤسسات مالية أخرى وكما يلي :

أولا: المؤسسات المالية المصرفية

     عرفت الدول الإسلامية نظام المصارف الإسلامية منذ عقود قليلة إذ تعتبر المصارف الإسلامية من احدث مستجدات الفكر الإسلام في المجال الاقتصادي.(1) فقد ذهب البعض إلى تعريف المصارفالإسلامية بأنها تلك المؤسسات التي تقوم بجذب رأس المالالذي يكون عاطلا لمنح صاحبه ربحا حلالا عن طريق أعمالالتنمية الاقتصادية التي تعود بالفائدة الحقيقية على جميعالمساهمين فيها لكونه وسيطا بين صاحب المال والمستثمر ليحصل كل على حقه في نماء هذا المال.(2) وذهب فريقأخر إلى تعريف المصارف الإسلامية بأنه كيان ووعاءيمتزج فيه فكر استثماري واقتصادي سليم ومال يبحث عنربح حلال لتخرج منه قنوات تجسد الأسس الجوهريةللاقتصاد الإسلامي وتنقل مبادئً من النظرية إلى التطبيق، ومنالتطور الفكري إلى الواقع الملموس، فهو يجذب رأس المال الذي يمكنأن يكون عاطلا لتخرج أصحابه من التعامل به مع من يجدون في صدورهم حرجا من التعامل معها.(3)

    أما المشرع العراقي فقد عرف المصرف الإسلامي بأنه أي شخص معنوي يحمل تصريحا أو ترخيصا للقيام بأعمال الصيرفة الإسلامية على وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يتعامل بالفائدة أخذا أو عطاءً.(4)  فهي إذا مؤسسات تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطاتها الاستثمارية وإدارتها بالشريعة الإسلامية فهي تجمع الأموال وتوظفها في نطاق الشريعة الإسلامية بما يخدم بناء مجتمع بأحكام التكافل الإسلامي وتحقيق عدالة التوزيع ووضع المال في مساره الصحيح لتحقيق التنمية.(5)

 وقد أجاز المشرع  للبنكالمركزيالعراقيالحقفيمنحتراخيصلتأسيسمصارفأوشركاتتابعةلمصارفإسلاميةعراقية،أوغيرعراقية،أونوافذإسلاميةلمصارفتجارية،على أن تؤسسهذهالمصارفعلىهيأةشركاتمساهمةعلىوفقالقوانينالنافذة(6)وبموجب تعليمات الصيرفة الإسلامية الصادرة من البنك المركزي العراقي يهدفالمصرفالإسلاميأوالنوافذالإسلامية إلى تقديمالخدماتالمصرفيةوممارسةعملياتالتمويلوالاستثمار علىوفقالشريعةالإسلامية،وكذلكتحريمالربابجميعأوجههالمعروفةسواء” لحسابهأولحسابالغيرعلىأنتذكرتلكالأعمالفيعقدالتأسيس .وكذلك تطويروسائلاجتذابالأموالوالمدخراتوتوجيههانحوالمشاركةفيعملياتالاستثمارعلىأسسالشريعةالإسلامية(1) وأجازت التعليمات المذكورة للمصارفالإسلاميةالقيامبالأعمالالآتية:

  1. جميعأعمالالتمويلوالاستثمارفيمختلفالمشاريعوالأنشطةعنطريقالتمويلبالمشاركةأوالمضاربة،وبيعالسلم،والاستصناع،والإجارة،والمساومة،والوكالة،والهبة،والجوالةوغيرهامنالصيغالتيلا تخالفالشريعةالإسلامية .
  2. إبرامالعقودوالاتفاقياتمعالأفرادوالشركاتوالمؤسساتوالهيئاتفيداخلالعراقوخارجهطبقا لهذهالتعليمات .
  3. تأسيسالشركاتأو المساهمةفيهاوالمساهمةفيالشركاتالقائمةذاتالنشاطغيرالمحرمشرعاوبمالا يتجاوزنسبة 20%منرأسمالهواحتياطياته .
  4. المساهمةفيرؤوسأموالالمصارفالإسلاميةالمجازةداخلالعراقوخارجهبعداستحصالموافقةالبنكالمركزي .
  5. ملكيةالأموالالثابتةوالمنقولةاللازمةلتنفيذمشاريعالاستثمارالداخلةفيأهدافهاأولغرضتأجيرها.
  6. أعمالالوكيلوالأمينوتعيينالوكلاء.
  7. تأسيسالمحافظوالصناديقالاستثماريةعلىوفقتعليماتالبنكالمركزيالعراقي.
  8. تمويلأنشطةالتجارةالداخليةوالخارجيةللعراق،والمساهمةفيمشروعاتالتنميةالزراعيةوالصناعيةوالإسكانيةوغيرهامنالمشاريعذاتالمردودالاقتصاديوالاجتماعي .
  9. تمويل أصحابالحرفوأصحابالأعمالوالصناعاتالصغيرةلتطويرمشاريعهمالاقتصادية.
  10. شراءالعملاتالأجنبية.
  11. إنشاءشركاتصرافةالعملاتالأجنبيةومكاتبالخدماتالماليةأوالمساهمةفيها.
  12. قبولالأوراقالتجاريةوالماليةكأسهمالشركاتوالكمبيالاتوغيرهامنالأوراقالتجاريةلحفظهاوتحصيلالحقوقالمترتبةعليهالأصحابهاودفعوتحصيلالصكوكوأوامرواذوناتالصرفما لمتكنمتضمنةفوائدربويةأومحظورةشرعا.
  13. التزامالمصرفالإسلاميعندتعاملهبالنقدالأجنبيبأسعارالصرفبحسبالضوابطالصادرةمنالبنكالمركزيالعراقي .
  14. تقيدالمصارفالإسلاميةوالفروعوالنوافذبالحدودالمقررةللعمولاتالتيتتقاضاهاعنالخدماتالتيتقرهامجالسإداراتها.
  15. عدمالسماحلأيمساهمأنيقترضمنالمصرفالإسلاميبضمانالسمعةإلافيحالاتمحددة أمدها (60)يوماوبشروطيقرهامجلسإدارةالمصرفتنسجموأهدافالمصرف.
  16. وجوبتقيدالمصارفالإسلاميةوالنوافذبحدودالتمويلالممنوحلأيشخصطبيعيأومعنويبالنسبةللشخصالواحدعلىأنلا يتجاوز)5 % )من رأسمالالمصرفواحتياطياتهالسليمةوفيحالةبلوغأكثرمن )5 % )فسيتحصلموافقةالبنكالمركزيعلىالزيادة.

وبينت التعليمات المذكورة آليات تمويل المصارف الإسلامية وأغراض وجود هذه المصارف حيث مكنتها من التعامل في الأنشطة الآتية:(2)

ومن أهم الضمانات التي أوجدها المشرع العراقي للمصارف الإسلامية هو وجود هيأة رقابة شرعية من ذوي الخبرة في أحكام الشريعة الإسلامية والاختصاصات المصرفية والقانونية والمالية تتولىإبداءالرأيالشرعيفيالمعاملاتالتيسيجريهاالمصرف،لتوكيدكونهاغيرمخالفةلأحكامالشريعةالإسلامية.(1)ومن هنا فان التعليمات المشار إليها آنفا تجيز للعتبات المقدسة باعتبارها شخص معنوي ووفقاً للشروط والضوابط المبينة فيها تأسيس المؤسسات المصرفية التالية:

1-    المصارف التجارية

وهي مؤسسات مالية تقوم بدور الوساطة بين المودعين والمقترضين. وتقدم نوعين من الخدمات هي قبول الودائع وتقديم القروض المباشرة لمنشات الأعمال والأفراد وغيرهم وهذا ما يميزها عن غيرها من المؤسسات المالية الأخرى.(2) ويتكون الجزء الأكبر من أموال هذه المصارف من ودائع الجمهور فهي تقوم بتوظيف الأموال ومنح القروض وخصم الأوراق المالية وفتح الاعتمادات وإصدار خطابات الضمان وتسهل عملية الدفع بالإنابة وفتح الحسابات التجارية وغيرها (3) وعلى الرغم من سمة الوساطة قصيرة الأجل لهذه المؤسسات إلا أن الاتجاه نحو المصارف الشاملة، جعلها تمارس وساطة أوسع من ذلك من خلال تسهيلاتها الائتمانية المختلفة (قروض، اعتماد مسندي، خطابات ضمان، شراء الأوراق التجارية الخ).(1) وتعد المصارف التجارية أهم المؤسسات المالية كونها تعد الأولى في الإنشاء والأكثر انتشارا لما لها من تأثير بالغ على النشاط الاقتصادي.(2)

2-    مصارف الادخار

وهي مؤسسات إيداع تقترب في نشاطها من مؤسسات الادخار والإقراض ولكن هيكلها يشبه تنظيم التعاونيات من حيث أن المودعين يمتلكون المصرف وكذلك أدت التوسعات إلى تعاملها بالودائع تحت الطلب (3) فهي كالمصارف التجارية تقبل الودائع وتمنح القروض ولكن الأصول التاريخية لها ودورها ونظام عملها كل ذلك كان نموذجا يميزها عن المصارف التجارية .

3-    المصارف المتخصصة

وهي مؤسسات مالية هدفها الأساسي ليس الربح وإنما تهدف إلى تطوير قطاع إنتاجي معين أو خدمة شريحة معينة من المجتمع لذلك تسمى أحيانا مصارف التنمية وعادة يدل اسمها على القطاع الذي تموله وتقدم له تسهيلات فنية وقروض متوسطة أو طويلة الأجل كما أنها تعتمد على مواردها الذاتية (4) ومن أمثلتها :

أ‌-    المصارف العقارية: وهي تقوم بمنح القروض لآجال طويلة مقابل رهن عقاري.

ب‌-المؤسسات الصناعية وهي متخصصة بتمويل القطاع الصناعي ومهمتها دعم إنشاء المشروعات الصناعية وتطويرها وذلك بمنحها القروض اللازمة.(5)  

ج‌- مصارف الاستثمار: وهي مؤسسات لا تمارس قبول الودائع أو الأوراق وإنما تقدم المساعدة للوحدات الاقتصادية ( منشات، أعمال، أفراد ) لأجل تسويق أو بيع أوراقها المالية مستعينة بخبرتها في البورصة وتمارس عدة وظائف أهمها الاستشارة وتقديم النصح للوحدات بخصوص إصدار أسهم أو سندات للتمويل وتقديم دراسة لحالة السوق وتحليل المركز المالي للوحدة، وتوقيت الإصدار وسعره المناسب فضلا عن التوزيعات المناسبة للإصدار. وكذلك تنفيذ التعهد بتغطية الإصدار ماليا. وقد يتولى مصرف الاستثمار وحده تغطية الإصدار أو تشاركه عدة مصارف استثمارية عندما يكون الإصدار كبيراً. إضافة إلى توثيق الأوراق المالية المصدرة والقيام بحملات الإعلانات والاتصال بالمستثمرين المحتملين مثل المصارف، شركات التامين.(1)

ثانيا: المؤسسات المالية الأخرى وتتمثل في المؤسسات الآتي بيانها وهي:

1– شركات التامين

    تمثل شركات التامين إحدى مكونات النظام المالي في أي دولة، فهي بمثابة وسيط مالي تقوم بتحصيل أقساط التامين من المؤمن لهم المشتركين وهم أصحاب وثائق التامين لحمايتهم أو حماية ممتلكاتهم ضد مخاطر صعبة. وفي نفس الوقت تقوم هذه الشركات باستثمار هذه الأموال.(2) ويمكن تعريف شركات التامين بأنها وسيط مالي لجمع وثائق التامين من حاملي شهادات التأمين وسداد قيمة التأمين وفق القانون عند حدوث المرض أو الحوادث أو الخسائر أو الموت. حيث تقوم شركات التامين باستثمار شهادات التامين التي تم تسويقها لتحقيق دخل والحفاظ على رأس المال.(3) ومن خلال التعاريف المذكورة ،آنفا تبين لنا، أن شركات التامين هي عبارة عن وسيط مالي يجمع وثائق التامين من المؤمنين وبمقابل ذلك تقوم بسداد قيمة التامين عن الخطر المؤمن عليه وتحصل على أرباحها من خلال فرض أقساط التامين على خطر مفترض على حاملي وثائق التامين او عبر استثمار هذه الشركات لأرصدتها التي تسيطر عليها.(4) وبإمكان العتبات المقدسة أن تؤسس شركة تامين وفقا لأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين الصادر بالأمر رقم (10) لسنة 2005 والتعليمات الصادرة بموجبه(5)

2– شركات الاستثمار

هي إحدى أنواع المؤسسات المالية التي تقوم بتجميع الأموال من الأفراد والمؤسسات وتقوم باستثمار هذه الأموال في المحافظ المالية بحيث يكون لكل فرد حصة أو أكثر تسمى ( الوثيقة ) ويتم استثمار هذه الحصص وفقا لأهداف محددة وسياسات معلن عنها قد يكون الهدف منها تحقيق دخل منتظم أو إرباح رأسمالية أو كلاهما (1) ويوجد نوعان من شركات الاستثمار هما:

أ- شركات الاستثمار المقفلة: و التي تصدر عدد محدود من الأسهم

 ب – شركات الاستثمار المفتوحة: والتي تصدر أنواعا جديدة من الأسهم أو وثائق الاستثمار.(2)

وأيا كان الأمر فان شركات الاستثمار هي شركات متخصصة في بناء وإدارة المحافظ الاستثمارية حيث تقوم هذه الشركات بتلقي الأموال من مستثمرين من مختلف الفئات لتقوم باستثمارها في محافظ (صناديق)وكونه من استثمارات مختلفة،وثم توزيع أرباح وخسائر هذه الاستثمارات على المشاركين مقابل حصول شركة الاستثمار على نسبة من الأرباح. وكما هو معروف، فإن المصارف الإسلامية لديها فائض سيولة (في بعض الأحيان)لا تستطيع أن تستثمرها لذلك تقوم هذه المصارف بدفع تلك الأموال إلى شركات استثمارية وبشرط أن تكون المحفظة الاستثمارية التي تقوم هذه الشركات بتكوينها لا تحتوي على أصول محرمة شرعا (مثل السندات التي تحمل الفائدة الثابتة) وغيرها من الشروط الشرعية التي تقوم هيأة الرقابة بتحديدها.

الفرع الثاني

الاستثمار بإنشاء المشاريع الإنتاجية

   المشروع هو كل نشاط استثماري يتم فيه إنفاق موارد مالية لخلق أصول رأسمالية تدر منافع خلال مدة زمنية هي العمر الإنتاجي للمشروع، وهو بهذا المفهوم يمثل عملية استثمارية تتكون من مجموعة متكاملة من الأنشطة تنفذ خلال مدة زمنية محددة وحسب تصاميم وطاقات إنتاجية موجهة لخدمة أهداف محددة ومتفق عليها. وتعتبر المشاريع أحد وسائل تطور المجتمعات سواء أكانت هذه المشاريع ربحية أم خدمية. فهي أساس التنمية الشاملة كونها تمتاز باستقطابها للأيدي العاملة، والقضاء على البطالة، فضلا عن دورها الأساسي في المجال التنموي. فهي ميدان متطور لتحسين المهارات والكفاءات الإنتاجية والتسويقية، مما أهلها أن تلعب ــ على اختلاف أنواعها الكبيرة منها أو المتوسطة أو الصغيرة ــ دورا أساسيا في الاقتصاد القومي لما لها من أهمية في توفير الوظائف والأعمال وتوفير الإنتاج والخدمات التي وجدت من اجلها . وهذه المشاريع لو توفرت لها البنية الاقتصادية والاجتماعية المناسبة والطاقات والأفكار الإبداعية فإنها تكون مشاريع ريادية بأفكارها وتكوينها واستمرارها ويكون توظيف الإمكانات المادية والبشرية والمالية فيها خدمة للاقتصاد الوطني لتصبح نواة لمشاريع كبيرة متطورة .

      وتتنوع المشاريع الإنتاجية حسب حجم المشروع وعدد الأيدي العاملة فيه ورأس المال الذي يدار به المشروع حيث توجد مشاريع كبيرة وأخرى متوسطة ومشاريع صغيرة وهناك جملة من المعايير التي يمكن من خلالها معرفة نوع المشروع. ومن أهم هذه المعايير معيار عدد العاملين ومعيار حجم رأس المال المستثمر ومعيار الإيرادات إضافة إلى معيار مستوى التقدم العالمي(1) ويختلف الاستناد إلى أي من هذه المعايير باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية من بلد إلى آخر أو من وضع اقتصادي لآخر بل وباختلاف الفرص من مشروع إلى آخر. كما تختلف معايير المشاريع الصغيرة من بلد لآخر تبعا لدرجة نمو وتطور البلد الصناعي وكثافته السكانية، فما يعد صغيرا في دولة متقدمة صناعية قد يعد كبيرا في دولة حديثة التطور، إلا أن معظم الدول تأخذ في تحديد المشاريع الصغيرة بمعيار عدد العمال. ويشمل مفهوم المشاريع الصغيرة في معظم البلدان العربية الوحدات الإنتاجية الصغيرة وهي مشاريع الحرف اليدوية والورش الصغيرة بالإضافة إلى المصانع الصغيرة الحديثة.(2)

    أما مركز التنمية الصناعية للدول العربية، فقد عرفها بأنها كافة الوحدات الإنتاجية الصغيرة الحجم التي تضم المشاريع الريفية واليدوية والحرفية إضافة إلى المشاريع الصغيرة الحديثة سواء التي تتخذ شكل المصانع أو تلك التي لا تتخذ هذا الشكل بل تتخذ شكل حرف صغيرة.(1) وقد بينت منظمة العمل الدولية إن مفهوم المشـــاريع الإنتاجية الصغيرة يشمل المنشـــآت الإنتاجية والحرفيــة التي تتميز بالتخصص في الإدارة ويديرها مالكيها ويصل عدد العاملين بها إلى (50) عاملا(2) وهذا يتوافق مع ما ذهب إليه البنك الدولي الذي يرى أن المشروعات التي يعمل فيها اقل من (50) عاملا تعتبر صغيرة.

     وقد عرف المشرع العراقي المشروع الصغير بأنه المشروع الذي لا يزيد عدد العاملين فيه على عشرة أشخاص (3) وبين أن الهدف من هذه المشاريع هو تأمين فرص عمل جديدة وتقليص حجم البطالة وتقديم الدعم للراغبين بالعمل والقادرين عليه وخصوصا في المناطق الأكثر فقراوزيادة الإنتاجية ودعم الاقتصاد الوطنيوتشجيع إقامة حاضنات في إسناد إنشاء المشاريع بإتباع  إجراءات مبسطة  تساعد على تسجيل المشروع مناجلاستثمار المهارات والقدرات البشرية في الصناعات التقنية والبرمجيات التي تعتمد أساسا على المعرفة والمهارة(4)وتتزايد أهمية المشروعات الصغيرة كونها تعمل في مجال الأنشطة الإنتاجية والخدمية وتغطي جزءًا كبيراً من احتياجات السوق المحلي وتساهم في أعداد العمالة المهرة وحل مشكلة البطالة كما أنها تعد المكون الأساسي في هيكل الإنتاج والاقتصاد في بلاد العالم لاستيعابها للقطاع الأكبر من العمالة في مختلفات المجتمعات وتساعد في تطوير التكنولوجيا والفنون الإنتاجية المكملة في المجتمع ودفع هذه المشروعات إلى مواقف تنافسية فالمشاريع الصغيرة هي نواة وأساس المشاريع العملاقة وإحدى أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية واهم عناصر الإستراتيجية في عمليات التنمية والتطور الاقتصادي في معظم دول العالم الصناعية والدول النامية على حد سواء.(5) وهناك ثلاثة أنواع من المشروعات الصغيرة :

1-  الصناعات التقليدية الحرفية التي تستخدم طرق التصنيع التقليدية وتنتج منتجات يدوية وتقليدية تخدم الطبقات محدودة الدخل.

2-  الصناعات التي تستعمل طرق التصنيع ما بين الحديثة والتقليدية وتقوم بتصنيع منتجات يزداد الطلب عليها مثل الأثاث ومواد البناء.

3-     الصناعات التي تنتج منتجات متطورة في مختلف المجالات ( الهندسية والتجارية والصناعية)(1) 

      وتتميز المشاريع الصغيرة بصغر حجم المشروع مقارنة بالمشروع الكبير. فهي لا تحتاج إلى تمويل كبير إضافة لقلة عدد العاملين في المشروع واعتماده على تكنولوجيا بسيطة وتعمل على تقديم السلع والخدمات للمستهلك مباشرة فضلا عن ارتفاع قدرتها على الابتكار لارتفاع قدرة أصحابها على الابتكار في مشروعاتهم(2) وهذا ما جعلها أصبحت تشكل مفتاحاً مهماً لخلق فرص العمل وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية المتكافئة، وخصوصاً بالنسبة للفئات والمجتمعات الفقيرة والأقل حظاً. ولابد من الإشارة هنا إلى أن المشاريع الإنتاجية باختلاف أنواعها تحتاج إلى التمويل في فترات حياتها بدءاً بتأسيس المشروع وانطلاقه، وأثناء تطويره وتنميته وتحديثه، وكذلك في حالة استعداد المشروع أو الصناعة إلى الانطلاق نحو الأسواق التصديرية. كما أنها تحتاج للتمويل في مجالات البحث والتدريب ومتابعة الأسواق ومسايرة تطورات الإنتاج، إضافة إلى الحالات التي يتعرض فيها المشروع لأي حدث استثنائي. ومن المعلوم أن العتبات المقدسة في العراق لم يكن لديها أي نشاط اقتصادي أو استثماري منذ وجودها ولحين سقوط النظام البائد عام 2003 بسبب السياسات العدائية التي أخذت تمارسها الحكومات المتعاقبة في العراق آنذاك، إلا أنها ما أن تحررت من هذا القيد حتى بدأت تلج إلى عالم الاستثمار من أوسع أبوابه من اجل تحقيق العائدات المالية التي تمكنها من أداء مهامها المتنوعة ونشاطاتها المستمرة  فأنشأت العديد من المشاريع الاستثمارية المدرة للعائد الاستثماري الكبيرة منها والمتوسطة والصغيرة. وقد كان للعتبة العباسية المقدسة قصب السبق في هذا المجال حيث أنشأت نهاية عام 2008 المشاريع الاستثمارية الكبيرة ومن أهمها مشروع الكفيل للمنتجات الحيوانية وهو وحدة اقتصادية مملوكة للعتبة العباسية المقدسة بالمشاركة مع شركة مجموعة كربلاء العالمية الهدف منه هو رفد السوق العراقية باللحوم الحمراء والبيضاء بلحوم مذكاة وفقا لإحكام الشريعة الإسلامية وعلى أساس الخضوع للرقابة الصحية الدقيقة وحسب الشروط والمعايير الدولية وجعل أسعار المنتج أكثر ملائمة لقدرة المستهلك الشرائية وبالذات الطبقة الضعيفة إضافة إلى خلق التوازن في الأسعار قياسا بالمنتجات المماثلةهذا وقد أنجزت العتبة العباسية المقدسة جملة من المشاريع الإنتاجية المتوسطة والصغيرة المتميزة أهمها :

1-  في مجال النقل تم إنشاء مشروع النقل البري للسلع والمنتجات المبردة إذ يتمنقل السلع المبردة والمجمدة والمواد الإنشائية والمشتقات النفطية والزيوتالنباتية والحاويات ومختلف أنواع البضائع من المنافذ الحدودية إلىكافةمحافظات القطر وبالعكس.

2-  وفي الجانب الزراعي أنشأت العتبة العباسية المقدسة مزارع خيرات أبي الفضل العباس (عليه السلام ) المقام على مساحة100 دونميتكون من بيوت بلاستيكية مختلفة المساحة من (550م2م2إلى 5000م2) مخصصة لزراعة محاصيل الخضر المتنوعة. وكذلك مشروع محطة بركات أبي الفضل العباس ( عليه السلام ) لتربية الأغنامحيث يضم محطة متكاملة لتربية الأغنام تعمل بطاقة تصل إلى 12000رأس غنم من سلالة الأغنام العراقيةالأصيلة.  ويعد هذا المشروع من المشاريع الإستراتيجية المهمة كونه يعمل على تطوير الإنتاجالحيواني من خلال استعمال تقنيات الإنتاج الحديثة ويسد حاجة السوق المحليةويحقق الاكتفاء الذاتي من لحوم الأغنام إضافة لمعالجة البطالة نسبياً والمشاركةفي دعم السياسة العامة للدولة في توفير الغذاء للمواطن بأسعار مناسبة ودعمسلة الغذاء للأسرة العراقية وتحقيق الأمن الغذائي. وفي هذا المجال أيضا تم إنشاء معمل لصناعة الأعلاف الحيوانية المركزة على مساحة 10 دونموبطاقة إنتاجية تصل إلى 20 طن / ساعة لغرض دعم مربى الدواجنفي العراق من خلال تجهيزهم بالأعلاف المركزة الصحية وبأسعار مناسبة، والمشاركة بدعم الاقتصاد الوطني حيث بدأ الإنتاج الفعلي للمشروع وبمواصفات فنية عالية الجودة تُضاهي المنتجات المستوردةمن الخارج وبأسعار تنافسية وبما يخدم المربين .

3-  وفي الجانب السياحي تم إنشاء فندق نور الصالح السياحي من أربعة طوابق لاستقبال زوار العتباتالمقدسة في كربلاء وتقدمأفضل الخدمات للضيوف مقابل مبالغ مالية مناسبة.

4-  وفي ميدان المشاريع الصناعية أنشأت العتبة العباسية المقدسة مشروع تصنيع عاكسات كهربائية رقمية بمواصفات عالمية  متميزة، وبكلفة تصنيع للجهاز الواحد أقل بـ 20% من سعر شراء مثيله من سوق الجملة . ومشروع إنتاج الكاشي الكربلائي التقليدي بمواصفات حديثة وعالية الجودة . ومشروع إنشاء الخباطة المركزية الذي يغذي مشاريع العتبة ومشاريع القطاعين العام والخاص بمواد البناء التي تحتاجها .

5-  وفي الجانب الصحي تم أنشاء مصنع المحاليل الوريدية لتغطية النقص الحاصل في القطاع الصحي، والمشاركةً في تطوير الصناعاتالدوائية في العراق على مساحة (6000م2 وبطاقة إنتاجية(12,000,000) عبوةسنوياً .

6-  أما في مجال المشاريع الإنتاجية الصغيرة فقد أنشأت العتبة العباسية المقدسة مجمعا تسوقيا خاص بالنساء هو مجمع العفاف النسوي يضم ‏خدمات تسوق مختلفة كالأجهزة الإلكترونية والكهربائية والمواد الغذائية وكل ما ‏تحتاجه العائلة.‏

كذلك فان العتبة الحسينية المقدسة هي الأخرى كان لها دور كبير في إنشاء المشاريع الاستثمارية الإنتاجية ومن أهم المشاريع الإنتاجية المتوسطة التي أقامتها هي:

1-  مشروع مدينة الحسين الزراعية، وهو الأول من نوعه ليس على مستوى مدينة كربلاء المقدسة وحسب بل على مستوى البلاد لكونه يضم مشاريع متنوعة حيث تقسّم مشاريع مدينة الحسين الزراعية على قسمين هما :

القسم الأول

الإنتاج الحيواني ويضم خمسة مشاريع رئيسية هي:

1-    مشروع تربية عجول اللحم 

2-    مشروع تربية الدجاج البياض

3-    مشروع تربية الأسماك

4-    مشروع تربية الأبقار

5-    مشروع تربية دجاج اللحم

 القسم الثاني

 الإنتاج النباتي ويضم مشاريع متنوعة وهي:

  1. البيوت الزجاجية المتخصصة بزراعة كافة أنواع المحاصيل في غير مواسمها من خلال التحكم بدرجات الحرارة والرطوبة حيث يضم المشروع لسعته مركز تسويقي مستقل ويعمل فيه قرابة الألف عامل.

2-  وفي مجال النشر والتوزيع الطباعي أنشأت مركز الوارث للطباعة والنشر يعمل بأحدث الأجهزة والمكائن الطباعية ذات النوعية الجيدة والطاقة الإنتاجية العالية.

3-    كذلك تم إنشاء معمل تصفية المياه الخام وتحويلها إلى معدنية.

أما العتبة العلوية المقدسة فقد بدأت هي الأخرى باستثمار أموالها بما يعود عليها بالمردود المالي ولتغطي جانبا مهما من السلع والخدمات التي يحتاجها المستهلك وخصوصا زوار هذه العتبات وتستطيع من الاستمرار بنشاطاتها اليومية بشكل دائم واهم المشاريع الإنتاجية المقامة فيها هي :

1-  مشروع مزرعة فدك الزراعية الاستثمارية والذي يضم إضافة للمحاصيل الزراعية منتجع سياحي.على مساحة تبلغ ( 8 ) آلاف دونم ستقدم من خلالها (10 ) مشاريع إنتاجية وبالتالي تشغل أيدي عاملة كثيرة إضافة إلى مقوماتها في سد حاجة البلد أو المحافظة على الأقل في سد الحاجة من المنتجات الزراعية.

2-    مشروع الدواجن

3-    مشتل العتبة العلوية

4-  مشروع السياحة والفندقة ويضم مجموعة من الفنادق التي اشترتها العتبة العلوية، لتلبي حاجة زوار العتبات المقدسة في النجف الاشرف وبأسعار تنافسية.

5-    مشروع لحوم فيض القسيم والذي يقوم بتوفير لحوممذكاة شرعاً وصحية وبأسعار مناسبة.

    وبعد أن بينا المشاريع التي أنشأتها العتبات المقدسة كل حسب خططها المدروسة والتي نجحت بشكل كبير في تحقيق مردود مالي إضافة للخدمات التي تقدمها نعرض في أدناه بعض الأفكار المقترحة التي يمكن تبنيها لإقامة مشاريع ناجحة وكما يلي:

أولا: المشاريع الزراعية

1-    مشروع لتربية الدجاج البياض.

2-  مشروع لإنتاج الحليب ومشتقاته وإنشاء وحدة لتصنيع الألبان في المزرعة على غرار معامل التعليب في كربلاء واستثمار هذه المعامل بالتعاقد مع أصحابها لإعادة تشغيل قسم منها أو لتطويرها بالكامل.

3-    مشروع لإنشاء مشتل زراعي لأشجار الفاكهة والخضار ومشاتل لزراعة نباتات الزينة.

4-    مصنع لإنتاج أدوات الري ومعدات الزراعة.

ثانيا : مشاريع الصناعات الغذائية  

1-          مشروع لإنتاج المواد الغذائية المجمدة.

2-          مشروع لتصنيع وعمل المعجنات والحلويات.

3-           مشروع إنشاء أفران مخابز حديثة.

ثالثا: الصناعات النسيجية

1-           مشروع إنشاء معمل للخياطة وتفصيل الملابس.

2-           مشروع إنشاء مصنع لإنتاج البطانيات.

رابعا: الصناعات الكهربائية والأسمنتية والكيميائية

1-        مصنع لإنتاج مواد البناء.

2-        مصنع لإنتاج الكتل الكونكريتية.

3-        مصنع لإنتاج الأدوات الكهربائية.

5-   مصنع لتجميع الأجهزة الكهربائية المنزلية .

6-   مصنع لإنتاج القرطاسية ومستلزمات الدراسة .

7-   مصنع لإنتاج الكمامات الطبية.

8-   معمل لإنتاج مواد التنظيف.

خامسا: مشاريع للاحتياجات المنزلية والمكتبية.

1- مشروع إنشاء ورش نجارة لصنع الأثاث المنزلي والمكتبي.

2- مشروع إنشاء مصنع لإنتاج الإعلانات الضوئية واللافتات.

3- مشروع إنشاء سوبر ماركت لبيع المواد الغذائية.

4- مشروع إنشاء معمل دباغة الجلود وصناعتها.

5- مشروع إنشاء معمل لتركيب وصناعة العطور ومستحضرات التجميل .

6- مشروع إنتاج الأدوات الحرفية والخزف والتحف.

إن إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي لا تحتاج إلى كلف كبيرة أو إمكانيات هائلة سيؤدي في تطوير العمل الاستثماري في العتبات المقدسة ويوسع من عائداتها المالية لتكون هذه المشاريع الصغيرة مفاتيح الخير والخطوات المؤدية إلى إقامة المشاريع الكبرى .

                                                     المطلب الثاني

استثمار الأموال المعنوية(1)

    هنالك اصطلاحات متعددة في وصف الاختصاصات التي تكون للأشخاص على الأشياء المعنوية ذات القيمة المالية بحيث يخوّلهم ذلك سلطات معينة عليها. ومن هذه الاصطلاحات: الأموال المعنوية، الحقوق المعنوية، الحقوق الذهنية، الحقوق الأدبية، الحقوق الفكرية، حقوق الابتكار، الملكية الأدبية والفنية والصناعية، الاسم التجاري، حق الاختراع، حقوق التأليف. فالأموال المعنوية مصطلح واسع يشمل جميع الحقوق غير المادية فيدخل فيها الحقوق الفكرية والصناعية وغيرهما. ويمكن تعريف الأموال المعنوية بأنها عبارة عن الحقوق التي ترد على الأشياء غير المادية وتنصب على نتاج الذهن وخلقه وابتكاره فهي سلطة لشخص على شيء غير مادي هو ثمرة فكره أو خياله أو نشاطه كحق المؤلف في مؤلفاته العلمية وحق الفنان في مبتكراته الفنية وحق المخترع في مخترعاته وحق التاجر في الاسم التجاري والعلامة التجارية وثقة العملاء، فهو يخول صاحبه قيمة مادية تقدر بالمال أو النقود(2) وهذا يعني إن مضمون الحق المعنوي يتوجه إلى إقرار حق الملكية الأدبية والفنية ونسبة الابتكار لصاحبه، كما تقر له الحق الماليوبيان طرق الاستغلال والحماية(3) فالحق المعنوي في القانون يقابله حق الملكية المعنوية(4) فالحقوق المعنوية بمعناها الواسع تعني الحقوق القانونية التي تنتج عن الأنشطة الفكرية في المجالات الصناعية والعلمية والأدبية والفنية. وإذا كان الإنتاج المادي يشكل عنصرا هاما في السوق العالمي، وتقدمها فإن الإنتاج الفكري لا يقل أهمية في دوره عن الإنتاج المادي، فقد أصبحت درجة تقدم أي شعب تقاس بمدى ما وصل إليه من تعليم وثقافة ، ولهذا تعد الحقوق المعنوية الصورة الفكرية أو العلمية أو الوجدانية التي أتت بها الملكة الراسخة في نفس العالم مما أبدعه. ومن ثمأصبحتأحدالأصولالتجاريةفيالسوقالعالمي،ومصدراهتمامجميعطبقاتوأفرادالمجتمعومؤسساتهالأهليةمنمستهلكينأوتجارأورجالأعمالأومستثمرين. ويلاحظ أن هناك الكثير من الباحثين والمفكرين يقومون بإهداء ثمرة جهدهم إلى العتبات المقدسة برجاء الحصول على الأجر المعنوي والتقرب إلى الله بالأئمة الأطهار عليهم السلام  وحتى يكون ما أنتجه هؤلاء صدقة جارية يقدمونها عن أنفسهم لينتفع بها الناس حيث ورد في الحديث الشريف قول النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ مـن ثلاث صدقة جارية أو كتب علم يُنتفع بها أوولد صالح يدعو له)(1)  ويمكنالقولأنالعتبات المقدسةباستطاعتهاأنتحولالحقوق المعنوية التي تمتلكها من ملكية أدبية وفنية أو صناعية وتجاريةإلىأصولتعودعليهابالربحالوفير،فالأفكار الابتكاريةوالإبداعيةمنالممكنأنتتطوروتتحولإلىمنتجاتأوخدماتابتكاريهعلىأنيتمتسويقهابنجاحبغيةتمكينالعتباتمنجنيثمارها.وقد كان لمجلس مجمع الفقه الإسلامي قرارا في موضوع الحقوق المعنوية  بمؤتمره الخامس حيث قرر جواز التصرف بالحقوق المعنوية كالاسم التجاري،والعنوان التجاري،والعلامة التجارية،والتأليف والاختراع أو الابتكار ونقل أي منها بِعِوَض مالي،إذا انتفى الغرر والتدليس والغش  باعتبارها حقوق خاصة لأصحابها يعتد بها شرعا،أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها وهي مصونة شرعاً،ولأصحابها،ولا يجوز الاعتداء عليها.(2)أن الأموال المعنوية متعددة ومتشعبة وفقا للزاوية التي ينظر منها إلى هذه الحقوق، إلا أن أبرز التقسيمات الشائعة هي أنها تنقسم إلى حقوق ملكية أدبية وفنية وحقوق ملكية صناعية وتجارية. ويشمل مصطلح الملكية الأدبية والفنية (حق المؤلف والحقوق المجاورة له ). أما الملكية الصناعية والتجارية فيشمل عموما ( براءات الاختراع، النماذج والرسوم الصناعية، العلامة التجارية ،الاسم التجاري، التصاميم للدوائر المتكاملة، الأسرار التجارية والمنافسة غير المشروعة). ولأهمية الحقوق المعنوية وما ينتج عن استثمارها من مردود مالي وفكري يعود نفعه على العتبات المقدسة ولتنوع هذه الحقوق سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نتناول في الفر ع الأول استثمار حقوق الملكية الأدبية والفنية ونبحث في الفرع الثاني استثمار حقوق الملكية الصناعية والتجارية.

الفرع الأول

استثمار حقوق الملكية الأدبية والفنية

    أن التأصيل الشرعي للقول بجواز وقف الحقوق المعنوية ومنها حقوق الملكية الأدبية والفنية يجد دليله في إٍسباغ صفة المالية على هذه الحقوق لكون أن وقفها يحقق مقصداً من المقاصد العامة للشريعة الإسلامية وهو حفظ المال. وكمالُ الحفظ لا يكون إلا من خلال تعزيز وظائف المال في المجتمع المسلم، ذلك لأن وظيفة الوقف ليست بحفظ الأصول كما هي والانتفاع منها، فحسب، بل بأن تحقق هذه الأصول مردودا وعائدا استثماريا، وحينئذ يتحقق الاستثمار الذي هو في واقع الأمر تطوير للأداء وتنمية للمال وتنشيط للسوق التجارية سواء كان الاستثمار لأموال الأوقاف مباشرة أو عن طريق الاستعانة بشركات استثمارية متخصصة في إدارة تلك الأوقاف واستثمارها. وبهذا التأمل نستنتج أن حفظ المال لا يكون بمنع يد المعتدي عنه فقط بل يكون أيضاً بتطوير أدائه من حيث الوسائل والأدوات والآليات التي تؤدي إلى نماءه.

     لقد أصبحت الأنشطة التي تعتمد على التعامل بالحقوق المعنوية في هذا الزمان أكثر سعة وأهمية من غيرها إذ أن التعامل الاقتصادي يتم من خلال هذه الوسائل الحديثة بشكل أكبر وأوسع. ومن هنا فقد كان تبني هذا المفهوم الجديد يعد دعماً للمركز المالي للمؤسسات الوقفية التي تقوم بإدارة الأوقاف ونظارتها ومنها العتبات المقدسة، وبذلك تتوسع استثماراتها وتحقق عوائد مجزية تساعد المجتمع على التطوير والتنويع والتميز في الاستثمار الذي يؤسس لحفظ المقاصد العامة الشرعية كلها. وتعد المصنفات الأدبية والفنية من أنواع الحقوق المعنوية غير المادية لأنها من إنتاج الفكر والذهن، إذ يرى فريق من علماء القانون أن حق المؤلف بمفهومه الشامل من أقدس حقوق الملكية بصفة عامة، لأن ملكية الشخص لإنتاج فكره وذهنه تبرز فيها قدراته الشخصية وبذل الجهد غير الطبيعي في ما ينتجه، فلذلك يرون أن هذا الحق المعنوي أولى بالحماية من حقوق الملكية المادية(1) فالملكية الأدبية والفنية, هي عبارة عن الحقوق التي يكون مجالها نتاج الذهن في كافة المجالات المختلفة, سواء في مجالات العلوم أو الآداب أو الفنون  أياً كان مظاهر التعبير عنها, سواء بالكتابة , أو الصوت, أو الرسم أو التصوير أو الحركة, وبوجه خاص, الكتب والكتيبات, وغيرها من المواد المكتوبة, والمصنفات التي تلقى شفاهاً, كالمحاضرات والخطب والمواعظ, والمصنفات المسرحية, والمسرحيات الغنائية, والموسيقية والتمثيل الإيمائي, والمصنفات السينمائية السمعية, أو السمعية البصرية, وأعمال الرسم والتصوير والنحت, والفنون التطبيقية والزخرفة, ومصنفات الهندسة المعمارية, والصور التوضيحية, والخرائط والتصميمات والمخططات والأعمال المجسمة المتعلقة بالجغرافيا, والخرائط السطحية للأرض, بالإضافة إلى برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات. ولعل ابرز حقوق الملكية الأدبية حقوق التأليف وهي مجموعة من الحقوق التي تمنح للمؤلفين على أعمالهم الأدبية والفنيةوتشمل على حقٍّ مالي، يعود على المؤلِّف ( أو على الناشر، أو عليهما معاً ) من وراء مؤَلَّفه العلمي، وحقٍّ أدبيٍّ في نسبة هذا المؤَلَّف إلى مؤَلِّفه، وعدم الاعتداء عليه ومنع الغير من استخدامه ويدخل في مضمون حقوق المؤلف ترجمة الأعمال إلى اللغات المختلفة وتعديل هذه الأعمال بالإضافة أو المسح ونشرها عن طريق وسائل الإعلام المختلفة. أو تقديمها على شكل أعمال مسرحية أو تلفزيونية أو موسيقية وكذلك استنساخها على شكل منشورات أو تسجيلات صوتية أو تلفزيونية. إضافة لما تتضمنه من حقوق اقتصادية مثل الحق في حصة من أرباح بيع العمل الأدبي أو الفني.إن صيغة تمويل استثمارات الأوقاف بالحقوق المعنوية ،صيغة معاصرة دعا إليهابعض الاقتصاديين المعاصرين(1) حيث أصبحت الحقوق المعنوية هي أوسع دائرة نستطيع في عالمنا المعاصر الاستفادة منها واستغلالها واستثمارها على النحو الذي يؤدي إلى انتعاش اقتصادي فعال في المجتمع الحديث ونستطيع تصور وقف الحق المعنوي للمؤلف مثلاً عندما يصرح بوقف النشر لله مثلما نجد في الكتب التراثية عندما يصرح المؤلف بأنه يترك حق نشر كتابه أو جزء منه صدقة لله تعالى أو غيرها من الألفاظ ولا ريب أن هذا النص أو ما شاكله ليكشف عن نية صاحبه إباحة الانتفاع للجهة التي قصدها في تصريحه من ذلك الكتاب وبأي صورة من الصور على أن تكون مقبولة شرعاً وعقلاً وخُلقاً ويشمل الحق في النشر والتوزيع والطباعة وغيرها. وقد تكونت في عصرنا أشكال جديدة ومتطورة لاستغلال الحقوق المعنوية وهي نتيجة مباشرة للموقف الإيجابي الذي اتخذه الفقهاء تجاه هذه الحقوق وتأصيلها، وهذا يؤكد على إمكانية خضوع هذه الصور للوقف حيث لا يقتصر الوقف على النشر الورقي والكتب وما شابهها فقط بل الذي يرد على الأشكال الجديدة المتطورة. وينتقل التمتع بحقوق التأليف بهذا الوقف إلى الجهة الموقوف عليها، وبما كانت تخوله تلك الحقوق للواقف من سلطاتالاستعمال والاستغلال والتصرف، حيث يكون لها الحق في نشره لأي عدد من النسخ إن كان مصنفًا أدبيًا، أو حقًامجاورا له، إذ تحل الجهة الموقوف عليها محل صاحب الحق المالي ( الواقف) في جميع سلطاته على المصنف ما عدا حقه الأدبي عليه باعتبار أن هذا الأخير لصيق بشخص المؤلف لا ينفك عنه.

       هذا وقد حدد المشرع العراقي حقوق المؤلف بجملة من المصنفات بينتها المادة الثانية من قانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 المعدل(1) حيث نصت على أن:

( تشمل هذه الحماية المصنفات التي يكون مظهر التعبير عنها الكتابة أو الصوت أو الرسم أو التصوير أو الحركة، وبوجه خاص ما يأتي:

  1. المصنفات المكتوبة.
  2. المصنفات التي تلقى شفويا كالمحاضرات والدروس والخطب والمواعظ وما يماثلها.
  3. المصنفات الداخلة في فنون الرسم والتصوير بالخطوط أو بالألوان أو الحفر أو النحت أو العمارة.
  4. المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية.
  5. المصنفات التي تؤدي بحركات أو خطوات فنية، وتكون معدة ماديا للإخراج.
  6. المصنفات الموسيقية سواء اقترنت بالألفاظ أو لم تقترن بها.
  7. المصنفات الفوتوغرافية والسينمائية.
  8. المصنفات المعدة للإذاعة والتلفزيون.
  9. الخرائط والمخططات والمجسمات العلمية.
  10. التلاوة العلنية للقران الكريم.

 وقد نظم القانون أيضا مضمون حق المؤلف في المادة / الثامنة منه حيث بين أن حق المؤلف يتضمن الانتفاع من مصنفه : –

  1. أن يطبعه ويذيعه ويخرجه وان يجيز ذلك للغير.
  2. أن يجيز في نطاق الشروط الخاصة التي يضعها استعمال نسخة أو عدة نسخ من مصنفه للأشخاص الذين يستغلونها في أعمال التأجير والإعارة وغير ذلك من الأعمال المتعلقة بعرض المصنف على الجمهور إذا كانت الغاية من هذا العرض الربح أو إعانة مشروع ما.
  3. أن يجيز عرض مصنفه التمثيلي أو الموسيقي علنا أو نقله إلى الجمهور بأية واسطة كانت.
  4.  أن يلقي مصنفه الأدبي أو المسرحي على الجمهور وان يجيز إلقاءه.

       إن وقف حقوق التأليف أصبحت في الوقت الحاضر صورة من الأوقاف المعاصرة الغرض منها توفير الريع الماليلجهة الوقف. إذ يمكن أن يقوم المؤلف بوقفإيرادات مؤلفه في المصالح العامة أو الخاصة ،وبذلك ترجع حقوق التأليف لجهةالوقف أو أن يوقف شخصإيرادات كتاب قام بتحقيقه أو مسرحية أو عمل فني أو سينمائي أو أي منج علمي على جهة وقف عام أو خاص. ونلاحظ الكثير من مقدمات الكتب أو أغلفتها تتضمن عبارات تشير لتصريح المؤلف بأنه يوقف كتابه صدقة لله تعالى أو يهب حقوق النشر والتأليف أو يصرح بان ريع هذا الكتاب تصرف في جهة معينة كالعتبات المقدسة مثلا أو المساجد أو المدارس الدينية أو الجهات الخيرية، ومن ثم فان الفوائد والمنافع الناتجة عن هذا المؤلف سوف تكون ملكا للجهة التي صرح المؤلف باسمها ومن ثم يحق للعتبات المقدسة بكونها شخصا معنويا الاستفادة من حقوق النشر والتأليف الممنوحة لها والحصول على مردود مالي عن نشر الكتب والمصنفات الأخرى يساعدها للقيام بأنشطتها المختلفة .

       وقد أجاز المشرع في المادة الثامنة والثلاثين من القانون للمؤلف أن ينقل إلى الغير حقوق الانتفاع المنصوص عليها في هذا القانون شرط أن يكون التصرف مكتوبا وان يحدد فيه صراحة وبالتفصيل كل حق يكون محلا للتصرف مع بيان مداه والغرض منه ومدة الاستغلال ومكانه وعلى (المؤلف) أن يمتنع عن أي عمل من شانه تعطيل استعمال الحق المتصرفبه. أما فيما يختص بحقوق المؤلف المالية على مؤلفه له حق عرضه للبيع أو الإيجار أو التسليف على أساس تجاري، كما له أن يفوض بهذا الحق المالي آخرين في مجالات مختلفة مثل تفويضه بالتمثيل والأداء العلني أو إذاعة المصنف عبر وسائل الاتصال أو ترجمته إلى لغات أخرى، أو الاقتباس والتحوير، وغيرها من الأفعال الأخرى مما يجوز فيه التفويض بالحق المالي للمصنف بقصد استغلاله تجارياً بأي وسيلة من الوسائل .

      وهناك كثير من الأعمالالفنية والمصنفات التي نعتقد وجود إمكانية لدى إدارات العتبات المقدسة أن تستثمرها كحقوق أدبية وفنية وتحقق من ورائها مردود مالي جيد كالأقراص الليزرية التي تتضمن الخطب والمحاضرات الدينية والأناشيد الإسلامية والبرمجيات التي تتضمن محتوى ديني إضافة لإقامة الأعمال الفنية من مسرحيات ومسلسلات دينية إسلامية ومعارض الكتب التي دأبت العتبات المقدسة على إقامتها في كل عام أكثر من مرة كل ذلك لو استثمر بشكل منتظم فان المردود المالي الناتج عنه سيحقق انتعاشا في ميزانية العتبات ويطور من نشاطاتها ويدعم اقتصادها .

                                           الفرع الثاني

استثمار حقوق الملكية الصناعية والتجارية

تحتل الحقوق المعنوية مركزا بارزا ضمن حقوق الملكية وذلك لاتصاله بأسمى ما يملكه الإنسان وهو العقل في إبداعاته وتجلياته الفكرية. و لهذا قد امتاز الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى بالخلق والإبداع فهو سيد هذه المخلوقات بذكائه وعقله وتفكيره فاستطاع بهذه الملكات أن يسخر عناصر الكون لفائدتهومن بين الحقوق المعنوية التي أصبحت من الأدوات الاستثمارية المهمة والمنتجة في عصرنا هذا حقوق الملكية الصناعية نجد براءة الاختراع والتي تعد من أهم هذه الحقوق، ذلك أن الاختراع قديم قدم الإنسان على عكس المفاهيم الأخرى للملكية الصناعية (علامات تجارية – أسماء تجارية – رسوم ونماذج صناعية ) والتي تعد حديثة النشأة فهي مرتبطة بالتطور الصناعي الذي عرفه القرنين السالفين.

     ويمكن تعريف حقوق الملكية الصناعية والتجارية بأنها الحقوق التي ترد على مبتكرات جديدة كالاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية أو على شارات مميزة تستخدم إما في تمييز المنتجات (العلامات التجارية) أو تمييز المنشآت التجارية (الاسم التجاري) وتمكن صاحبها من الاستئثار باستغلال ابتكاره أو علامته التجارية أو اسمه التجاري في مواجهة الكافة(1) فالملكية الصناعية والتجارية تعنى بحقوق الملكية الفكرية على المصنفات أو العناصر ذات الاتصال بالنشاطين الصناعي والتجاريويشمل استغلالأصولالملكيةالفكريةتسويقالمنتجاتوالخدماتالمحميةبموجب الملكيةالفكريةوإبرامعقودالترخيصأوالامتيازوبيعأصولالملكيةالفكريةلشركاتأخرىوإقامة مشروعاتمشتركةواستعمالالملكيةالفكريةللحصولعلىتمويلأعمالالشركات.

     ومن المعلوم أنأصول الشركات تنقسم على قسمين اثنين: أصول مادية، وهي التي تشمل المبانيوالعقارات، الأجهزة والآلات، فضلاً عن البنى التحتية والأموال.وأصولمعنوية تتكون من رأس المال البشري والمعرفة الفنية، بالإضافة إلى الأفكاروالابتكارات الناتجة عن قدرة الشركة على الإبداع والتطوير. وإذاكانت الأصول المادية تشكل الجزء الأعظم من قيمة الشركات عبر التاريخ، كماوتعد المسؤول الأول عن تحديد قدرتها وميزتها التنافسية في الأسواق، فإنالأمور     اختلفت في الآونة الأخيرة.فنتيجةً للثورة التقنية في مجالالمعلومات والاتصالات، ولنمو اقتصاد المعرفة والخدمات، فإنَّ الشركات أدركتبأن أصولها المعنوية أصبحت أكثر قيمة من تلك المادية، إذ إنَّ الميزةالتنافسية انتقلت من المادي إلى غير المادي، ومن المرئي إلى غير المرئي.فالمستودعاتالكبيرة والمصانع لم تعد العنصر الأهم في تحقيق أرباح الشركات، وإنمااستبدلت في الكثير من القطاعات ببرمجيات الحاسوب وبالأفكار الإبداعية.وكذلك الأمر في المجالات التي بقيت فيها أساليب التصنيع التقليدية سائدة،فالإبداع المستمر والابتكار الذي لا ينضب أصبحا المفتاحين الرئيسين لتحقيقالنجاح وتحديد مدى إمكانية الشركات في الاستمرار في الأسواقالمحلية والعالمية التي أضحت المنافسة فيها على أشدها. ولحقوق الملكية الصناعية والتجارية أنواع متعددة، يؤمن كلُّ واحدٍ منها الحماية القانونية لأحد الأصول المعنوية للشركات. وتشمل الملكية الصناعية براءة الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية والعلامة التجارية والاسم التجاري وغير ذلك من الحقوق المعنوية التي اقرها القانون.

    ولقد اهتم التشريع العراقي كغيره من التشريعات المقارنة بحقوق الملكية الصناعية وأفرد لها قوانين خاصة وكذا حماية خاصة فقد نظمها بعدة قوانين منها قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية(1) رقم (65) لسنة 1970 المعدل وقانون العلامة التجارية رقم (21 ) لسنة 1957 المعدل(2) وقانون الأسماء التجارية رقم (25) لسنة 1959(3) ويقصد بالاختراع كل نتاج جديد أو سلعة تجارية أو استعمال أية وسيلة اكتشفت أو عرفت أو استعملت بطريقة جديدة لأية غاية صناعية. ومن حق المخترع الإضافة على اختراعه المسجل رسميا وتعديله والاستئثار المالي والتصرف. أما براءة الاختراع فيراد بها السند أو الوثيقة التي تمنحها السلطة المختصة للمخترع بناء على طلبه والذي يستطيع بموجبها حماية اختراعه والاستفادة منه ماليا(4)

     وقد عرف المشرع العراقي الاختراع بأنه هو كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي سواء كان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطريق ووسائل مستحدثة أو أيهما معاً(5)والمخترع بأنه من توصل إلى الاختراع. أما مالك حق الاختراع فهو الحامل الفعلي لبراءة الاختراع سواء أكان المخترع أو من آلت إليه حقوق الاختراع. وبين أن المقصود بالبراءة الشهادة الدالة على تسجيل الاختراع. وقد بينت المادة الثامنة من قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية بان ملكية حق الاختراع تكون للحامل الفعلي للبراءة أو لمن آلت إليه.  فإذا كان الاختراع نتيجة عمل مشترك بين عدة أشخاص كان حق البراءة لهم جميعاً على وجه الشيوع ما لم يتفقوا على خلاف ذلك.  أما إذا توصل إلى الاختراع عدة أشخاص كل منهم مستقل عن الآخر فيكون حق البراءة لمن أودع طلبه قبل الآخرين. كذلك فان المشرع قد أعطى المشرع في المادة التاسعة من القانون أعلاه لرب العمل كل الحقوق المترتبة على الاختراعات التي تستحدث خلال تنفيذ عقد أو عند قيام رابطة عمل أو استخدام بشرط أن يكون الاختراع مقابل أجر معين وفي نطاق العقد أو رابطة العمل أو الاستعمال وفي هذه الحالة يجوز تسجيل الاختراع ابتداءً باسم رب العمل أو المتعاقد مع المخترع على أن يذكر اسمالمخترع في البراءة أما إذا لم يخصص في مقابل الاختراع أجر فيكون للمخترع الحق في طلب التعويض العادل من رب العمل. وخول في المادة الثانية عشرة مالك حق الاختراع دون غيره الحق في استغلال الاختراع بجميع الطرق القانونية. كما وأجاز له بموجب المادة الخامسة والعشرين من القانون التصرف بالبراءة بكافة التصرفات القانونية ونقل ملكيتها وجميع الحقوق المترتبة عليها سواء في حياته أو بالميراث بعد وفاته.

     ومن الجدير بالذكر أن استغلال براءة الاختراع من قبل غير مالكها يتطلب وجود عقد ترخيص باستغلال ذلك الاختراع. والترخيص هو التصرف القانوني الذي بموجبه يخول مالك البراءة شخصا اخر طبيعي او معنوي رخصة الانتفاع بحقه في استغلال الاختراع او بعض عناصره) مقابل بدل معين بشكل دوري، او دفعة واحدة، ولمدة متفق عليها(1)

      ويقصد بالرسم الصناعي صورة الأشكال أو الهيئات أو النماذج أو الزخرفة فقط، المستعملة لأي مادة بعملية أو وسيلة اصطناعية، سواء كانت يدوية أو آلية أو تقدره العين المجردة إذا كانت المادة منجزة، ولكنها لا تشمل طريقة الصنع أو أي شيء آخر ليس هو في جوهره سوى استنباط آلي. أما النموذج الصناعي فهو كل ترتيب جديد للخطوط والأشكال ملونة أو غير ملونة يستخدم في الإنتاج الصناعي (2)

       ويعد من حقوق الملكية التجارية العلامة التجارية والاسم التجاري. فالاسم التجاري هو الاسم الذي يستعمله التاجر فردا كان أم شركة في مزاولة تجارته وتمييز مؤسسته التجارية عن غيرها(1)أي انه لقب مخصص لمحل تجاري اكتسب الشهرة بهذا اللقب والذي يتخذ شكلاً مميزاً وتندرج تحت عنوان الاسم والعلامة أيضا الإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام والرسوم والرموز والأختام والنقوش البارزة وأيه إشارة أخرى مميزة أو أي مجموع منها يصلح لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أو حرفية أو زراعية. أما العلامة التجارية فهي أية علامة استعملت أو كان في النية استعمالها على أية بضائع، أو فيما له تعلق بها للدلالة على أن تلك البضائع تخص صاحب العلامة بحكم صنعتها أو إنتاجها أو الشهادة أو الاتجار لها أو عرضها للبيع.

       إن الاسم أو العلامة التجارية إنما تعبر عن مواصفات السلع التي تتحدث عنها وتعكس مدى جودتها وسلامتها، ولذلك فإن التاجر يهتم كثيراً بحماية الاسم أو العلامة التجارية لأنها حماية المواصفات الخاصة بسلعة لكي يتم تسويقها بشكل يحقق أعلى ربح مادي بالإضافة إلى تحقيق السمعة الطيبة التي هي أساس العمل التجاري. كما أن القيمة المعنوية للاسم التجاري والعلامات التجارية تعود على الشركة بالنفع المادي لأنها تساهم في رفع أسهمها وزيادة مبيعاتها بدليل إدراجمثل هذه المنفعة في ميزانيات الشركات. ولعل ابرز مثال على الاسم التجاري في الواقع العملي للعتبات المقدسة والمنبثق من وحي تجاربها الاستثمارية اسم شركة الكفيل للاستثمارات العامة التابعة للعتبة العباسية المقدسة والعلامة التجارية التي تستعملها منتجاتها تحت مسمى الكفيل إذ استطاعت أن تلج إلى سوق الاستثمار وتتميز باسمها التجاري وعلامتها التجارية التي تميز منتجاتها النباتية والحيوانية عن منتجات الشركات الأخرى مما أسهم في زيادة العائد الاستثماري السنوي لهذه الشركة .وحسنا فعل اهتمام المشرع العراقي عندما عد الأموال المعنوية بما فيها براءات الاختراع أموالا يتكون منها رأس مال المشروع بالنص على ذلك وفق أحكام المادة (21 / ثانيا /  ج ) من قانون الاستثمار العراقيَّ رقم (13) لسنة 2006 وهذا يعطي حافزا كبيرا للشركات الاستثمارية ومنها الشركات المتخصصة في العتبات المقدسة بتنويع استثماراتها وإدخال الحقوق المعنوية ضمن أصولها لتحقق أعلى العوائد الاستثمارية وتنمي مواردها المالية بما يمكنها من المنافسة الفاعلة في المجال الاقتصادي .

     ومن خلال التأمل في الأدوار المتنوعة التي تُعبِّر عن وظيفة الوقف في التنمية اقتصادياً ومالياً بما يحقق الرخاء الاجتماعي، نستطيع أن نفهم أهمية وقف الحقوق المعنوية. حيث أننا إذ نخرج من الإطار التقليدي للنظرة الكلية للوقف فإننا نكون بذلك قد أفسحنا المجال لزيادة الموارد الاقتصادية وذلك عبر خلق أدوات إنتاج لم تكن موجودة فيما مضى سيما في المجال الصناعي والتجاري، وعندئذ تنمو الخزينة الوقفية التي هي جزء من الميزانية العامة وتسهم في إنجاز المشاريع التنموية التي يفيض خيرها على البلاد والعباد وعندئذ تقوى العتبات المقدسة بقوة اقتصادها، كما أن ذلك الأمر من شأنه أن يقوي البعد الحضاري والاستفادة من الوقف في صنع الحضارة الإسلامية.

     أن العمل المالي والنشاط الاقتصادي المرتبط في هذا الزمان بالحقوق المعنوية هو السائد في عالم الاقتصاد والتجارة، كما أن إيجاد مصادر أخرى لتمويل الوقف والعتبات المقدسة سيؤدي إلى انتعاش اقتصادي منظور. وتتجسد أهمية استثمار الحقوق المعنوية من قبل العتبات المقدسة سواء أكانت هذه الحقوق قد آلت إليها عن طريق الوقف أو الهبة أو الشراء في أنها تعد أصولا مالية تدخل في معظم نشاطاتها ، بدءاً من تطوير المنتج وتصميمهمروراً بكيفية تقديمه للمستهلكين والتسويق له، فضلاً عن الحصول المواردالمالية اللازمة، وانتهاءاً بنمو الشركة من خلال مساعدتها في تصدير منتجاتها وتمكينها من الترخيص باستعمال هذه الحقوق.مما يعني أنللحقوق المعنوية دوراً كبيراً في تحديد أداء الشركات وأثراً كبيراًعلى مستقبلها. فهي تساهم في تحقيق الأرباح وزيادتها، كما أنها تزيد من قيمةالشركة وأصولها، وتجعل المستثمرين والمقرضين أكثر رغبةً في الاستثمار فيها والتعامل معها.فبالنسبة للأرباح تساهم الحقوق المعنوية بشكلٍ كبيرٍ في نمو اقتصاد العتبات المقدسة وزيادة إيراداتها . فالحصول على براءة اختراعٍمثلاً يمنح الشركة الحق في الاستغلال الحصري لتقنية أو منتج معين عدداً منالسنين، بمنأى عن الخوف من تدخل ولحوق المنافسين وتقليدهم. وامتلاكعلامة تجارية معروفةٍ ذات شعبية يجعل المنتجات التي تحمل هذه العلامة أكثرجاذبية، ويساهم بذلك في اكتساب الزبائن والمستهلكين والمحافظة عليهم،وبذلك تزداد المبيعات وتتحقق الأرباح.فملكية هذه الحقوق تسمح للشركةالمختصة بالاستثمار بأموال العتبات المقدسةبالاستثمار الكامل لأصولها المعنوية، وبمنع الآخرين من مشاركتها في حصدثمار الاستثمار في هذه الأصول.يضاف إلى ما سبق أن العتبات المقدسة تستطيعتحقيق دخل إضافي من خلال الترخيص للشركات الأخرى باستعمال الحقوق المعنوية التي تملكها، سواءٌ أكان ذلك في السوق نفسها أو في أسواقٍ أخرى.أماعلى صعيد القيمة، فإنَّ امتلاك الحقوق المعنوية بأنواعها المختلفة يزيد من قيمة الشركةبشكلٍ ملفتٍ للنظر، ويظهر الأثر المادي لهذه القيمة عند شراء الشركةالمالكة لهذه الحقوق، أو عند تقييمها بهدف طرح أسهمها على الاكتتاب العاموقد أدركت الشركات ذلك وبدأت تدرج هذه الحقوق ضمن حقل الأصول في ميزانياتهاالعمومية. أما بالنسبة للمستثمرين والمقرضين فإنَّ وجود الحقوق المعنوية ضمن أصول الشركة يعطيهم ضماناً بأن أداء الشركة سيكون متميزاًوأنها ستحقق أرباحاً تمكنها من النجاح والاستمرار، مما يشجعهم علىالاستثمار فيها ومنحها التمويل الذي تحتاجه.

     من ذلك كله نستنتج أنالأموال المعنوية تعتبر وسائل هامة يجب على العتبات المقدسة استثمارها لتحقيقأهدافها وضمان استمرارها. فهذه الحقوق ليست مجرد وسائل دفاعية لمنع الآخرينمن الاعتداء على ممتلكات وحقوق الشركة، وإنما هي أدوات فعالة تحقق للشركةالنمو الذي تطمح إليه، إذا ما تمت إدارتها واستثمارها بالشكل الأمثل حيث يساهمالتمويل في تنمية تلك المشاريع ويعزز فرص نجاحها في حال قيامه على أسسسليمة وواضحة تتناسب وحجم المخاطرة التي تواجهها .

الخاتمة

من خلال دراستنا للنظام القانوني لاستثمار أموال العتبات المقدسة في ضوء أحكام التشريعات العراقية النافذة وبالذات قانون إدارة العتبات المقدس والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 ومقارنته بأحكام الفقه الإسلامي فإننا توصلنا للنتائج والتوصيات آملين الأخذ بها وتتمثل بالاتي:

أولا: النتائج

1-  عدم وجود تعريف جامع مانع للعتبات المقدسة يمكن الركون إليه في بيان ماهية هذه العتبات، لكونها ترتبط بعقيدة الإنسان المسلم، من جهة، ومن جهة أخرى، فهي أماكن دينية وحضارية مقدسة تضم أضرحة الأئمة الأطهار من آل البيت عليهم السلام في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء، وتحتل مكانة في نفوس المسلمين لما لها من ارتباط روحي بعقيدتهم. كذلك فإنها تعد ثروة إنسانية تفتخر بها الأمم والشعوب، كونها من المعالم البارزة في التراث العراقي والإسلامي والإنساني، ومركز يفد إليه الناس من كل حدب وصوب، ونواة لنشوء مدن وازدهار أخرى ومقر للمرجعية الدينية ومراكز العلم والمعرفة ومنبع الثورات التحررية وحركات مناهضة الاستعمار والحكومات الظالمة ولعل ثورة العشرين التي قادتها العشائر العراقية ضد الاحتلال الانكليزي للعراق ابرز مثال على ذلك إذ انطلقت بفتوى من المرجعية الدينية آنذاك من العتبات المقدسة في كربلاء وهذه المكانة لم تأتي من فراغ بل جاءت بلحاظ الأدوار التي مثلتها العتبات على مختلف العصور في مختلف المجالات الدينية والتراثية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية ، ورغم أن كثيراً من الناس يعتقد إن العتبات المقدسة مجرد جهات دينية يرتادها الناس لأجل العبادة إلا أنها تمثل جزء مهم من ثروة المجتمع الإسلامي إذا ما استثمرت فإنها تخفف العبء عن موازنة الدولة في تقديم الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية وحتى خدمات البنى التحتية.

2-  إن للوقف طبيعة خاصة وامواله ليست اموالاً عامة ولا خاصة ولا ملكاً لأشخاصٍ اعتباريين أو طبيعيين وإنما هي اموال خاصة مخصصة للنفع العام وقف يكتسب الشخصية المعنوية بمجرد الإنشاء. وتعد العتبات المقدسة من الأوقاف العامة بحسب ما صرح به الفقهاء وأكدته التشريعات النافذة حيث صنف المشرع العراقي العتبات المقدسة من ضمن الأوقاف في التشريعات الخاصة بالعتبات وآخرها قانون إدارة العتبات المقدسة و المزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 والذي اعتمد نفس التكييف القانوني للعتبات المقدسة الذي اعتمدته التشريعات السابقة واعتبرها كذلك من مؤسسات الدولة. وان أموالها لها خصوصية وطبيعة تختلف عن باقي الأموال مما يتطلب الحفاظ عليها واستثمارها في الأوجه المباحة من خلال جهاز إداري متخصص. وقد أعطى الدستور العراقي الصادر عام 2005 أهمية خاصة للعتبات المقدسة من خلال إيراده نصا خاصا بها حيث نصت المادة (10) منه على أن (العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية وتلتزم الدولة بتأكيد وحماية حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها) ومن ثم فالعتبات المقدسة لها شخصية معنوية و ذمة مالية مستقلة وان أموالها تعد من الأموال الخاصة ولا تدخل ضمن الأموال العامة حتى وان ارتبطت بالوقف الشيعي فان أموال العتبات هي أموال خاصة ذات طبيعة عامة.

3-  تتكون الموارد المالية للعتبات المقدسة من الهبات والتبرعات والنذورات والوصايا والمنح والمساعدات المقدمة لها من مختلف الجهات والأشخاص في داخل العراق وفي خارجه، وعوائد أملاكها والأوقاف الخاصة بها. والأرباح الناتجة عن استثمار أموالها. فضلا عن الحصة المخصصة للدائرة من ميزانية ديوان الوقف الشيعي .  وبدلات استملاك واستبدال الأملاك الموقوفة على العتبات وفق الشروط الشرعية .وقد استدل الفقهاء على مشروعية الهدية والنذر والوقف للعتبات المقدسة إلحاقا لها بالكعبة المشرفة لكون إن المناط واحد وهو تعظيم شعائر الله وان النذر والهدية من التصرفات الإرادية، وبالإمكان تحويل هذه النذور والهدايا إن كانت عينية إلى أموال نقدية عن طريق البيع وقد تبنى المشرع آلية خاصة بذلك حيث اصدر نصوص خاصة تبين آلية فتح شباك الضريح و كيفية التعامل بالنذور والهدايا.

4-  نعني باستثمار أموال العتبات المقدسة بأنه ( توظيف جانب من أموال العتبات المقدسة الفائضة عن الحاجة الضرورية للعتبات في نشاط اقتصادي مشروع ومنتج بهدف تنمية هذه الأموال والحصول على عوائد مجزية تساعد في تحقيق رسالتها ومقاصدها السامية وتمكينها من الاستمرار في تحقيق أهدافها ) هناك ضرورات تتطلب استثمار أموال العتبات المقدسة منها ما هو قانوني وشرعي ومنها ما هو اقتصادي واجتماعي. وهذه الضرورات تعد حافزا مشجعا لمجالس إدارات العتبات المقدسة للاستثمار أموالها لان الاستثمار هو طريق من طرق المحافظة عليها من الاضمحلال والخراب والتلف ونقصان القيمة الناتج عن الاستخدام، إذ جعل المشرع الاستثمار لأموال العتبات من الأهداف الرئيسية التي تسعى العتبات المقدسة لتحقيقها على أن يكون وفق الأوجه المتاحة الموافقة للشرع الحنيف والقوانين النافذة. لان تجميد أموال العتبات المقدسة يضر بها من جهتين الأولى تتمثل بتعرض هذه الأموال لخسارة قيمتها كونها معطلة ومركونة في المصرف دون تشغيل و الثاني ما يحدثه تجميد الأموال من كساد وتضخم في الاقتصاد .

5-  هناك كثير من المعوقات التي تعترض استثمار أموال العتبات المقدسة منها ما هو شكلي ومنها ما هو موضوعي، فالمعوقات الشكلية تتمثل بعدم النص على منح الشخصية المعنوية للعتبات المقدسة ضمن نصوص قانون ادارة العتبات المقدسة والمزارات الدينية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 كذلك فان انحصار العمل الاستثماري في طريقة واحدة وقلة حافز الاستثمار والتنمية في الأوقاف بصورة عامة وضعف تصميم هيكل مؤسسات الاستثمار وعدم الاهتمام بالجانب الإعلامي تعد من اهم المعوقات الشكلية التي تواجه العتبات المقدسة وتحول دون استثمار اموالها. أما الموضوعية فتتمثل بالقصور التشريعي الذي رافق التشريعات الخاصة بالعتبات المقدسة منذ وجودها ولحد الآن وعدم وجود إستراتيجية وتخطيط مدروس لمشاريعها واختلاف القواعد الفقهية للعتبات المقدسة وتباين الاجتهادات بخصوص مواردها المالية والية صرفها و قلة الدعم و التمويل الحكومي. وقد أجاز الفقهاء التصرف بأموال العتبات المقدسة واستثمارها سواء أكانت منذورة أو مهداة وفق شروط معينة حيث أجازوا بيع الأعيان المهداة و صرف قيمتها على العتبة وزوارها. أما الأموال الموقوفة فقد أجازوا التصرف بها في موارد منها إطلاق الواقف وعدم تعيين مورد خاص لصرف المال الموقوف على إن يكون الاستثمار بإذن الحاكم الشرعي وان يكون في موارد مضمونة الربح وقليلة المخاطر.

6-  ان عدم وضوح النظام القانوني الذي يحكم التصرف بأموال العتبات المقدسة نتج عنه التجاوز على أموال الوقف بعامة والعتبات المقدسة بخاصة فرغم أن المشرع قد اوجب على المتولي مراقبة الموقوفات وصيانتها ومنع التجاوز عليها واستثمار الموقوفات الخيرية والآيلة للانهدام وأجاز استبدال الموقوف بشروط معينة وإنشاء حق المساطحة عليه. إلا انه لم يهتم باستثمار أموال العتبات بما ينمي أصولها ويعود بالفائدة عليها . وقد حاول المشرع الحد من هذا التجاوز فاصدر قانون هيئة إدارة واستثمار أموال الأوقاف 18 لسنة 1993 وشكل بموجبه مجلس إدارة الهيئة إلا إن الهيئة المذكورة ظلت تتعامل بالصيغ التقليدية القديمة لاستثمار الأوقاف كالإجارة والاستبدال دون غيرها من الصيغ التي تنمي من الأصول الوقفية وتدر عوائد استثمارية. وقد ظلت أحكام العتبات المقدسة كذلك إلى أن صدر قانون إدارة العتبات المقدسة و المزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 والذي حدد أهدافها ومواردها وأجاز لها استثمار أموالها ، إلا انه لم يحدد آلية الاستثمار والإجراءات التي تتطلبها غير انه اشترط أن يكون استثمار وفقا لأحكام الشرع الحنيف و خول مجلس إدارة العتبة دراسة وإقرار فرص الاستثمار للأموال العائدة للعتبة على الوجه الأمثل وكذلك فانه لم يمنح العتبة الشخصية المعنوية صراحة في القانون المذكور بيد انه تدارك هذا الخلل التشريعي في عند إصداره لقانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012 ومنح الشخصية المعنوية للعتبات المقدسة .

7-  هناك ضوابط قانونية وشرعية يجب مراعاتها عند استثمار أموال العتبات المقدسة فالضوابط الشرعية تتمثل بالإحاطة بالأحكام الشرعية والتقيد بالاستثمار في مجال الطيبات والالتزام بمبدأ العدل ومنع الظلم والتعامل بالمعاملات المباحة والعمل وفق مبدأين أساسيين هما مبدأ ارتباط الربح بالخسارة ومبدأ التراضي في المعاملات عبر مجموعة من الأحكام الشرعية أهمها منع الإكراه والغش والبخس في المعاملة والمماطلة والربا والاحتكار أو الإضرار بالمنافسين والذي ينعكس بدوره على الإضرار بالمجتمع . أما الضوابط القانونية فتتمثل بمراعاة أحكام القوانين النافذة وإدراج الاستثمار ضمن الموازنة السنوية للعتبة المعنية من قبل الأقسام المختصة فيها والقيام بكل ما يخص دراسات الجدوى الاقتصادية مع ضرورة وجود رقابة وإشراف على المشاريع الاستثمارية باعتبارها من أوجه التصرفات القانونية وكذلك مراعاة أن يكون إبرام العقود وتدقيقها من قبل أهل الاختصاص لحفظ حقوق أطراف العقد.

8-  إن العمل في المؤسسات الوقفية ومن ضمنها العتبات المقدسة تحتاج إلى نظم رقابية شاملة تتضمن الأسس والأساليب والإجراءات الرقابية عن كل أوجه نشاطاتها المختلفة ومنها الأموال بهدف المحافظة عليها و تنميتها وتعظيم فوائدها ومنافعها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية والتشريعات النافذة وان خصوصية العتبات المقدسة تتطلب أن يكون هناك أكثر من جهة رقابية لذا فان أموالها تخضع لرقابة شرعية تقوم بها المرجعية الدينية ورقابة قانونية تتم من قبل الجهات الرقابية المختصة في الدولة لكون العتبات المقدسة من الجهات المرتبطة بدوائر الدولة ممثلة بديوان الوقف الشيعي وبالتالي تخضع لأحكام قانون ديوان الرقابة المالية وقد تجسدت الرقابة الشرعية بقيام المرجعية الدينية بالإشراف المباشر على العتبات بعد سقوط النظام البائد في العراق من خلال تشكيل لجان مؤقتة لإدارتها ومن ثم تخويل مجموعة من العلماء الثقات عند المرجعية لتشكيل إدارات مختصة للعتبات من ذوي الخبرة والالتزام الديني على أن تخضع لرقابة المرجعية عن طريق رفع تقرير كل ستة أشهر عن عملها. كذلك فان هناك رقابة قضائية وقانونية أقرتها التشريعات النافذة.

9-  اقتصر التصرف بأموال الأوقاف والعتبات المقدسة في العهود الأولى على أنواع محددة من التصرفات القانونية والصيغ الاستثمارية التقليدية كالمزارعة والمغارسة والمساقاة للأراضي الزراعية والإجارة للعقارات وبعض الأموال المنقولة التي تسمح طبيعتها بذلك وهذه الصيغ كلها مشروعة باتفاق الفقهاء وبنص القانون على أن تتم من قبل المتولي، وقد عالج المشرع العراقي موضوع إجارة الوقف وفقا لقوانين خاصة ولم يعالجها ضمن القانون المدني كما صنعت بعض الدول حيث عالجها في قانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 و قانون هيأة استثمار أموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993 ونظام المزايدات و المناقصات رقم 45 لسنة 1969 وبرزت تلك الفترة أنواع مختلفة من الإجارة لمال الوقف كالإجارة والطويلة وحق الحكر وحق الإجارة ومشد المسكة والكردار وحق القرار وتطور الأمر بعد ذلك إلى إجازة المساطحة من ارض الوقف.

10-  إن التطور الحاصل في مختلف المجالات العلمية والانفتاح على دول العالم في مجال التجارة كان له الأثر الكبير في تطور صيغ الاستثمار في شتى الميادين الأمر الذي أدى إلى ظهور صيغ جديدة يمكن اللجوء إليها لتحقيق العائد الاستثماري المناسب ولعل أموال الأوقاف كانت مجالا خصبا لهذه الصيغ طالما لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة وتدر عائدا استثماريا جيدا ومن أهم هذه الصيغ من المجال التجاري المضاربة والمرابحة  والمشاركة المتناقصة.

11-  إن النجاح الذي حققته العتبات المقدسة في إنشاء المشاريع الاستثمارية المختلفة كان حافزا مهما في البحث عن صيغ جديدة ومناسبة لاستثمار أموالها بما يحقق الانتقال إلى فضاء رحب من الاستثمار التقليدي إلى الاستثمارات التي تحقق التنمية في المجتمع، لذا كان من المناسب اقتراح صيغ استثمارية جديدة كالاستثمار بإنشاء المؤسسات المالية وهي على نوعين الأول منهما يتضمن إنشاء مؤسسات مصرفية كالمصارف التجارية ومصارف الادخار والمصارف المتخصصة كالمصارف العقارية والصناعية ومصارف الاستثمار. أما النوع الثاني فهو إنشاء المؤسسات الأخرى غير المصرفية من قبيل شركات التامين وشركات الاستثمار سواء أكانت مقفلة أو مفتوحة وهي شركات متخصصة في بناء وإدارة المحافظ في الاستثمارية. كذلك فان الاستثمار بإنشاء  المشاريع الإنتاجية على اختلاف أنواعها – الكبيرة و المتوسطة و الصغيرة ــ يعد من الصيغ المقترحة التي تساعد في إنماء الأصول المالية لدى العتبات المقدسة و تامين فرص عمل جديدة و تغطية جزء كبير من احتياجات السوق المحلية وحل مشكلة البطالة من خلال مشاريع تقليدية حرفية أو مشاريع الصناعات التي تستخدم طرق تصنيع متطورة في مختلف المجالات.

12-  لم يكن لدى العتبات المقدسة أي نشاط اقتصادي أو استثماري منذ وجودها حتى  سقوط النظام البائد بسبب السياسات العدائية التي مارستها الحكومات المتعاقبة في العراق ومنذ أن تحررت من هذا القيد اتجهت إلى عالم الاستثمار وأنشأت العديد من المشاريع الاستثمارية المدرة للعائد الاستثماري ــ الكبيرة منها  المتوسطة والصغيرة ــ ومنها مشاريع شركة الكفيل للمنتجات الزراعية والحيوانية ومزارع خيرات أبي الفضل العباس عليه السلام في العتبة العباسية المقدسة ومشاريع أخرى في الجانب السياحي والصحي والتجاري ومشاريع العتبة الحسينية المقدسة كمشروع مدينة الحسين الزراعية الخاصة بالإنتاج الزراعي و الحيواني. ومشاريع العتبة العلوية المقدسة كمشروع مزرعة فدك الزراعية الاستثمارية ومشروع لحوم فيض القسيم. وتم اقتراح مشاريع أخرى يمكن للعتبات المقدسة إنشائها في المجالات الصناعية والزراعية والإنشائية والنسيجية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لا تحتاج إلى كلفة كبيرة أو إمكانيات هائلة.

13-  لأهمية الأموال المعنوية المتمثلة بنتاج الفكر وعدها من الأصول التجارية في السوق العالمي ولوجود الكثير من الباحثين الذين يهدون هذه الحقوق للعتبات المقدسة برجاء الحصول على الأجر المعنوي والتقرب إلى الله تعالى بالأئمة الأطهار عليهم السلام وعد ما قدموه من حقوق معنوية صدقة جارية عن أنفسهم ينتفع بها الناس. ونعتقد إن العتبات المقدسة بإمكانها أن تحول هذه الحقوق من ملكية أدبية فنية وصناعية وتجارية إلى أصول تعود عليها بالربح الوفير لدعم مركزها المالي وتوسيع استثماراتها ومن بين هذه الحقوق براءات الاختراع وحقوق النشر والتأليف والعلامات والأسماء التجارية والنماذج الصناعية سيما إن هذه الحقوق أصبحت محل اهتمام المشرع العراقي إذ عدها أموالا يتكون منها رأس مال المشروع و هذا يعطي حافزا كبيرا للشركات الاستثمارية بتوسيع استثماراتها وإدخال الأموال المعنوية ضمن أصولها لتحقيق أعلى الفوائد الاستثمارية وتزيد من قيمة الشركة وأصولها وتجعل المستثمرين أكثر رغبة في الاستثمار والتفاعل مع العتبات المقدسة.

ثانيا: المقترحات

وفي نهاية بحثنا لابد من تقديم بعض التوصيات أو المقترحات عسى أن ينتفع بها في مجال استثمار أموال العتبات المقدسة وتتمثل بما يلي :

1-  حيث أن العتبات المقدسة تعد من الأوقاف العامة وان أموالها لها خصوصية وطبيعة تختلف عن الأموال الأخرى وبما أن الاستثمار عمل تجاري يحتاج إلى أهل الفن والخبرة لإنشاء المشروعات الاستثمارية ولحداثة هذه التجربة في العتبات المقدسة فإننا نعتقد ضرورة وجود إدارةً كفوءة تضم كادراً متخصصاً محيطاً إحاطةً تامة بالأمور الشرعية والقانونية وكل ما يتعلق بهذه الأموال وآلية التصرف بها وكيفية استثمارها حتى تستطيع تجنب الوقوع في الشبهات أو ارتكاب الأخطاء التي تؤدي إلى ضياع الأموال أو هدرها.والضرورة تقتضي بأن يكون هناك حرص نحو استثمار هذه الأموال وتطويرها وفق الضوابط والأسس الشرعية وبإتباع معايير تنظيم استثمار الأموال وإدارتها وهذا يتطلب تطوير الكادر الوظيفي العامل في العتبات المقدسة عن طريق الدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات وورش العمل المتعلقة بالأوقاف وكيفية إدارتها وأحكام التعامل معها ومنحهم حوافز مالية ومعنوية بهدف خلق روح التنافس بينهم، فالعمل الجماعي غالباً ما يكون هو الأكثر نضوجاً من العمل المنفرد ومن خلاله تتوحد الجهود وتتضافر في إدارة  كل عتبة مقدسة الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تحقيق معدلات اكبر من الربع أو العائد الاستثماري ويمكن من التوسع في الخدمات التي تقوم العتبات المقدسة بتقديمها ويشجع على التميز والجودة في العمل .

2-  لابد من وجود دراسات قانونية متخصصة في موضوع الوقف بصورة عامة والعتبات المقدسة يشكل اخص تتضمن آليات التصرف بأموالها وسبيل استثمارها وشرح متون القوانين ذات العلاقة بالعتبات المقدسة حتى يكون العاملون في هذه العتبات على اطلاع تام بأحكامها. وكذلك فان ما نشهده من تطور علمي في شتى المجالات وما ينتجه من آثار على العمل الاستثماري بصورة عامة يتطلب مراجعة ألأحكام الفقهية للعتبات المقدسة من قبل مراجع الدين وإصدار الفتاوى التي تتلاءم مع ما افرزه هذا التطور من آثار تعالج الكثير من المشكلات التي تعترض طريق استثمار أموال العتبات المقدسة.

3-    نقترح تطوير المنظومة التشريعية الخاصة بالأوقاف بصورة عامة والعتبات المقدسة بشكل خاص وإجراء مراجعة تامة لها  تتضمن تعديل نصوصها بالشكل الذي يضمن وضع تنظيم قانوني يكفل سلامة الوقف والمحافظة عليه لتحقيق مقاصده حسب شرط الواقف ضمن مبادئ  وأحكام الشريعة الإسلامية من خلال اعتماد الفقه الصحيح والابتعاد عن الشاذ والرجوح من المسائل المختلف فيها. مما يتطلب الدقة في الصياغة القانونية ووضوح التعبير واستيعاب المستجدات المعاصرة سواء في الأموال الموقوفة أم في أغراض الوقف الأخرى أم في صيغ استثمار ممتلكاته وإدارته وتنظيمه مع أهمية الموائمة مع المتغيرات الاقتصادية الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية ومن ذلك على وجه الخصوص تعديل قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 والأخذ بعين الاعتبار الملاحظات الآتية:

أ‌-    تغيير عنوان القانون من قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة إلى (قانون العتبات المقدسة والمزارات الشريفة) لان كلمة إدارة تكاد تجعل من القانون مختص بتنظيم الجانب الإداري فقط دون التصرفات القانونية الأخرى فالإدارة مصطلح اخص من التصرف وبالتالي فان ورود العبارة عامة بدون تحديد يساعد في القيام بجميع التصرفات المباحة شرعا وقانونا.  

ب‌-  فك ارتباط العتبات المقدسة من ديوان الوقف الشيعي وتشكيل ديوان مستقل خاص بها يتولى الإشراف على العتبات المقدسة وتنظيم كل شؤونها والعمل على تطويرها واستثمار أموالها وتطوير السياحة الدينية في مدن العتبات المقدسة وتنظيم الزيارات وعقد الاتفاقات الدولية بخصوص دخول الزوار الأجانب إلى العراق.

ج – تخصيص ميزانية سنوية خاصة للعتبات المقدسة ومستقلة عن ديوان الوقف الشيعي من قبل الحكومة العراقية تمكنها من القيام بمهامها وان يعاد تنظم الهيكل الإداري لكل عتبة بعناوين وظيفية خاصة تدرج ضمن القانون ويتم تعين الكوادر الوظيفية لكل عتبة من مختلف الاختصاصات بما يساعدها من مهامها وتحقق أهدافها.

د – إلغاء دائرة العتبات المقدسة المشكلة في ديوان الوقف الشيعي لعدم وجود  دور حقيقي يمكن أن تقوم به فهي لا تمثل سوى حلقة زائدة، ووجودها إن كان لا يعرقل العمل في العتبات المقدسة فهو غير ذي نفع لها كونها لا تقوم  بأية واجبات.

هـ- هناك كثير من الهدايا والنذور العتبة ترد إلى العتبات المقدسة وتحول إلى نقود عن طريق البيع إلا أن ذلك يتم بشكل عشوائي يدون ضوابط قانونية ونقترح أن يتضمن التعديل آلية فتح شباك الأضرحة المطهرة في العتبات المقدسة كيفية التصرف بهذه الأموال والموارد المالية الأخرى التي ذكرها القانون واستثمارها.

و‌-   نقترح أن تؤسس في كل عتبة شركة عامة وفقا لأحكام قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 المعدل تضطلع بالاستثمار في مختلف النشاطات التجارية وترتبط بمجلس إدارة العتبة وتمنح رأس مال كاف وشخصية معنوية واستقلال مالي لكي تتبنى كافة مشاريع الاستثمار في العتبة ضمن حدود وإمكانيات معينة ينص عليها في نظامها الداخلي وان يتاح لمجلس إدارة العتبة إبرام العقود الاستثمارية الكبيرة والمشاركة مع شركات أخرى فيما يخص المشاريع التي تقع خارج حدود وإمكانيات الشركة المقترحة على أن يكون العمل تحت إشراف هذه الشركة.

ز‌-   نقترح أن يتضمن التعديل تشكيل جهاز رقابي متخصص يضم موظفين من ذوى الاختصاص في الشؤون القانونية والفنية والمالية يضاف إليهم نخبة من رجال الدين المعتمدين لدى المرجعية الدينية لغرض القيام بالرقابة على آلية التعامل مع الموارد المالية التي تأتي للعتبات المقدسة واعتبارا من ورودها وفتح شباك الضريح المقدس وحضور عمليات الفتح والعد  والتصفية والبيع ومراقبة كل أوجه التصرف بهذه الأموال والتركيز بصورة خاصة على النشاطات الاستثمارية وبمختلف أنواع أساليب الرقابة البناءة لغرض الحفاظ على أموال العتبات المقدسة من التصرفات التي تؤدي إلى نقص قيمتها أو ضياعها .

6-   توجد أوقاف كثيرة للعتبات المقدسة وفي مراكز تجارية مهمة لو استثمرت وفقا لما تتطلبه المصلحة المتمثلة في أهمية موقعها التجاري لحققت موارد مالية ضخمة إلا أن شرط الواقف قد قيد استعمال هذه الأوقاف وبالتالي يتطلب الأمر وجود فتاوى حديثة تعالج الموضوع بما يحقق مصلحة الوقوف عليه ( العتبات المقدسة ) ولا يضر باستمرارية الموقوف من أداء المنفعة التي وقف من اجلها سيما وان المشرع العراقي عد عوائد الأوقاف الخاصة بالعتبات المقدسة إحدى الموارد المالية لها. فمثلا وجود عقار وقف للعتبة يقع في موقع تجاري متميز يستعمل طبقا لشرط الواقف كمجموعة صحية للزائرين فالمصلحة تقتضي أن يغير هذا الاستعمال بان ينشا مكانه فندق حديث أو محال تجارية يمكن أن تحقق عوائد مالية كبيرة تستفيد منها العتبة مع الإبقاء على نفس المنفعة التي كان الوقف يحققها بإنشاء المجموعة الصحية في طابق تحت الأرض وهكذا.

7-  إن اقتصار العمل الاستثماري على نشاط معين يقلل من فرص الاستفادة من المشاريع الجيدة والمدرة للأرباح الوفيرة وبالتالي نقترح أن يتم تنويع النشاطات الاستثمارية واختيار أكثر من نشاط استثماري وإقامة مشاريع إنتاجية متنوعة وبمختلف الأماكن دون الاقتصار على منطقة معينة بذاتها.

8-  تقترح الاستفادة من قانون المشاريع الصغيرة والمدرة للدخل النافذ والحصول على قروض لفتح مشاريع صغيرة وورش إنتاجية يمكن من خلالها تشغيل عدد لا بأس به من الأيدي العاملة وإنتاج السلع المنزلية والضرورية كورش النجارة والحدادة والخراطة ومعامل الثلج ومعامل تعبئة المياه الصحية وغيرها.

9-    العمل وفق إستراتجية واضحة تتضمن خطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى والقيام بكل ما يخص دراسات الجدوى الاقتصادية وفقا للمنهج الإسلامي للاستثمار حتى نضمن أن يكون الاستثمار سليما من الناحية الاقتصادية ومبنيا على أسس صحيحة ونتمكن بالتالي من إنشاء البنى التحتية المطلوبة في السياحة الدينية وتبني مشاريع مفيدة وذات اثر اجتماعي ومرود اقتصادي جيد لكل عتبة. مع الأخذ بنظر الاعتبار أن يتم ترتيب المشروعات الاستثمارية وفقا للأولويات الإسلامية فالضروريات أولا ثم الحاجيات الأساسية ثم التحسينات وذلك حسب احتياجات المجتمع والعتبات المقدسة وزائريها والمدن الإسلامية التي تحتضنها وتجنب توظيف الأموال في مجال الكماليات.

10-  تفعيل دور الإعلام من خلال عقد المؤتمرات واللقاءات والبرامج التثقيفية والندوات والاهتمام بتوصياتها ونتائجها. فالأوقاف بصورة عامة والعتبات المقدسة التي تعد من إحدى مصاديقها تتجدد فيها الأحكام بشكل مستمر وتحتاج لآراء العلماء ومراجع الدين وتتجدد صيغ الاستثمار لأموالها وتحتاج إلى آراء الخبراء والمتخصصين في شؤون الاستثمار وبشكل مستمر ووجود إعلام متميز من شانه أن يساهم في اطلاع المختصين على ما يجري من مستجدات ويمكنهم من المساهمة في تقديم ما تقتضيه الضرورة من مشورة في مختلف المجالات.  

11- استحصال إذن شرعي عام من مراجع الدين قبل البدء بالاستثمار تطبيقا لأحكام قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة، والسعي لاستثمار كافة أموال الوقف والعتبات مع مراعاة الضوابط الشرعية الواردة في الفتاوى والتوصيات بهذا الشأن والتقيد بالاستثمار في الطيبات والحلال والتزام مبدأ العدل ونبذ الظلم في التعامل ومنع الإكراه والغبن والبخس والمماطلة والربا والاحتكار والمنافسة والرشوة واجتناب كل ما يضر بالمنافسين وهذا يقود إلى القضاء على كل المعاملات التي تلحق أضرار بالمجتمع وتمثل عائقاً أمام النمو الاستثماري وإيجاد استثمارات حقيقية ذات فعالية عالية وكفاءة.

وفي الختام فإنني لا ادعي الكمال لان الكمال لله جل وعلا وحده، وما كتبته إن كنت قد أصبت به الحق فما ذلك إلا تسديد من قبل الله تعالى وان لم أوفق لتغطية كافة جوانب الموضوع فان مشاركتي في البحث في موضوع العتبات المقدسة هي ذاتها شرف لي اسأل الله أن ينعم علي برضاه وعفوه وان يجزل لي  ولأساتذتي ولكل من شجعني وساعدني الأجر وان يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، انه ولي التوفيق . والحمد لله رب العالمين

قائمة المصادر والمراجع

  • ·القران الكريم

أولا: المعاجم اللغوية

  1. د. إبراهيم أنيس، المعجم الوسيط، ج1 أمواج للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط2، 1987.
  2. أحمد بن محمد بن علي المقري، المصباح المنير، دار النشر، المكتبة العلمية،ج 1 بدون سنة طبع.
  3. بطرس البستاني، محيط المحيط للبستاني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2009.
  4. أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا- معجم مقاييس اللغة- تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون، ج4 دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع- 1399هـ/1979م.
  5. الصاحب بن عباد الطالقاني، المحيط في اللغة، المجلد الثالث، تحقيق محمد عثمان، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان، ط1سنة 2010.
  6. فخر الدين الطريحي،مجمع البحرين، مكتبة النشر الثقافية الإسلامية، قم المقدسة، إيران، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، 1408هـ.
  7. أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب، ج4، دار الكتب العالمية، بيروت، لبنان، ط1، 1426 هـ – 2005 م
  8. د. إبراهيم شحاتة، معاملة الاستثمارات الأجنبية في مصر، دار النهضة العربية ،ط1، 1972.
  9. احمد بن علي بن حجر العسقلاني, فتح الباري بشرح صحيح البخاري ,ج3, دار الريان للتراث، القاهرة، مصر،ط2، 1987.
  10. ابو اسحق ابراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، المهذب في فقه الامام الشافعي، تحقيق د. محمد الزحيلي، دار القلم، دمشق، ج1، بدون سنة طبع.
  11. أحمد زكريا وحيد، دليلك إلى العمل المصرفي، دار البراق، ط1، حلب، سوريا، 2010.
  12. أحمد بن علي الرازي الجصاص, أحكام القران، تحقيق محمد الصادق قمجاوي.  ,ج3, دار إحياء التراث العرابي, بيروت، لبنان ,1405هـ.
  13. ابو البركات احمد بن محمد بن احمد الدردير العدوي، الشرح الصغير، تحقيق مصطفى كمال وصفي، ج13، دار المعارف، بيروت، لبنان، بدون سنة طبع.
  14. احمد محمد السعد ومحمد علي العمري، الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي، إصدارات الأمانة العامة للأوقاف في الكويت، ط1، 2000.
  15. د. أسامة الفولي و د . زينب عوض الله، مبادئ الاقتصاد السياسي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2005.
  16. د.إيناس ظافر الراميني، المؤسسات المالية المحلية والدولية. ط1، دار المسيرة، عمان، الأردن، 2009.
  17. جعفر بن محمد بن قولويه، كامل الزيارات، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، ط1،1403 هـ – 1983م.
  18. جعفر الخليلي، موسوعة العتبات المقدسة، مؤسسة الأعلمي، ط2، 1407 هـ  1987م ج1.
  19. د. جعفر الفضلي و د.منذر الفضل، المدخل للعلوم القانونية، جامعة الموصل-دار الكتب للطباعة والنشر، ط1 1987.
  20. جعفر كاشف الغطاء، شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، منشورات مؤسسة كاشف الغطاء العامة، النجف الأشرف، 1420هــ 1999م.
  21. جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، منشورات مؤسسة كاشف الغطاء العامة،النجف الأشرف،1422هـ ـ2001م.
  22. د .جلال إبراهيم العيد وآخرون ،أسواق المال و المؤسسات المالية، الدار الجامعية، مصر، ط1، 2000.
  23. ابن أبي جمهور الإحسائي، عوالي اللآلئ، ج 3، تحقيق الشيخ مجتبى العراقي، ط1، قم المقدسة ـ إيران، ١٤٠٥ – ١٩٨٥.
  24. أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين ج3, ط1,القاهرة, مؤسسة الأهرام, 1408 هـ -1988م.
  25. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، إحياء علوم الدين، كتاب آداب الكسب ج 2، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، 2002 م.
  26. أبو حامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، تحقيق د. محمد سليمان الأشقر، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 1417هـ ـ1997 م.
  27. نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري، غرائب القرآن ورغائب الفرقان، ج15، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1416.
  28. الحسن بن يوسف الملقب بالعلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج2، منشورات المكتبة الرضوية لإحياء الآثار، قم المقدسة، بلا سنة طبع.
  29. الحسن بن يوسف المعروف بالعلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية،ج4، ط1، مطبعة اعتماد، قم المقدسة، 1420هـ.
  30. حسن الجواهري، بحث في الفقه المعاصر، مطبعة معراج، قم المقدسة، ج4، ط1، 1422 هـ.
  31. حسن رضا، أحكام الأوقاف، ط 2، مطبعة النفيض الأهلية، بغداد، 1938.
  32. أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الحاوي الكبير، تحقيق: د. محمود مطرجي، ج8، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1414هـ – 1994 م.
  33. د.حسن يوسف داود، الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية ، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1996.
  34. د.حسين عمر ـ موسوعة المصطلحة الاقتصادية، القاهرة، دار الفكر العربي، ط4 1992 م
  35. حيدر حب الله، بحوث في الفقه الزراعي تقرير لأبحاث السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، دائرة معارف الفقه الإسلامي، قم المقدسة إيران ، ط1، 2005.
  36. خان زاد, منهاج اليقين على أدب الدنيا والدين, مطبعة محمود بك, القاهرة, 1328هجري.
  37. أبو القاسم الخوئي، صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات، المعاملات، مسائل في النذور، مطبعة سلمان الفارسي، قم المقدسة، ط1، 1416هـ – 1996 م
  38. أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين، مطبعة الديواني، بغداد، ط29،ج 2 ، 1410 هـ.
  39. دليل المصطلحات الفقهية الاقتصادية، إعداد بيت التمويل الكويتي، الكويت، ط1، 1412هـــ – 1992م.
  40. د. رفيق يونس المصري، الأوقاف فقها واقتصادا، دار المكتبي للطباعة والنشر، سوريا، دمشق ط 1، 1999.
  41. د.رمضان أبو السعود، النظرية العامة للالتزام، الدار الجامعية، الإسكندرية 2002م
  42. روح الله الخميني، تحرير الوسيلة، ج2، ط2، دار التعارف، بيروت، لبنان، 1424.
  43. زهدي يكن، الوقف في الشريعة والقانون، بيروت، دار النهضة العربية، 1388ﻫ-1968م.
  44. زين الدين بن علي الملقب بالشهيد الثاني مسالك الإفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، مؤسسة المعرف الإسلامية، بيروت، لبنان، ط1، 1413هـ، ج11.
  45. زين الدين بن علي الملقب بالشهيد الثاني الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، ج3، منشورات جامعة النجف الدينية، مطبعة الآداب، النجف الاشرف، بدون سنة طبع.
  46. سعيد حوي ـ الإسلام، الجزائر ـ شركة الشهاب ـ ط2 ـ 1988 م.
  47. سليم رستم، شرح مجلة الأحكام العدلية ج 1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان ط1، 2010
  48. د. سميحة القليوبي ، الملكية الصناعية ، ط2 ، دار النهضة العربية ، 1998 القاهرة.
  49. سيد قطب، في ظلال القران ج 4، بيروت لبنان، دار الشروق، ط 10 سنة 1982 ص 1918.
  50. شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي، الإقناع لطالب الانتفاع، ترجمة وتحقيق احمد فتحي عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، المجلد الأول، ط1، 2004 بيروت لبنان
  51. شمس الدين محمد بن احمد الخطيب الشربيني المصري، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج ، ج2، ط1، دار إحياء التراث العربي ،بيروت، 1958.
  52. د. شوقي دنيا، تمويل التنمية في الاقتصاد الإسلامي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1984م
  53. د . صلاح نامق، محددات التنمية، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر،ط1،1971.
  54. عامر محمود الكسواني، الملكية الفكرية ماهيتها. مفرداتها. طرق حمايتها. دار الجيب للنشر، بدون سنة طبع، عمان، 1998.
  55. عبد الأعلى الموسوي السبزواري، مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، الجزء 22، مطبعة الآداب، النجف الأشرف،1977م.
  56. عبد الباقي البكري وزهير البشير، المدخل لدراسة القانون، جامعة بغداد، بيت الحكمة، 1979.
  57. عبد الحميد الكتاني, التراتيب الإدارية, دار إحياء التراث العربي, بيروت، دون سنة طبع.
  58. د.عبد الرزاق احمد السنهوري،الوسيط في شرح القانون المدني، ج5،و8 ، ط3 منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،لبنان.2008.
  59. د.عبد الستار إلهيتي، الوقف ودوره في التنمية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ط1، 1998.
  60. د .عبد العزيز شرف، المدخل إلى وسائل الإعلام،  دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع 1989.
  61. د. عبد العزيز عامر، المدخل لدارسة القانون المقارن بالفقه الإسلامي- نظرية القانون، دار الغريب للطباعة والنشر والتوزيع, القاهرة، مصر، ط1، 1977.
  62. عبدالعزيزالطرابلسيّ المعروف بالقاضي ابن البراج ، المهذب، مؤسسة النشر الاسلامي، قم المقدسة، ط1، 1406هـ.
  63. عبد الفتاح عبد السلام ، محمد صالح الحناوي، المؤسسات المالية (البورصة، البنوك التجارية) الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، 1997.
  64. د . عبد الفتاح مراد، موسوعة الاستثمار، ، ط1،  دار الجامعة، الاسكندرية، 1997.
  65. ابو البركات عبد الله بن احمد النسفي، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، تحقيق مروان الشعار، ج2، ط1، دار النفائس ، بيروت – لبنان، 1996 م.
  66. د.عبد الله بن بيه، أعمال المصلحة في الوقف. مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان بدون سنة طبع.
  67. د . عبد الله عبد الكريم عبد الله، ضمانات الاستثمار في الدول العربية، دراسة قانونية مقارنة، دار الثقافة، عمان، ط1، 2008.
  68. د .عبد المجيد القاضي، مبادئ المالية العامة، الدار الجامعي المصرية، الإسكندرية، 1984،
  69. د.عبد المنعم فرج الصدة، أصول القانون، دار النهضة العربية للطبع، ط1،
  70. عبد الوهاب يوسف احمد، التمويل وإدارة المؤسسات المالية، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2008.
  71. د.عدنان احمد ولي، في القانون الزراعي العراقي، دار الحكمة ،ج 1، الموصل، 1999
  72. د. عزت عبد العزيز الخياط، الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ط1، عمان، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون والمؤسسات الإسلامية، 1971
  73. علي أحمد السالوس، موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي، الدوحة، مؤسسة الريان، ط7،  2005.
  74. أبو الحسن, علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني،دار الفكر – بيروت ، لبنان، 1994ج2 ص 210.  
  75. علي بن حسان التقي الهندي, كنز العمال, ج3, دار اللواء, الرياض, 1979م.
  76. علي بن محمد بن علي الجرجاني ، التعريفات مكتبة لبنان ، بيروت، ط4، 1985.
  77. ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، تحقيق الدكتور احمد مبارك البغدادي، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت ، لبنان ، 1409.
  78. د. الدكتور على حسن يونس، الوسيط في الشركات التجارية، دار الفكر العربي، ط1، 1960.
  79. علي الحسيني السيستاني، مناسك الحج، مطبعة شهيد، قم المقدسة، ط1 1413 هـ – 1993.
  80. علي الحسيني السيستاني ، منهاج الصالحين ، ط1 ، ج3،مطبعة مهر ، قم المقدسة، 1414هـ.
  81. علي الطباطبائي، رياض المسائل، مطبعة دار الهادي، بيروت، لبنان، ج6، ط1، 1992هـ.
  82. د. علي محمد حسنين، الرقابة الإدارية في الإسلام المبدأ والتطبيق، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط 1، 1985.
  83. عمر مسقاوي، محاضرات في الوقف ومؤسسات الوقف في الشريعة والقانون والاجتهاد اللبناني، المؤسسة الحديثة للكتاب ، ط1، بيروت، لبنان، 2011.
  84. د .عوف محمود الكفراوي، الرقابة المالية النظرية والتطبيق، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط1، 1998.
  85. د .عوني محمد الفخري، التنظيم القانوني للشركات متعددة الجنسية والعولمة، بيت الحكمة، بغداد، ط1، 2002م.

ثانيا: الكتب

                                                         -أ-

– ب-

– ح –

– خ –

– د –

– ر –

– ز –

– س –

– ش –

– ص –

– ع –

         ف –

  1. د.فادي محمد الرفاعي، المصارف الإسلامية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ط1 2004.
  2. د.فتحي السيد لاشي، الفوائد البنكية بين الربا والربح، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2003.
  3. د.فتحي الدريني ،الحق ومدى سلطان الدولة في تنفيذه، مؤسسة الرسالة، ط3، 1984.
  4. د.فريد راغب النجار، أسواق المال والمؤسسات المالية، دار الجامعة، الإسكندرية، مصر، 2009.
  5. د.فهمي محمود شكري، الرقابة المالية العليا ، مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من  الدول الأجنبية، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع،عمان، الأردن، 1988 ط 1 ص 17.
  6. د. فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري،  ج3، دار الثقافة، الأردن، ط2، 1996.
  7. كاظم اليزدي، العروة الوثقى، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، ج6، ط1، 1417.
  8. د. مجيد الصائغ، المعاملات والأحكام الشرعية، دار الهدى، بيروت بدون سنة الطبع.
  9. محمد احمد فرج السنهوري، مجموعة القوانين المختارة في الفقه الإسلامية، الجزء الثالث في قانون الوقف (القاهرة: مطبعة مصر، 1368هـ 1949.
  10. محمد إسحاق الفياض، المصارف من وجهة النظر الإسلامية، دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، بدون سنة طبع.
  11. محمد إسماعيل، اقتصاديات الصناعة والتصنيع مع اهتمام خاص بدراسة الجدوى الاقتصادية، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، ط1، 1992.
  12. محمد باقر الصدر، البنك اللاربوي في الإسلام، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان،ط1، 1995.
  13. محمد باقر الصدر، اقتصادنا، ط1، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1991م.
  14. ابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن، ج4، ط1، دار احياء التراث العربي،  1985، بيروت، لبنان.
  15. ابو الوليد محمد بن احمد القرضي الشهير بابن رشد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الحديث، القاهرة، بدون سنة طبع، ج 2، مطبعة الحلبي، بيروت.
  16. محمد بن أمين بن عابدين رد المحتار على الدر المختار، ج 3، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط1 1987.
  17. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل أي القران (تفسير الطبري)، ج15، ط4، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت لبنان.
  18. محمد بن جمال الدين مكي الملقب بالشهيد الأول، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، مطبعة ستارة، قم المقدسة، ج3، ط1، 1419 هـ.
  19. محمد بن جمال الملقب بالشهيد الأول، غاية المراد في شرح نكت الإرشاد مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي قم المقدسة، ج3، ط1، 1420هـ-2000م.
  20. محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام، ج 27، ط2، دار الكتب الاسلامية، طهران، 1407هـ،
  21. محمد بن الحسن الملقب بالحر العاملي، وسائل الشيعة في تحصيل الشريعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج1 و 13،  ط4، 1391هـ .
  22. ابو جعفر محمد بن الحسن بن علي الملقب بالشيخ الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، ط1، مطبعة قدس محمدي ، قم المقدسة، بدون سنة طبع.
  23. أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، باب الوقوف والصدقات، مؤسسة الأعلمي، بيروت-لبنان، ط1، ج 9، 1426هـ – 2005 م.
  24. محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين، ج2، ط3،2004،  مطبعة دار الهلال، بيروت، لبنان.
  25. محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي, مشكاة المصابيح,ج1, تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي, بيروت, ط3، 1405 هجري -1985 م.
  26. محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه،ج3، مؤسسة الأعلمي ، بيروت- لبنان ،ط 1،1426هـ -2005م.
  27. محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق، معاني الأخبار، دار المعرفة  للطباعة والنشر. بيروت، لبنان، 1399هـ.
  28. محمد بن علي الطباطبائي  مناهل الفقه، كتاب النذر المكتبة الإسلامية، طهران  طبعة حجرية بدون سنة طبع.
  29. محمد بن علي بن محمد الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ج1، ط1، 1423هـ – 2004.
  30. محمد بن مكي الملقب بالشهيد الأول اللمعة الدمشقية، كتاب الوقف, منشورات دار الفكر، قم المقدسة، ط1، 1411هـ- 1991م.
  31. محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد، المقنعة، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، ط2،1410هـ-1990م.
  32. محمد بن منصور الملقب بابن إدريس الحلي، كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، ج3و4، ط2، 1410 هـ.
  33. محمد بن يعقوب الكليني، كتاب فروع الكافي ج 4، منشورات الفجر، بيروت، لبنان.2012.
  34. محمد جواد مغنية، الأحوال الشخصية، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط1، 1964.
  35. محمد جواد مغنية ، فقه الأمام جعفر الصادق عرض واستدلال، دار مكتبة الهلال، بيروت، لبنان، ، ط 5، ج 4، 1984.
  36. محمد حسن البجنوردي، القواعد الفقهية ، تحقيق مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي، منشورات دليل ما، إيران، قم الطبعة الثالثة، ج4.
  37. محمد حسين فضل الله، من وحي القرآن، ج23دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط2، 1998.
  38.  محمد رضا الموسوي الكلبايكاني، هدية العباد، ج2، دار القران الكريم، قم المقدسة، إيران. بدون سنة طبع.
  39. د. محمد السيد سرايا، الاتجاهات الحديثة في مجال الرقابة، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، ط1، 1986.
  40. محمد صاحب المدارك العاملي نهاية المرام الطبعة الأولى مؤسسة النشر الإسلامي قم المقدسة، ط1، 1413هـ-1993م، ج2.
  41. محمد صادق الكرباسي، شريعة الوقف، بيت العلم للنابهين،  بيروت، لبنان،ط1، 2011.
  42. د .محمد صالح الواشي، اقتصاديات النقود والبنوك والمؤسسات المالية، ط1، إثراء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2009.
  43. محمد عبد المنعم الجمال، موسوعة الاقتصاد الإسلامي، مصر، مطبعة النهضة ط2،1986م.
  44. د . محمد عبيد الكبيسي، أحكام الوقف في الشريعة الاسلامية، مطبعة الارشاد، بغداد، ج2، ط1، 1397هـ- 1977.
  45. د . محمد علي حلمي مراد، أصول الاقتصاد، ج 1 ، مطبعة نهضة مصر، 1956.
  46. محمد غانم ،الاستثمار في الاقتصاد السياسي والإسلامي وتشريعات واتفاقيات الاستثمار، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ، ط1، 2011.
  47. د.محمد كمال عطية، محاسبة الشركات والمصارف في النظم الإسلامية، القاهرة، ط1، 1984.
  48. محمد قدري باشا، قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 2007.
  49. محمد قدري باشا، مرشد الحيران، ط1،دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2011.
  50. محمد محمد صادق الصدر كتاب فقه المجتمع، مؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية، النجف الاشرف، بدون سنة طبع.
  51. د. محمد ناجي عطية، المشكلات والتحديات المعاصرة التي تواجه المنظمات الخيرية، دراسة ميدانية، مؤسسة الاسلام اليوم، الكويت، ط1، 2013.
  52. د. محمد هيكل، مهارات وإدارة المشروعات الصغيرة، مجموعة النيل العربية، القاهرة، ط1، 2003.
  53. محمد يونس محمد و د. عبد المنعم محمد مبارك، أساسيات علم الاقتصاد، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، بدون سنة طبع.
  54. د.محمود سامي جمال الدين ، الرقابة على أعمال الإدارة، مؤسسة دار الكويت. ط1، 1992.
  55. د. محمود محمد الداغر، الأسواق المالية ( مؤسسات، أوراق، بور صات ) دار الشروق للنشر والتوزيع عمان، الأردن، ط1، 2005.
  56. محمود الهاشمي الشاهرودي، كتاب الإجارة، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، قم، إيران، ج 1، ط 1  سنة 2003.
  57. د .محي عبد الغني أبو الفتوح، أسس وإجراءات دراسات جدوى المشروعات، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2003 م .
  58. أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي، المجموع، ج 15،دار الفكر، بيروت، لبنان، بدون سنة طبع.
  59. الشيخ مرتضى الأنصاري، كتاب المكاسب تحقيق مجمع الفكر الاسلامي، مؤسسة الهادي ، قم المقدسة ط1، 1417هـ – 1997م.
  60. مسعود الكاساني الحنفي الشيرازي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، 6، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1402 هـ – 1982م.
  61. مصطفى احمد الزرقا، المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الاسلامي، ج 3، الدار الشامية للنشر والتوزيع، دمشق، 1999.
  62. د . مصطفى زيد، المصلحة في التشريع الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ط2، 1384هـ.
  63. د. منذر قحف، الوقف الإسلامي المعاصر، دار الفكر، دمشق، ط1، 1421هـ -2000م.
  64. مهدي بحر العلوم، الدرة النجفية، مطبعة أمير، قم المقدسة، ط2، 1414هـ ، 1994م.
  65. د. نادرة محمود سالم، الوجيز في أحكام القانون التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2003.
  66. د نبيل إبراهيم، المدخل إلى القانون، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط1، 1995.
  67. أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، مؤسسة المعارف الإسلامية إيران 1305 هـ – 1974م .
  68. د. نزيه حماد، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء، الدار العالمية للكتاب الاسلامي، ط3، 1415هـ – 1995م.
  69. وحيد الدين سوار ـ التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي ـ الجزائر ـ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ط3، 1979 م.
  70. د. وليدا صالح عبد العزيز، حوافز الاستثمار وفقا لأحدث التشريعات الاقتصادية.دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط1، 2004.
  71. د. وهبة الزحيلي الفقه الإسلامي وأدلته ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع سوريا، دمشق، ج4، ط5، هـ – 1985 م.
  72. يوسف البحراني الملقب بالمحقق البحراني، الحدائق الناظرة، مطبعة دار الأضواء، بيروت، ج3و 31، ط3، 1993م.
  73. صحيح البخاري ، تحقيق احمد محمد شاكر، ج 5،، ط1، دار احياء التراث العربي، بيروت ، لبنان. بدون سنة طبع.
  74. صحيح مسلم شرح النووي ،ج6،  ط2، ، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1406هـ- 1985م.
  75. نشرة عن المصطلحات المصرفية الإسلامية، تصدر عن مصرف الجزيرة، مسحوبة عن طريق الانترنيت، 2002.
  76. نهج  البلاغة، جمع الشريف الرضي، تحقيق وشرح محمد عبدة، مطبعة النهضة، قم المقدسة، ج4، ط1، 1412 هـ – 1992 م.
  77. مجموعة من الباحثين، القيادة والإدارة في عصر المعلومات، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ط 1، 2001.
  78. الموسوعة الفقهية الكويتية، صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، ط2     من سنة 1404-1427 هـ .
  79. احمد عبد الغفور مصطفى العليان، الرقابة الشرعية على أعمال المصارف الإسلامية، رسالة ماجستير منشوره، كلية الدراسات العليا جامع النجاح الوطنية – فلسطين – 2007
  80. د. حيدر السهلاني، فقه العتبات المقدسة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الفقه جامعة الكوفة، منشورات العتبة العلوية المقدسة، مكتبة الروضة العلوية ، ط1، 2008
  81. د. صفوت عبد الحفيظ، دور الاستثمار الأجنبي في تطوير أحكام القانون الدولي الخاص، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق في جامعة عين شمس، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2005.
  82. د . علاء عزيز حميد الجبوري، عقد الترخيص (دراسة قانونية)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين، 1420هـ، 1999م.
  83. لينا محمد إبراهيم الخماش، البنوك الإسلامية بين التشريع الضريبي والزكاة، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا جامعة النجاح الوطنية – فلسطين 2007.
  84. د . محمد رسول المعموري، الرقابة المالية العليا،اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق في جامعة  دمشق, 2003
  85. منى محمود ادلبي، سياسة الحوافز الضريبية وأثرها في توجيه الاستثمارات في الدول النامية، أطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامع القاهرة، 2006.
  86. د .نوري عبد الرسول الخاقاني، المصرفية الإسلامية، الأسس النظرية ومشاكل التطبيق، أطروحة دكتوراه في الاقتصاد، جامعة الكوفة،  2002
  87. أحمد أبو حمور، التنمية الصناعية في الأردن، مؤشراتها، مستقبلها، ودور الحكومة فيها – مجلة العمل – العدد – 46 – عمان – 1989
  88. أحمد مصطفى عفيفي، معايير استثمار الأموال في الإسلام، مقال منشور في مجلة الاقتصاد الإسلامي الصادرة عن بنك دبي الإسلامي العدد 180، سنة 1995.
  89. د.احمد عبد العزيز الحداد، بحث مقدم إلى مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي، مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الخامسة عشرة، المنعقد في جدة بعنوان الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه في 6 – 11 / 3 / 2004.
  90. د . أنس الزرقا، الوسائلالحديثة للتمويل والاستثمار، بحث مقدم لندوةإدارة وتثمير ممتلكات الأوقاف. المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب 1415هـ.
  91. د.حسين حسين شحاتة، استثمار أموال الوقف بحث منشور في مجلة أوقاف، السنة الثالثة، العدد 6، ربيع الآخر 1425 هـ – حزيران 2004 م
  92. د. حسين شحاتة ، المنهج الإسلامي لتحقيق الأمن والتنمية ، الحلقة الثامنة ، مجلة الاقتصاد الإسلامي ، بنك دبي الإسلامي  ، العدد 106 ـ ابريل ـ 1990 م
  93. د . حسين حسين شحاتة ،منهج وأساليب إدارة أموال المؤسسات الوقفية، بحث مقدم الى مجمع الفقه الاسلامي.
  94. حسين موسى راغب ـ القيم والمعتقدات الإسلامية وآثرها على السياسات والقرارات التسويقية ـ بحث مقدم لندوة الإدارة في الإسلام المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب ـ البنك الإسلامي للتنمية ـ جدة ـ ط2 ـ 2001 م .
  95. خالدي بو جحيش وآخرون . دور الأدوات الاستثمارية الإسلامية في حل مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية، الملتقى الدولي الأول حول الاقتصاد الإسلامي الواقع ورهانات المستقبل، جامعة غرداية، الجزائر للفترة من  23-24/2/2011 ص 45.
  96. خليل مولاي، التامين التكافلي الإسلامي، الواقع والأفاق، بحث مقدم الى الملتقى الدولي الأول حول الاقتصاد الإسلامي الواضع ورهانات المستقبل ، جامعة غرداية 23-24 فبراير 2011.
  97. خميس بن أحمد بن سعيد السلماني، وسائل تنمية أموال الأوقاف وزيادة مواردها، بحث مقدم للدورة الخامسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي، مسقط 6/3/2004م.
  98. رفعت العوض، ضوابط الاستثمار في المنهج الإسلامي، بحث منشور في مجلة البنوك الإسلامية، القاهرة، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، العدد 21 سنة 1981
  99. د. رمضان الشراح، البنوك الإسلامية و البنوك الشاملة ودورها في التنمية الشاملة، مجلة الكويت الاقتصادية، العدد 7، السنة الثامنة، 2004.
  100. د. سامي حسن حمود، تطبيقات بيوع المرابحة للآمر بالشراء من الاستثمار البسيط إلى بناء سوق رأس المال الإسلامي مع اختيار تجربة مصرف البركة في البحرين نموذجاً عملياً، بحث مقدم إلى ندوة خطة الاستثمار في المصارف الإسلامية،1997.
  101. د.سامي محمد الصلاحات، التجربة الوقفية في دولة الإمارات، إمارة الشارقة أنموذجا1996-2002م مجلة أوقاف، العدد 5، السنة الثالثة، شعبان 1424.
  102. د.سامي محمد الصلاحات، دور الوقف الإسلامي في مجال التعليم والثقافة للجمعيات العربية الإسلامية المعاصرة ، دولة ماليزيا أنموذجا، مجلة الاقتصادالإسلامي، العدد 2، جامعة الملك عبد العزيز، 2005.
  103. سعد الدين الشريف وآخرون، الرقابة الانتقائية وكيفية اختيار العينات الانتقائية، مجلة الرقابة المالية، السنة  الثانية، كانون الأول، 1983.
  104. صهيب حسن، المعاملات الإسلامية للمسلمين في أوربا، بحث مقدم الى الدورة الثانية عشر للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث دبلن – ايرلندا 2008.
  105. د. علي محي الدين القرة داغي، تنمية موارد لوقف والمحافظة عليها، (دراسة مقارنة)، مجلة أوقاف العدد 7، السنة الرابعة ، شوال 1425هـ –  2004.
  106. د : فداد العياشي، استثمار أموال الوقف، بحث مقدم للدورة الخامسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، 1424هـ.
  107. كمال الزيدان، الكيفية التي تنشأ عليها المشاريع الصغيرة- مجلة العمل – العدد -63- 65 عمان – 1994 .
  108. نزيه حماد، أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها، بحث مقدم لندوة (نحو دور تنموي للوقف)، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ، الكويت،  1993 م، ص 17 .
  109. د . محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة من الناحية القانونية، مجلة القانون والاقتصاد، عدد (1و2) القاهرة،1977.
  110. محمد أبو السعود، الاستثمار الإسلامي في العصر الراهن، بحث منشور في مجلة المسلم المعاصر، العدد الثامن، لبنان، بيروت، 1981.
  111. د. محمد أبو الليل، اثر الاجتهاد في تطوير أحكام الوقف، بحث مقدم إلى ندوة الوقف الإسلامي، 1997
  112. محمد أنس الزرقا، قواعد المبادلات في الفقه الإسلامي، مقدمة للاقتصاديين، مجلة الاقتصاد الإسلامي الصادرة  في  لندن العدد (2)، المجلد (1)، 1991 م.
  113. د محمد رأفت عثمان، الوقف وأثره في التنمية، بحث مشارك في ندوة الوقف الإسلامي في جدة عام 1997.
  114. د . محمد عبد الحليم عمر ،الاستثمار في الوقف وفي غلاته وفي ريعه، مقدم إلى الدورة الخامسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقدة بمسقط (سلطنة عمان) 9 – 11/3/2004م.
  115. د . محمد عبد الحليم عمر، الاستثمار في الوقف وفي غلاته وفي ريعه، بحث مقدم لمجمع الفقه الاسلامي، الدورة 15، مسقط 6/3/2003م.
  116. د. محمد عبد الله و عز الدين توني، د. خالد شعيب المصطلحات الوقفية، الصندوق الوقفي للثقافة والفكر بحث منشور ضمن سلسلة إصدارات الأمانة العامة للأوقاف الكويت 1996.
  117.  محمد عبد ناصر الساعدي، سوانح ومداخلات في فقه الوقف وطرق استثماره مقارنة بين التجربتين العراقية والمصرية بحث مقدم إلى ديوان الوقف الشيعي سنة 2011 بغداد.
  118. د. محمد عبيد الكبيسي، الوقف بين الاستبدال والتأبيد، بحث منشور في مجلة كلية الأمام الأعظم-  بغداد، العدد الأول، مطبعة سلمان الاعظمي- بغداد، 1392هـ-1972م.
  119.  د . محمد علي الليثي، دور الموارد البشرية في الإنماء الاقتصادي، بحث منشور في مجلة كلية التجارة، جامعة الإسكندرية ، العدد الأول ، سنة 1977.
  120. د. محمد طموم، الشخصية الاعتبارية في الشريعة الإسلامية، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة تصدرها كلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت، العدد الأول،السنة الثانية، 1978م.
  121. د.محمد فيصل أل سعود، البنوك و التأمين في الإسلام، الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، القاهرة 1979 مجلة البنوك الإسلامية، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ع6، شعبان 1399 هـ– يوليو 1979م.
  122. محمود احمد أبو الليل ومحمد عبد الرحيم سلطان العلماء، الاستثمار في موارد الوقف وغلاته، بحث مقدم إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الخامسة عشرة المنعقد في جدة للفترة من 6-11/ 3/ 2004.
  123. الشيخ مرتضى الترابي، المشاركة المتناقصة صورها وأحكامها، بحث منشور في مجلة فقه أهل البيت، السنة العاشرة، العدد 37، 2005.
  124. د. مسلم اليوسف، بيع تلقي الركبان في الفقه الإسلامي، بحث منشور في المجلة الإسلامية، العدد 3، معهد المعارف، سوريا، حلب.
  125. د. مسلم اليوسف، بيع تلقي النجش في الفقه الإسلامي، بحث منشور في المجلة الإسلامية، العدد 4، معهد المعارف، سوريا، حلب .
  126. مليكة سعد جاد ، الصناعات الصغيرة في الدول المتقدمة والنامية مجلة التنمية الصناعية العربية، العدد – 11 – المملكة العربية السعودية، 1985
  127. د. وهبة الزحيلي، النظام الاقتصادي ومدى ارتباطه بالمنهج الرباني، مجلة الاقتصاد الإسلامي تصدر عن بنك دبي.
  128. موقع على الانترنت.
  129. د.علي محي الدين القرداغي، نظرة تجديدية للوقف واستثماراته، مقال منشور في موقع إسلام أوت لاين  بتاريخ 17 آذار 2003..

– ك –

– م –

– ن –

– و –

– ي –

ثالثا: الرسائل والاطاريح

رابعا: البحوث والدراسات

خامسا : مواقع الانترنت

سادسا: القوانين والأنظمة والتعليمات

  1. دستور جمهورية العراق لسنة 2005
  2. قانون ميزانية الأوقاف (55) لسنة 1927
  3. قانون رسوم الدفنية رقم 24 لسنة 1927
  4. القانون الوقتي للمرافعات الشرعية الصادر عام 1921
  5. قانون إدارة الأوقاف رقم 27 لسنة 1929.
  6. قانون  إدارة الأوقاف العراقي رقم 64 لسنة 1966 وتعديلاته
  7. قانون هيئة إدارة واستثمار أموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993
  8. قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1996
  9. قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الدينية الشريفة رقم 19 لسنة 2005
  10. القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948
  11. قانون أحكام الوقف الليبي رقم 124 لسنة 1972
  12. قانون الأوقاف وشؤون المقدسات الأردني رقم 32 لسنة 2001
  13. القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل
  14. قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لسنة 1971 المعدل
  15. قانون المرافعات عراقي 83 لسنة 1969
  16. قانــون الهيئــة العامة للآثار والتــراث رقــم ( 55 ) لسنة 2002
  17. قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009
  18. قانون ديوان الرقابة المالية رقم 6 لسنة 1990
  19. قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012
  20. قانون التجارة العرقي رقم (30) لسنة (1984)
  21. قانون الاستثمـــار العراقي رقم ( 13 ) لسنة 2006
  22. قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية المعدل رقم 65 لسنة
  23. قانون العلامات والبيانات التجارية المعدل رقم (21) لسنة 1957
  24. قانون الأسماء التجارية رقم ( 25 ) لسنة 1959
  25. قانون دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل رقم 10 لسنة 2012  
  26. قانون ضريبة الدخل رقم (95) لسنة 1959
  27. قانون الإصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970
  28. قانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة 1964
  29. قانون إطفاء حقوق الإجارة الطويلة في العقارات الموقوفة رقم (87) لسنة 1986.
  30. قانون إطفاء حق الحكر رقم 138 لسنة 1960
  31. قانون تنظيم أعمال التأمين الصادر بالأمر رقم (10) لسنة 2005
  32. نظام الطرق والأبنية رقم 44 لسنة 1935
  33. نظام للعتبات المقدسة برقم 25 لسنة 1948
  34. نظـــام العتبات المقدســــة رقم 42 لسنة 1950.
  35. نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969وتعديلاته
  36. نظام المتولين رقم (46) لسنة 1970
  37. نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم 45 لسنة 1969
  38. نظام براءة الاختراع والنماذج الصناعية رقم (21) لسنة 1970
  39. قرار مجلس قيادة الثورة المنحل ( 257 ) في 29/7/1991
  40. قرار مجلس قيادة الثورة المنحل ( 88 ) في 22/6/1998
  41. قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 88 لسنة 1998
  42. قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 227 في 18/2/1978
  43. تعليمات رقم ( 1 ) لسنة 1969 حول تطبيق نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم 45 لسنة 1969
  44. تعليمات رقم (1) لسنة 1970 استبدال العقار الموقوف
  45. تعليمات قانون إطفاء حقوق الإجارة الطويلة في العقارات الموقوفة في 1 / 12 / 1986.
  46. تعليمات ديوان الأوقاف رقم (1) لسنه 1973
  47. تعليمات التصرف بالتبرعات والنذور رقم (1) لسنة 1978
  48. تعليمات رقم (1) لسنة 1993 وقائع 3485 في 22/11/1993
  49. تعليمات رقم (1) لسنة 1994 وقائع 3509 في 9/5/1994
  50. تعليمات ( 5 ) سنة 1994 وقائع 3525 في 29/8/1994
  51. تعليمات رقم (1) لسنة 1996 وقائع 3647 في 12/9/1996
  52. تعليمات الصيرفة الإسلامية في العراق رقم 6 لسنة 2011 عن البنك المركزي العراقي .
  53. تعليمات ديوان التامين الصادرة بموجبه رقم 8 لسنة 2006
  54. أمر سلطة الائتلاف رقم 83 لسنة 2004
  55. مجموعة الأحكام العدلية، العدد الثاني، السنة الثالثة،1977.
  56. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد 5
  57. مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد 10
  58.  النشرة القضائية، العدد الرابع، السنة الخامسة،  
  59. مجلة الروضة الحسينية العدد (  24) صادرة عن قسم الإعلام في العتبة الحسينية المقدسة.

سابعا: المجلات والدوريات


(1) يلاحظ أن المقصود من رأس المال الإنتاجي هو مجموعة الأموال التي يستعملها المنظم للحصول على عناصر الإنتاج والتنسيق فيما بينها للحصول على نتيجة حيث يغطي رأس المال المستثمر مضاف إليه فائض يدعى بالربح.

(1)انظر أبو الحسين احمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، الدار الإسلامية، بيروت، 1990،ج4، مادة عتب. ص343.

(1)انظر جعفر الخليلي، موسوعة العتبات المقدسة، مؤسسة الأعلمي، ط2، 1407 هـ – 1987م ج1، ص 41.

(2)سورة النور الآية 31.

(3) انظر أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب، ج4، دار الكتب العالمية، بيروت، لبنان، ط1، 1426 هـ – 2006 م، مادة (قدس)، ص 443.

(4)جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، انتشارات مهدوي، أصفهان،ج1، بدون سنة طبع، ص 135.

(1)ابن منظور، لسان العرب، مصدر سابق، ج8، مادة شهد، ص 225.

(2)المصدر نفسه، مادة رقد، ص 185.

(3)المصدر نفسه، مادة حضر، ص 115.

(4)المصدر نفسه، ج 7، مادة حرم، ص 98.

(5)علي الحسيني السيستاني، مناسك الحج، مطبعة شهيد، قم المقدسة، ط1، 1413 هـ – 1993 م، ص 139.

(6)سورة العنكبوت الآية 67.

(7) ابن منظور ، لسان العرب، مصدر سابق ، ج8، مادة ضرح، ص 43.

(8)المصدر نفسه، مادة روض، ج4، ص.198

(1)جعفر بن محمد بن قولويه، كامل الزيارات، ط3، مطبعة باقري، قم المقدسة ، 1414هـ، باب زيارة قبر الرسول (ص) حديث رقم 2، ص  253.

(2)د. حيدر السهلاني، فقه العتبات المقدسة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الفقه جامعة الكوفة، ط1، منشورات العتبة العلوية المقدسة، مكتبة الروضة العلوية، 2008، ص 17 .

(3)جعفر الخليلي، المصدر سابق، ص 42.

(1) د. حيدر السهلاني، المصدر السابق، ص 20.

(2) لقد صدر أول نظام للعتبات المقدسة برقم 25 لسنة 1948 بموجب المادة الثانية عشرة المعدلة من قانون إدارة الأوقاف رقم 27 لسنة 1929.

(3) نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 2885 في 19 / 9 / 1950 وعد نافذا من تاريخ النشر.

(4) نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1244 في 14 / 3 / 1966 ودخل حيز النفاذ في 1 / 4 / 1966.

(1) نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1730 في 17 / 5 / 1969 وعد نافذا من تاريخ النشر.

(1) أشار المشرع للعتبة بلفظ المرقد في المادة ( الثالثة / أ / 5 / ثانيا ) من النظام رقم 21 لسنة 1969.

(2أشار المشرع للعتبة بلفظ الضريح المقدس في ( المادة الثانية / د / 7 / ) من النظام رقم 21 لسنة 1969

(3) أشار المشرع للعتبة بلفظ الصحن والأروقة والحرم  في ( المادة الثانية / د / 8 /  ) من النظام  رقم 21 لسنة 1969

(1)نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4013 في 28 / 12 / 2005 وعد نافذا من تاريخ النشر.

  (1)عرفت المادة ( 1 ) من القانون رقم 19 لسنة 2005 المزارات الشيعية الشريفة بأنها العمارات التي تضم مراقد مسلم بن عقيل وميثم التمار وكميل بن زياد والسيد محمد ابن الإمام الهادي ( عليه السلام ) والحمزة الشرقي والحمزة الغربي والقاسم والحر وأولاد مسلم وغيرهم من أولاد الأئمة وأصحابهم والأولياء الكرام من المنتسبين إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام في مختلف أنحاء العراق.

(2)نصت المادة العاشرة من الدستور على أن ( العتبات المقدسة والمقامات الدينية كيانات دينية وحضارية وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها )

(1) محمد بن الحسن الملقب بالحر العاملي وسائل الشيعة في تحصيل أحكام الشريعة، دار إحياء التراث العربي،     بيروت، لبنان، ط4، ج 14 بند 26 حديث (19433) ص 382.

(1)سورة البقرة الآية 191

(1) سورة التين الآية 3

(2) انظر : جعفر بن محمد بن قولويه، المصدر السابق، ص 267 ومن هذه الروايات :

    1) حدثني أبي علي أبن الحسين وجماعة مشايخي رحمهم الله عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف عن أحمد محمد أبن بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط قال : حدثني عبد الله بن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله (علية السلام ) يقول لرجل من موالية ( يا فلان أتزور قبر عبد الله الحسين بن علي (علية السلام ) إلى أن يقول ويحك أما تعلم أن الله اتخذ كربلاء حرما أمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما )

        2) حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط عن عمر بن يزيد بياع السابري عن أبي عبد الله (علية السلام ) قال ( أن أرض الكعبة قالت : من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري ويأتيني الناس من كل فج عميق : وجعلت حرم الله وأمنه فأوحى الله إليها أن كفى وقرى فوعزتي وجلالي ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت به ارض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر ولولا تربة كربلاء ما فضلتك ولولا ما تضمنت أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي افتخرت به فقري واستقري وكوني دنيا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء ولا سخت بك وهويت بك في نار جهنم )

(3)مهدي بحر العلوم، الدرة النجفية، مطبعة أمير، قم المقدسة، ط2، 1414هـ ــ 1994م، ص 100.

(1)سورة الحج الآية 32

(1) للمزيد من التفصيل انظر ملحق رقم (1) فتاوى الفقهاء حول الطبيعة الفقهية للعتبة على أنها وقف. وينظر أيضا         د. حيدر السهلاني، المصدر السابق، ص 101 و ما بعدها.

(2) يراجع قرار محكمة التمييز الاتحادية في العراق المرقم 39 / هيئة عامة أولى / 1972 في 22 / 4 / 1972، النشرة القضائية، العدد الثاني، السنة الثانية، 1974، ص 108، والقرار 171 / مدنية أولى / 77 في 31 / 5 / 1977، منشور في مجموعة الأحكام العدلية، العدد الثاني، السنة الثالثة،1977، ص 79 – 83.

(3)د. محمد عبد الله وآخرون، المصطلحات الوقفية، الصندوق الوقفي للثقافة والفكر، سلسلة إصدارات الأمانة العامة للأوقاف الكويت ، ط1، 1417هـ، ص 96.

(4)د. عزت عبد العزيز الخياط، الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، الطبعة الأولى، عمان، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون والمؤسسات الإسلامية، 1971.ص 53

  (5)محمد احمد فرج السنهوري، مجموعة القوانين المختارة في الفقه الإسلامية، مصدر سابق، ص 823 وزهدي يكن، الوقف في الشريعة والقانون، دار النهضة، لبنان، 1388هـ، ص .14

(1)د. وهبة الزحيلي الفقه الإسلامي وأدلته ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع سوريا، دمشق، ط2،1405 هـ، 1985 م، ج4، ص 11، وينظر كذلك  د. عبد العزيز عامر، المدخل لدارسة القانون المقارن بالفقه الإسلامي، نظرية القانون، ط1، دار الغريب للطباعة والنشر والتوزيع, القاهرة، مصر،1977، ص 137

(1)محمد حسن البجنوردي،القواعد الفقهية، تحقيق مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي، ج4، ط3،منشورات دليل ما، إيران، قم، ص 310.

(2)المادة الرابعة من قانون إدارة الأوقاف رقم 25 لسنة 1966 المعدل.

(3)المادة الأولى من قانون إدارة العتبات الأوقاف رقم 25 لسنة 1966 المعدل.

(4)المادة الخامسة من نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 المعدل

(5)المادة الثالثة عشرة من النظام

(6)المادة الخامسة عشرة من النظام

(1) المادة السادسة والعشرون من النظام

(2)المادة ( 3 ) من القانون رقم 19 لسنة 2005 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4013في 28/12/2005

(3)المادة ( 4 ) من القانون

(4)المادة ( 5 ) من القانون

(5)المواد ( 9 و10 ) من القانون

(1) لسان العرب، مصدر سابق ج 15 ص 357

(2) أحمد بن محمد بن علي المقري، المصباح المنير، دار النشر، المكتبة العلمية، ج 1 ص 782.

(3)علي بن محمد الشريف الجرجاني، التعريفات، مكتبة لبنان، بيروت،ط1، 1978 ص 378.

(4) الموسوعة الفقهية الكويتية، صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، ط 2 من سنة 1404-1427 هـ ص 108.

(5)الصاحب بن عباد الطالقاني، المحيط في اللغة، المجلد الثالث، تحقيق محمد عثمان، دار الكتب العلمية، بيروت،      لبنان، ط1، سنة 2010، ص 296.

(6) نقلاً عن الموسوعة الفقهية الكويتية، مصدر سابق، ج 2، ص 444.

(7) محمد حسين فضل الله، من وحي القرآن، دار الملاك للطباعة والنشر ، بيروت، لبنان، ط2، 1998، ج23، ص:269.

(1)  نقلا عن د . حيدر السهلاني. المصدر السابق، ص 259.

(2)  محمد بن يعقوب الكليني، كتاب فروع الكافي ج 4، منشورات الفجر، بيروت، لبنان، باب ما يهدى إلى الكعبة حديث (2 ) ص 143.

  (3) محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، ط2، 1404هـ  3 باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة حديث 4316. ص 444

(4) للمزيد من التفصيل انظر تعليمات ديوان الأوقاف رقم (1) لسنه 1973 المنشورة بجريدة الوقائع العراقية بالعدد     2215 في 24/1/1973.

(1) تتألف هذه اللجنة من رئيس الوحدة الإدارية (محافظ أو قائممقام كلا حسب موقع العتبة المقدسة) وعضوية قاضي     محكمة الأحوال الشخصية ومدير أوقاف المنطقة وسادن الروضة المقدسة وممثل مجتهد الدين المقلد .

(2)يلاحظ أن الإجراءات المشار إليها تتم خلافا لأحكام نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم 45 لسنة    1969 والذي أكدت المادة الثالثة عشر منه بان إيجار الموقوف وبيع المنقول واستبدال العقار يتم بالمزايدة العلنية     باستثناء حالات معينة أشير إليها في المادة المذكورة، ينظر النظام المنشور في الوقائع العراقية بالعدد 1777 في     14/9/1969 .

(3) للمزيد من التفصيل راجع تعليمات التصرف بالتبرعات والنذور رقم (1) لسنة 1978 المنشورة في جريدة الوقائع     العراقية عدد 2673 في 18/9/1978.

(4) نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية في العدد 2641 في 6/3/1978 وعدل بالقرارين (257 ) في 29/7/1991 وقائع 3366 في 12/8/1991 والقرار (88) في 22/6/1998 وقائع 3728 في 29/6/1998.

(1) نشرت التعليمات في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3379 في 11/11/1991 وعدلت بموجب التعليمات رقم (1)    سنة 1993 وقائع 3485 في 22/11/1993 وتعليمات رقم (1) لسنة 1994 وقائع 3509 في 9/5/1994 وتعليمات رقم(5) لسنة 1994 وقائع 3525 في 29/8/1994 وتعليمات رقم (1) لسنة 1996 وقائع 3647 في 12/9/1996

(2) المرجع المختص هو وزير الأوقاف بحسب المادة (1/ج ) من نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 المعدل .

(3)تلاحظ المادة العشرون من النظام المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1730 في 17 / 5 / 1969.

(1) الحر العاملي، وسائل الشيعة في تحصيل الشريعة، المصدر السابق ج13 كتاب الوقوف والصدقات، ص 292.

(2) أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ج 2، مؤسسة المعارف الإسلامية، إيران 1305 هـ – 1974 م، ص 211.

  (3)زين الدين بن علي الملقب بالشهيد الثاني، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، كتاب الوقف، منشورات جامعة النجف الدينية، مطبعة الآداب، النجف الاشرف، ج3،بدون سنة طبع، ص164.

(4)محمد بن منصور الملقب بابن إدريس الحلي، كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى،ج3 . كتاب الشيعة. مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، ط2، 1410هـ، ج4، ص21.

(5)الحر العاملي، وسائل الشيعة،ج13.مصدر سابق ص 213.

(6)بطرس البستاني، محيط المحيط، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2009مادة سبل، ص 515.

(1) عبد الأعلى الموسوي السبزواري، مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، الجزء 22، مطبعة الآداب، النجف الأشرف،1404 هـ – 1984 م، ص 26-27، ومحمد جواد مغنية،الأحوال الشخصية على المذاهب الخمسة، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، 1964، ص 302.

(2) أبو الحسن علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني،دار الفكر، بيروت، لبنان، 1994ج2 ص 210.  

(3)شمس الدين محمد بن احمد الخطيب الشربيني المصري، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، دار إحياء التراث العربي ،بيروت، 1958 ج2 ص 376 .

  (4) شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي، الإقناع لطالب الانتفاع، ترجمة وتحقيق احمد فتحي عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، المجلد الأول، ط1، 2004 بيروت لبنان، ص 354.

(5) محمد بن أمين بن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج 3، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1980، ص357.

(6)مادة (1) من قانون الوقف الليبي رقم 124 لسنة 1972، منشور في الجريدة الرسمية بعدد 58 في 11 / 12 /1972.

(7) المادة الثانية من قانون الأوقاف وشؤون المقدسات الأردني رقم 32 لسنة 2001، منشور في الجريدة الرسمية       بعدد 4496 في 16 / 7 / 2001.

(1)المادة 1172 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3015 في 8 / 9 / 1951.

(2)إذا رصد أو خصص حق التصرف إلى جهة من الجهات يسمى وقفا غير صحيح. تراجع المادة الأولى /5 من قانون إدارة الأوقاف العراقي رقم 64 لسنة 1966 المعدل منشور في الوقائع العراقية بالعدد 1293 في 31 / 7 / 1966      والمادة 6 / ب من قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لسنة 1971 المعدل منشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1955 في 10 / 5 / 1971.

(3)المادة 6 /أ من قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لسنة 1971 المعدل.

(4)المادة الأولى /4 من قانون إدارة الأوقاف العراقي رقم 64 لسنة 1966 المعدل.

(5)مادة ( 68 / 1 ) من القانون المدني العراقي

(6)مادة ( 130 / 2 ) من القانون المدني العراقي

(7)مادة 1288 / 1 من القانون المدني العراقي

(8)مادة 300 من قانون المرافعات عراقي 83 لسنة 1969

(9)المحقق الحلي، شرائع الإسلام، المصدر السابق، ج2، ص 445

(1)زين الدين بن علي العاملي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، المصدر السابق، ج3، ص 179.

(2) محمد بن جمال الدين مكي الملقب بالشهيد الأول، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء    التراث، مطبعة ستارة، قم المقدسة، ط1، 1419 هـ، ج3 ص 132.

(3) محمد صادق الكرباسي، شريعة الوقف، تقديم وتعليق آية الله الغديري، بيت العلم للنابهين، بيروت، لبنان ص 83.

(4)نصت المادة 17/2 من قانون إدارة العتبات المقدسة و المزارات الشيعية الشريفة على أن ( تكون الموارد المالية     للدائرة مما يأتي 2- عوائد أملاك العتبات والمزارات والأوقاف الخاصة بها ).

(5) يقصد بمصطلح العقر: الحصة ُ العينية ُ الثابتة ُ لصاحب العقر أو من يحل محلَّه قانوناُ في حاصلات الأرض المعقورة     وهو من الحقوق العينية الأصلية المتعلقة بعقار.

(1) نقلاً عن د. حيدر السهلاني ، مصدر سابق، ص 296.

(2)روح الله الخميني، تحرير الوسيلة، ج2، دار التعارف، بيروت، لبنان، ط2، 1424، ص 78.

(3) دلت الروايات عن مطلق الوقف انه ( لا يباع ولا يوهب ولا يورث ) للمزيد من التفصيل ينظر فروع الكافي للكليني، في ما لا يجوز بيعه، حديث، 40 ص 98.

  (4)عبد الأعلى السبزواري ، مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، المصدر السابق، ج 22 ، ص 91.

(1) تلاحظ المادة (1) من قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم (19) سنة 2005 والتي نصت    على أن تؤسس لديوان الوقف الشيعي دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة ، وبموجب المادة ( 3 ) من القانون نفسه فان من أهداف الدائرة المذكورة إدارة وتسيير شؤون العتبات والمزارات والعناية بها ورعايتها     وتطويرها وتوسيعها………..).

(1) للمزيد من التفصيل يلاحظ قانون ميزانية الأوقاف (55) لسنة 1927 المنشور بجريدة الوقائع العراقية بالعدد 553 في 15 حزيران 1927 حيث لم تتعدى الحصة المخصصة للعتبات المقدسة الرواتب ومصاريف المحاكمات وفقرة أخرى تخص المصاريف المختلفة.

(2) يلاحظ أن الدفن في العتبات المقدسة وما حولها من صحن وأروقة كان جائزا بموجب نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 وكان رسم الدفن في العتبات المقدسة كانت تستوفى في حينها بموجب قانون رسوم الدفنية رقم 24 لسنة 1927 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 533 فـــــي 21 / 3 / 1927 وبصدور قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 نصت المادة (  19  ) منه على أن ( يمنع الدفن في العتبات والمزارات إلا في حالات خاصة وبموافقة الأمين العام ورئيس ديوان الوقف الشيعي ).

(3) تلاحظ المادة الخامسة من قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966 المعدل وقرار مجلس قيادة الثورة    المنحل رقم 88 لسنة 1998 المنشور في جريدة الوقائع العراقية رقم 3728 في 29/6/1998 الذي عدل نص    الفقرة ( 3 ) من قرار رقم 227 في 18/2/1978 حيث خصص 20 % من التبرعات والنذور لإجراء تعميرات في العتبة والصرف على تأثيثها و 20 % أخرى للصرف على شؤون العتبة العامة.

(4) مقتبس بتصرف من تحقيق صحفي عن عوائد الضريح المقدس نشرته مجلة الروضة الحسينية العدد (  24) صادرة عن قسم الإعلام في العتبة الحسينية المقدسة.

(1)بموجب المادة (4) من قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 يعين لكل عتبة أمين عام بأمر من رئيس ديوان الوقف الشيعي بعد موافقة المرجع الديني الأعلى وبمقتضى المادة (96 ) من القانون نفسه فان لكل عتبة مجلس إدارة هو المسؤول الأول عن وضع السياسة الخاصة بما يتولى إدارته وتحقيق الأهداف المنصوص عليها بشأنه.

(2)تلاحظ فتاوى الفقهاء في هذا الشأن في الملحق رقم ( 1 )

(3) نصت المادة (3) من قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 على أن ( تسعى دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة إلى تحقيق عدد من الأهداف ومنها استثمار الأموال العائدة للعتبات المقدسة والمزارات بمختلف الأوجه المتاحة الموافقة لأحكام  الشرع الحنيف والقوانين النافذة ).

(1) معجم مقاييس اللغة، مصدر سابق، ج 1، ص 388

(2) سورة الأنعام: الآية 141.

(3) سورة الكهف: الآية 34.

(4)  محمد بن جرير الطبري،جامع البيان عن تأويل أي القران (تفسير الطبري)، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت لبنان، 15ج ص 345-246 ، وينظر أيضا نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري، غرائب القرآن ورغائب الفرقان، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1416، 15 ص 132.

(5) سورة القصص: الآية 57.

(6) د. إبراهيم أنيس، المعجم الوسيط، ج1 أمواج للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط2، 1987، ص 100.

(1) مسعود الكاساني الحنفي الشيرازي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج 6، دار الكتاب العربي ، بيروت، ط2، 1402 هـ – 1982 م ص 82 .

(2) ابو البركات احمد بن محمد بن احمد الدردير العدوي، الشرح الصغير، تحقيق مصطفى كمال وصفي، دار المعارف، بيروت، لبنتن، بدون سنة طبع، ج 13، ص 186.

(3) ابو اسحق ابراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، المهذب في فقه الامام الشافعي، تحقيق د. محمد الزحيلي، دار القلم، دمشق، بدون سنة طبع، ج1، ص 483

(4) ابو الوليد محمد بن احمد القرضي الشهير ببن رشد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الحديث، القاهرة، بدون سنة طبع، ج 2، مطبعة الحلبي، بيروت، ص 281.

(5) سورة النساء: الآية 5   

(6) الزمخشري، الكشاف، ج 1 ص 500 وفي نفس المعنى يراجع ابو البركات عبد الله بن احمد النسفي، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، تحقيق مروان الشعار، الطبعة الاولى، دار النفائس ، بيروت،  لبنان، 1996 م، ج1، ص 207

(7) د . محمد علي حلمي مراد، أصول الاقتصاد، ج 1 ، مطبعة نهضة مصر، 1956، ص 198.

(1) د . محمد علي الليثي، دور الموارد البشرية في الإنماء الاقتصادي، بحث منشور في مجلة كلية التجارة، جامعة الإسكندرية ، العدد الأول ، سنة 1977 ، ص 78

(2) د . صلاح نامق ، محددات التنمية ، دار النهضة العربية ، 1971 ، ط1، ص 96 وما بعدها .

(3) انظر : د. وليدا صالح عبد العزيز، حوافز الاستثمار وفقا لأحدث التشريعات الاقتصادية.دار النهضة العربية، 2004، ص 12ويراجع في نفس المعنى د. صفوت عبد الحفيظ، دور الاستثمار الأجنبي في تطوير أحكام القانون الدولي الخاص، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق في جامعة عين شمس، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2005، ص16وما بعدها.

(1) فعلى سبيل المثال أراد المشرع في المادة (5) من قانون التجارة العرقي رقم (30) لسنة (1984) المعدل تحديد مفهوم العمل فأورد الأعمال التجارية على سبيل الحصر ظنا منه أن هذا الحصر سيكون شاملا لكل عمل تجاري إلا انه لم يكن موفقا في ذلك إذ  ظهرت أعمال جديدة لم تكن في ذهن المشرع عند وضع التشريع كالعمل المنصب على بطاقات الائتمان وهو عمل تجاري مسلم به فقهاً وقضاءً وحتى تشريعاً عند من نظم أحكام هذا العمل. 

(2)ينظر قانون الاستثمـــار العراقي رقم ( 13 ) لسنة 2006 المعدل المنشور في جريدة الوقائـع العراقية بالعدد 4031 فــــي 17 / 1 / 2006.

(3) سورة القصص الآية: 26.

(4) د . محمد عبد الحليم سلطان العلماء و د. محمود احمد أبو الليل، الاستثمار في موارد الوقف وغلاته، بحث مشارك في ندوة مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الخامسة عشرة، في جدة للفترة من 6 – 11 / 3 / 2004.

(5) انظر : الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، صادرة عن الاتحاد الدولي للبنوك الاسلامية، 1401هـ – 1981م، ج 6 ، ص 14.

  (6) محمد باقر الصدر، اقتصادنا، ط1، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1991م، ص 512.

(1) تعني كلمة الريع ذلك المبلغ من النقود الذي يدفعه شخص ما، نضير استخدام أصل يملكه شخص آخر، كالأرض، أو تأجير منزل، أو استخدام فلم سينمائي. أما في الاقتصاد فان لهذا المصطلح معنى مختلف يشير إلى الإيرادات التي يكسبها أي عنصر من عناصر الإنتاج المتخصصة، التي لا يمكن زيادة أو إنقاص الكمية المعروضة منها في الأسواق، وان أمكن زيادتها أو إنقاصها، فبمقادير طفيفة جدا، ولذلك يمكن تعريف الريع بأنه الفائض، الذي يؤول إلى عنصر إنتاجي متخصص، تكون الكمية المعروضة منه ثابتة. انظر دليل المصطلحات الاقتصادية، مصدر سابق، ص 144

(2) تلاحظ قرارات وفتاوى وتوصيات منتدى الوقف الفقهية الأول، منشورات الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت، شعبان 1424 هـ – 2003 م.

(3) د . عبد الفتاح مراد، موسوعة الاستثمار، ط1،  دار الجامعة، الاسكندرية، 1997، ص 119.

(4) د. صفوت احمد عبد الحفيظ،، المصدر السابق، ص 21

(1) د .عوني محمد الفخري، التنظيم القانوني للشركات متعددة الجنسية، بيت الحكمة، بغداد، بدون سنة طبع، ص 83.

(2) د. محمود احمد أبو الليل ومحمد عبد الرحيم سلطان العلماء، الاستثمار في موارد الوقف وغلاته، مصدر سابق،ص8.

(3) انظر الشيخ مرتضى الأنصاري، كتاب المكاسب تحقيق مجمع الفكر الاسلامي، مؤسسة الهادي ، قم المقدسة ط1، 1417هـ – 1997م ، ص100

(4) مسعود الكاساني ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، مصدر سابق ص 60

(5) ابو البركات احمد بن محمد بن احمد الدردير العدوي الشرح الصغير للدردير، ج 3، المصدر السابق، ص 186.

(1) د . محمد يونس محمد و د. عبد المنعم محمد مبارك، أساسيات علم الاقتصاد ، ص 404، ويراجع أيضا، د. علي محي الدين القره داغي، تنمية موارد لوقف والمحافظة عليها، بحث مقدم إلى مؤتمر الأوقاف الأول بجامعة أم القرى في المملكة العربية السعودية ص 7.

(2) الموسوعة الفقهية الكويتية ،ج 31، اصدار الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت، ص 267. وينظر أيضا د. نزيه حماد، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء، الدار العالمية للكتاب الاسلامي، ط3، 1415هـ، ص 213.

(3) المصدر السابق ص 267.

(4) محمد بن علي بن محمد الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، دار المعرفة، الطبعة الاولى، 1423هـ، 2004، بيروت لبنان، ج 1، ص 491.

(5) سورة هود: الآية 61.

(6) ابو البركات عبد الله بن احمد النسفي، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، مصدر سابق ج 2 ص 195.

(7) ابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن، دار احياء التراث العربي،  1985، بيروت، لبنان، ط1، ج 4، ص 328 ،

(1)د . مصطفى زيد ، المصلحة في التشريع الإسلامي ، ط2، دار الفكر العربي، القاهرة، 1954ص 54.

(2) خان زاد, منهاج اليقين على أدب الدنيا والدين, ط1، مطبعة محمود بك, القاهرة, 1328هجري, ص252

(3)أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، ج3، ط1، مؤسسة الاهرام، القاهرة، 1408هـ – 1988م، ص225

(1)سورة الملك الاية15

(2)سورة هود الآية 61

(3)أحمد بن علي الرازي الجصاص, أحكام القران ,ج3, دار إحياء التراث العرابي, بيروت –لبنان ,1405هـ،, ص165

(4)احمد بن علي بن حجر العسقلاني, فتح الباري بشرح صحيح البخاري,ج3, بدون سنة طبع، دار الريان للتراث, ص5

(5)محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي, مشكاة المصابيح ,ج1, ط3، المكتب الإسلامي, بيروت،1405 هـ- 1985م, ص600

(6)علي بن حسان التقي الهندي, كنز العمال, ج3, ط4، دار اللواء, الرياض, 1979م, ص45

       (7) عبد الحميد الكتاني , التراتيب الإدارية, ج3، الناشر محمد أمين دمج, بدون سنه طبع, دار الكتاب العربي, ص48

(8) انظر محمد عبد ناصر الساعدي، سوانح ومداخلات في فقه الوقف وطرق استثماره مقارنة بين التجربتين العراقية والمصرية بحث مقدم إلى ديوان الوقف الشيعي سنة 2011 بغداد، ص 43 .

(1)د. صفوت عبد الحفيظ – المصدر السابق . ص 32

(2)كالطيران العسكري والكيمياء العضوية حيث تصبح التجهيزات المقامة حديثا قيمة من الوجهة الاقتصادية قبل أن تنشا وفق خصائصها المادية.

(3) وتعد مشروعات البنية الأساسية بنظام ( BOT ) نموذج للاستثمارات الصافية، بمعنى أنها تمثل إضافة للطاقة الإنتاجية إلى المجتمع من طرق وموانئ ومطارات وكهرباء واتصالات…الخ وكذلك عقود الإنشاءات الهندسية الدولية عقود الفيديك ( FIDEC ) وعقود الإيجار التمويلي فهذه جميعا تعد عقود استثمارية.

(1)د. أسامة الفولي و د. زينب عوض الله ، مبادئ الاقتصاد السياسي، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، ط1، 2005م، ص 124

(1) د . عبد الله عبد الكريم عبد الله، ضمانات الاستثمار في الدول العربية، دراسة قانونية مقارنة، ط1،  دار الثقافة، عمان، 2008، ص 22.

(2) المصدر نفسه، ص 19 وما بعدها.

(1) د . محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة من الناحية القانونية، مجلة القانون والاقتصاد، عدد (1و2) القاهرة،1977، ص 238

(2) نقلا عن محمد غانم ،الاستثمار في الاقتصاد السياسي والإسلامي وتشريعات واتفاقيات الاستثمار، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ، ط1، 2011 ، ص 51 .

(1)منى محمود ادلبي، سياسة الحوافز الضريبية وأثرها في توجيه الاستثمارات في الدول النامية، اطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامع القاهرة، 2006.

(2)د. إبراهيم شحاتة، معاملة الاستثمارات الأجنبية في مصر، دار النهضة العربية، 1972، ص 64.

(1)أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، إحياء علوم الدين،المصدر السابق، ج 2، ص 103.

(1) د. حسين حسين شحاتة ، استثمار أموال الوقف بحث منشور في مجلة أوقاف ، السنة الثالثة ، العدد 6، ربيع الآخر     1425 هـ – حزيران 2004 م ص 73.

(2) تلاحظ المادة ( 3 /3 ) من قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005

(3) أسست دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة في ديوان الوقف الشيعي بموجب المادة (1) من القانون وبموجب المادة ( 7 ) من القانون يتولى مدير دائرة العتبات والمزارات التنسيق بين مجالس الإدارة للعتبات والمزارات وبين رئيس ديوان الوقف الشيعي وتشكيلات الديوان المختلفة وتقديم العون لمجالس الإدارة في أداء مسؤوليتها على الوجه الأتم . 

(4)انظر المادة (12 / 4 ) من القانون.

(1)انظر المادة (17/3) من القانون.

(2)أبو حامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول ، تحقيق د. محمد سليمان الأشقر،ط1، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1417 ـ1997م، ص:416.

(3)أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي، المجموع، ج 15، بيروت لبنان، بدون سنة طبع، دار الفكر،ص 334.    

(1) يعرف التضخم على انه الزيادة في الطلب النقدي على السلع بالنسبة للمعروض منها مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار     بشرط أن يكون هذا الارتفاع غير متوقع، ويعرف أيضا بأنه الارتفاع المستمر المحسوس في المستوى العام للأسعار أو معدل الأسعار.

(1) صحيح البخاري ، تحقيق احمد محمد شاكر، ج 5، كتاب المساقاة، ط1، دار احياء التراث العربي، بيروت ، لبنان، ص 29 وبحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣٣ –مصدر سابق، الصفحة ٥٥.

(2) نقلا عن د محمد رأفت عثمان، الوقف وأثره في التنمية، بحث مشارك في ندوة الوقف الإسلامي في جدة عام      1997، ص 38.

(3)د.عبد الستار إلهيتي، الوقف ودوره في التنمية، اصدارات وزارة الاوقاف والشؤون الدينية، ط1، 1998.ص34

(1)نقلا عن د. عبد الستار إلهيتي ، مصدر سابق ص 53.

(2)صحيح مسلم شرح النووي ،ج6،  ط4، دار احياء التراث العربي، 1406هـ- 1985م، بيروت، لبنان، كتاب اللقطة، باب استحباب المواساة بفضول الأموال، ص 274

(1)نقلا عن موقع www.amaniordan.org على الانترنت.

(1)د. سامي محمد الصلاحات، التجربة الوقفية في دولة الإمارات، إمارة الشارقة إنموذجا من 1996-2003م مجلة اوقاف، العدد5، السنة الثالثة، شعبان، 1424، ص14.

(2)د.سامي الصلاحات، دور الوقف الإسلامي في مجال التعليم والثقافة للجمعيات العربية الإسلامية المعاصرة، دولة ماليزيا إنموذجا، مجلة الاقتصاد الاسلامي، العدد2، جامعة الملك عبد العزيز، 2005، ص2.

(3)د. محمد أبو الليل، اثر الاجتهاد في تطوير أحكام الوقف، بحث مقدم إلى ندوة الوقف الإسلامي، 1997، ص 25

(1)ألغيت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وأسس بدلا عنها ديوانان احدهما خاص بالوقف الشيعي والآخر خاص بالوقف السني بموجب الأمر رقم29 لسنة 30 / 8 / 2003 الصادر عن مجلس الحكم العراقي.

(2) نص البند أولا من المادة ( 103 ) من الدستور على أن:أولا: – يعد كل من البنك المركزي العراقي، و ديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، ودواوين الأوقاف، هيئات مستقلة ماليا وإداريا، وينظم القانون عمل كل هيئة منها. وبموجب البند ثالثا من المادة ذاتها ( ترتبط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء ).

(1) المراد بالشخصية المعنوية هو ( إعطاء صفة الأهلية القانونية للشخص المقصود بتضافر الأموال أو الأشخاص أو كليهما ما يثبت له كافة الآثار والصلاحيات تبعا لذلك واعتبار ذمته مستقلة ومنفصلة عن أهلية الشركاء بحيث تكون للشركة ذمة مالية خاصة بها ) يراجع د.عبد الرزاق احمد السنهوري،الوسيط في شرح القانون المدني، ط3، ج5، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ص288. وكذلك ينظر د.علي حسن يونس، الشركات التجارية، مطبعة دار الفكر العربي، مصر، ص79.ود. فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري،  ج3، دار الثقافة، الأردن، ص51.

(2)انظر المادة الأولى من قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (1244في 14/1966) حيث نصت المادة الأولى منه على أن (يؤسس في ديوان الأوقاف وترتبط به مديرية إدارة العتبات المقدسة إلا أن هذه الدائرة ورغم جسامة المهام ة عظم المسؤولية الملقاة على لم يتاح لها التمتع بالشخصية المعنوية لكي تتمكن من أدائها بالشكل الأفضل نتيجة سياسة الحكومة إلي تريد أن تجعل من العتبات مصادر إيراد دون أن تهتم بالصرف عليها وتطويرها بالصرف بنصف  وارداتها على الأقل.

(3)نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (1730) في 17/5/1969

(1)انظر النظام رقم 15 لسنة 1983 التعديل الثالث لنظام العتبات المقدسة والنظام رقم 25 لسنة 1987التعديل الرابع لنظام العتبات المقدسة والنظام رقم 3 لسنة 2003 التعديل الخامس لنظام العتبة وهو آخر تعديل حيث بموجبة أصبحت اللجنة برئاسة رئيس الوحدة الإدارية التي توجد فيها العتبة المقدسة وعضوية القاضي ومدير أوقاف المنطقة والسادن.

(2)انظر نص المادة (12 فقرة 11) من القانون.

(3) لا يمكن القول بوجود الشخصية المعنوية لدى أي جماعة أو منظمة أو مؤسسة أو دائرة حكومية ما لم ينص القانون على ذلك فالمادة ( 47 ) من القانون المدني العراقي بينت الجهات التي تتمتع بالشخصية المعنوية ولكنها اشترطت أن تكون ممنوحة بنص القانون ويلاحظ أن قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الدينية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 لم ينص صراحة على منح مجالس إدارة العتبات المقدسة الشخصية المعنوية .

(4)نصت المادة (24) من قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4254 في 15/10/2012 على ما يلي:

أولا:العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة كيانات حضارية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري اللازم لتحقيق أهدافها.

ثانيا: العتبات المقدسة والأضرحة والمزارات والجوامع والمساجد والحسينيات أماكن مقدسة لا يجوز المساس بها أو انتهاك حرمتها.

ثالثا: المدن المقدس لها حرمه لا يجوز انتهاكها بأي فعل مخالف للآداب أو الأخلاق العامة ويحضر فيها ممارسة كل فعل فاضح مخل بالحياء.

(1)د .عبد العزيز شرف، المدخل إلى وسائل الإعلام، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع 1989، ص 7.

(1) انظر المادتين (3 / 3 ) و ( 12 / 4 ) من القانون.

(1)د.علي محي الدين القرداغي، نظرة تجديدية للوقف واستثماراته، مقال منشور في موقع إسلام أون لاين www.islan.online.net بتاريخ 17 آذار 2003.

(1)اختلف الفقهاء في موضوع العتبات المقدسة وتنوعت اجتهاداتهم في وصفها وتباينت العناوين التي أطلقوها على الأموال الواردة إلى العتبات من هدايا ونذور وأموال موقوفة. واختلفت تبعا لذلك فتاواهم في مدى جواز التصرف بهذه الأموال أو استثمارها بأصولها أو بالفاضل منها. وللمزيد من التفصيل تراجع أجوبة الاستفتاءات المقدمة من قبلنا لمراجع الدين المشار إليها في الفصل الثاني.

(1) المادة ( 17 فقرة 5 ) من القانون .

(2) د. محمد ناجي عطية، المشكلات والتحديات المعاصرة التي تواجه المنظمات الخيرية، دراسة ميدانية، الكويت، ط1،2013، مؤسسة الاسلام اليوم.

(1) انظر المادة (3/3) منه والتي أجازت الاستثمار لأموال العتبات المقدسة في مختلف الأوجه المتاحة شرط أن يكون موافقا لأحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة والمادة (12/12) من القانون التي جعلت من صلاحيات مجلس الإدارة في كل عتبة (القيام بأي عمل أو نشاط يؤدي إلى تحقيق الأهداف المنصوص عليها في هذا القانون على النحو الأمثل وبما لا يخالف أحكام الشرع الحنيف والقوانين النافذة.

(1) انظر : محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ الشيخ المفيد، المقنعة، مؤسسة النشر الاسلامي، قم المقدسة، ط2، 1410، ج2 ،1411هـ- 1991م، ص566. وابي جعفر محمد بن الحسن بن علي الملقب بالشيخ الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، ط1، مطبعة قدس محمدي ، قم المقدسة، بدون سنة طبع، ص 566، ونجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، مطبعة امير، قم المقدسة، ط2، 1409، ج3 ص729 ، والحسن بن يوسف المعروف بالعلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية، ط1، مطبعة اعتماد، قم المقدسة، ج4، 1420هـ، ص36، ومحمد بن منصور ابن إدريس، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، مؤسسة النشر الاسلامي، قم المقدسة، ط2، 1410هـ، ج3 ص 62 ، لعبد العزيز الطرابلسي الملقب بابن البراج في المهذب، مؤسسة النشر الاسلامي، قم المقدسة ط1 ، 1406هـ، ج2 ص41

(2) محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الملقب بالشيخ الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ،ج3، ط1، باب الإيمان والنذور والكفارات، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت-لبنان ،1426ه-2005م حيث 4317،ص544

(3) محمد بن يعقوب الملقب بالكليني، فروع الكافــي، دار الحديث، قم المقدسة، ط1،ج4، 1387هــ حديث رقم 4.

(1) محمد بن جمال الملقب بالشهيد الأول، غاية المراد في شرح نكت الإرشاد مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي قم المقدسة، ط1، 1420هـ-2000م، ج3 ص 453.

  (2)المحقق الحلي، شرائع الإسلام مصدر سابق ج3، ص  729. والشيخ الطوسي، المصد السابق، ص 566 والعلامة الحلي، المصدر السابق، ج2 ص 114 والمهذب لعبد العزيز الطرابلسي الملقب بابن البراج، مصدر سابق، ج2 ص 411، و محمد بن جمال الملقب بالشهيد الأول ، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، مصدر سابق، ج3، ص 34.

(3) الشيخ المفيد المقنعة مصدر سابق ص 566

(4) الشيخ الصدوق من لا يحضره الفقيه مصدر سابق حديث:112.

(5) زين الدين بن علي الملقب بالشهيد الثاني مسالك الإفهام التي تنقيح شرائع الإسلام، ج11، ط1، مؤسسة المعرفة الاسلامية، بيروت ، لبنان ، 1413هـ، ص375

(1) محمد بن علي الطباطبائي، مناهل الفقه كتاب النذر المكتبة الإسلامية طهران، طبعة حجرية، بدون سنة طبع ،ص605

(2) الشهيد الثاني، مسالك الإفهام، مصدر سابق، ج11 ص374

(3) سورة الحج الآية 32.

(4) انظر فتوى الشيخ مكارم الشيرازي في الملحق رقما (1)

(5) انظر فتاوي الفقهاء في الملحق رقم (  1  )

    (6) وبهذا الخصوص خول فقهاؤنا المعاصرون كل من العلامة السيد محمد الطباطبائي والعلامة السيد احمد الصافي والعلامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي ومنحوهم صلاحية تعيين لجنة مؤقتة لإدارة كل من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية شرط أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة المشهود لهم بالوثاقة والالتزام الديني لغرض اتخاذ الإجراءات بحراسة العتبتين ورعاية ممتلكاتها وصيانتها وتنظيم أمور خدمها وزائريها والقيام بغير ذلك من مصالحها على أن يكون ذلك وفقا لتوجيهات العلماء المذكورين بما تقتضيه الضوابط الشرعية ويناسب حرمة المكان المطهر وقداسته في نفوس المؤمنين وان ترفع اللجنة التقرير الشامل عن مجريات الأمور إلى المراجع كل ستة أشهر انظر المحلق رقم ( 1 ) المتضمن لأذونات المراجع بهذا الخصوص.

   (1)  محمد العاملي، نهاية المرام ،ج2، ط1، مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، 1413هـ-1993م، ص365

(2) نقلا عن يوسف البحراني الملقب بالمحقق البحراني، الحدائق الناظرة، مطبعة دار الأضواء، بيروت، ط3، 1993م، ج3، 314

(3) محمد بن يعقوب الكليني، فروع الكافي، مصدر سابق، حديث رقم 4.

(4) اختلف الفقهاء في من ينطبق عليه مفهوم الزائر فقالوا:

أولا: قال ابن إدريس الزائر هو الذي عزم على السفر كما في الظاهر من قوله (ولا يجوز لأحد ان يعطي شيئا من ذلك قبل خروجهم إلى السفر) وأيد هذا القول الشهيد الثاني فقال ( لينفقوا في سفر الزيارة لا غير مع حاجتهم إليه)

ثانيا:الزوار المتوقف رجوعهم إلى أوطانهم و دلت عليه روايات بيع الجارية و الوقف على من انقطع به الحاجة  قال المحقق البحراني ( فمقتضى الأخبار المتقدمة إن مصرف الوجه المذكور إنما هو الحاج أو الزائرون المتوقف رجوعهم إلى وطنهم لا مطلق من أراد السفر و ابتدأ به )

(5)سورة التوبة، الآية 91.

(1)علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين، مطبعة مهر، قم المقدسة، ط1، ج3، ص 237 .

(2)انظر فتوى الشيخ محمد إسحاق الفياض في الملحق ( 1)

(3)يلاحظ الاستفتاء المقدم من قبلنا إلى الشيخ محمد إسحاق الفياض ملحق رقم (1) اذ منع سماحته جعل النذور والهبات والتبرعات في مورد الاستثمار إلا إذا كانت هذه الأموال موهوبة للعتبات المقدسة بدون قصد الصرف عليها حينئذ يمكن استثمارها لصالح العتبة وكذلك أجاز سماحته استثمار الأموال المخصصة من قبل الحكومة للعتبات المقدسة .

(4)علي الحسيني السيستاني ، الاستفتاءات ، مكتبة أهل البيت عليهم السلام ، ص694

(5)يلاحظ فتاوى الفقهاء في الملحق رقم ( 1 ).

(1) محمد علي الطباطبائي ، مناهل الفقه، كتاب النذر، مصدر سابق، ص605.

(2) نهج  البلاغة، جمع الشريف الرضي،تحقيق وشرح محمد عبدة، ج4، ط1، مطبعة النهضة، قم المقدسة، 1412 هـ – 1992م، ص 65.

(3)  المحقق البحراني، الحدائق الناظرة، ج17، مصدر سابق ، ص671.

(1) أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، باب الوقوف والصدقات، ج9، ط1، مؤسسة الأعلمي، بيروت، لبنان، 1426هـ – 2005 م ، حديث 2، ص 1684.

(2) المحقق البحراني، الحدائق الناظرة، مصدر سابق، ص 371.

(3) المصدر نفسه ، ص 371.

(1) المحقق البحراني، الحدائق الناظرة، مصدر سابق، ص 369.

(2) روح الله الخميني، تحرير الوسيلة، دار التعارف، بيروت- لبنان، ط2، 1424ه- 2004 م، ج 2، ص122.

(3) أبو القاسم الخوئي، صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات، المعاملات ، ج2، مسائل في النذور، مطبعة سلمان الفارسي، قم المقدسة، ط1، 1416هـ – 1996 م ، ص 328.

(4) المصدر أعلاه، ج2 ، ص 326.

(1) عبد الأعلى السبزواري، مهذب الأحكام، ج22 ، مصدر سابق ، ص 365.

(2) أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين، مطبعة الديواني، بغداد، ط29،ج 2، 1410 هـ – 1990 ، ص 78

(3) انظر أجوبة الاستفتاءات المقدمة من قبلنا إلى السيد الموسوي الاردبيلي والشيخ ناصر مكارم الشيرازي والشيخ شمس الدين الواعظي في الملحق رقم ( 1 ) .

(4) انظر فتوى السيد محمد تقي المدرسي في الملحق ( 1 )

(5) انظر فتوى السيد صادق الحسيني الشيرازي في الملحق رقم (1)

(1) روح الله الخميني، تحرير الوسيلة، مصدر سابق، ج2، ص 78.

(2) محمد بن يعقوب الكليني، فروع الكافي، باب ما يجوز من الوقف وما لا يجوز، مصدر سابق، حديث 40.

(3) عبد الأعلى السبزواري، مهذب الأحكام، ج22، مصدر سابق، ص 91.

(1) محمد رضا الموسوي الكلبايكاني، هداية العباد، ج2، دار القران الكريم، قم المقدسة، إيران، ص 155.

(2) جعفر كاشف الغطاء، شرح القواعد، الورقة 84، نفلا عن كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري، ج 4، ص 55.

(3) روح الله الخميني، تحرير الوسيلة، ج2 مصدر سابق، ص 79.

(3) انظر فتوى الشيخ محمد صادق الكرباسي في الملحق رقم ( 1 )

(4) محمد كاظم اليزدي، العروة الوثقى، مؤسسة النشر الاسلامي ،قم المقدسة، ط1،1417هـ، ج6، ص 256.

(1) حسن الجواهري، بحث في الفقه المعاصر، مطبعة معراج، قم المقدسة، ط1، 1422 هـ – ج4 ، ص 146.

(2) انظر فتوى الشيخ محمد صادق الكرباسي في الملحق رقم (  1  ).

(3) علي الحسيني السيستاني ، منهاج الصالحين، ج 2 ، مصدر سابق ، ص 415.

(4) المصدر أعلاه ، ص 416.

(1)أنظر المادة ( الثلاثون ) من نظام العتبات المقدسة رقم 42 لسنة 1950 المنشور في الوقائع العراقية 2885 في 19/9/1950.

(1)أنظر ( المادة الثالثة / 1 ) من نظام رقم 42 لسنة 1952.

(2)أنظر ( المادة الرابعة / 1 ) من النظام رقم 42 لسنة 1952.

(3)أنظر ( المادة الرابعة / 2 ) من النظام رقم 42 لسنة 1952.

(4)أنظر المادة (3 / ب ) من نظام العتبات رقم 21 لسنة 1969.

(5)أنظـــر المادة ( 5 ) من قانون إدارة العتبات المقدســة رقـــم 25 لسنة 1966 المنشور في الوقائـــع العراقية بالعدد 1244في 14 / 3 / 1966.

(1)نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ( 2641 ) في 6 / 3 / 1978 .

(2)نشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3366 ) في 12 / 7 / 1991 .

(3)كان من ضمن الظواهر الخاطئة التي أشار إليها السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر ( قدس سره ) ظاهرة الاستيلاء على النذور وإلى أين ستؤول بعد وضعها داخل شباك الضريح المقدس. للمزيد من التفاصيل راجع كتاب فقه المجتمع للسيد محمد محمد صادق الصدر رقم الاستفتاء ( 211 ) حيث يحرم السيد ( قدس سره ) وضع النذور داخل أضرحة الأئمة عليهم  السلام لأن كان يرى أن هذه الأموال سوف تستولي عليها السلطة الحاكمة، فضلا عن أنها لا تخدم إلا الطفيليين والعاطلين.

(4)نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية 3487 في 12 / 6 / 1993 .

(5)المادة ( 1 ) من القانون .

(1)المادة ( 2 ) من القانون .

(2)أنظر المادة ( 3 ) من القانون.

(3)الأوقاف الملحقة هي الأوقاف التي يديرها متول بشرط أن يصرف غلتها أو جزء منها على المؤسسة الدينية والخيريةأنظر مادة ( 1 ) من قانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 المنشور في الوقائع 1293 في 13 / 7 / 1966.

(1)أنظر المادة (6 ) من قانون هيئة إدارة واستثمار أموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993 المعدل.

(2)أنظر المادة العاشرة من القانون.

(3)أنظر المادة ( 10 ) من دستور جمهورية العراق.

(4)أنظر نص المادة ( 3 ) من القانون .

(5)أنظر نص المادة ( 12 ) من القانون .

(1)أنظر نص المادة ( 17 ) من القانون .

(2)أنظر نص المادة (22 ) من القانون .

(3) أنظر المواد ( 3 و 4 ) من القانون.

(1)أنظر المادة ( 4 ) من القانون.

(2)أنظر المادة ( 6 ) من القانون.

(1) نصت المادة (8 ) من القانون على أن ( تتولى الدائرة المحافظة على النفائس والمقتنيات والمخطوطات والهدايا المحبوسة على العتبات والمزارات بأحدث الطرق والوسائل العلمية بالتعاون مع الجهات والمنظمات ذات العلاقة كافة من داخل العراق ومن خارجه) في حين تنص الفقرة (11) من المادة (12) على ممارسة مجلس الإدارة المهام والصلاحيات الآتية : (1 ـ أجراء جميع التصرفات القانونية وإبرام العقود كافة المتعلقة بأعمالها وأنشطتها ).

(2) نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ( 4254 ) في 15 / 10 / 2012 ودخل حيز النفاذ من تاريخ النشر

(3) انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم ( 140 ) ضمن توصيات و قرارات قضايا الوقف الفقهية الأول

(1) نصت المادة ( 3 / 1 / من النظام المذكور على أن ( يرأس مديرية الأوقاف العامة مدير عام يكون مسؤولا أمام رئيس الوزراء عن انجاز المعاملات وفق القوانين والأنظمة وعن مراقبة الأعمال في إدارته والفروع التابعة لها ويقوم بإدارة الأوقاف المضبوطة صحيحة كانت أم غير صحيحة وأوقاف الحرمين وأوقاف (العتبات) المقدسة والأوقاف التي تنحل توليتها مؤقتا لأي سبب كان وبمراقبة الأوقاف الملحقة ومحاسبة متوليها وإدارة شؤون المعابد والمدارس وغيرهما من المؤسسات الخيرية وفق الأحكام والقوانين والأنظمة المرعية والقواعد الشرعية الإسلامية)

(2)عُقد المؤتمر الأول للأوقاف في جامعة أم القرى بمكة المكرّمة وفي الفترة من4 -7 شعبان عام 1422 هـ.

(3) عقد منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول بدولة الكويت في الفترة ما بين 15ـ 17 شعبان 1424 هـ الموافق 11 ـ 13 أكتوبر 2003 م.

(1) راجع قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته 15 في سلطنة ُعمان للفترة من 14 – 19 المحرم 1425 هـ، الموافق 6 – 11 آذار ( مارس ) 2004 م

(2) د. محمد طموم، الشخصية الاعتبارية في الشريعة الإسلامية ، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة تصدرها كلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت ، العدد الأول،السنة الثانية ،  1978م ،ص 148.

(3) المادة- 47/هـ  من القانون المدني العراقي.

(4) عبد الباقي البكري وزهير البشير، المدخل لدراسة القانون، جامعة بغداد، بيت الحكمة، 1979، ص304؛ وكذا  د.جعفر الفضلي ود.منذر الفضل، المدخل للعلوم القانونية،جامعة الموصل، دار الكتب للطباعة ، 1987، ص192.

(1) انظر عمر مسقاوي، محاضرات في الوقف ومؤسسات الوقف في الشريعة والقانون والاجتهاد اللبناني، 2011 المؤسسة الحديثة للكتاب ، ط1، بيروت لبنان ص 50 .

(2) د.عبد الله بن بيه، أعمال المصلحة في الوقف. مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان بدون سنة طبع.

(1) الإدارة على نوعين فهي إما أن تكون إدارة معتادة باستغلال الموقوف على وفق ما أعدّ له دون المساس في أصله كإجارة الوقف مدة لا تزيد عن ثلاث سنين وزراعته إما بنفسه ولحساب الوقف، أو بتسليمها إلى مزارع بعقد مزارعة على أن يتم تقسيم الحاصل بينهما حسب الاتفاق، أو أن يدفع أشجار الوقف مساقاة، ويدخل فيها أيضا كل ما يلبي احتياجات الموقوف عليهم من المؤسسات الدينية والخيرية كالمساجد والحسينيات والمدارس الدينية وغيرها التي تهدف إلى البر أو النفع العام، ويعمل المتولي على إبرام العقود من أجل تنفيذ تلك الأعمال، ويلتزم بها. أما عقود الإدارة غير المعتادة: فهي التي تتمثل باستثمار الموقوف بتغيير أصله وتعديل غرضه وتستلزم الإذن من القاضي، وأهم هذه العقود إجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين فلأصل إلزام متولي الوقف بعدم إجارة الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة، فإذا عقدت لمدة أطول انقصت المدة إلى ثلاث سنين. ولم يجوز المشرع العراقي للمتولي إجارة الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنين، إلا بعد موافقة مجلس الأوقاف الأعلى، ثم أصبحت بقرار من مجلس إدارة هيئة استثمار أموال الأوقاف بموجب المادة الثامنة من قانون التعديل الثامن رقم 40 لسنة 1999 ولم يستثن المتولي الواقف أو المستحق الوحيد، وحسناً فعل لان للوقف شخصية معنوية مستقلة عنهما ويجب رعاية مصالحه. 

(1) كان أهم صور استثمار الأموال الموقوفة آنذاك عقد الحكر وهو عقد يكسب المحتكر بمقتضاه حقا عينيا يخوله الانتفاع بأرض موقوفة لقاء أجر محدد، وعقد الأجازتين وهو عبارة عن عقد إجارة على عقار الوقف الذي تعجز مؤسسة الوقف عن إصلاحه واستثماره إذ أن مؤسسة الوقف تدفع أجرة معجلة تكون متساوية لقيمة العين الموقوفة أو مقاربة لها وتدفع أجرة أخرى مؤجلة كل سنة لتحدد العقد عليها ، ولهذا سمي بعقد الاجارتين. وحق القرار وهو أن يأذن الناظر لمستأجر أرض الوقف بالبناء عليها على أن يكون ما ينفقه في البناء دينا على الوقف يستوفيه من أجرة الوقف بالتقسيط ويشترط في هذا العقد أن تكون مدة القرار في العين المستأجرة محدودة بأجل يتفق عليه وأن يكون البناء ملكا للمؤسسة الوقفية ـ انظر زهدي يكن ـ مصدر سابق . 1968 .

(2) المادة  (الخامسة/1، 7، 8)- من نظام المتولين رقم 46 لسنة 1970. 

(3) المادة 11- من قانون إدارة الأوقاف.

(1) انظر في تفصيل ذلك : د. محمد عبيد الكبيسي، الوقف بين الاستبدال والتأبيد، بحث منشور في مجلة كلية الأمام الأعظم-  بغداد، العدد الأول، مطبعة سلمان الاعظمي-بغداد، 1392هـ-1972م، ص114 وما بعدها.

(2) مادة ( 6 / 1 ) من القانون. وقائع 981 في 29 / 7 / 1964.

(3) تضمن التعديل إن ( للديوان والمتولي استبدال الموقوف الذي تتحقق المصلحة في استبداله أو بنقد أيهما أنفع للموقوف ويتم ذلك بقرار من المجلس وموافقة مجلس الوزراء )

(4) د . محمد عبيد الكبيسي، أحكام الوقف في الشريعة الاسلامية، مطبعة الارشاد، بغداد، ط1، 1977 ج2، ص 47.

(5) انظر المادة (1266) من القانون المدني العراقي

(6) تراجع المواد (1266-1270) من القانون المدني العراقي.

(1) المادة الثامنة/1- من نظام المتولين رقم 46 لسنة 1970.

  (2) هذا ما أشارت إليه وزارة الأوقاف بكتاب استيضاحها من مجلس شورى الدولة بتاريخ 8/11/1993، نقلاً عن قرار المجلس المرقم 8 في 26/2/1994، غير منشور.

(3) ويلاحظ ان قانون ُ إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 ، ومرسوم ُ جوازِ تصفية الوقف الذريّ رقم 1 لسنة 1955 ، قسم الوقف الى تقسيمات عديدة ، وتلك التقسيمات ُ بنيت على عدةِ اعتباراتٍ ، وباختلاف تلك الاعتبارات ظهرت العديد ُ من التقسيماتِ ، فباعتبار مصرفِ الوقفِ يقسم الوقف ُ إلى : الوقف الذريّ ، والوقفِ الخيريّ ،والوقفِ المشتركِ ، وباعتبار ملكية العين الموقوفة ، يقسم إلى : الوقف الصحيح ، والوقف غيرِ الصحيح ، وباعتبار من يتولى إدارتَه يقسم إلى :الوقف المضبوط ، والوقف الملحق.

(1) د. رفعت العوض، ضوابط الاستثمار في المنهج الإسلامي، بحث منشور في مجلة البنوك الإسلامية، القاهرة، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، العدد 21 سنة 1981 ص 40.

(1)أحمد مصطفى عفيفي، معايير استثمار الأموال في الإسلام، مقال منشور في مجلة الاقتصاد الإسلامي الصادرة عن بنك دبي الإسلامي العدد 180، سنة 1995،  ص 44 ـ 49.

(2) د. وهبة الزحيلي، النظام الاقتصادي ومدى ارتباطه بالمنهج الرباني، مجلة الاقتصاد الإسلامي، بنك دبي الإسلامي، العدد 180، أكتوبر 1995، ص 38 ـ  41

(3)وسائل الشيعة، جزء 27، مصدر سابق، حديث 33472، ص 157.

(1)حديث شريف، نقلا عن حسن الجواهري بحوث من الفقه المعاصر ـ ص 45 ـ ج 1 .

(2) د . محمد أبو السعود ـ الاستثمار الإسلامي في العصر الراهن ـ بحث منشور في مجلة المسلم المعاصر العدد الثامن لبنان بيروت، 1981، ص 69 ـ 143.

(3)سورة النساء ـ الآية 29.

(4) د.رمضان أبو السعود، النظرية العامة للالتزام، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 2002 م، ص 37 وينظر أيضا د. وحيد الدين سوار، التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط3، 1979 م ـ ص 456.

(1)محمد أنس الزرقا، قواعد المبادلات في الفقه الإسلامي، مقدمة للاقتصاديين مجلة الاقتصاد الإسلامي الصادرة  في  لندن العدد (2)، المجلد (1)، 1991م، ص 45 ـ 70.

(2)د . رمضان أبو السعود  ، المصدر السابق ـ ص 126 .

(3)سورة الشعراء ـ الآية ـ 183.

(5)سورة البقرة ـ الآية ـ 258.

(6)سورة الشورى ـ الآية ـ 40.

(1)سورة هود ـ الآية ـ 102 .

(2)فتحي السيد لاشي، الفوائد البنكية بين الربا والربح، القاهرة، دار التوزيع والنشر الإسلامية ، 2003 م،  ص 87

(3)علي السالوس،موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي،الدوحة،مؤسسة الريان، ط7،2005م،ص 92

(4)حسين عمر ـ موسوعة المصطلحات الاقتصادية، القاهرة، دار الفكر العربي، ط4 1992 م، ص 172.

(5)محمد عبد المنعم الجمال، موسوعة الاقتصاد الإسلامي، مصر، مطبعة النهضة ط 2 لسنة 1986م، ص 171 ـ 172.

(1)سورة البقرة ـ الآية ـ 205.

(2)وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج 25 ص 429.

(3)فتحي الدريني، الحق ومدى سلطان الدولة في تنفيذه، مؤسسة الرسالة، ط3، 1984 م، ص 88

(1)  د. حسين موسى راغب، القيم والمعتقدات الإسلامية وآثرها على السياسات والقرارات التسويقية، بحث مقدم لندوة الإدارة في الإسلام، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، جدة، ط2، 2001 م ـ ص 342 .

(2)إن المقصود من بيع تلقي الركبان هو بأنه مبادلة مال بمال بالتراضي ويلزم بالإيجاب والقبول بلفظ الماضي بلا  نية، وبلفظ الحال بنية في الأصح. للمزيد من التفصيل انظر المحامي الدكتور مسلم اليوسف، بيع تلقي الركبان في الفقه الإسلامي، بحث منشور في المجلة الإسلامية، العدد 3، معهد المعارف، سوريا، حلب، ص3.

(3)إن المقصود من بيع النجش هو الزيادة في ثمن سلعة ممن لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها للمزيد من التفصيل انظر المحامي الدكتور مسلم اليوسف، بيع تلقي الركبان في الفقه الإسلامي، بحث منشور في المجلة الإسلامية، العدد4، معهد المعارف، سوريا، حلب  ص4.

(4)سورة هود الآية 85

(1)سيد قطب، في ظلال القران ج 4، ط10، بيروت لبنان، دار الشروق، سنة 1982 ص 1918

(2)سورة البقرة الآية 188.

(3) قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: لعن الله الراشي والمرتشي والماشي بينهما. انظر العلامة المجلسي، بحار الأنوار،ج101، مصدر سابق، ص 274

(4)حسن شحاتة، المنهج الإسلامي لتحقيق الأمن والتنمية، الحلقة الثامنة، مجلة الاقتصاد الإسلامي، بنك دبي الإسلامي، العدد 106 ـ ابريل ـ 1990 م، ص 20 ـ 33 .

(1)سعيد حوى، الإسلام، الجزائر، شركة الشهاب، ط2، 1988 م، ص 649.

(1) انظر نص الفقرتين (2 و 3 ) من المادة (3) من القانون. وينظر بنفس المعنى نص المادة (3/ أ ) من قانون هيئة استثمار أموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993 المعدل والتي نصت على إن تكون إدارة أموال الأوقاف وفقا للأحكام الشرعية وشروط الواقفين طبقا لأساليب الإدارة الحديثة.

(1) المرجع الديني الأعلى هو الفقيه الذي يرجع إليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الاشرف  انظر المادة (4) من قانون إدارة العتبات المقدسة و2المزارات الشيعية الشريفة رقم 19 لسنة 2005 والمادة ( 4 / ثانيا ) من قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012 .

(1) انظــر المــادة ( 5 / رابعـــا ) والمــادة ( 9 / ثالثـــا ) من قانــون الهيئــة العامة للآثار والتــراث رقــم ( 55 ) لسنة 2002 منشــور في جــريدة الوقائع العراقية بالعدد 3957 في 18 / 11 / 2002. ومن الجدير بالذكر إن (10 ) من القانون تخضع الجوامع والمساجد والعتبات المقدسة ودور العبادة والمشاهد والمقابر والتكايا والصوامع والبيع والكنائس والأديرة والخانات المملوكة أو الموقوفة لتصرف الأشخاص الطبيعية أو المعنوية التي تملكها أو تتولى إدارتها على إن تستخدم للأغراض التي أنشئت من اجلها مع عدم الإضرار بها أو تشويهها، مع النظر مع توسيعها وتطويرها وفق متطلبات العصر وخاصة العتبات المقدسة.

(2) انظر نص المادة (10 ) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4142 في 25 / 1 / 2010.

(1)انظر المادة ( 12 / 1 و 4 ) من القانون

(2) انظر المواد (12 / 6 و 8 ) و ( 15 ) و ( 16 ) من القانون.

(3)د .محي عبد الغني أبو الفتوح، أسس وإجراءات دراسات جدوى المشروعات، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2003 م، ص 10.

(4) د . أنس الزرقا، الوسائل الحديثة للتمويل والاستثمار، بحث مقدم لندوة إدارة ونشر ممتلكات الأوقاف، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، 1989، ص 189.

(1) د. شوقي دنيا، تمويل التنمية في الاقتصاد الإسلامي،ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت ، 1984م. ص 117.

(2)  انظر نص المادة (3) من القانون.

(3) انظر المادة (12 / 10 ) من القانون.

(1) سورة البقرة الآية 282.

(1)فهمي محمود شكري، الرقابة المالية العليا ، مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من  الدول الأجنبية، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع. عمان، الأردن، 1988 ط 1 ص 17.

(2)سورة النساء الآية 1

(3)سورة التوبة الآية 105

(4) سورة ق الآية 18

(1)  د. علي محمد حسنين، الرقابة الإدارية في الإسلام المبدأ والتطبيق، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط 1، 1985، ص 22-23.

(1)انظر المادة (9) من القانون أعلاه والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4217 في 14 / 11 / 2011.

(1) انظر فتوى آية الله السيد محمد سعيد الحكيم في الملحق ( 1 )

(2) انظر فتاوى  المرجعية الدينية في الملحق ( 1 )  بهذا الخصوص .

(1)  ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، تحقيق الدكتور احمد مبارك البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت ، لبنان ، 1409، ط1، ص299. 

(1)  بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 6، ص 220، الحديث رقم 14.

(1) مجموعة من الباحثين، القيادة والإدارة في عصر المعلومات، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ط 1، 2001.ص 44

(2) د . فهمي محمود شكري، مصدر سابق، ص 38.

(1) د . سعد الدين الشريف وآخرون، الرقابة الانتقائية وكيفية اختيار العينات الانتقائية، مجلة الرقابة المالية، السنة  الثانية، كانون الأول، 1983، ص 5.

(2)المصدر أعلاه ص 50 .

(3)د .فهمي محمد شكري، مصدر سابق ص 40.

(1)د . حسين حسين شحاتة ،منهج وأساليب إدارة أموال المؤسسات الوقفية ، مرجع سابق ، ص 13

(2) حسن يوسف داود، الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية،القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ،1996 م، ص 15.

(1) د. محمد السيد سرايا ،الاتجاهات الحديثة في مجال الرقابة،ط1،الدار الجامعية،الاسكندرية،1986، ص 144,

(1)  انظر فهمي محمود شكري، مصدر سابق ص 25

(2)  انظر المادة (9) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 6 لسنة 1990.

(3) د.عوف الكفراوي، الرقابة المالية النظرية والتطبيق،ط1، منشاة المعارف، الاسكندرية، مصر، 1998،ص32.

(4) د . محمد رسول المعموري، الرقابة المالية العليا،اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق في جامعة  دمشق, 2003، ص 33

(5)انظر المادة (4) أولا من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 6 لسنة 1990 المعدل النافذ

(1)د . محمد رسول المعموري، المصدر السابق ، ص 33 .

  (2)انظر د .عبد المجيد القاضي، مبادئ المالية العامة، الدار الجامعي المصرية، الإسكندرية، مصر، 1984، ص 39

(3)انظر المادة (7 ) من قانون ديوان الرقابة المالية رقم 6 لسنة 1990 المعدل.

(1) والتخلص من أساليب الإدارة البيروقراطية في النظام الإداري يكون بإنشاء لجان مراقبة لمواجهة ضعف الكفاءة والمطلوب هو ان يكون لكل الأجهزة الحكومية لجان رقابية محايدةمن خارج الإدارة نفسها..تضع حد أدني للخبرات والمؤهلات والإمكانياتالإدارية للموظفين.

(1) د. محمود سامي جمال الدين، الرقابة على أعمال الإدارة، مؤسسة دار الكويت، بدون سنة طبع، ص 245..

(2)نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1919 في 13 / 9 /1970.

(1)  دليل المصطلحات الفقهية الاقتصادية، مصدر سابق، ص 7.

(2) انظر المادة( 722) من القانون المدني العراقي.

(3) انظر سليم رستم، شرح المجلة ج 1، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ط 1 لسنة 2010 ص 186 .

(4) محمود الهاشمي ، كتاب الإجارة، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، قم،إيران،ج 1، ط 1،2003، ص13

  (5)علي  السيستاني،منهاج الصالحين،مصدر سابق، ج2، ص111وابن عابدين،رد المحتار، مصدر سابق ج3،ص 396،

(6) علي السيستاني، المصدر نفسه، ص 104  وما بعدها .

(1) د. وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ، مصدر سابق ج 8 ، ص 233 و د. احمد محمد السعد ومحمد علي العمري،الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي، مصدر سابق  ص 60. ومحمد إسحاق الفياض، منهاج الصالحين، مصدر سابق، ج 2، ص 465

(2) محمد اسحاق  الفياض، المصدر السابق، ص466.

(3) محمد كاظم اليزدي، العروة الوثقى، المصدر السابق، ج 6، ص 396

(4)  العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، المصدر السابق، ج 2 ص 316.

(1) محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين، ج2، ط3،2004،  مطبعة دار الهلال، بيروت، لبنان، ص292 وقد عرفت المادة ( 1266/2 ) من القانون المدني العراقي المساطحة بأنها (حق عيني يخول صاحبه أن يقيم بناءاً ومنشات أخرى غير الغراس على ارض مملوكة للغير وذلك بمقتضى اتفاق بينه وبين صاحب الأرض ويحدد هذا الاتفاق حقوق المساطح والتزاماته).

(2)  د . وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، مصدر سابق ج  8، ص 234.

(3) علي الطباطبائي، رياض المسائل،ج 6، ط1، مطبعة الهادي، بيروت، لبنان، 1992م ص 111.

  (4) فالقانون المدني المصري مثلا أورد أحكاما تفصيلية لإجارة الوقف حيث أصبح إيجار الوقف يخضع أولاً لأحكام المواد (من  628 إلى 633 ) منه والتي قننت فيها أحكام الشريعة الإسلاميةثم لأحكام الإيجار بوجه عام المنصوص عليها في المادة (558 ) مدني وما بعدها من القانون المدنيثم لسائر أحكام الشريعة الإسلامية . 

  (5) صدر نظام المزايدات والمناقصات رقم 45 لسنة 1969 ونشر في جريدة الوقائع بالعدد 1777 في 14 / 9 / 1969.

  (6) صدرت تعليمات رقم ( 1 ) لسنة 1969 حول تطبيق نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم 45 لسنة 1969 ونشرت في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1803 في 23 / 11 / 1969

(7)انظر المادة الثامنة من قانون إدارة الأوقاف رقم 64 لسنة 1966 الوقائع العراقية العدد 1293 في 31 / 7 / 1966.

  (1) انظر محمد بن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، مصدر سابق، ج 3، ص 391.

  (2)  نماذج اتفاقيات الإجارة الطويلة في الاتجاهات المعاصرة في تطور الاستثمار الوقفي، مصدر سابق، ص 116

(1)انظر مادة(1 / 15) من قانون ضريبة الدخل رقم (95) لسنة 1959الوقائع العراقية بالعدد 184في 13/ 6 / 1959. 

(2) انظر القانون منشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3116 في 22 / 9 / 1986.

  (3)انظر تعليمات قانون إطفاء حقوق الإجارة الطويلة في العقارات الموقوفة الصادرة بموجب القانون أعلاه والمنشورة في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3126 في 1 / 12 / 1986.

(4)  انظر المادة ( 8 ) من القانون أعلاه.

  (5) قرار محكمة تمييز العراق رقم 135 / م1 / 1974 النشرة القضائية، العدد الرابع، السنة الخامسة، ص 12.

  (6) محمد قدري باشا، مرشد الحيران، ط1،دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2011، مادة 700. وسليم رستم، مجلة الأحكام العدلية، ج1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص144.

(1)  انظر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 451 في 8 / 12 / 1960  

(2) نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 2922 في 31 / 1 / 1983 .

  (3) د . مصطفى احمد الزرقا، المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الاسلامي، ج 3، الدار الشامية للنشر والتوزيع، دمشق، 1999,ص 42،وينظر أيضا وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، مصدر سابق، ج 8، ص 228، ود . منذر قحف، الوقف الإسلامي المعاصر، دار الفكر، دمشق، ط1، 1421هـ- 2000، ص 250.

  (1) هذا وقد تم العمل بهذه الطريقة إثر احتراق عقارات للأوقاف في القسطنطينية بعد سنة (1220 للهجرة)وعجز غلاتها عن تجديدها، وتشوه منظر البلدة، ولم يوجد أحد يرغب في استئجارها إجارة واحدة، بحيث تعمر من أجرتها، فاهتمت الدولة العثمانية بهذه الحالة وبحثت عن طريقة تكفل بها بقاء المؤسسات الخيرية، واستمرار عملها، وتجديد ما خرب منها، فابتكرت إجارة تلك الأوقاف بطريق الإجارتين، وقررت لها أحكاما وضوابط مستندة في ذلك إلى القاعدتين الفقهيتين ( تنزل الحاجة العامة منزله الضرورة ) و(الضرورات تبيح المحظورات) للمزيد من التفصيل انظر : نزيه حماد، أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها، بحث مقدم لندوة (نحو دور تنموي للوقف)، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ، الكويت،  1993 م، ص 17.

  (2) انظر المادتين ( 7 و 8 ) من القانون منشور في مجموعة القوانين والأنظمة  في 15 / 4 / 1929 ص 66.

       (3)  حاشية ابن عابدين، مصدر سابق، ج 4، ص 18، ووهبة الزحيلي، مصدر سابق الأوقاف فقهاً واقتصاداً ص 98.

(4) حاشية ابن عابدين، مصدر سابق ص 17، الموسوعة الفقهية الميسرة، مصدر سابق ج2، ص1326 الفقه الإسلامي وأدلته، مصدر سابق، ج8، ص228.

  (1) نصت المادة (7) من القانون على أن ( تنظر المحاكم الشرعية أولا في الدعاوي المتعلقة بتحويل المسقفات والمستغلات إلى الاجارتين وربطهما بمقاطعة والتولية ورقبة الوقف وشروطه وبالحقوق المؤسسة على العرف الخاص في الأوقاف الصحيحة بأسماء مختلفة كمشد (المسكة) استحقاق الحراثة في ارض الغير والكردار عمل التراب يغرس فيه ويبنى عليه والفلاحة وتستثنى دعاوي التصرف بالاجارتين والمقاطعة ) انظر مجموعة القوانين والأنظمة الصادرة في 1921 ص 160

(2) عبد الستار إبراهيم إلهيتي، الوقف ودوره في التنمية، مصدر سابق، ص 71، وينظر أيضا: د. رفيق يونس المصري، الأوقاف فقها واقتصادا، دار المكتبي للطباعة والنشر، سوريا، دمشق ط 1، 1999، ص 99.

(3) واهم هذه الحقوق التي أوجدها العرف ما يلي:

1-   المُرْصَد وهو دين يثبت على الوقف لمستأجر عقار مقابل ما ينفقه بإذن المتولي على تعميره وبنائه عند عدم وجود غلة في الوقف، ثم يؤجره منه بأجرة مخفضة ريثما يستوفي ما له من دين على الوقف، ثم تبقى ملكية البناء للوقف، وحق المستأجر بالاستمرار بالتصرف والانتفاع من الوقف، له ولورثته.

2-      القميص هو حق لمستأجر دار الرحى الموقوفة، يخوله البقاء فيها، لما له فيها من أدوات الطحن وآلاته ولوازمه.

3-      القيمة وهو حق مستأجر البساتين الموقوفة في البقاء فيها كذلك مع دفع أجرة، لما له من أصول المزروعات التي تدوم أكثر من سنة، كالفصفصة، أو عمارة الجدار المحيطة التي أنشأها المستأجر.

4-   الكدك وهو ما يبنيه المستأجر، الوقف ولا يحسبه على الوقف فيقوم المستأجر بجميع لوازمه من عمارة وترميم وإغلاق ونحو ذلك ويبيعونه بثمن كثير فباعتبار ما يدفعه المستأجر من هذا الثمن الكثير وما يصرفه في المستقبل على ارض الوقف تكون أجرة المثل تلك الأجرة القليلة.

للمزيد من التفصيل يراجع ابن عابدين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، مصدر سابق ج 3، ص 463 و ج 4، ص17 وكذلك د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته ج 8 ، ص 228.

(1)  أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين، ج 2، ط29، مطبعة الديواني، 1410هـ، ص 104. وكذلك ينظر محمد اليعقوبي، منتخب سبل السلام، المعاملات، دار الصادقين للطباعة والنشر والتوزيع ، النجف الاشرف، ط1، 1434، 2013، مسألة 180، ص57 .

(2) محمد كاظم اليزدي، العروة الوثقى، ج6، ط1، مؤسسة النشر الاسلامي، قم المقدسة، 1417هـ، ص 396.

(3) الكليني، فروع الكافي، مصدر سابق، ج5، ص ٢٦١،

(1) حيدر حب الله، بحوث في الفقه الزراعي، تقرير لأبحاث السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، دائرة معارف الفقه الاسلامي، قم المقدسة، ايران، ط1، 2005، ص 27.

(2) محمد تقي الخوئي، مباني العروة الوثقى ، تقرير لأبحاث السيد ابو القاسم الخوئي كتاب المزارعة ،مؤسسة الخوئي الاسلامية، ط1، 1408هـ، ص 288 . شرائع الإسلام للعلامة الحلي، مصدر سابق، ص ج 2 ص 391

(3) محمد قدري باشا، قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف، مؤسسة الريان للطباعة والنشر      والتوزيع، ط1، 2007. مادة 292 ص 187.

(4) علي السيستاني ، منهاج الصالحين ، ج 2 ، ص 146 .

(5) انظر الكافي، مصدر سابق، ج ٥ ص ٢٦٨، حديث ٢ ووسائل الشيعة، مصدر سابق ج ١٩ ص ٤٥.

(6) انظر محمد جواد مغنية ، فقه الأمام جعفر الصادق ،بيروت، لبنان، دار مكتبة الهلال،ج4، ط 5، 1984، ص 173.

(7)  خميس السلماني، وسائل تنمية أموال الأوقاف ، مصدر سابق ، ص 18-19.

   (1) انظر محمد اليعقوبي، مصدر سابق، مسألة 182، ص 58.

   (2) انظر مادة 806من القانون المدني العراقي

      (3) القنطار عند العرب الأكثر قيل أنه أربعة آلاف دينار، فإذا قالوا قناطير مقنطرة فهي اثنا عشرألف دينار، وقيل ثمانون ألفا. والمقنطرة: المكملة كما تقول بدرة مبدرةوألف مؤلف، أي تام. وعن الفراء المقنطرة المضعفة ككون القناطير ثلاثةوالمقنطرة تسعة. وفي الحديث (القنطار خمسة عشر ألف مثقال من الذهب،والمثقال أربعة وعشرون قيراطا أصغرها مثل جبل أحد وأكبرها بين السماءوالأرض). وفي معاني الأخبار فسر القنطار من الحسنات بألف ومائتي أوقية،والأوقية أعظم من جبل أحدانظر:الشيخ فخر الدين الطريحيمجمع البحرين مجلد3،مصدر سابقص522 وكذلك ينظر : الشيخ الصدوق ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، معاني الأخبار،  دار المعرفة للطباعة والنشر، ص 157.

(4) الإردب هو مكيال ضخم لأهل مصر، قاله الجوهري. وهو أربع وستون منا، وذلك أربعة وعشرونصاعا بصاع النبي صلى الله عليه وآله نقلا عن الأزهري، والجمع ” الاردب انظر مجمع البحرين، مجلد  :2، ص164

(5)د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مصدر سابق، المجلد الثاني، ج 6، ص 1365.

(1) مادة (807) من القانون المدني العراقي

(2)مادة ( 808 ) من القانون المدني العراقي

   (3) انظر المواد (808 و 809 و 810 ) من القانون المدني العراقي.

(4)انظر المواد ( 811 و 812 و 813 ) من القانون المدني العراقي.

(5)  ابو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين ،مصدر سابق،ج 2 ص 111  .

(6)انظر العلامة الحلي، شرائع الإسلام، مصدر سابق، ج 2، ص 395 وكذلك ينظر رياض المسائل، ج 9، مصدر سابق، ص 128، والحدائق النظرة، ج21، مصدر سابق، ص 351

(1)حيدر حب الله، بحوث في الفقه الزراعي تقرير لأبحاث السيد محمود الهاشمي الشاهرودي  دائرة معارف الفقه الإسلامي، قم المقدسة إيران، الطبعة الأولى ، 2005 ، ص 267 .

(2)محمد تقي الخوئي، مباني العروة الوثقى، كتاب المساقاة، ج 13، ص 14، وينظر كذلك علي السيستاني، منهاج الصالحين، مصدر سابق، ج 2، ص 147

(3) انظر العلامة الحلي، شرائع الإسلام، مصدر سابق، ج 2، ص 396.

(4)  مستدرك الوسائل ، مصدر سابق ، كتاب المزارعة والمساقاة، الباب 7، ج1،ص144.

(5) مادة ( 817 من القانون المدني العراقي

(1) انظر المواد ( 818 و 819 و 820 و 821 و 822 و 823 )من القانون المدني العراقي.

(2) محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام، ج 27، ط2، دار الكتب الاسلامية، طهران، 1407هـ، ص 93 والحدائق النظرة، ج4، مصدر سابق، ص 320

(3)  حيدر حب الله ، بحوث في الفقه الزراعي ، مصدر سابق ص 372 .

(1)د . محمد عبد الحليم عمر، الاستثمار في الوقف وفي غلاته وفي ريعه، بحث مقدم لمجمع الفقه الاسلامي، الدورة 15، مسقط 6/3/2003م، ص 38.

(2)  المــادة  (824 ) من القانون المدني العراقي

(3) المادة ( 825) من القانون المدني العراقي

  (4)  المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 المنشور في جريدة الوقائع العراقية عدد 1884 في 30 / 5 / 1970

(5)د.عدنان احمد ولي، في القانون الزراعي العراقي، مطبعة دار الحكمة للطباعة والنشر ،ج 1، الموصل، 199،ص14

(6) حسن رضا، أحكام الأوقاف، ط 2، مطبعة النفيض الأهلية، بغداد، 1938، ص 101 .

  (7) احمد محمد السعد ومحمد علي العمري، مصدر سابق، ص 100 .

(1)  انظر المواد (826 و 827 و 828 و 829 و 831 و 832 و 833 )من القانون المدني العراقي

(2) انظر الشق الأخير من الفقرة (3) من الأسباب الموجبة للائحة القانون المدني العراقي.

(3) تنص المادة (830) من القانون المدني العراقي على أن ( للمغارس أن يطلب القسمة بعد انتهاء مدة المغارسة إذا أصبح شريكاً في الأرض والشجر، أما إذا أصبح شريكاً في الشجر فقط كان لرب الأرض أن يطلب تملك حصة المغارس من الشجر قائماً )

    (1) القانون العراقي جعل نصف الأرض والشجر للمغارس من القواعد الآمرة فضلا عن إلى قواعد أخرى، وھي بالنتیجة تتعارض مع سنة الوقف بعدم تفتیها بالمغارسة وتأييده، ویفوت الغرض من إیقافه على وفق شرط الواقف.

(1)انظر د. مجيد الصائغ، المعاملات والأحكام الشرعية، ط1، دار الهدى، بيروت، ص 123-126. والشيخ محمد إسحاق الفياض، المصارف من وجهة النظر الإسلامية، دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ص 24.

(1) د .نوري عبد الرسول الخاقاني، المصرفية الإسلامية، الأسس النظرية ومشاكل التطبيق، أطروحة دكتوراه في الاقتصاد، جامعة الكوفة،  2002، ص 151 .

(2) محمد باقر الصدر، البنك اللاربوي في الإسلام، دار التعارف للمطبوعات، سوريا، 1994، ص 13-14.

(3) نوري عبد الرسول الخاقاني، المصدر السابق، ص 151.

(4) أحمد زكريا وحيد، دليلك إلى العمل المصرفي، ط1، دار البراق، حلب، 2010، ص 281

(1)محمد باقر الصدر، مصدر سابق، ص 13-14.

(2) محمد باقر الصدر، مصدر سابق، ص 11

(1) محمد إسحاق الفياض، المصدر السابق، ص 27-28.

(2) وهذا الأجر المرن من الممكن أن يأخذ من المالك المضارب (المودع) بدلاً من العامل المستثمر لأن المالك المضارب هو المالك في الأصل للربح كله، فيمكن للمصرف أن يلزمه بشرط شرعي مثلاً بأن يتنازل عن نسبة معينة من أرباحه عند ظهورها، وعدم كون مقدار النسبة محدداً لا يضر بصحة الشرط.  أما العامل المستثمر (الطرف الثالث في عقد المضاربة) فهو صاحب الحق المطلق في الربح، بعد اقتطاع حقوق المصرف والمودع  لمزيد من التفصيل انظر: السيد محمد باقر الصدر، مصدر سابق، ص 41-45.

(3) انظر نشرة عن المصطلحات المصرفية الإسلامية، تصدر عن مصرف الجزيرة، ، 2002، ص 1.

(4)حسن الجواهري، بحوث في الفقه المعاصر، ج 2، مصدر سابق، ص 131 وما بعدها .

(5) وسائل الشيعة: ج ١٢، ب ١٢ من أحكام العقود حديث ٣، ص 130.

(1) وسائل الشيعة: ج ١٢، ب ١٢ المصدر السابق: حديث ١. ص 131.

(2) حسن الجواهري ، المصدر السابق، ص 133 .

(3) د. أحمد محمد السعد ومحمد علي العمري الاتجاهات المعاصرة في استثمار أموال الوقف، مصدر سابق، ص 139.

(4) خميس السلماني، وسائل تنمية أموال الأوقاف وزيادة مواردها، مصدر سابق، ص 33.

(5) د. سامي حسن حمود، تطبيقات بيوع المرابحة للآمر بالشراء من الاستثمار البسيط إلى بناء سوق رأس المال الإسلامي مع اختيار تجربة مصرف البركة في البحرين نموذجاً عملياً، بحث مقدم إلى ندوة خطة الاستثمار في المصارف الإسلامية،1997، ص 426.

(6) د. سامي حسن حمود ، المصدر السابق ، ص 424 .

(1)انظر نص المادة (530 ) من القانون المدني العراقي

(2)حسن الجواهري، بحوث في الفقه المعاصر، ج 2، ص 135وما بعدها .

(1) وسائل الشيعة، ج ١٢ ، ب ٣ من أحكام العقود، مصدر سابق، حديث1، ص 131.

(1)انظر: د.احمد عبد العزيز الحداد، بحث مقدم إلى مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي، مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الخامسة عشرة، المنعقد في جدة بعنوان الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه في 6 – 11 / 3 / 2004 ، ص 49

(2) انظر الشيخ مرتضى الترابي، المشاركة المتناقصة صورها وأحكامها، بحث منشور في مجلة فقه أهل البيت، السنة العاشرة، العدد 37، 2005، ص 119 وما بعدها.

   (1) شركةالعنانهيأنيخرجكلواحدمنهمامالامثلصاحبهويخلطاه،فلايتميز،وإذن كلواحدمنهمالصاحبهأنيتجربالمالفيمارأىمنصنوفالأمتعة،علىأنيكون الربحبينهماعلىقدرالمالين،والخسرانكذلك. للمزيد من التفصيل انظر أبوالحسنعليبنمحمدبنحبيب الماوردي،الحاويالكبير،تحقيقدمحمودمطرجي، ج8، بيروتدارالفكر،1414هـ – 1994م،ص 157   .

(2)د :فداد العياشي، استثمار أموال الوقف ، بحث مقدم للدورة الخامسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي ، سلطنة عمان لسنة  1424هـ ، ص 40.

(3) حسن الجواهري، بحوث في الفقه المعاصر،  مصدر سابق، ج 2، ص 96

(1)انظر مقررات مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي عام 1990 المنشورة في مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد العاشر ج2 ص 507 – 508.

(2)انظر د: احمد عبد العزيز الحداد، مصدر سابق، ص 51 وما بعدها.

(1) حسن الجــواهـــري، بحوث في الفقه المعاصــر،  مصدر سابق، ج 2،  ص 97.

(1)حسن الجواهري ، المصدر السابق ، ص 97 .

(1) والقول بالجواز هو رأي أكثر العلماء والباحثين والهيئات والمؤتمرات على اختلاف بينهم في الشروط والضوابط كالمؤتمر الأول للمصارف الإسلامية في دبي عام 1979, والمجلس الشرعي في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في اجتماعه الثامن المنعقد في المدينة النبوية في 28 صفر- 4ربيع الأول 1423هـ ومجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة, حيث جاء بقرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم 136 (2/15) بشأن المشاركة المتناقصة وضوابطها الشرعية ما يأتي:

1ـ أساس قيام المشاركة المتناقصة : هو العقد الذي يبرمه الطرفان ويسهم فيه كل منهما بحصة في رأسمال الشـركة، سواء أكان إسهامه بالنقود أم بالأعيان بعد أن يتم تقويمها، مع بيان كيفية توزيع الربح، على أن يتحمل كل منهما الخسارة ـ إن وجدت ـ بقدر حصته في الشركة.

2 ـ تختص المشاركة المتناقصة بوجود وعد ملزم من أحد الطرفين فقط، بأن يتملك حصة الطرف الآخر، على أن يكون للطرف الآخر الخيار، وذلك بإبرام عقود بيع عند تملك كل جزء من الحصة، ولو بتبادل إشعارين بالإيجاب والقبول.

3 ـ يظل كل من الشريكين مسؤولاً عن الصيانة الأساسية بمقدار حصته.

4 ـ المشاركة المتناقصة مشروعة إذا التُزم فيها الأحكام العامة للشركات، وروعيت فيها الضوابط.

(1)علي الطباطبائي، رياض المسائل، مصدر سابق، ج 9، ص 56 .

(1)الشيخ مرتضى الترابي، المصدر السابق، ص 138

(2)المصدر السابق، ص 141

(1)د. محمود محمد الداغر، الأسواق المالية ( مؤسسات – أوراق – بور صات ) ط1 دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن 2005 ص 47 .

(1)د. عبد الوهاب يوسف احمد، التمويل وإدارة المؤسسات المالية، ط1، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2008 ص128 – 129.

(2)السيد عبد الفتاح عبد السلام ، محمد صالح الحناوي . المؤسسات المالية ( البورصة، البنوك التجارية ) الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، 1997، ص 197.

(3)فالتمويل المباشر يكون من خلال العلاقة المباشرة بين المقرض والمقترض والمستثمر دون تدخل أي وسيط مالي مصرفي أو غير مصرفي. وهذا النوع من التمويل يتخذ صور متعددة كما يختلف باختلاف المقترضين (مؤسسات، أفراد، هيئات حكومية ). أما التمويل غير المباشر فيكون عن طريق أساليب غير مباشرة كالأسواق المالية والمصارف أي كل المصادر المالية التي فيها وسطاء ماليين.حيث يقوم الوسطاء المالين المتمثلين في السوق المالية وبعض المصارف، بتجميع المدخرات المالية من الوحدات الاقتصادية ذات الفائض، ثم توزع هذا الإدخارات المالية على الوحدات الاقتصادية التي تحتاجها، فالمؤسسات المالية الوسيطة تحاول أن توفق بين متطلبات مصادر الادخار ومتطلبات مصادر التمويل.

(1)سورة البقرة الآية ( 275 ).

(2)قرار مجمع الفقه الإسلامي نقلا عن خالدي بو جحيش وآخرون . دور الأدوات الاستثمارية الإسلامية في حل مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية، الملتقى الدولي الأول حول الاقتصاد الإسلامي الواقع ورهانات المستقبل، جامعة غرداية، الجزائر للفترة من  23-24/2/2011 ص 45.

(3)صهيب حسن، المعاملات الإسلامية للمسلمين في أوربا، الدورة الثانية عشر للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث دبلن، ايرلندا 2008 ص 22 .

(4)خليل مولاي، التامين التكافلي الإسلامي، الواضع والأفاق، الملتقى الدولي الأول حول الاقتصاد الإسلامي الواضع  ورهانات المستقبل ، جامعة غرداية 23-24 فبراير 2011 ص 4-5.

(5)سورة البقرة الآية ( 280 )

(6)احمد عبد الغفور مصطفى العليان، الرقابة الشرعية على أعمال المصارف الإسلامية، رسالة ماجستير منشورة، كلية الدراسات العليا جامع النجاح الوطنية، فلسطين،2007 ص 17-18

(7)لينا محمد إبراهيم الخماش، البنوك الإسلامية بين التشريع الضريبي والزكاة، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا جامعة النجاح الوطنية، فلسطين 2007 ص 11-13

(1) د. رمضان الشراح، البنوك الإسلامية والبنوك الشاملة ودورها في التنمية الشاملة، مجلة الكويت الاقتصادية، العدد 7، السنة الثامنة، 2004 ص: 72

(2) د. محمد كمال عطية، محاسبة الشركات والمصارف في النظم الإسلامية، القاهرة، 1984، ص: 65

(3) د.  محمد فيصل أل سعود، البنوك و التأمين في الإسلام، الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، القاهرة 1979 ص: 27 

(4) انظر تعليمات الصيرفة الإسلامية في العراق رقم ( 6 ) لسنة 2011 صادرة عن البنك المركزي العراقي.

(5)فادي محمد الرفاعي – المصارف الإسلامية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت، لبنان 2004 ص 20

(6)انظر المادة (مادة 1 فقرة 2) من التعليمات أعلاه.

(1)انظر المادة (مادة 1 فقرة 3 ) من التعليمات أعلاه

(2)المادة (5) من التعليمات

(1)انظر المادة (6) من التعليمات.

   (2) د .جلال إبراهيم العيد وآخرون ،أسواق المال و المؤسسات المالية، الدار الجامعية ، مصر ، 2004 ص 299 .

(3)د .عبد الوهاب يوسف احمد، التمويل وادارة المؤسسات المالية ص 147 .

(1)د . محمود محمد الداغر، المصدر السابق، ص 48 .

(2)د . عبد الله الطاهر، المصدر السابق، ص 208 .

(3) د .  محمود محمد الداغر، المصدر السابق ص 48 .

(4)د . عبد الله الطاهر و د. موفق علي الخليل، المصدر السابق ص، 271

(5) د . عد الوهاب يوسف احمد. المصدر السابق ص، 147

(1)د . محمد محمود الداغر، المصدر السابق ص 50-51

(2)د.إيناس ظافر الراميني، المؤسسات المالية المحلية والدولية. ط1، دار المسيرة، عمان، الأردن، 2009 ص 210

  (3)د . محمد صالح الواشي، اقتصاديات النقود والبنوك والمؤسسات المالية، ط1، إثراء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2009 ص 114

   (4)د . فريد راغب النجار، أسواق المال و المؤسسات المالية، دار الجامعة، الإسكندرية. مصر ، 2009 ص 42

(5)انظر قانون تنظيم أعمال التأمين الصادر بالأمر رقم (10) لسنة 2005.المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3995 في 3 / 3 / 2005 وتعليمات ديوان التامين الصادرة بموجبه رقم 8 لسنة 2006 المنشورة في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4029 في 12 /4 / 2006.

(1)د . إيناس ظافر الراميني وآخرون ، المصدر السابق  ص 281 .

(2)فريد راغب النجار، المصدر السابق ص 43.

(1) أحمد أبو حمور، التنمية الصناعية في الأردن، مؤشراتها، مستقبلها، ودور الحكومة فيها، مجلة العمل، العدد، 46، عمان، 1989، ص. 80 – 81 .          

  (2) كمال الزيدان، الكيفية التي تنشأ عليها المشاريع الصغيرة، مجلة العمل، العدد،63،عمان،1994،ص60

  (1)محمد إسماعيل، اقتصاديات الصناعة والتصنيع مع اهتمام خاص بدراسة الجدوى الاقتصادية، ط1، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، 1992، ص 209

  (2)مليكة سعد جاد ، الصناعات الصغيرة في الدول المتقدمة والنامية مجلة التنمية الصناعية العربية، العدد11، المملكة العربية السعودية، 1985، ص.84

  (3) انظر المادة (1) من قانون دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل رقم 10 لسنة 2012 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4231 في 27 / 2 / 2012

  (4) انظر المادة (5) من قانون دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل رقم 10 لسنة 2012 أعلاه.

  (5)د. محمد هيكل – مهارات وإدارة المشروعات الصغيرة – مجموعة النيل العربية، ط1، 2003 القاهرة، ص. 8

(1) محمد هيكل، المصدر أعلاه – ص. 11

(2)محمد هيكل، المصدر  أعلاه – ص. 11

(1) استخدم المشرع العراقي مصطلح الأموال المعنوية للتعبير عن الحقوق المعنوية وعرفها بموجب المادة (70) من القانون المدني بأنها (الأموال المعنوية:هي التي ترد على شيء غير مادي كحقوق (المؤلف) والمخترع والفنان. ويتبع في حقوق المؤلفين والمخترعين والفنانين وعلامات التجارة ونحو ذلك من الأموال المعنوية أحكام القوانين الخاصة ).

(1) ابن أبي جمهور الإحسائي، عوالي اللآلئ، ج 3، ١٤٠٥ – ١٩٨٥ م ص 283.

 (2) انظر قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم:43( 5/5) بشأن الحقوق المعنوية بمؤتمره الخامس المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول 1988م، منشور في مجلة المجمع، العدد 5، ج 3ص 2267.

(1) د. حاج آدم الطاهر، أحكام الملكية الفكرية، ص15.

 (1)  نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد1957 في1/21/1971 وعدل بموجب أمر سلطة الائتلاف رقم 83 لسنة 2004 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3984 في 6 /1/2004.

(1)انظر د. سميحة القليوبي، الملكية الصناعية، ط2، دار النهضة العربية، 1998 القاهرة، ص 5.

(1)انظر قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية المعدل رقم 65 لسنة 1970المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 1865 في 6 / 4/ 1970 وكذلك ينظر نظام براءة الاختراع والنماذج الصناعية رقم (21) لسنة 1970 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد1869 في 19 /4 / 1970.

(2)نشر قانون العلامات والبيانات التجارية المعدل رقم (21) لسنة 1957 في جريدة الوقائع العراقية بالعدد4003 في 16 / 6 / 1957.

    (3) نشر قانون الأسماء التجارية رقم ( 25 ) لسنة 1959 في جريدة الوقائـع العراقية بالعـدد 139 في 12 / 3/ 1959.

   (4) المحامي عامر محمود الكسواني، الملكية الفكرية ماهيتها. مفرداتها. طرق حمايتها. دار الجيب للنشر، بدون سنة طبع، عمان، 1998،ص15.

(5) انظر المادة ( 1 ) من قانون براءة الاختراع والنماذج الصناعية المذكور.

(1) استاذنا د . علاء عزيز حميد الجبوري، عقد الترخيص (دراسة قانونية)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين، 1420هـ، 1999م، ص 20.

(2) المحامي عامر محمود الكسواني ، مصدر سابق ، ص118 وما بعدها.

(1) المحامي عامر محمود الكسواني، مصدر سابق ، ص171 وما بعدها